منتدى الشبكة الكويتية

منتدى الشبكة الكويتية (https://www.kwety.net/vb/index.php)
-   المنـتدى العـام (https://www.kwety.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   سيــرة سيـــدي الشيــخ جابــر الأحمـــد الصبـــاح أميـــر البـــلاد رحمه الله (https://www.kwety.net/vb/showthread.php?t=16139)

الذهبي 15-01-2006 10:00 AM

[align=center]سيرة مخطوطه بالخير

سيرة : أخرجت وأفلحت وساعدت وقدمت يدى العون للمحتاجين

( مصاب جلل )

رحمك الله يا جابر العثرات
رحمك الله يا جابر الخير
رحمك الله يا أب الأيتام والأرامل

على مثل الشيخ جابر فلتبكي البواكي وتحزن القلوب وتنزف العيون

انتقل إلى رحمة الله والكل راض عنه
انتقل إلى رحمة الله والكل يدعو له
انتقل إلى رحمة الله والكل يبكي عليه

ما أرى امامي إلى عيون باكيه ووجوه حزينه


اللهم ارحمه واغفر له واسكنه فسيح جناتك

كل الشكر لكِ نثيه

وعظم الله أجرج

إنا لله وإنا إليه راجعون
[/align]

Nathyaa 15-01-2006 10:01 AM

[frame="1 80"]وانسجاما مع هذه الدعوة كانت كلمته امام مؤتمر القمة التاسع لحركة عدم الانحياز المنعقد في «بلغراد» في 5 سبتمبر عام 1989م دعا الشيخ جابر الاحمد الى اعادة النظر في الشروط القاسية التي يفرضها كل من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي على البلدان النامية، وطرح مقترحات عملية سريعة لحل مشكلة الديون، وعلى وجه السرعة الممكنة، حتى لا تتفاقم محنة الدولة المدينة، وتأخذ المديونيات شكلا من اشكال الاستعمار الجديد.
وقد أظهرت السنوات الاخيرة عمق وتعقيد مشكلة المديونية الخارجية، وتأثيراتها المدمرة على الاقتصاد والتقدم الاجتماعي في الدول النامية بشكل خاص، مما جعل الوضع يتطلب حلا جذريا يتخطى الاساليب التقليدية المعروفة.
وبكل ما تحمل رسالته الانسانية من مصداقية وحب للخير، فقد ترجم الاقوال الى افعال عندما اعلن في كلمته امام الدورة الخامسة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 27 سبتمبر عام 1990م، في وقت كانت فيه الكويت تعاني وتقاسي مرارة الغزو والاحتلال: «ان الكويت من جانبها، وانسجاما مع اقتراحنا السابق، قررت الغاء الفوائد كافة على قروضها، كما ستبحث اصول القروض مع الدول الاشد فقرا، وذلك من اجل تخفيف عبء الديون التي تقع على كاهل تلك الدول».
لقد كانت دعوة الشيخ جابر الاحمد الانسانية، وجهوده الحثيثة لرفع الغمة عن الدول المعسرة، دعوة حث وبشير خير، فتحت طاقة نور وامل امام هذه الدول لرفع قساوة الحياة عن كاهل شعوبها التي تعيش وسط هذا العالم الجديد، والذي تحكمه حضارة القوة بقسوتها وجبروتها، لا قوة الحضارة بنبلها وتراحمها بين شعوب الارض.
وقد لقيت هذه الدعوة صدى كبيرا لدى الدول الدائنةوالدول المدينة على حد سواء، وان اتت بدرجات متفاوتة. وسوف نتناول ردود الفعل هذه في المبحث الثالث من هذا الفصل الفكر السياسي/ الاسرة الاسلامية»، حيث جاء مقترح الشيخ جابر الاحمد امام الدورة المشار اليها للجمعية العامة للامم المتحدة باسم الكويت ومنظمة المؤتمر الاسلامي بصفته رئيسا لها.
لقد اولى الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح جل اهتمامه لاصلاح مسيرة الاقتصاد الكويتي الذي وضع اسمه، نما وتطور بثاقب فكره وحسه الاقتصادي المشهود.
فقد جاء في كلمة وجهها الى شعبه بمناسبة العشرة الاواخر من شهر رمضان عام 1409هـ الموافق 3 مايو 1989م عندما قال: «اتحدث اليكم في هذا الشهر الفضيل ونحن على ابواب التسعينيات من هذا القرن، وتذكرون ايها الاخوة ان الكويت مرت في الثمانينيات باختبارات عسيرة اقتصادية وسياسية وامنية، يسر الله ـ سبحانه ـ اجتيازها بتوفيق وعون منه وبتعاون ابناء وطننا، وبارادة موحدة واجهت بها الكويت اكثر من محنة، وخرجت منها وقد ازدادت ارادتها قوة وهذا هو المنتظر من ابناء وطني، وقد عرفتهم الشدائد رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وان هذه التجارب التي خضناها معا، ووفقنا الله ـ تعالى ـ فيها معاً، ونحن على كلمة سواء، زادني ثقة في المستقبل، وايماناً بقدرة ابناء الكويت على حمل الجديد من المسؤوليات في عالم سريع التقدم والتغير، يفرض على من يود الحياة فيه ان يدفع ضريبة المشاركة جهداً وعزماً وعطاء..».
ثم يتحدث عن النقلة النوعية التي دعا اليها، واهدافها، فيقول: «.... عندما قلت للاخوة المسؤولين، في حديث سابق معهم، اننا نعمل على نقلة نوعية خلال التسعينيات، كان هدفي هو النظرة الجديدة للسنوات المقبلة، وما تطلبه من عمل دؤوب ونكران ذات، وتحديث وتجديد في مختلف امورنا.
ان سنوات التسعينيات تحتاج الى جهد اكبر من سابقاتها، وان اتفقت معها فى الجذور الاصلية التي نستمد منها القدرة على حمل المسؤولية، وهذه طبيعة الحياة في سيرها وجمعها بين الاستمرار والتغير.
ان الله سبحانه وتعالى يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، وعلينا ان نعطي انفسنا فرصة لمراجعة الذات، فإما الاستمرار وتحمل المسؤولية في المرحلة المقبلة، واما الرغبة في الراحة وافساح المجال لآخرين، ولكل من هؤلاء وهؤلاء التقدير لما بذلوه، ولما يعزمون على بذله، ونسأل الله لنا جميعاً العون والاصلاح والتوفيق..».
ثم يتطرق الى حركة التجديد المنشود لنهضة الكويت فيذكر: «... ان ما نتطلع اليه يستهدف امرين: صالح الوطن، وصالح المواطن. وان التجديد في شموله وفاعليته هو المجال الرحب للتعبير عن حب الكويت وحقها في التحرك الواعي من حاضرها الى مستقبلها، ولكل من الحاضر والمستقبل حق واجب الاداء.
والتجديد واجب، لا ينأى عنه الا من يرضى بالتخلف في عالمنا المعاصر، ونحن نقبل عليه بنفوس مطمئنة دون توتر يؤدي الى اهدار حقوق من قدموا للوطن خيراً، ودون تسرع يدفع الى الصدارة قراراً غير ناضج، او الى صفوف التوجيه من يحتاجون الى المزيد من النضج والتمرس...».
وفي دائرة اهتمامه بالدور الوطني للانسان الكويتي في تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني وتصحيح مساره، يقول الشيخ جابر الاحمد: «.... ان التنمية الحقة تتخذ من الانسان الكويتي محوراً، ومن الانتماء الى الكويت اساساً. ولهذا الانتماء ركائز تغرسها القدوة والاسرة منذ الصغر، وفي مقدمتها الايمان بالله تعالى، والتعود على تنفيذ اوامره، وممارسة مكارم الاخلاق من الصدق والتعاون، وحب العمل يدوياً وفكرياً حتى تصبح المبادرة الى بذل العون عادة وسعادة...».
وفي نطاق تطلعاته الى قيام الخبرات الكويتية بدورها الفاعل في التنمية الاقتصادية، يضيف قائلاً: «... هذا، وان كنا نتعاون مع الكفاءات العربية، وغير العربية التي تحتاج اليها التنمية، ومع تقديرنا لما بذلت وما تبذل من جهد مشكور، فاننا نريد ان تكون الخبرات الكويتية هي الاساس الذي تقوم عليه التنمية، ذلك لانها بحكم نشأتها وعمق احساسها الطبيعي بالانتماء، وسهولة اتصالها بكل مرافق الحياة الكويتية، هي الاقدر على تحديد المشكلات واقتراح الحلول والقيام بالتنفيذ، وهذا يلقي عليها مسؤولية وطنية وحتمية...».
ويتحدث بعد ذلك عن الامل في اصلاح مسار الاقتصاد الكويتي ومتانته، فيقول: «.... وان الكويت التي تخطت المشكلات السياسية المعقدة، والتي استهدفت كيانها، غير عاجزة، بعون من الله، وبتعاون ابنائها، عن تخطي مشكلاتها الاقتصادية..».
تأسيساً على هذه المسيرة الطويلة من البناء والانجاز، تتجه السياسة الاقتصادية الكويتية اليوم نحو توسيع المناطق الاقتصادية الحرة بوصفها آلية رئيسية ومكملة لسياسات تحرير الاقتصاد المحلي، والتوسع في ابرام الاتفاقيات الخارجية العديدة الثنائية او المتعددة الاطراف بمستوياتها المختلفة، بما في ذلك اتفاقيات التعاون الاقتصادي الخليجي والعربي والارووبي.
ولقد تم بالفعل اصدار قانون المناطق الحرة الجديد، والذي سمح بانشاء منطقة التجارة الحرة في ميناء الشويخ، وينتظر ان يلي ذلك انشاء مناطق حرة جديدة تتسع رقعتها تدريجياً لتعم الجانب الاعظم من الاقتصاد، وتلتئم مع الابعاد الاخرى للتحرير الاقتصادي، خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة الخارجية.
وبذلك يمكن القول، ان استراتيجية التنمية الاقتصادية المتوسطة والطويلة المدى، تعتمد على تنفيذ برنامج شامل ومتعدد الابعاد للاصلاح الاقتصادي، يهدف الى اعادة هيكلة الاقتصاد لخلق آليات ومصادر جديدة للنمو المتوازن والمستمر، حيث انه لم يعد من الممكن الاعتماد على النمو المتباطىء وغير المستقر للدخل والايرادات النفطية. كما انه لم يعد من المتاح ايضاً قيام الانفاق العام بدور المحرك البديل للاقتصاد، مع تراجع دور قطاع النفط، مثلما حدث في حقبة الثمانينيات.
وكان هذا الانخفاض الكبير في حجم الناتج المحلي النفطي على امتداد عقد الثمانينات، قد اعطى اشارة اولية الى عدم امكان الاعتماد على النفط كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي، بل من الضروري العمل على تنويع القاعدة الاقتصادية الانتاجية ومصادر الدخل، وقد بدىء بالفعل اعادة توجيه العمل الاقتصادي، والسياسات الاقتصادية الكلية نحو الوصول الى هذا الهدف.
الا انه نتيجة للعدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت في 2 اغسطس عام 1990م، وما ادى اليه من توقف لمصدر الدخل الرئيسي للاقتصاد، وهو النفط فضلاً عما نجم عنه من تدمير للبنية الاقتصادية والطاقات الانتاجية المحلية، وتعطيل مسيرة الاصلاح الاقتصادي. فقد كان لزاماً علينا ان نعطي الجهود الاقتصادية المحلية ـ العامة والخاصة ـ الاولوية لاعادة بناء وتأهيل المرافق والقواعد الاقتصادية المحلية التي تم تدميرها، بالاضافة الى تركيز السياسات الاقتصادية الكلية في هذه المرحلة على اعادة التوازن الكلي للاقتصاد الكويتي، الذي اختل بدرجة كبيرة بسبب الكلفة المرتفعة المباشرة، وغير المباشرة للغزو والاحتلال، وما تلاهما من اعادة بناء.
ومن اجل هذا، فقد بدأت السياسة المالية بقيادة الشيخ جابر الاحمد في تغيير اتجاهاتها في الادارة الاقتصادية للميزانية، متبعة في ذلك نهجاً محافظاً، وذلك على عكس ما كان عليه الامر في الماضي. وقد تضمن هذا النهج الجديد مجموعة من السياسات تقوم على ترشيد الدعم السعري المباشر والضمني، وغير ذلك من المصروفات التحويلية الاخرى غير الالزامية. وبعبارة ثانية، العمل على ضغط الزيادة في المصروفات بقدر ما تسمح به الظروف، وخاصة المصروفات الالزامية، مع عدم الاخلال بأوجه الانفاق ذات الطبيعة التنموية الشديدة الصلة بالنمو الاقتصادي، كالانفاق الاستثماري الثابت والبشري.
وقد نجم عن هذا التوجه المتعلق بضغط المصروفات، اضافة الى زيادة اسعار النفط اكثر مما كان محدداً له في الميزانية، تحقيق بعض التقدم، حيث امكن تحديد مستوى اجمالي المصروفات بالاسعار الثابتة على مدى الثلاث سنوات الماضية 1994م ـ 1997م، مما ساعد في القضاء على عجز الموازنة في الفترة السابقة للانخفاض الاخير في اسعار النفط، بالاضافة الى زيادة نصيب المصروفات التنموية والاستثمارية في اجمالي المصروفات، وهذا يمثل ـ بلا شك ـ تكيفاً ضرورياً في هيكل المصروفات.
وعلى الكويت، وقد حباها الله بقيادة اقتصادية خيرة، وتملك من الموارد الاقتصادية ما يتيح لها التقدم على درب الاصلاح الاقتصادي بأسلوب هادىء مع السعي لتلافي اي معاناة اجتماعية، ان تعمل وفق سياسات الاصلاح على توزيع اية اعباء اقتصادية توزيعاً عادلاً في اطار التكامل والترابط الاجتماعي الذي عرفت به الكويت في ظل قيادة الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:01 AM

[frame="1 80"]لقد عرف عن الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح منذ بدايات حياته العملية انه قليل الكلام كثير الاعمال، يدرس ويفكر ثم ينفذ، بجانب شغفه بالامور المالية والاقتصادية والصناعية والتجارية التي سبق الاشارة اليها، فقد عرف عنه بين اوساط شركات النفط وخبرائها بأنه اختصاصي من الطراز الاول بشؤون النفط، وله شأن كبير بالنسبة لشركات النفط العاملة في الكويت، ومنظمة الدول المصدرة للنفط ¢OPEC". هذه الصفات التي تميز بها انعكست على فكره السياسي.. ذلك الفكر الذي اتسم دوماً بالهدوء والاتزان في تناول المشكلات الاقليمية والدولية.
لم تكن القضية الفلسطينية تحتل مركز الصدارة في الفكر السياسي لدى الشيخ جابر الاحمد فحسب، بل هي قضية الكويت الاولى، فحين تعرض موكبه للاعتداء الآثم في مايو 1985م، لم ينس آلام وآمال الشعب الفلسطيني، فقد اعرب في تلك اللحظات الحرجة عن استنكاره الشديد لما يجري في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، عندما قال: «... ان ما يؤلمني ويحز في نفسي ما يجري من تقتيل للاطفال والنساء والابرياء.. ان قلبي يتمزق على اخواننا الفلسطينيين، وما يجري ضدهم من مذابح في المخيمات.. ان قيادات العالم العربي كلها على مدى ثلاثين عاماً لا حديث لها في كل لقاءاتها الا القضية الفلسطينية وايجاد حل عادل لها، ثم بعد ذلك تجد ـ الان ـ نساء واطفالاً وشيوخاً من الفلسطينيين يقتلون وبأيادً عربية، ونتساءل لمصلحة من كل ذلك..».
هذا هو الموقف القومي والروح العربية العالية والكلمة الصادقة، ويشاء القدر ان تقف القيادة الفلسطينية في الجانب المؤيد والمتحمس للعدوان العراقي واحتلاله لدولة الكويت. وعلى الرغم من ذلك فقد ظل متماسكاً بصدق وامانة في الدفاع عن الحق الفلسطيني في الحياة، واقامة دولته المستقلة.
من جانب آخر، نلاحظ ان الشيخ جابر الأحمد بقدر حرصه على القضية الفلسطينية، فإن حرصه على قضايا الامة العربية لم يكن يقل اهمية وشأناً. ففي نكسة يونيو عام 1967م، كانت له مواقف معلنة وصريحة امام تلك المحنة التي اصابت الامة العربية، وكان يرى ان الحرب مستمرة، وأن لهذه الامة طاقات تستطيع ان تساند حرباً طويلة الامد، تحفظ لها شرفها ومقدساتها، وتسترد بها حقوقها السلبية.
وهنا يؤكد انه: «.... اذا كانت بعض هذه الطاقات قد ظهرت فيما استعملته الكويت وشقيقاتها في بعض اسلحتها الاقتصادية، فلتعلم اية دولة ان لدى الامة العربية مزيداً من الاسلحة الاقتصادية والنفسية، تستطيع ان تلقي بها في المعركة حتى يكتب لها النصر...».
وفي تأكيد آخر لواجب المواطن الكويتي امام هذه المحنة القومية، يشير الى: «... ان الشعب الكويتي جزء من الامة العربية، وقد شاء الله ان يمتحن هذه الامة في الظروف العصيبة التي تمر بها، فأصبح فرضاً على كل واحد منا ان يستشعر المعركة، ويعيش فيها، ويشارك في حمل أعبائها، وعلى كل واحد منا ـ ايضاً ـ ان يطور حياته ليصبح مرابطاً في سبيل الله، ينحي عنه الترف، ويسعى الى التقشف، ويصهر روحه في معاني التضحية والمشاركة، ويتقبل التكاليف والاعباء، ويبذل مزيداً من الجهد والعمل المتواصلين ليحفظ لبلاده مستوى اقتصادياً جيداً، وليسند هو والدولة اقتصاديات الدول الشقيقة، وبهذه الروح من الفرد الكويتي، وبمثلها من المواطنين المقيمين، يشارك كل فرد في هذه الامة باخلاص وايمان مشاركة حقيقية في المعركة القائمة.
وليعلم العالم ان هذه الامة قد آلت على نفسها وعاهدت الله على ان تبذل كل شيء لتحفظ كرامتها وعزتها وحقوقها....
ثم يمضي في هذا الاتجاه معتمداً الصراحة والامانة في فكره السياسي حين يجيب عن جملة من الاسئلة للتلفزيون الفرنسي في 15 يوليو عام 1967م.. تلك الردود الصريحة والواضحة لم تكن سوى سياسة الكويت ونهجها في تلك الفترة المصيرية الدقيقة للأمة العربية. فقد لخص دور الكويت في المعركة التي تعيشها الامة العربية، قائلاً: «... لقد سخرت الكويت من اجل المعركة جميع الطاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهذا ما عملته الكويت وما تحرص عليه. فالكلمة يجب ان تكون مختصرة مفيدة بالقدر الذي يتطلبه الموقف لمعرفة الحقيقة، وحتى تكون الامة العربية على ثقة واطمئنان، فإن على الدول العربية ان تضع كل امكاناتها في ميدان المعركة لتحقق النصر الحتمي على كل اعدائها...».
مؤكداً دور الكويت في هذا المضمار، فيقول: «... لقد حرصت الكويت دائماً على العمل العربي المشترك، والسعي نحو توحيد الشمل العربي، واليوم فإن الامة العربية كلها موحدة الكلمة في موقفها لرده العدوان الصهيوني الغادر، واما المبادرة التي اتخذتها الكويت بالدعوة لعقد مؤتمر لوزارة الخارجية، فقد كانت تستهدف وضع الخطط لعقد مؤتمر قمة عربي، وتنسيق الجهود التي تبذل على المستوى الدولي...».
ومؤكداً ـ ايضاً ـ حقيقة يؤمن بها كل الايمان، وفي كل مكان وزمان، الا وهي: «... ان الدفاع عن الكرامة والشرف، والسعي لاسترداد الحقوق المشروعة، واجب مقدس تتضاءل إزاءه اي اعتبارات مهما كانت خطيرة..». وهذا ما كان عليه موقف القيادة الكويتية ولغتها امام العدوان والاحتلال العراقي.. وهو ما جعل الشعب الكويتي اليوم اكثر صلابة وايماناً وتمسكاً بتراب وطنه المقدس، وما التضحيات والبطولات والبسالة والفداء التي قدمها ابناء الكويت، رجالاً ونساءً، وشيباً وشباباً، من اجل تخليص تراب وطنهم وارضهم من يد طغاة النظام العراقي، الا ترجمة حية لتلك اللغة والمواقف.
واذا ما عدنا الى الوراء، وعلى وجه التحديد عند دخول الكويت جامعة الدول العربية وهيئة الامم المتحدة، نجد ان القيادة السياسية قد خططت للدولة سياسة خارجية واضحة المعالم، تتحرك في اطارها على المستويين: الاقليمي والدولي معتمدة «الوسطية» نهجاً ومنهجاً لسياستها الخارجية.. هذه السياسة التي كفل لها ضمان علاقات جيدة مع دول العالم، انعكست بشكل مباشر على موقف الاسرة الدولية المؤيد للحق الكويتي ابان العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت.. هذا النهج والمنهج جعلا الكويت في الصفوف الاولى بين مجموعة دول عدم الانحياز، وجعل لها مكانة، وكلمة مسموعة في الوساطات والمبادرات التي تتقدم بها في معترك الصراعات الدولية.
هذه السياسة التي أكدها الشيخ جابر الأحمد في نوفمبر عام 1967م حين قال: «... ان سياسة دولة الكويت الخارجية تقوم على مصادقة الدول كافة التي تمد لنا يد الصداقة وتؤيد قضايانا في المحافل الدولية، اياً كانت الكتلة التي تنتمي اليها تلك الدول، او المذاهب الاجتماعية او السياسية التي تنتهجها، ولا يعني ذلك ان علينا ان نعادي ـ لزاماً ـ غيرها من الدول لمجرد انها لا تجارينا، فالسياسة الدولية انما تقوم اصلاً على الروابط المشتركة والمصالح المتبادلة، وليس على النظريات والعواطف...».
وهذا ما اكده ايضاً لمجلة «الافكار» اللبنانية الاسبوعية في فبراير عام 1983م، حين اشار الى: «... ان سياسة الكويت الواضحة والمعلنة، التي تبنتها بوحي من المصلحة القومية، هي سياسة التوازن بين المعسكرين الدوليين، والحياد في صراع الجبارين، والاستقلال التام في الوطن، والحرية المطلقة في اتخاذ القرار دون انحياز الى شرق او غرب...».
لقد كانت ثقة الشيخ جابر الأحمد بالامم المتحدة كبيرة وعظمية في حل المشكلات الدولية، وان إعطاءها الدعم المادي والمعنوي كافة واجب على الدول الاعضاء لتحقيق الاهداف التي قامت من اجلها المنظومة الدولية. فقد كانت الكلمة التي وجهها في اكتوبر عام 1987م، بمناسبة يوم الامم المتحدة، تؤكد مدى ايمانه بالمنظمة الدولية في حل المعضلات والمشكلات التي تجتاح دول العالم بين حين وآخر.
فقد صدق حدسه ورؤيته العميقة لمستقبل العمل السياسي للمنظمة الدولية حين وقفت بجانب الحق الكويتي، وتمكنت من اعادة الحقوق السلبية الى اصحابها الشرعيين من يد النظام العراقي، قراصنة القرن العشرين. وهذا ما اشار اليه في احدى كلماته، حين قال: «... ان عالمنا اليوم لفي حاجة ماسة الى مثل هذه المنظمة التي ينبغي ان تعبر عن الارادة الحرة للمجتمع الدولي دون اي تدخل، وان تسمو في قراراتها الحاسمة على المصالح والاهواء، وبذلك تحتفظ بهيبتها ومصداقيتها، وتتمكن من معالجة القضايا الملحة التي تصرخ منذ سنين متطلعة اليها، منذرة بتهديدها للسلام العالمي..».
لقد اراد الشيخ جابر الأحمد، وهو يطلق هذه الدعوة، ان يرسخ مبدأ في العلاقات الدولية آمنت به الكويت، وطبقته طوال مسيرتها السياسية في الشؤون الخارجية، وذلك حين نادى بأن الدول ذات الانظمة السياسية والاجتماعية المتباينة تستطيع ان تقيم فيما بينها علاقات صداقة حقيقية.. هذه الدعوة التي جعلت بلداً صغيراً في حجم الكويت تحتل مكانة كبيرة في عالم العلاقات الدولية المتشابكة، وتحظى بهذا القدر الكبير من الاحترام والتقدير.
هذا الموقع المميز للسياسة الكويتية الخارجية التي قاد بداياتها الشيخ جابر الاحمد، ولا تزال لمساته واضحة في خطواتها، وهذه السياسة التي سخرها من اجل بلده وشعبه، ومن اجل قضايا العرب القومية وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني جعلته يحتل مكانة مرموقة في السياسة العربية والدولية.
من هنا، استحق الشيخ جابر الاحمد وسام الرأي العام العربي من الطبقة الاولى، حيث جرت بمبنى سفارة دولة الكويت في القاهرة في مطلع يونيو عام 1990م، مراسم تسليم الوسام لسفير دولة الكويت في القاهرة بعد استفتاء عالمي لعشرة زعماء من دول العالم أدوا أدواراً متميزة على المستوى العالمي والاسلامي والعربي، كان من بينهم الشيخ جابر الاحمد.
فقد جاء اختياره، في الاستفتاء الذي اجراه المركز العربي للاعلام، وبحوث الرأي العام في جمهورية مصر العربية، وشارك فيه اكثر من 100 الف مواطن عربي من الدول العربية، ومن المهاجرين في الولايات المتحدة واوروبا واستراليا واليابان. تقديراً لدوره في رأب الصدع العربي، والمحاولات الموفقة التي قام بها مباشرة، او من خلال الدبلوماسية الكويتية بين مختلف الاقطار العربية دعماً للوفاق العربي، حيث استطاعت الكويت بفضل هذه السياسات الحكيمة الحفاظ على الموقف العربي الموحد في اطار سياساتها الداعية الى رؤية عربية واحدة.
ويشاء القدر بعد شهرين فقط، ان تكون الكويت ضحية وثمناً غالياً لتلك السياسة التي كانت تحاول ـ جاهدة ـ فيها لم شمل العرب وتوحيد صفوفهم في مواجهة الاخطار والاطماع الاجنبية، وعلى رأسها اطماع الصهيونية، ولكنها، على الرغم مما حدث، فإن ايمانها بتلك السياسة ظل راسخاً وقوياً وعميق الجذور في تربة الكويت، وهذا ما جعلها محط انظار دول العالم والدول العربية على وجه الخصوص.
وفي متابعة حثيثة للفكر السياسي للشيخ جابر الاحمد نجد انه قد تجاوز التصريحات الصحفية، وما كتب عنه في اصدارات عديدة، كما ان ذلك الفكر تجاوز العلاقات الثنائية بين دولة الكويت والدول الاخرى على المستويات كافة، لكونه بات منتشراً على مساحة كبيرة من المعمورة، وذلك من خلال اللقاءات والمؤتمرات الخليجية والعربية والاقليمية والدولية، وخاصة مؤتمرات القمم التي شارك فيها، وكانت له مواقف وطروحات ـ حيال مجمل القضايا التي كانت موضع المداولات ـ جديرة بالاحترام والتقدير.
فمقترحاته وآراؤه التي صاحبت فكره السياسي، كانت دوماً مجردة، دون غايات، او اهداف ذاتية لدولة الكويت، وكانت هذه الافكار تحاكي الواقع الدولي بمشكلاته ومعضلاته القائمة، سعياً وراء ايجاد حل يسعد البشرية في بقاع مختلفة من العالم، وخاصة في هذا الجزء الجنوبي من الكرة الارضية، اذ ان هذا التجرد، وهذه الواقعية في طرح الآراء والمقترحات هي التي جعلت افكاره موضع تقدير لدى المجتمع الدولي، وفي كثير من الاحوال كانت كلماته تعتمد بصفتها واحدة من الوثائق الرسمية للقاء. وفي السطور القادمة سوف نحاول إلقاء شيء من الضوء على تحركات الشيخ جابر الأحمد السياسية والانسانية على المستويين: الاقليمي، والدولي

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:02 AM

[frame="1 80"]ايمان الكويت بوحدة دول الخليج العربية وتشابك مصالحها وانصهارها كان كبيراً الأمير: اتفاقية الدفاع المشترك الخليجية إنجاز تاريخي أكد التلاحم في مواجهة التهديدات
الحلقة الثامنة عشر

كان ايمان الكويت كبيراً بوحدة دول الخليج العربية، وبأن تشابك مصالحها يدعوها لان تلتف حول بعضها، وان العادات والتقاليد والثقافة والمصير المشترك تحتم عليها ان تنصهر في بوتقة واحدة. وان الازمات التي مرت بها دول المنطقة سواء أكانت سياسية ام اقتصادية أم اجتماعية كانت جميعها تدعو الى ضرورة تكاتف دول الخليج العربية.
من هنا، كانت الكويت ومنذ مطلع الخمسينيات تسعى ـ خلال لجنة مساعدات الخليج ـ بكل جهدها وامكاناتها الى ان تبلور ما تؤمن به من افكار وحدوية لدول المنطقة، فكانت فكرة التعاون وشد أزر الاخوة في دول الخليج ـ من خلال المساعدات الفنية ـ اولى الخطوات في هذا الاتجاه الصحيح.
ففي عام 1953م قامت اول لجنة كويتية لمتابعة هذا الامر، اطلق عليها في ذلك الحين «لجنة مساعدات الخليج». كان لها دور رائد في تقديم المساعدات العمرانية والتعليمية والثقافية والصحية لدول المنطقة «البحرين ـ الامارات العربية المتصالحة» قبيل قيام اتحاد الامارات العربية« قطر ـ سلطنة عمان» لتصبح فيما بعد «هيئة الخليج والجنوب العربي».
وفي مطلع السبعينيات انشأت وزارة الخارجية الكويتية قسماً تابعاً للادارة الاقتصادية يختص بالتعاون الخليجي، وكان من مهام هذا القسم شؤون الاتصال والاشراف على المراسلات، وما يتعلق بها من مهام مع دول الخليج العربية. وكان هذا مؤشراً يدل على دور الكويت القادم في تنشيط وتفعيل التعاون الخليجي.
وفي نوفمبر عام 1976 صدر قرار وزارة الخارجية الكويتية بتشكيل لجنة مهمتها البحث في شؤون التعاون الخليجي، اطلق عليها «لجنة التعاون مع دول الخليج»، حيث اعطيت هذه اللجنة صلاحيات كبيرة بجانب تخصيص جهاز اداري ووظيفي لها. وقد انيطت رئاستها بوكيل الوزارة آنذاك راشد عبد العزيز الراشد، وضمت في عضويتها عناصر من وزارة الخارجية «مديري الاقتصادية ـ الصحافة ـ الثقافة ـ القانونية ـ السياسية»، كما شارك في عضوية اللجنة افراد من خارج الوزارة «امين عام مجلس الوزراء ـ وزارة التجارة ـ وزارة التربية ـ وزارة المالية»، هذا، اضافة الى مشاركة القطاع الخاص في عضوية اللجنة، ممثلة بغرفة تجارة وصناعة الكويت، حيث تمكنت اللجنة فيها نهاية السبعينيات من ان تنجز اعمالها بتقديم جملة من التصورات، تضمنت مقترحات عديدة في مجال الاعمال والنشاطات المشتركة.

انبثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية:

لاشك في ان الكويت كانت صاحبة المبادرة الاولى في بلورة فكرة انشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتوصل الى استراتيجية خليحية مشتركة لمواجهة الظروف والمعطيات الحرجة التي تحيط بمنطقة الخليج، وخاصة تلك المشروعات التي كانت تتحدث عن فراغ مزعوم في المنطقة.. هذه الفكرة اختمرت في عقل وضمير الشيخ جابر الاحمد منذ ان كان وزيراً للمالية.
وحول هذه المرحلة من تاريخ المنطقة يمضي بنا عبد اللطيف البحر في ذكرياته، فيقول: «.. كانت للشيخ جابر الاحمد جهود كبيرة في دعم فكرة الانظمة الموحدة، وخاصة وحدة بلدان الخليج العربية. ولقد نبعت فكرة قيام مجلس التعاون من احساسه بضرورة تقريب الروابط بين الامارات الخليجية كمظومة خليجية متناغمة، في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث، فالحرب الباردة قائمة بين العراق وجارتها ايران، والحالة تستدعي خلق التوازن في المنطقة حتى لا تكون دول الخليج مبعثرة، ومستهدفة في هذا المعترك..».
وفي ظل هذه المعطيات يضيف البحر، قائلاً: «... ففي مايو عام 1976 م دعا سموه الى انشاء وحدة خليجية بهدف تحقيق التعاون، وايجاد نوع من الوحدة القائمة على اسس سليمة ومتينة لمصلحة شعوب المنطقة واستقرارها..».
وتحقيقاً لهذه الدعوة قام الشيخ جابر الاحمد في مايو عام 1976م بجولة خليجية زار خلالها دول الخليج الخمس، حاملاً اليها فكرة ايجاد صيغة تجمع دول الخليج العربية في تنظيم اقليمي ينسق شؤونها وتتعاون فيما بينها لمواجهة اية اخطار قد تحدق بها. وهنا اقترح تسمية هذا التجمع بمجلس التعاون تفادياً لأي اختلاف في الرأي، كحد ادنى لانطلاقة التجمع في مسيرته.
وتتكثف جهود الشيخ جابر الاحمد خلال مؤتمر القمة العربي الحادي عشر الذي عقد في عمان بالمملكة الاردنية الهاشمية في نوفمبر عام 1980م، حين تمكن ـ على هامش القمة ـ من عقد عدد من الاجتماعات مع زعماء دول الخليج ليطلعهم على التصور الكويتي لاستراتيجية مشتركة للتعاون في جميع المجالات.
وبتكليف وتوجيه من الشيخ جابر الاحمد، قام الشيخ صباح الاحمد وزير الخارجية في ديسمبر عام 1980م بزيارة الاشقاء في دول الخليج العربية، وذلك لعرض التصور الكويتي للمجالات السياسية، والاقتصادية، والنفطية، والثقافية، والعسكرية، التي جاءت في اطار استراتيجية مشتركة وشاملة، وجدت تجاوباً من دول الخليج العربية الخمس كافة.
وفي يناير عام 1981م اعد مشروع كويتي حول التعاون الخليجي في ضوء التصورات الكويتية السابقة، ثم ارسل الى الدول المعنية تمهيداً لدراسته وابداء ما يرونه من ملاحظات ومقترحات جديدة حوله.
وعلى هاشم مؤتمر القمة الاسلامي الثالث الذي عقد في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في يناير عام 1981م، كان للشيخ جابر الاحمد اتصالات ومشاورات مع زعماء دول الخليج حول المشروع الكويتي، توصل الجميع خلالها الى ضرورة ابعاد منطقة الخليج عن الصراعات الدولية، واتفقوا على مؤتمر لوزراء خارجية الدول الست في العاصمة الرياض في فبراير عام 1981م لمناقشة المشروع الكويتي.
وقد لقيت الاتصالات المتكررة حول الموضوع تجاوباً طيباً من الاشقاء في دول الخليج العربية، اذ ان الرغبة في التعاون كانت تراود الجميع، ولذا فقد انتهى لقاء الرياض بالاتفاق على انشاء مجلس تعاون بين دول الخليج العربية الست، كما اعتبر هذا اللقاء نقطة تحول اساسية في سلسلة الاجتماعات والمؤتمرات الخليجية، اذ انه حدد صيغة التعاون والتنسيق، واسلوب العمل بين الدول الاعضاء.
وفي مارس عام 1981م، عقد وزراء الخارجية جولة جديدة من المحادثات في مسقط سبقتها اجتماعات تحضيرية للجنة الخبراء الخاصة بمجلس التعاون، تم فيها وضع ورقة عمل موحدة بعد اجراء التمازج بين ورقة العمل الكويتية والعمانية، واقتراحات الدول الاخرى، كما تم الاتفاق على الهيكل التنظيمي للمجلس، ووضع مشروع النظام الاساسي.
وتأتي قمة ابو ظبي لزعماء دول الخليج العربية في مايو عام 1981م، ليوقع قادة الخليج بشكل نهائي على النظام الاساسي للمجلس، ويصبح نافذاً من تاريخ توقيعه، وتعيين عبد الله يعقوب بشارة، من الكويت اميناً عاماً، وتحديد مدينة الرياض مقراً للمجلس، واعتبار قمة ابو ظبي مؤتمراً تأسيسياً والتأكيد على يوم 25 مايو عام 1981م، وهو يوم ميلاد المجلس، يوماً رسمياً، وتحولاً تاريخياً في حياة مواطني دول المجلس، لتتوالى بعدها اللقاءات الخليجية في رحاب دولة عضو، وبدعوة منها، للتداول في الشأن الخليجي، وما يطرأ على الساحة الخليجية من مستجدات.. وفيما يلي اشارة موجزة وسريعة للقاءات مجلس التعاون.. بيت كل مواطن خليجي من الدول الاعضاء.

جهود رائدة في مسيرة عشرين عاماً

في الفترة من 25 ـ 26 مايو عام 1981م شهدت مدينة ابو ظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة مولد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما اشرنا قبل قليل، ليغدو المجلس تجسيداً عملياً للاماني الوحدوية لاجيال متعاقبة من اهل الخليج تحلم به وترجوه وتتمناه.
وفي هذه الدورة «التمهيدية» التي اعتبرت الدورة الاولى للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقع قادة دول الخليج العربية على النظام الاساسي للمجلس الذي يتضمن موافقة الدول الست على انشائه. كما تمت الموافقة في اجتماع مغلق على النظام الداخلي للمجلس الاعلى، وهو السلطة العليا لمجلس التعاون، وأحد الاجهزة الرئيسية الثلاثة المكونة له الى جانب المجلس الوزاري، وقد حددت المادة الرابعة من النظام الاساسي اهداف المجلس بالآتي:
1ـ تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء في جميع الميادين وصولاً الى وحدتها.
2ـ تعميق وتوثيق الروابط والصلات واوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
3ـ وضع انظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك، الشؤون الاقتصادية، المالية والتجارية، والجمارك، المواصلات، التعليمية والثقافية، الاجتماعية والصحية، الاعلامية والسياحية، والتشريعية والادارية.
4ـ دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين، الزراعة والثروات المائية والحيوانية، وانشاء مراكز بحوث علمية، واقامة مشروعات مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوب دول المجلس.
وقد وصف الشيخ جابر الاحمد انشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية بأنه نقطة تحول كبرى في حاضر هذه المنطقة. وان المجلس ليس تكتلاً او تحالفاً ضد احد، وانه ليس منحازاً لمعسكر من المعسكرات العالمية. مؤكداً ان أمن الخليج هو مسؤولية اهله، وان مجلس التعاون يضع قوة الدول الاعضاء سياسياً واقتصادياً على مسار العمل الجدي لتوطيد الاستقرار في المنطقة، وابعادها عن اخطار التدخل الخارجي.
وفيما يلي، نص المقابلة التي اجرتها وكالة الانباء الكويتية «كونا» مع الشيخ جابر الاحمد على هامش قمة ابو ظبي:
س: هل تتفضلون سموكم بتوضيح اهداف مجلس التعاون الخليجي، والآمال المعقودة عليه؟
ج: انني اعتبر انشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست نقطة تحول كبرى في حاضر هذه المنطقة تحو الافضل، ويرجع ذلك الى وعي وادراك ابناء الخليج والمسؤولين فيه بضرورة العمل المشترك نحو تحقيق آمالهم وتطلعاتهم، وان الغرض من اقامة هذا المجلس هو وضع تنظيم عملي شامل لتطوير وتنسيق التعاون القائم بين الدول الخليجية التي تربط بعضها ببعض علاقات خاصة نابعة من عقيدتها الاسلامية السمحاء، وتشابه انظمتها، ووحدة تراثها، وتماثل تكوينها السياسي والاجتماعي والسكاني، وللوصول الى افضل صيغة تخدم مصالح دول الخليج، والامة العربية جمعاء.
س: وصفت بعض المصادر واجهزة الاعلام الخارجية قيام مجلس التعاون الخليجي بأنه تكتل او تحالف اقليمي قد يؤثر في روابط التضامن العربي، فما رأي سموكم في ذلك؟
ج: ان مجلس التعاون الخليجي ليس تكتلاً او تحالفاً ضد احد، بل هو صيغة اقدمت عليها الدول الخليجية لتحقيق تضامن اوثق ضمن اطار ميثاق الجامعة العربية، والذي ينص على تشجيع التعاون الاقليمي بين الدول العربية، وهذه الصيغة التي ارتضتها دول الخليج العربية واضحة الهدف سليمة الاتجاه، وهي ـ باذن الله ـ خطوة نرجو ان تكون عوناً على اقامة صرح الوحدة العربية الشاملة المأمولة. وسيكون هذا المجلس ـ بتوفيق من الله ـ مصدر خير وتعاون مع دول العالم كافة.
س: اثار اعلان انشاء مجلس التعاون الخليجي اصداء عالمية متباينة، فما هو رأي سموكم بالنسبة لموقف مجلس التعاون من الصراعات الدولية؟
ج: ان الاهتمام العالمي بمجلس التعاون الخليجي يرتب على اعضائه مسؤولية ايضاح اهدافه والدفاع عنها، فهو ليس منحازاً لمعسكر من المعسكرات العالمية. ولقد سبق ان عبرت الدول الاعضاء عن مواقفها الواضحة في المجال الدولي من خلال عضويتها في جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وحركة دول عدم الانحياز، وهيئة الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة.


«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:02 AM

[frame="1 80"]س: ما رأي سموكم فيما يتردد بين حين وآخر من الادعاء بوجود فراغ امني في الخليج العربي، ومحاولة تدخل الدول الكبرى في شؤونه؟
ج: انني أؤكد ان أمن الخليج هو مسؤولية اهله، ونحن نعتقد ان قيام مجلس التعاون الخليجي كفيل بأن يضع قوة الدول الاعضاء سياسياً واقتصادياً على مسار العمل الجدي لتوطيد الاستقرار في المنطقة، وابعاد اخطار التدخل الخارجي عنها، وتكريس هذه القوة لخدمة قضايانا القومية. واذا كنا حريصين على ان نؤدي دورنا الانساني في توفير الرخاء لشعوب العالم، فإننا حريصون ايضاً على ان تقابلنا دول العالم بالمثل.. وباختصار فإن هدفنا هو ابعاد الخليج عن الصراعات والتدخلات الخارجية، فالخليج لابنائه حقاً وأمناً ومسؤولية.
س: هل هناك علاقة بين مجلس التعاون الخليجي والسياسات الداخلية للدول الاعضاء؟
ج: هناك اوجه شبه وتعاون كثيرة بين الدول الاعضاء، وذلك في الانشطة الاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والثقافية، ومجالات التنمية بصفة عامة. وهناك ـ في الوقت نفسه ـ تجارب خاصة لكل منها في سياساتها الداخلية وتطورها التشريعي ومؤسساتها. ولكل دولة من الاعضاء لها ان تختار لنفسها ما ترتضيه من نظم داخلية. فالتعاون لا يقتضي التماثل في كل شيء.وان الفروق الداخلية لا تحول دون التعاون. وهناك نماذج في اجزاء كثيرة من العالم في مجال التعاون الاقليمي مع وجود تباين في النظم الداخلية.
وهكذا تتواصل المسيرة، وقادة دول الخليج العربية يؤكدون، في كل دورة من الدورات السنوية للمجلس، عزمهم على مواصلة التنسيق، والتعاون فيما بينهم في المجالات: الاقتصادية والسياسية والامنية لمواجهة الاخطار المحيطة بالمنطقة وزيادة الاتصالات بينهم لدرء هذه الاخطار.
ففي الدورة الرابعة للمجلس، التي عقدت بمدينة الدوحة في الفترة من 7 ـ 9 نوفمبر 1983م، كان للشيخ جابر الاحمد وقفة امام بعض هذه المفاهيم التي جاءت ضمن الكلمة التي القاها في الجلسة الختامية للدورة باسم قادة دول المجلس، حين قال: «.... ان لقاءات واجتماعات المجلس الاعلى لمجلس التعاون بدأت تتخذ طابعاً مميزاً في منطقتنا هذه. فقد اصبح رمزاً للترابط والتماسك والمصير الواحد. وتولد شعور لدى المواطن في بلدان مجلس التعاون بأنه جزء لا يتجزأ من مجموعة متناسقة، وانه على المستوى الفردي مستعد ان يشارك في اي جهد لتعضيد هذا الشعور وترسيخه فكراً وعملاً...».
وعند عودته الى ارض الوطن ادلى بتصريح صحفي اكد فيه هذه المفاهيم، حين اشار الى: «... ان جميع الخطوات التي تمت وجميع القرارات التي اتخذت ستعود بالخير والنفع على البلدان الاعضاء، وستفتح آفاقاً واسعة للتعاون البناء، وستجعل شعوبنا اكثر تقارباً وتعاوناً لمصلحتها المشتركة. ولابد من ان نواصل هذه المسيرة لانها الطريق السليم الذي من شأنه ان يجعلنا نشعر بأننا مجتمع واحد. وان على الفرد ـ مثله مثل اي مسؤول ـ واجب المساهمة في دعم ومساندة مسيرة التعاون...».
وتأتي الدورة الخامسة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون التي عقدت بدولة الكويت خلال الفترة من 27 ـ 29 نوفمبر عام 1984م، والتي تدارس المجلس فيها الاوضاع العربية الراهنة وتأثير الخلافات العربية على القضايا العربية المصيرية. كما ناقش المجلس ايضاً الدور الذي تقوم به الدول الاعضاء على الصعيد الدولي.
وكان للشيخ جابر الاحمد الذي ترأس دورة المجلس كلمة في الجلسة الافتتاحية، قال فيها: «... ان التعاون الخليجي بناء صنعته ارادة شعوب الخليج. وهو استجابة صادقة لحقائق الحياة في هذا الجزء من العالم، وصياغة معاصرة لما كنا نمارسه بالود والتقاليد الموروثة عن آباء كرام، عاشوا على التعاون والتشاور والتكافل..».
ويمضي في هذا السياق فيقول: «... وكان الانجاز مشكوراً، وكانت الآمال اكبر، وستظل المسؤولية الرئيسية التي يحملها مجلس التعاون في يومه وغده هي بذل المزيد من الجهد، ليقطع المسافة بين ما يحققه من انجازات وما تتطلع اليه شعوبنا من آمال، فكل امل يدعونا الى انجاز جديد، وكل انجاز يزيدنا ثقة في تحقيق امل منشود. ومن الله نستمد العون على المسير..».
ويضيف مؤكداً: «... ان هذا المجتمع الخليجي الجديد الذي نبنيه ونحميه هو جزء من الامة العربية استوى على سوقه واتخذ الى النمو طريقاً. ونأمل ان يلقى هذا الطريق قبولاً من امتنا العربية ليشمل اقطارها بمشيئة الله.. هذا المجتمع الخليجي الجديد هو هديتنا الى ابنائنا والى ابناء العروبة، ووصية يحملها جيل الى جيل على طريق مدروس ومخطط لحالات اوسع في التعاون الاسلامي والعالمي..».
وفي الجلسة الختامية لاعمال المجلس القى الشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة كلمة اخرى، جاء فيها: «... لقد جاءت ثمرات هذا اللقاء برهاناً جديداً يؤكد قدرة المجلس على حمل الامانة والعطاء.. ان قراراتنا ومسؤولياتنا وخطوات مستقبلنا وصورة آمالنا وامتحان ارادتنا عهد بيننا وبين شعوبنا.
واذا كان طريق العمل طويلا، فإن الخطوات الواثقة والمنتظمة، والقدرة على مراجعة الذات وتصحيح المسار، والحوار الاخوي، كل ذلك، قادر ـ بتوفيق الله ـ على تحقيق الكثير..».
وفي الدورة السادسة للمجلس التي عقدت في مسقط العاصمة في الفترة 27 ـ 29 نوفمبر عام 1985م، توصل قادة دول الخليج العربية الى تصور استراتيجية للدفاع بين دول المجلس، ووضع برنامج زمني لتنفيذ مختلف مجالات وانشطة التعاون الاقتصادي، وكذلك وضع استراتيجية موحدة للتنمية الصناعية.
واثر عودة الشيخ جابر الاحمد الى ارض الوطن كان له تصريح صحفي حول ما دار في اجتماعات المجلس من حوارات، وما اتخذ من قرارات، مشيراً الى ان: «... لقاء الاخوة في مسقط له اهميته البالغة، اذ انه يتزامن مع ظروف صعبة، تمر بها منطقة الخليج، تتطلب التباحث والتنسيق، واتخاذ مواقف موحدة تجاه القضايا كافة والتحديات الطارئة التي تواجهها المنطقة. فالوضع في منطقة الخليج اصبح اكثر تعقيداً بسبب استمرار الحرب العراقية الايرانية التي مضت عليها ست سنوات، ونتج عنها الكثير من الدمار، مما يستدعي تكثيف الجهود والمساعي لوضع حد لهذه المأساة..».
واضاف قائلاً: «... واتفق الاخوة الرؤساء على ان تظل منطقة الخليج بعيدة عن التدخلات كافة التي تؤثر على استقرارها، وامنها، كما تم الاتفاق على السير قدماً في مجالات التعاون المختلفة الاخرى، وتذليل كافة الصعاب التي تعترض طريق التماسك والتلاحم بين بلدان المنطقة وشعوبها..».
مؤكداً على :«... ان ترابط بلدان مجلس التعاون الوثيق، اخذت اهميته تبرز وتزداد باستمرار، نظراً لشعور هذه المنطقة بالمصير الواحد.. هذا الشعور الذي اصبح حقيقة واقعة على المستوى الرسمي والشعبي، بحيث اخذ المواطن الخليجي يشعر بأهمية المواقف الموحدة وبضرورة التعاون المشترك، واخذ يدرك ان استقرار هذه المنطقة وازدهارها يأتي اولاً، وقبل كل شيء مع شعوره ووعيه بأهمية التعاون الوثيق بينه وبين اشقائه في بلدان الخليج العربي الاخرى..و.
وفي الدورة الحادية عشرة للمجلس، التي عقدت في الدوحة العاصمة في الفترة من 22 ـ 25 ديسمبر عام 1990م، والتي تزامنت مع العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت الذي كان خطوة اولى للزحف على منابع النفط بدول المجلس واحتلالها.
في هذه الدورة تدارس المجلس الوضع الخطير في المنطقة، الناجم عن تهديد النظام العراقي لامن وسلامة الدول الاعضاء، وما شهدته الساحة الكويتية في ظل ذلك الاحتلال الآثم من سفك لدماء الابرياء من شعب الكويت، والمقيمين فيها، وتشريدهم، وسلب ممتلكاتهم، وانتهاك حرماتهم في محاولة جائرة لطمس الهوية الكويتية، والغاء كيانها. كما تدارس المجلس افرازات هذا العدوان والاحتلال، وتداعياته، ونتائجه الخطيرة على امن واستقرار منطقة الخليج العربي، والامن والسلم الدوليين.
وقد اكد المجلس وقوف الدول الاعضاء، حكومات وشعوباً بكل قوة واصرار مع دولة الكويت في محنتها، ومساندتها المطلقة، وتضامنها التام مع شعبها وحكومتها في جهادهما حتى التحرير الكامل.
وقد اشاد المجلس بشعب الكويت الصامد الرافض للاحتلال والمتمسك بقيادته وحكومته الشرعية... ذلك الموقف الوطني الرائع الذي نال اعجاب الاسرة الدولية.
وقد اعتبر المجلس ان اي اعتداء على اي دولة عضو هو اعتداء على جميع الدول الاعضاء، وان امن دول المجلس كل لا يتجزأ، وان عدوان النظام العراقي على دولة الكويت هو عدوان على دول المجلس كافة.
ومن هذا المنطلق الوحدوي والتضامني، دعا المجلس النظام العراقي الى المبادرة فوراً بسحب قواته من جميع الاراضي الكويتية، دون قيد او شرط، لتعود اليها السلطة الشرعية، وكذلك الذين شردوا من شعب الكويت. هنا، حمل المجلس النظام العراقي مسؤولية التعويض عن جميع الخسائر والاضرار الناجمة عن عدوانه.
من جانب آخر، اقر المجلس في دورته المذكورة تعزيز القدرات الدفاعية الذاتية للدول الاعضاء. كما قرر في الوقت ذاته انشاء برنامج لدعم جهود التنمية في الدول العربية، والاسلامية بهدف تشجيع الانفتاح الاقتصادي، والتوجه نحو اقتصاديات السوق، وتحسين الاداء الاقتصادي العربي، وحشد الدعم الدولي لعملية التنمية العربية من خلال مؤسسات التمويل الدولية، ووكالات المساعدات الانمائية الوطنية لصالح برامج التنمية للدول العربية.
وفي ختام الدورة صدر عن المجلس اعلان اطلق عليه «اعلان الدوحة»، متضمناً القرارات الصادرة عن المجلس، والتي تؤكد في مجملها للعالم وللاسرة الدولية الرفض الجماعي لذلك الاسلوب البربري الذي سلكه النظام العراقي تجاه دولة كاملة السيادة، وعضو في الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وعضو في جامعة الدول العربية ومؤسساتها، وعضو في مجلس التعاون الخليجي، ومنظمة المؤتمر الاسلامي . مطالبة اياه بالانسحاب الفوري من كل شبر على ارض الكويت، وتحمله المسؤولية الكاملة تجاه الاضرار التي لحقت بالكويت وشعبها، والمقيمين الذين كانوا يعيشون على ارضها.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:03 AM

[frame="1 80"]وتتحرر الكويت من يد الظلم والطغيان العراقي، لتعقد الدورة الثانية عشرة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون في رحاب ارضها المحررة خلال الفترة من 23 ـ 25 ديسمبر عام 1991م، حيث تدارس المجلس التطورات الاقليمية في منطقة الخليج على ضوء تحرير دولة الكويت واستعادتها لحريتها واستقلالها وسيادتها.
وقد عبر المجلس عن اعتزازه بروح التضامن الاخوي والتآزر المبدئي فيما بين دوله، وسجل باكبار وقوف مواطني دول المجلس وقفة تؤكد عمق الانتماء والترابط، ووحدة المصير بين افراد الاسرة الخليجية. كما اشاد المجلس بمساندة الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت الى جانب الحق والعدل، ومبادىء القانون الدولي، مؤكداً على ضرورة تنفيذ العراق لكافة بنود القرار 687 وشروط وقف اطلاق النار.
هذا، وقد صدر عن المجلس في ختام اعماله اعلان سمي «باعلان الكويت»، متضمناً القرارات التي تم التوصل اليها خلال مداولاته ومناقشاته.
وكان للشيخ جابر الاحمد كلمة في افتتاح اعمال دورة المجلس، جاء فيها: «... الكويت تستقبل اليوم قادة مجلس التعاون الخليجي في ظلال ممدودة لروابط قديمة وحديثة. وعلائق اصيلة ومتجددة، ضرب الماضي بأصولها في الاعماق، ومد الحاضر فروعها في الآفاق، وينتظر المستقبل المزيد من اثمارها، والكويت المحررة تضم اليوم بين ثناياها اخوة بررة، تجرعوا معها مرارة المحنة، وتحملوا من أجلها الكثير حتى انزاح البلاء وتحقق النصر».
ثم يمضي مؤكدا: «سوف يسجل التاريخ لشعوب مجلس التعاون ان شعاراتها كانت مبادىء، وان مقولاتها تحولت الى وقائع، ولئن ارتابت أجيال أمتنا المعاصرة بكثير من الشعارات المطروحة، والمقولات المعلنة بسبب مواقف البعض المتباينة، وممارساتهم المناقضة، فقد اعادت المواقف الخليجية اثناء المحنة الكويتية كثيرا من الثقة الى نفوس اجيالنا، بان الاخاء بين شعوبنا حقيقة شعورية، لها براهينها الموضوعية.
ويضيف، فيقول: «ان انعقاد هذه القمة على ارض الكويت ـ وفي هذه الآونة بعد التحرير ـ يفصح عن مضامين عديدة، منها: الوحدة بين بلادنا وشعوبنا، والروابط الثابتة بينها وبين اصولها العربية وانتمائها الاسلامي، والعلاقات المتجددة بالدول الصديقة في العالم كله. فان التغييرات المتسارعة، والعلاقات المتشابكة في العالم من حولنا، تفرض علينا مواجهتها واتخاذ الخطوات المناسبة للتعامل معها، واضعين نصب اعيننا ان تتفق جميع خطواتنا مع مبادئنا الثابتة التي يفرضها علينا ديننا الحنيف وتاريخنا العربي».
لا شك في ان للشعوب قيمة عظيمة في المنظومة الفكرية للشيخ جابر الاحمد، لان الشعب هو عماد المجتمع وصانع تاريخه، من هنا، وامام قادة دول مجلس التعاون، كان له الوقفة التالية: «ان اللقاء بيننا، هو تعبير عن إرادة شعوبنا، وصياغة عملية للروابط الثابتة بينها. ومن ثم فان موضوعات هذا اللقاء ونتائجه، مبعثها وغايتها هي هذه الشعوب.. هي هذه الامال التي تطمح اليها قلوبهم، والتطلعات التي تستشرفها نفوسهم والحاجات التي تمتلىءء بها صدورهم والتي تتلخص في مزيد من روابط اوثق. ووشائج اصفى واعمق، وحياة كريمة حرة، تقوم على العدالة، وتهدف الى الرخاء، وتسودها الثقة في مستقبل آمن، لاجيال لا يتهددها الخوف، ولا يعصف بها الفزع، ولا تزيغ بخطواتها الريب».
وفي الجلسة الختامية كان للشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة كلمة اخرى، عبر فيها باسم شعب الكويت وقيادته عن شكره وتقديره لقادة دول مجلس التعاون، متمنيا لهم ولشعوبهم كل الخير والرفعة والازدهار، منوها بالنوايا الخيرة، والآراء النيرة والعمل الدؤوب الذي واكب اعمال الدورة، مؤكدا ومعلقا على طبيعة اللقاء بانه: «كان لقاء نبيل المقاصد، كريم الغايات، لم يشغله علاج الحاضر بمطالبه الملحة ومشكلاته القائمة عن النظرة للمستقبل، والتخطيط لمواجهة احتمالاته، ليتحقق لنا مكان فيه يليق بنا وبطموحات شعوبنا. كما انه لم تنسه همومه حق امته العربية والاسلامية عليه في الاهتمام بقضاياها المركزية، بل وحق البشرية عليه في الاسهام المادي والحضاري لخدمة الانسان وتخفيف معاناته».
وفي البيان الختامي لاعمال الدورة الرابعة عشرة للمجلس، التي عقدت في الرياض في الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر عام 1993م، ادان قادة دول المجلس النظام العراقي بشدة لممارسته سياسة انتقائية في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وأكدوا على اهمية التزام العراق بالقرارات الدولية ذات الصلة في عدوانه على دولة الكويت، ومن بينها ضرورة اعترافه بالترسيم الحدودي بين البلدين، واطلاق سراح الاسرى والمرتهنين، والكف عن تهديداته وادعاءاته بالكويت.
وجدد البيان دعوة مجلس الامن لمواصلة جهوده لالزام النظام العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت، والكف عن ممارسته التي تمس سيادتها واستقلالها.
وكان الشيخ جابر الاحمد قد ادلى بتصريح صحفي لدى وصوله الى الرياض، اشار فيه الى: «ان اّمال شعوبنا، وهي كثيرة ومنوعة، تتركز في ضمان حياة آمنة، يمكن من خلالها العمل بطمأنينة وثقة بعيدة عن التوترات والمخاوف لبناء مستقبل زاهر لدولنا، يصاحب ذلك طموحات شعوبنا في مزيد من التلاحم بينها من خلال تعاون وثيق وتلاحم اكثر، اضافة الى اتخاذ ما يناسب المواقف المبدئية المنوطة بنا جميعا تجاه امتنا العربية والاسلامية. ولدي امل كبير في تحقيق خطوات ايجابية ناجحة تتمشى وطموحات شعوبنا».
وفي حديث امام مجلس الوزراء الكويتي بتاريخ 25 ديسمبر عام 1993م نوّه بالكلمة الشاملة التي القاها خادم الحرمين الشريفين في افتتاح اعمال المجلس، قائلا: «انها ترجمت اهتمامات ابناء دول مجلس التعاون واولوياتهم، وعبرت بصدق عن مشاعر الكويتيين، وجاءت استمرارا للوقفة التاريخية الشجاعة للمملكة الشقيقة في نصرة الحق الكويتي».
مشيدا بالدعم المطلق الذي اعطته القمة لدولة الكويت في مواجهة محاولة الالتفاف العراقي على الشرعية الدولية.
وفي الدورة الخامسة عشرة التي عقدت في المنامة في الفترة من 19 ـ 20 ديسمبر عام 1994م، تدارس المجلس خلالها التطورات الاقليمية ومسار تنفيذ العراق لقرارات مجلس الامن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت. وفي هذا السياق ـ ايضا ـ تابع المجلس قرار العراق الاعتراف بسيادة دولة الكويت، وسلامتها الاقليمية، وحدوده الدولية معها وفقا لمتطلبات القرارين 687 و833، وقد اعتبر المجلس هذا القرار خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ العراق لقرارات مجلس الامن ذات الصلة كافة.
وفي رسالة مسهبة للشيخ جابر الاحمد في ديسمبر عام 1994م الى اخوانه قادة دول مجلس التعاون اشار فيها الى ان قيام مجلس التعاون عام 1981م كان حالة من الاحساس بالاخطار قبل وقوعها، وادراكا لفاعلية التقارب والتعاون. وان انشاء المجلس جاء بارقة امل احيت اماني وطموحات شعوب المنطقة، منوها بان اطرافا معينة ما فتئت تكيد لمجلس التعاون الخليجي منذ قيامه، وذلك من أجل عرقلته واضعافه تمهيدا لتصفيته.
مشيرا الى رياح التغير التي تجتاح دول العالم، وعلى وجه الخصوص دول العالم الثالث ومن بينها منطقتنا. وانه لا بد لنا ان نكون على درجة من الوعي والادراك تؤهلنا للتكيف مع المرحلة التي نعيشها.
مؤكدا في هذه الرسالة على ان: «وحدة الاعراف، والعقيدة، واللغة والتاريخ، واتحاد الاقليم، وحرمة الجوار، والقيم العربية، وتشابه الملامح النفسية والاجتماعية والاقتصادية لشعوبنا، فضلا عن الروابط الشخصية بيننا جميعا، كلها، بحمد الله، وشائج تقرب، تدني ولا تقصي، تجمع ولا تفرق، من اجل ذلك، فان اي فكرة تسنح لأحدمنا وتحقق صالح دولته وشعبه هي في الوقت نفسه فكرة لصالح جميع دولنا في مجلس التعاون الخليجي، وما من فكرة تخطر لي الا وانا موقن ان مثلها ـ بل وخيرا منها ـ موجود لديكم ولدي بقية اخوتنا الاعزاء قادة دول مجلس التعاون، وعلى ذلك فقد آثرت ان اعرض ما يجول في خاطر من افكار يطول تردادها في ضميري لثقتي التامة بان هذه الافكار سوف تجد من بصيرتكم وخبرتكم مدى اوسع، وغورا اعمق، وتفهما لمستقبلنا ومستقبل اجيالنا».
ويمضي في رسالته، فيقول: «وقد شاءت إرادة الله ـ جلت حكمته ـ ان نعيش في بقعة مهمة حساسة من بقاع الارض، ضم باطنها موردا حيويا تقوم عليه صناعات العالم الرئيسية في البلدان والدول التي تتصدر قيادة العالم، بل تعتمد عليه حياة شعوبها ورقيها وازدهارها، مما يفرض علينا وضعية بالغة الخصوصية، ولكن الخطر الاكبر ان لدينا على مد اليد اخطارا متربصة، يجب ان نعمل لها الف حساب، سواء أكان ذلك في وقتنا الراهن أم المستقبل فالتهديدات تتكرر بين حين وآخر، ولا تخفي هذه التهديدات الطمع في الاستيلاء على الارض وثرواتها، او تدمير كل ما تم تحقيقه من الانجازات لابناء أجيالنا الحاضرة والمستقبلية».
ويضيف قائلا: «انني انظر الى عالمنا اليوم فاذا معظم الدول فيه قد شعرت بان الانفرادية والانعزالية لا تتلاءم والظروف العالمية المتغيرة، فاخذت دول عديدة في مناطق مختلفة من العالم تنشىء فيما بينها الاتحادات والمجموعات بشكل او بآخر، ضمانا لحاضرها ومستقبلها، وتطلعا الى تحقيق المزيد من الرخاء والازدهار لشعوبها، ان كثيرا من هذه الدول قد انتظم في اشكال من التنظيمات السياسية او التجارية او الاقتصادية، بل وخططت بعض هذه المجموعات لالغاء الكثير من الشكليات والحواجز التي تعوق تلاحمها، او تعرقل التقارب بينها لتجعل مجتمعاتها اكثر اندماجا، وايسر حركة، واقوى فاعلية».
وتأتي دعوته واضحة من اجل ايجاد شكل من اشكال الوحدة الخليجية، فيقول: «واذا كان النظر، بناء على تجارب جرت في امريكا اللاتينية والقارة الافريقية، يجعل تأييد جميع القوى الاجتماعية، في كل دولة من الدول التي تقيم بينها اتحادات او منظمات اقليمية، شرطا لنجاح هذه الاتحادات وتلك المنظمات، فان لدينا في دول مجلسنا مسألتين: اولاهما ايجابية وهي وحدة السمات الاجتماعية، وتقارب الظروف الموضوعية الاخرى لشعوب مجلسنا الخليجي، وهي ظروف مواتية تسهل لنا بدرجة كبيرة التفاهم والتطابق في تحقيق هذه الطموحات والامال. التي ستعزز الثقة والطمأنينة في قلوب ابناء الخليج. واخراهما بحاجة الى توجيه وتربية وتأصيل، وهي الايمان بجدوى الوحدة الجزئية من خلال اتحادات ومنظمات محددة المجال، مع السعي في الوقت نفسه الى اشعاء جميع الفئات الاجتماعية في بلداننا بجدوى ملموسة لصالحهم، تعينهم على قبول بعض التضحيات، او تحمل مرارة الحق، كما قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله».

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:04 AM

[frame="1 80"]لم تكن الدورة السابعة عشرة لاجتماعات المجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في مدينة الدوحة خلال الفترة من 7 ـ9 ديسمبر عام 1996م، اقل حماسا عن غيرها من دورات المجلس في الدفاع عن الحق الكويتي، فقد اعرب البيان الختامي الذي صدر عن اجتماعات المجلس عن الاسف البالغ لاستمرار حكومة العراق في سياسة المماطلة حيال تنفيذ جوانب أساسية في التزاماتها الدولية، وفي مقدمتها استكمال ازالة اسلحة الدمار الشامل، والافراج عن الاسرى والمرتهنين من مواطني دولة الكويت والدول الاخرى، والالتزام بآلية التعويضات، واعادة جميع الممتلكات الكويتية، والامتناع عن القيام باي عمل عدواني او استفزازي للدول المجاورة، امتثالا لقرار مجلس الامن رقم .949
كما اعرب البيان عن قلقه الشديد ازاء استمرار الحكومة العراقية في اخفاء اسلحة خطرة وفتاكة، واعاقة اعمال مهمة للجنة الخاصة التابعة للامم المتحدة المكلفة بازالة اسلحة الدمار الشامل العراقية، مؤكدا دعمه المستمر لجهود اللجنة الدولية.
لقد قدرت الكويت هذا الموقف الاخوي الملتزم، وبدا ذلك واضحا في كلمة الشيخ جابر الاحمد التي القاها في الجلسة الختامية لاعمال الدورة نيابة عن اخوانه قادة دول الخليج، جاء فيها بين امور اخرى: «لقد منّ الله ـ تعالى ـ على دولنا بكثير من الخير، واعلى ذلك واكثره بركة نعمة الاخاء بين شعوبنا، التي قربت بينها الحياة الاجتماعية الواحدة لقرون متتابعة، فضلا على روابط الاعراق والاوطان واللغة والدين، ثم كان من صنع الله لنا ما اتسمت به قياداتنا من الحكمة والرفق وايثار الصالح العام، مما جعل ما بيننا من روابط تمتد وتترسخ، فتزداد المحبة والاخاء، وتنمو المودة والصفاء واصبحت منظومة مجلس التعاون مضربا للمثل في التعاون بين الدول الهادفة الى خير الشعوب وصالحها المشتركة».
كما بدا ذلك واضحا في تصريحه الصحفي، اثر عودته الى أرض الوطن، من اشادة بالحوار البناء، وبروح الاخوة والتفاهم اللذين سادا اعمال الدورة، معبرا عن تقديره واعتزازه لما انتهت اليه الاجتماعات من قرارات مهمة، وبما اكده قادة دول المجلس من قلق ازاء استمرار النظام العراقي في مماطلته في تنفيذ قرارات مجلس الامن كافة. بدءا من اطلاق سراح الاسرى والمرتهنين، ومرورا بالتعاون مع اللجنة الخاصة المكلفة بازالة اسلحة الدمار الشامل، والالتزام بآلية التعويضات واعادة الممتلكات الكويتية، الى جانب الامتناع عن ممارسة اي تهديد او عمل عدواني او استفزازي لجيرانه، وكذا ما اكده البيان الختامي من مسؤولية النظام العراقي وحده تجاه المعاناة التي يعيشها سعب العراق.
وفي لقاء جديد على ارض الكويت عقدت الدورة الثامنة عشرة خلال الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر عام 1997م، وكان للشيخ جابر الاحمد ـ رئيس الدورة ـ كلمة في الجلسة الافتتاحية، قال فيها:
«وبالامس القريب، الذي ما زالت اثاره قائمة، تصدى هذا المجلس لأعتى ضربة مخربة، ونجح في صدها، وما زال يعالج جراحها. والامر الثاني: ان اعباء العمل الجماعي من خلال مجلس التعاون الخليجي، ظلت منذ البداية والى الان، معصوبة في معظمها برؤوس القادة، معتمدة على حكمتهم، تتقدم رويدا رويدا، تضبط الاناة خطواتها، وتكف من غلوائها حتى تتبع الخطوة سابقتها، مؤمنين ان الحركة الوئيدة الى الامام، انجح الف مرة من هرولة تضطرنا الى الارتداد او التوقف. وكان دور الشعوب في تلك الفترة، مفعما بالحماسة مليئا بالطموحات والاحلام، تغلب عليه «الفزعة» العربية المعروفة، دون فلسفة متبلورة للعمل الجماعي، حتى تتحقق ثمراته للمجموع. وعلى المدى المستمر».
ويمضي قائلا: «ان حروب المصالح اليوم اعتى عتوا وأشد ضغطا وأشرس فعلا من حروب الجيوش. فحرب المصالح تعني الاستئثار بالمنافع الى اقصر درجة ممكنة. وجنود حرب المصالح واسلحتها تسعى الى الاستيلاء على العقول والنفوس قبل الاستيلاء على المواد والمنافع، فهناك الاعلام الذي غدا يندس الى اعمق اعماق القلوب، وهناك التكنولوجيا التي يعني تطورها اليومي تكثيفا لقوى قاهرة وقدرات مهيمنة، وهناك الارهاب، الذي يبدو انه صناعة محكمة، لا يدري احد من مفردات سفرتها الا القليل، وهناك التناقضات التي لا يخلو منها مجتمع، والتي غدت كقنابل موقوتة، يلعب بها القادرون على ملئها، وعلى دقة توقيتها».
ويستطرد مؤكدا: «ان مفهوم الامن لدى شعوبنا ودولنا، ومهما تختلف الاجتهادات في توصيفه، يرتكز على حماية دولنا، وصيانة مجتمعاتنا، والمحافظة على ثرواتنا. وليس خافيا ان مكامن الخطر ومصادر التهديد لا يمكن تجاهلها ولا اغفال مصادرها فهي موجودة مهما بعدت. ومن ثم فانه لا بد لنا من التاكيد على تحقيق مبدأ الدفاع الجماعي والبناء العسكري الشامل لقدراتنا، لنتمكن من التصدي للاخطار».
ويتجدد لقاء المجلس في دورته التاسعة عشرة في رحاب دولة الامارات العربية المتحدة في الفترة من 7ـ9 ديسمبر عام 1998م، لدراسة جملةمن الامور اتفقت عليها جميع الاطراف في مقدمتها تطور الاوضاع السياسية والامنية في المنطقة. شارك الشيخ جابر الاحمد في اعمال الدورة بفاعلية ومسؤولية كعادته في الدورات السابقة. وما تصريحه الصحفي الذي ادلى به لدى وصوله الى ابو ظبي الا انعكاس مسبق للاهمية البالغة التي اولاها للقاء.. ذلك التصريح الذي جاء فيه: «ان منطقتنا التي تمثل بموقعها محطة جذب عالمي بحاجة دائمة الى التعامل الديناميكي والمتجدد وفق تغيرات الروابط الدولية، فضلا عن خصوصية العلائق داخل الاقليم، وضمن المنظومة العربية والاسلامية، والمنظمات العالمية».
ويمضي في تصريحه الصحفي: «ومن ثم فان لقاءنا، في هذه القمة التاسعة عشرة، هو احد السبل التي تعبر عن موقف موحد يضمن لنا ما تصبو اليه كل الشعوب من الاستقرار والرخاء، كما ان الحوار بين الاخوة القادة، وتبادل المشورة، ومناقشة وجهات النطر نهج لنا دائم ومستمر».
وفي مثل هذه اللحظة لم ينس ان يشير الى آماله وتطلعاته المستقبلية لمسيرة المجلس، حين يقول: «وفي هذه القمة يحدوني الامل في ان تسهم القرارات التي نتوصل اليها في تلبية بعض طموحات شعوبنا، مع ثقتي بان الرئاسة الحكيمة للقمة التي يتولاها اخي الشيخ زايد بن سلطان، سيكون لها اثر واضح في مسيرة الحوارات وعلاج المسائل المطروحة باذن الله».
ولدى وصوله الى ارض الوطن عائدا من رحلة الخير والعمل، ادلى بتصريح صحفي جسد فيه روح التعاون والتضامن الذي ساد اعمال دورة المجلس، وما دار فيها من مناقشات وحوارات ايجابية، حين قال: «كان لقاؤنا الخليجي ـ كما هو معهود ـ لقاء مفيدا للغاية تبادل فيه الاخوة قادة دول الخليج العربية الآراء والافكار حول الاوضاع والشؤون المحلية المشتركة بصراحة ووضوح، وبروح اخوية مخلصة، عكست عمق الترابط وقوة التلاحم، والرغبة الاكيدة في تعزيز وتقوية اواصر الاخاء والتعاون».
وفي هذا السياق أكد الشيخ جابر الاحمد على اهمية الدور الذي يلعبه مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مسيرة السلام والتعاون الدولي، حين يشير: «ولقد أظهرت القمة لاالخليجية التاسعة عشرة ما يحتله مجلس التعاون الخليجي من مكانة مهمة في المجال الدولي، وذلك لما يحضره من ضيوف، وما توجه اليه من رسائل من الدول الكبرى، ولا شك في ان هذا يمثل تقديرا للدور البناء الذي يضطلع به على الساحة الدولية، وما يتبناه من اهداف خيرة تعمل على اشاعة السلام والتفاهم والتعاون لخير الجميع».
وكعادته في مثل هذه المناسبات المهمة، ترأس الشيخ جابر الاحمد اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء بتاريخ 12 ديسمبر 1998م حضره رئيس مجلس الامة الكويتي ووزير شؤون الديوان الاميري الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح حيث قام بتقديم عرض وشرح للقضايا والموضوعات التي تم بحثها في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تمت في مناخ مفعم بروح الاخوة الصادقة، وروح المسؤولية والتفاهم التي ترجمت الوعي المشترك بحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها دول المجلس في ظل التطورات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وما تستلزمه من خطوات جادة تعكس عمق الروابط، وقوة التلاحم بين دول المجلس وتجسد وحدة الهدف والمصير المشترك لابنائه كافة.
وفي البحرين وخلال يومي 30 ك 31 ديسمبر عام 2000م صدر عن الدورة الحادية والعشرين للمجلس الاعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعلان «اعلان المنامة» تضمن تسعة بنود، اعتبرها المراقبون مؤشرات مستقبلية جادة نحو الوحدة الخليجية المرتقبة، وهي:
اولا: تعزيز وتقوية مسيرة مجلس التعاون بمزيد من التنسيق والتعاون والترابط والتكامل، وذلك بتبني استراتيجية موحدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية والاجتماعية والاعلامية والثقافية والعلمية، قوامها وحدة الهدف والمصير المشترك.
ثانيا: ترسيخ مبدأ الامن المشترك لدول المجلس بتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا الامنية والدفاعية حماية لامنها القومي والاقليمي، وحفاظا على استقلال دولها وسيادتها ووحدة اراضيها في اطار مبادىء اتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس والالتزام بها.
ثالثا: حث الخطى لاقامة الاقتصاد الخليجي الموحد، الذي لا يمكن ان يظل بعيدا عن تأثيرات الاقتصاد العالمي لتمكينه من التعامل مع الكيانات الاقتصادية الكبرى، وذلك من خلال اعادة النظر في الانظمة والقوانين الاسترشادية لتحويلها ـ بعد تقييمها ـ الى انظمة وتشريعات جماعية، وفق قاعدة عامة. وفي اطار زمني محدد.
رابعا: اعطاء الاولوية في المرحلة المقبلة من مسيرة التعاون للقطاعات الاقتصادية، تمشيا مع ما يسمى بالاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والتقنية، وخصوصا قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الالكترونية، حيث يتوقع ان تشكل هذه القطاعات في المستقبل مصدرا مهما من المصادر الرئيسية للنمو الاقتصادي، الامر الذي يحتم سياسات واجراءات من شأنها اعطاء دول مجلس التعاون السبق والميزة النسبية في استقطاب وتوطين هذه الانشطة الاقتصادية والتجارية.
خامسا: تعزيز استقرار اسعار صرف عملات دول مجلس التعاون، وذلك من خلال الاتفاق على مثبت مشترك لعملات دول المجلس، وتنسيق السياسات المالية والاقتصادية والنقدية تمهيدا للوصول الى العملة الموحدة لدول المجلس، وقيام الاتحاد النقدي فيما بينها.
سادسا: النظر في تسريع برنامج قيام الاتحاد الجمركي، وتوحيد التعرفة الجمركية بين دول مجلس التعاون التي تم الاتفاق عليها في القمة العشرين بالرياض، والتعجيل كذلك بقيام السوق الخليجية المشتركة.
سابعا: التنسيق فيما بين دول المجلس لدراسة الالتزامات والتعهدات التي تقدمت بها دول المجلس الى منظمة التجارة العالمية، ضمن الاتفاقات التي تضمنها المنظمة ووضع آلية مناسبة، وجدول زمني مناسب للبدء في تطبيق تلك الالتزامات فيما بين دول المجلس.
ثامنا: دراسة امكانية استحداث آليات فعالة، يناط بها تسوية المنازعات التي تحيلها اليها الدول الاعضاء المعنية فيما يتعلق بتطبيق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول المجلس، والقرارات الصادرة عن المجلس الاعلى في الشؤون الاقتصادية واعطاء دور اكبر لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون.
تاسعا: اعادة النظر في اعتماد اسلوب الاجماع بشان اتخاذ القرارات الاقتصادية، وذلك بعد ان قطعت دول المجلس شوطا كبيرا في مسيرة التعاون المشترك.


«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:04 AM

[frame="1 80"]وفي تصريح صحفي للشيخ جابر الأحمد أمير دولة الكويت، لدى وصوله الى منفذ النويصيب الحدودي بين الكويت والمملكة العربية السعودية، وصف فيه اتفاقية الدفاع المشترك، التي وقعها قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمة المنامة، بانها انجاز تاريخي، وخطوة عملية رائدة في تكاتف وتلاحم بلدان المجلس وشعوبها ضد كل المخاطر والتهديدات التي قد يتعرض لها امنها واستقلالها وسيادتها.
وفي هذا السياق اضاف قائلا: «لقد اثبتت الاحداث، ان التعاون والتماسك بين دولنا وشعوبنا الشقيقة، هما ضمان قوي لامننا واستقرارنا وخاصة في عالم نرى فيه ان لا خيار لنا الا تعزيز التعاون وتقوية روابط الاخاء فيما بيننا والاحداث المتسارعة تفرض علينا ضرورة التباحث والتشاور المستمر لاختيار الاسلوب السليم،والمنهج الصحيح إزاء كل ما يستجد على الساحة الخليجية». كما تعرض امير دولة الكويت في تصريحه الصحفي الى الامور الاقتصادية والاوضاع النفطية في العالم، مؤكدا على ضرورة التنسيق الدائم بين دول المجلس في هذا الشأن، وتبني سياسة موحدة لمواجهة ما يطرأ في السوق العالمية من اتجاهات وتطورات.
سموه كان أكثر قادة الدول العربية حزناً وألماً على المحن التي كانت تصيب الشعب الفلسطيني الأمير أولى القضايا العربية أولوية قصوى بطريقة ليست مرضية لأوروبا وأمريكا
الحلقة التاسعة عشر

لقد كان الشيخ جابر الاحمد ـ دائماً وابداً ـ ذا توجه ديمقراطي في تعامله مع القضايا والاحداث، سواء أكانت داخلية ام خارجية، كما انه شديد النزوع نحو الاخذ بالممارسات الشعبية، وتأكيد دورها في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو ايضاً من المؤمنين اشد الايمان بأن النشاط الحكومي يظل ناقصاً اذا لم يسانده ويؤازره دعم ومشاركة اهلية. وهذا ما جعله ـ باستمرار ـ يدفع مؤسسات المجتمع المدني قدماً الى الامام لكي تساهم كشريك فاعل في بناء كويت المستقبل.
يقول في كلمة له في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1411 هـ الموافق 7 ابريل عام 1991م :«... ان الشورى والمشاركة الشعبية في أمور البلاد كانت من طبيعة الحياة في بلدنا...».
كما يشير فى كلمة اخرى له في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السابع لمجلس الامة الكويتي في 29 اكتوبر عام 1994م الى انه: «.... من خلال تجربتنا الديمقراطية، اشعر، وتشعرون ان تلاحم الطاقات والدراسة الموضوعية للمسائل المطروحة، والحوارات الجادة البعيدة عن المصالح الذاتية والمنافع الشخصية، ووضع مصلحة الكويت فوق اي اعتبار، هو السبيل الاقوم، والمنهج الاسلم، لخدمة الوطن والمواطنين...».
هذه الرؤية الديمقراطية للمشاركة الشعبية، ودورها في بناء الوطن، وضمان سلامة المجتمع لم تقف عند حدود الكويت، بل حملها الشيخ جابر الاحمد في فكره ليطرحها نقية صافية صادقة امام اخوانه قادة دول مجلس التعاون في لقاءاتهم الدورية، خاصة ما جاء في الرسالة التي وجهها اليهم في ديسمبر عام 1994م، والتي اكد فيها ـ بين امور اخرى ـ على ضرورة العمل كي تتلاحم الارادة الشعبية بالجهود الرسمية لدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك قدماً الى الامام، وتحقيق المزيد من المكاسب الوطنية.
مشيراً الى تجارب وحدوية جرت في مناطق اخرى من العالم رغم اختلاف العادات وتباين اللغات. وان تطابق السمات الاجتماعية بين شعوب مجلس التعاون يسهل بدرجة كبيرة تحقيق مثل هذه الطموحات، والامال التي ستعزز الثقة في قلوب ابناء الخليج، وتجعل الايمان بجدوى الوحدة الجزئية من خلال اتحادات ومنظمات محدودة المجال حقيقة واقعة.
وفي الدورة السابعة عشرة للمجلس الاعلى التي عقدت في الدوحة في ديسمبر عام 1996م، كان الشيخ جابر الاحمد في تلك اللحظات يسعى بفكره لان يكمل مجلس التعاون مقوماته بصفته مؤسسة دستورية جماعية، وكان لابد له من ان يتقدم بخطوة عملية في هذا الاتجاه، حين تقدم باقتراح لانشاء مجلس استشاري شعبي يكون رديفاً للمجلس، وهو ـ بلا شك ـ اقتراح حضاري يقوم على دعم الدور الشعبي والمبادرة الشعبية من اجل دفع مسيرة مجلس التعاون خطوات الى الامام، وخلق حالة من التفاعل الرسمي والشعبي لصالح دول المجلس.
ان هذا المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد يدل على قناعته الراسخة بأهمية الدور الشعبي وضرورة افساح المجال له لكي يعمل. كما ان موافقة قادة دول المجلس على هذا الاقتراح الحضاري لمناقشته في دورة قادمة، انما يدل كذلك على اقتناعهم بالدور الذي تلعبه الشعوب من خلال ممثليها، وهذا في حد ذاته يمثل نظرة اهتمام وتقدير حيال شعوبهم.
وجاء البيان الختامي للدورة الثامنة عشرة، التي عقدت في الكويت خلال الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر 1997م، معلناً حرص المجلس على تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرته، متخذاً اول خطوة عملية في هذا الاتجاه، حين قرر انشاء هيئة استشارية من مواطني دول المجلس ذوي الخبرة والكفاءة، تتولى ابداء الرأي والمشورة فيما يحيله المجلس الاعلى اليها من امور.
وهكذا، وجد المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد طريقه الى التنفيذ بصدور النظام الخاص بالهيئة وفقا لاحكامه، عدد الأعضاء بثلاثين عضواً يختارون من مواطني دول المجلس على اساس الخبرة والكفاءة، وبواقع خمسة أعضاء من كل دولة. وان للهيئة ان تختار لها رئيسا لمدة عام من بين ممثلي الدولة التي تتولى رئاسة دورة المجلس، ونائباً للرئيس من بين ممثلي الدولة التي ستتولى رئاسة الدورة التالية للمجلس الاعلى.
وقد تم تشكيل الهيئة في السنة ذاتها التي تولت الكويت فيها رئاسة المجلس، وعقدت اول اجتماع لها برئاسة عبد الله يعقوب بشارة الذي تم اختياره بصفته احد ممثلي الكويت المرشحين لهذه المهمة.
لقد اولى الشيخ جابر الاحمد قضايا الامة العربية اولوية قصوى في فكره السياسي، تشهد لها الساحة العربية، ولقاءات القمم التي عقدت تحت مظلة جامعة الدول العربية. ويتجسد ذلك الفكر بوضوح عند الازمات السياسية التي تعرضت لها الامة العربية، والمحن الكبرى التي مرت بها هذه الامة، كالاعتداء الثلاثي الذي تعرضت له مصر من قبل انجلترا وفرنسا واسرائيل عام 1956م، ونكسة الامة العربية في حربها مع اسرائيل عام 1967م، وحرب تحرير جزء من الارض العربية في اكتوبر عام 1973م.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:05 AM

[frame="1 80"]
وكانت مواقفه على الدوام واضحة، سواء أكان من خلال طرحه السياسي اثناء المداولات في لقاءات القمة ام من خلال مقترحاته لكيفية التصدي للعدوان اينما كان مصدره، حتى باتت سياسة الكويت يوماً، في نظر بعض الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية، سياسة غير مرضية، ولم يسلم هو نفسه من هذه النظرة، والتحليل والتفسير السياسي، حين اتهم بأنه ينحى منحى يسارياً في سياسته الدولية، وكان رده حينها، بقوله: «... اهلاً بذلك اذا كان فيه سعادة لشعبي، وسعادة للامة العربية...».
وكان للقضية الفلسطينية حضور مستمر في فكر الشيخ جابر الاحمد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وكان يرفض دوماً المساومة على قضية الشعب الفلسطيني، وكانت افكاره في هذا الصدد تسبق عباراته وكلماته، وكان اعتزازه بحركة التحرير الفلسطينية اعتزازاً كبيراً، ليس لكونها نبتت على أرض الكويت وفي ظل رعايته فحسب، بل لكونها واحدة من حركات التحرر العالمي الذي كان مولعاً بالدفاع عنها، ايماناً منه بحق الانسان في الحياة وحقه الكامل في استعادة ما سلب منه.
لم يترك الشيخ جابر الاحمد فرصة او مناسبة تمس القضية الفلسطينية الا كان في صدارة قادة الدول العربية في الدفاع عن الحق الفلسطيني، بل نستطيع ان نقول: انه اكثر قادة الدول العربية حزناً والماً على المحن التي كانت تصيب الشعب الفسلطيني في الشتات. لقد كان حزنه بالغاً في ايلول الاسود، وما اصاب الشعب الفسلطيني في مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا.
وكان دوماً متضامناً مع الشعب الفلسطيني في يوم التضامن، حتى باتت مشاركته في هذا اليوم من القضايا السياسية المحورية في فكره الانساني والسياسي. وفيما يلي شيء من تلك المواقف المشرفة مع الشأن الفلسطيني على جميع المستويات، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:
في نوفمبر عام 1979م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني. جاء فيها: «... لقد صمد الشعب الفلسطيني طوال ثلاثين السنة الماضية امام انواع الظلم والجحود كافة في المجتمع الانساني، وظل وحيداً يكافح ويناضل من اجل حقوقه واسترجاع وطنه. فإذا لم ينصف العالم هذا الشعب المظلوم، ويقف بجانبه حتى ينال حقوقه المشروعة، فإن مأساة الشعب الفلسطيني ستظل تعكر اجواء السلام والتفاهم بين الدول، وبخاصة في منطقة حساسة من العالم كالشرق الاوسط...».
وفي نوفمبر عام 1980م، وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة، دعا فيها: «... الى كل محب للسلام، ونصير للحق والعدالة والحرية، وكل ذي ضمير حي نبيل الاحساس من المؤمنين بالقيم والمبادىء الاخلاقية العليا، لان يبذلوا جهوداً جادة في سبيل مساندة قضية هذا الشعب المظلوم، والعمل من اجل التوصل الى حل عادل لقضيته التي ـ وبالتأكيد ـ يشكل عدم حلها خطراً على السلام العالمي...».
وفي نوفمبر عام 1982م اكد الشيخ جابر الاحمد على ان المأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني، اكثر من اربعة عقود مضت، تعد بحق صورة مؤلمة لتنكر المجتمع الانساني للقيم الاساسية التي يجب ان تعم هذا الكون، وتسود العلاقات بين اممه المختلفة.
وقال في الرسالة التي وجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: «... ان قضية هذا الشعب واجهت من الظلم والتعسف والتشويه مالم تواجهه اي قضية اخرى..».
وناشد في رسالته الشعوب المحبة للسلام والعدل كافة، وكل نصير للحق والعدالة والحرية للعمل على تضافر الجهود المخلصة لمساعدة الشعب الفلسطيني من اجل نيل حقوقه الانسانية المشروعة، حتى لا تكون مأساته عنواناً لتجاهل المجتمع الدولي والانساني لابسط الحقوق الانسانية.
وفي نوفمبر من عام 1983م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى المجتمع الدولي، من خلال السكرتير العام للامم المتحدة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، اكد فيها مجدداً تضامن الكويت الكلي مع الشعب الفلسطيني، حين قال: «... ان مأساة هذا الشعب لم يشهد عصرنا الحاضر لها نظيرا، وان الكلمات تعجز عن وصف ابعادها.. هي قضية شعب انتهكت فيها حقوق الانسان والاعراف والقوانين المرعية كافة..».
ويمضي في رسالته قائلاً: «... ان ستة وثلاثين عاماً مرت على القضية الفلسطينية، وهي تستصرخ العدالة، وما من مجيب، ولا يزال العدو جاثماً على صدور الشعب الفلسطيني يلاحقه، ويضع العراقيل تلو الاخرى للحيلولة دون حل القضية، وابقائها معلقة بين السماء والارض...».
ويدعو الامم المتحدة، والمجتمع الدولي للعمل على رفع لواء الحق والعدل والانصاف في ربوع العالم دون تمييز، بدلاً من الاخذ بيد الظالم ومؤازرته على ظلمه، وبذل كل جهد ممكن لاتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني لتحقيق امانيه المشروعة، والعيش بسلام على ارض آبائه واجداده.
ويشدد على مبدأ العدالة، فيقول: «... ويكفي القاء نظرة واحدة على خريطة فلسطين، عند التقسيم، وعلى خطً تعيين الحدود ـ آنذاك ـ لفضح محاولات المعتدي التوسعية، فيظهر للعيان الى اي مدى تمادى في غيه دون ان يردع، عندها يتساءل كل ذي ضمير ماذا اقول لاصحاب البلاد الشرعيين؟.. اين العدالة يا ترى؟...».
وفي نوفمبر عام 1984م، وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني اعلن الشيخ جابر الاحمد ان استمرار المشكلة الفلسطينية دون حل يشكل تحدياً للقوى الكبرى وللشرعية الدولية.
وطالب في رسالة وجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بالعمل من اجل تحقيق حل سريع وعادل لهذه القضية.
واعرب عن امله في ان تتوج بالنجاح الجهود المبذولة لتحقيق آمال وأماني الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والكرامة الانسانية.
وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة في نوفمبر عام 1985م، دعا فيها المجتمع الدولي والدول الكبرى الى مساعدة هذا الشعب من اجل استرداد حقوقه المشروعه على تراب وطنه، مشيراً الى الممارسات غير الانسانية لقوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة التي تتم تحت سمع وبصر الامم المتحدة والمجتمع الدولي.
ويضيف مستعرضاً مأساة الشعب الفلسطيني، فيقول: «... لقد مر نحو اربعين عاماً على النكبة التي حلت به والتي لم يشهد التاريخ المعاصر نظيراً لها، ولا يسع المرء الا ان يتساءل حائراً، لماذا تعثرت قضيته، وبقيت تسير في متاهات، وفي حلقة مفرغة طوال هذه المدة؟.. كيف عجزت الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها؟.. «والى متى يظل المعتدون ماضين في سياستهم التعسفية القمعية القائمة على الامر الواقع؟».
ويمضي في تساؤلاته قائلا: «واين هي حقوق الانسان؟.. هل حقوق الانسان هي فقط في هجرة اليهود من شتى بقاع العالم الى فلسطين؟.. أما اصحاب البلاد الشرعيون.. اولئك الذين اغتصبت ارضهم، وطردوا، وشردوا، وفقدوا حريتهم، وهدرت كرامتهم، فليسوا على البال مطلقا. وفي غضون ذلك يحظى المعتدون ـ على الدوام ـ بالتأييد التام من القوى العظمى، مما يشجعهم على التمادي في غيهم، ويزيد المسألة تعقيدا، بل يقف حجر عثرة في وجه تنفيذ القرارات».
وفي هذه الرسالة يقدم الشيخ جابر الاحمد للاسرة الدولية حلا عمليا لقضية انسانية مزمنة، مر عليها اكثر من اربعة عقود من الزمان، فيقول: «وفي رأينا، ان خير وسيلة للتوصل الى نتائج ملموسة في هذا السبيل. هي عقد مؤتمر دولي تحت رعاية دولية، تشترك فيه جميع الاطراف المعنية بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».
وفي ديسمبر عام 1986م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، اكد فيها ان الوقت قد حان لاتخاذ خطوات عملية وفعالة لحل القضية الفلسطينية. وان تجاهلها يمثل ـ بدون شك ـ عائقا كبيرا لعملية التطور والتنمية في الدول العربية، والمنطقة باسرها.
داعيا في الوقت نفسه الدول الكبرى والتكتلات الدولية بان تقوم بدور اساسي في حل المشكلة، احقاقا للعدل، واحلالا للسلام والامن العالميين. وقد توجه في دعوته هذه الى دول السوق الاوروبية المشتركة على وجه الخصوص، حين قال: «ان باستطاعة السوق الاوروبية المشتركة ان تساهم ايجابيا في حل المشكلة الفلسطينية، حتى يتسنى لهذا الجزء المتفجر من العالم ان يعيش حقبة جديدة في الرفاه والاستقرار، وفي جو تعمه المحبة والرخاء».
ويضيف مستنكرا: «اننا ندين كل سياسة تقف حائلا امام المساعي الهادفة الى حل القضية الفلسطينية، ونجدد تأكيدنا لمناصرة الشعب الفلسطيني في كفاحه لاستعادة حقوقه المشروعة.
ثم يتساءل، الى متى ستبقى القضية الفلسطينية تدور في حلقة مفرغة؟ ألم يحن الوقت لحلها بطريقة عملية وبخطوات فعالة؟

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:05 AM

[frame="1 80"]وفي نوفمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، اكد فيها على اهمية عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط لتحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته العادلة في مواجهة التحديات والممارسات التعسفية التي تهدف الى تصفية القصية، والتي تشكل انتهاكا صارخا لميثاق الامم المتحدة،. والاعلان العالمي لحقوق الانسان.
وفي ديسمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى قادة ورؤساء الدول الاسلامية، من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي، يناشدهم فيها استخدام الوسائل المتاحة كافة للوقوف الى جانب انتفاضة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحداث التعسفية الاسرائيلية في الاراضي المحتلة.
لقد أراد من خلال هذه الرسالة ان يضع العالم الاسلامي امام مسؤولياته التاريخية، حين قال: «وفي تقديرنا، ان العالم اذ يتناول الآن، وفي اعلى مستوياته، وعبر منظماته، قضية حقوق الانسان، فان ما تشهده الآن الاراضي الفلسطينية المحتلة من التعسف الصهيوني ضد هذه الحقوق، ليمثل حالة صارخة من حالات الانتهاك الخطيرة لحقوق الانسان، وان ما يقوم به الاشقاء الفلسطينيون في الاراضي المحتلة ـ هو في الواقع ـ مدعاة لاعتزازنا جميعا، حيث انهم يؤكدون مجددا للعدو الصهيوني، بل وللعالم اجمع، استمرار ثباتهم على موقفهم الرافض للاحتلال، والذي لا يقبل بأقل من الاستعادة الكاملة لجميع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. اننا نرى ان ما يقوم به الاخوة الفلسطينيون يستوجب الدعم والاشادة من قبلنا بحقوقه مهما ضاقت به الحيل، او قلت امامه السبل في وجه الظلم، ومهما امتلك من وسائل البطش والعدوان، وبالتالي، فان الوقوف الى جانب الفلسطينيين في انتفاضتهم الحالية هو دعم لجميع الحقوق المسلوبة للانسان اينما كان».
وبتاريخ 9 يناير عام 1988م اكد الشيخ جابر الاحمد ان يأس اخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة من امتهم العربية وزعاماتها، ومعاناتهم من القهر والاذلال على يد السلطات الاسرائيلية.، هما المحرك الاساسي والدافع وراء انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقطاع غزة المحتلين.
جاء ذلك في رده على سؤال لرئيس مجلس الادارة المدير العام لوكالة الانباء الكويتية، حين أجاب قائلا: «إن اقل ما يمكن عمله الآن، هو ان يقف العرب وقفة جادة موحدة لمساندة هذه الانتفاضة العارمة، فهي فرصة مواتية لكي يثبت العرب للعالم صدق وعودهم باسترجاع حقوقهم السليبة، ويثبتوا لاخوانهم في الاراضي المحتلة، الذين يقدمون التضحيات كل يوم، ويضربون امثلة رائعة من الجهاد والفداء، انهم معهم ـ هذه المرة ـ قلبا وقالبا بالعمل الجاد، لا بالاقوال والتصريحات».
ويمضي مؤكدا: «ان مساندة إخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة مسؤولية تاريخية يتحملها كل عربي مهما كان موقفه ومركزه. وان الشعب الكويتي في طليعة المتجاوبين مع اخوانهم الفلسطينيين، وقد بذل الكويتيون، وما زالوا يبذلون، عن قناعة ورغبة واستعداد متواصل، كل ما يستطيعون لمساندة ابناء فلسطين، ولجعلهم يشعرون انهم معهم فيما يواجهون من تعسف وظلم».
ويضيف قائلا: «كما ان الكويت، التي ساهمت ـ ولا تزال تساهم ـ في دعم القضية الفلسطينية، ومساندة اخواننا «الشعب الفلسطيني» في الاراضي المحتلة بوسائلها الخاصة، تعمل كل ذلك منطلقة من ايمانها الراسخ بان الشباب هم امل المستقبل، وهم الذين سينتزعون حقهم وحريتهم بقوة الايمان والتضحية من المغتصب مهما كان لديه من قوة وجبروت».
وفي كلمة وجهها الشيخ جابر الاحمد للاسرة الدولية، ومن خلال السكرتير العام للامم المتحدة في نوفمبر عام 1988م بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني اشار فيها، بين امور اخرى، انه: «منذ اربعين سنة ونحن نتكلم ونخطب ونتوعد، ونفرح شعوبنا باننا سنعيد هذه الارض عربية مرة اخرى، وانا باعتقادي. ان لم نبالغ، انه لا يقل عن تسعين بالمائة من مأساة فلسطين هو كثرة الكلام الذي نطلق ـ نحن ـ كمسؤولين في هذه الامة، لو كنا عملنا بجد وثابرنا وصدقنا في وعودنا لتحررت فلسطين منذ زمن».
ويحدثنا بدر النصرالله ضمن ذكرياته حول هذه العلاقة، فيقول: لا ينكر احد موقف الشيخ جابر الاحمد القوي، وتعاطفه واحتضانه للقضية الفلسطينية، فكثيرا ما كان يستضيف القيادات الفلسطينية ويتحاور معهم في الشأن الفلسطيني، كانوا يحبونه ويستمعون اليه، لانه لم يكن يتردد لحظة واحدة في تلبية طلباتهم واحتياجاتهم، حتى بعد العدوان والاحتلال العراقي للكويت ظل موقفه ثابتا في دعم القضية الفلسطينية».
مما سبق من فقرات حول القضية يتضح لنا كم كان الشيخ جابر الاحمد مناصرا لقضية الشعب الفلسطيني، وكم كانت هذه القضية تحظى بالاولوية القصوى في فكره السياسي. لم يكن يترك فرصة او مناسبة قومية ام دولية إلا يستغلها في الدعوة لمناصرة الشعب الفلسطيني، وبخاصة في السنوات التي ترأس فيها منظمة المؤتمر الاسلامي، حيث مكّنه ذلك الموقع من مخاطبة دول العالم، رئاسة وشعوبا، باسم ملايين المسلمين في ارجاء الدنيا للوقوف الى جانب الحق الفلسطيني، وايجاد حل عادل ومشرف لقضيتهم، بحيث تتاح لهم العودة الى وطنهم وديارهم وممتلكاتهم.
هذا الفكر السياسي للشيخ جابر الاحمد لا يزال هو نهج الكويت وسياستها في التعامل مع القضية الفلسطينية، رغم تواطؤ القيادة الفلسطينية ومؤازرتها ومساندتها للنظام العراقي في عدوانه واحتلاله لدولة الكويت.. لقد ظل ذلك الفكر ـ على الرغم من كل ما حدث ـ نقيا صافيا، وظلت تلك السياسة محتفظة بمصداقيتها، وستظل كذلك الى ان يقيم الشعب الفلسطيني دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:06 AM

[frame="1 80"]أضواء على دور الكويت وجهود سموه في تحقيق العمل العربي المشترك الأمير كان ولا يزال حريصاً على وحدة الكلمة العربية والتضامن العربي
كان الشيخ جابر الاحمد ـ ولا يزال ـ حريصاً كل الحرص على وحدة كلمة العرب، وتضامن شعوبها، وعلى العمل العربي المشترك، ففي عام 1979م، جاءت مبادرته من اجل التوفيق بين شطري اليمن في سبيل اعادة وحدة البلد. فقد اختتم بقصر السلام في الكويت في 30 مارس من ذلك العام لقاء الرئيسين اليمنيين بحضوره. وصدر بيان مشترك تضمن خمس نقاط يحدد خطوات تحقيق الوحدة بين شطري اليمن، وبرنامجاً تنفيذياً زمنياً لترجمة ذلك البيان. ومما قاله في تلك الجلسات التوفيقية: «... نحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على توفيقه وهدايته. لقد هيأ لقاؤكم الاخوي في الكويت الفرصة لتبادل الرأي، والتباحث بصراحة وامانة ومسؤولية تامة. وانني لنقدر تمام التقدير هذه الروح الاخوية التي ابداها كل من سيادة الاخ المقدم علي عبد الله صالح، وسيادة الاخ عبد الفتاح اسماعيل، والاخوة اعضاء الوفدين..».
ثم يستطرد معبراً عما يدور في فكره، فيقول: «... ومنذ اللحظة الاولى شعرت بأن كل جانب يضع حقاً مصلحة اليمن والشعب اليمني في شطري البلاد فوق كل اعتبارات، وانهما اتيا الى بلدهما الكويت بدافع من الرغبة الاكيدة في التوصل الى التفاهم والتعاون، وتحقيق آمال وتطلعات اليمن الشقيق...».
ويمضي قائلاً: «... ان الاختلاف في وجهات النظر بين الاشقاء امر طبيعي لكن هذا الاختلاف لم يكن بهدف الاختلاف ذاته، وانما من اجل البحث عن انسب وافضل السبل للتوصل الى الهدف المنشود، والغاية الكبرى، وهي ان تصبح الوحدة بين الشطرين حقيقة واقعة..».
ويضيف مؤكداً: «.... ان اتفاقكم ـ هنا ـ على العمل معاً من اجل هذا الهدف المرجو، وتنقية الاجواء والعودة الى اسلوب الحوار المنطقي السليم، سيكون له الاثر البالغ على جميع اخوتكم العرب في كل مكان. فلقد ظلوا ينتظرون منكم مثل هذا القرار، وها أنتم تحققون توقعاتهم، وتضربون مثلاً رائعاً في تغليب المصلحة الوطنية التي كنتم دائماً تعملون من اجلها..».
كما كان الشيخ جابر الاحمد حريصاً كل الحرص على حضور اجتماعات القمم العربية. وكان له دور فاعل ومؤثر في ايجاد الحلول المناسبة للقضايا العربية المثارة على جدول اعمال هذه القمم. وان دوره في تصفية وتنقية الاجواء العربية ـ وخاصة بين دولة واخرى ـ كان موضع اعتزاز الدوائر العربية الراصدة للقاء الرؤساء في مؤتمراتهم. ولم يكن الشيخ جابر الاحمد يتردد او يتوانى في تقديم كامل الدعم المادي والمعنوي من اجل مصالحة عربية اينما كانت.. وفيما يلي شيء من مواقفه حيال القضايا العربية والعمل العربي المشترك:
¼ في مؤتمر القمة العربي الحادي عشر، والذي عقد في المملكة الاردنية الهاشمية في نوفمبر عام 1980م، كان للشيخ جابر الاحمد كلمة في الجلسة الختامية نيابة عن الملوك والرؤساء، اكد فيها على ضرورة تخطي المصاعب التي تواجه الامة العربية، والحرص على تحقيق آمال وتطلعات الشعب العربي نحو المستقبل.
ومما قاله في هذه الكلمة: «.... ان الانجاز الكبير لهذا المؤتمر له دلائله العظمى لدى شعبنا العربي في كل ركن من اركان وطننا الكبير. انه انجاز عملي وتاريخي، رغم الصعوبات والمشكلات التي تمر بها امتنا في ميدان العمل العربي المشترك، ومن خلال التيارات الاقليمية والدولية المتضاربة المتشابكة.
انه تأكيد على تصميم الامة، الذي لا يتزعزع، على تخطي المصاعب، وحرص على تحقيق آمالنا وتطلعاتنا الى مستقبل اكثر اشراقاً، واعلى مكانة، واوفر عزة..».
¼ وفي سبتمبر عام 1982م، وعند عودته من مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الذي عقد في فاس بالمملكة المغربية، ادلى الشيخ جابر الاحمد بتصريح صحفي اشار فيه الى العديد من الامور ذات الاهمية القصوى لقضايا الامة العربية المصيرية، منوهاً بأن المناقشات التي دارت خلال الجلسات العامة، والمداولات الجانبية، واللقاءات الثنائية التي اتسمت بالصراحة، ساعدت على الوصول الى القرارات المناسبة، مؤكداً بأن المؤتمر الذي ينعقد على هذا المستوى الرفيع، ويجد هذه الاستجابة الواسعة، ستكون اعماله منطلقاً الى لقاءات اخرى تعمل بنفس الروح والشعور بالمسؤولية التي سادت اعمال هذا اللقاء.
وفي كلمة امام المؤتمر السادس عشر لاتحاد المحامين العرب، المنعقد في الكويت في ابريل عام 1987م، اكد الشيخ جابر الاحمد: «... انني اؤمن ان المحامين العرب يحملون نصيباً كبيراً في بناء الفكر العربي، وتأييده في استقامته، وتصحيح مساره اذا انحرف، وتوضيحه اذا اختلطت مسالكه، والدفاع عن قضايا العروبة العادلة، وسلاحكم، في هذا، الكلمة الشريفة والمساهمة الايجابية.
ان الحروب والخلافات التي التهب بها عالمنا العربي والاسلامي، كانت افكاراً في الاذهان قبل ان تترجمها السياسات والاندفاعات الى حروب في ميادين القتال...».
ويضيف قائلاً: «... انه ليسعدني ان ارى بينكم اليوم ممثلين لكثير من المنظمات التي تمثل الرأي العام العالمي، والمعنيين فيه بحقوق الانسان وكرامته، وقد ارتفعوا فوق فروق الجنس واللغة والموطن الى الافق الذي يرون فيه الانسان انساناً، فلهم جميعاً ولمنظاماتهم التحية..».
ويمضي مخاطباً هؤلاء المعنيين بالشأن الانساني، فيقول: «... كما اوجه اليهم القول بأن قضايا العروبة تلقى اكثر من حروب في اكثر من جبهة عالمية. وان حقوق العرب تلقى الكثير من الاهدار، وان صورتهم تتعرض لكثير من التشويه المتعمد. ومن ابرز مظاهره ذلك الالحاح الاعلامي والسياسي المخطط في بعض الدوائر على الربط بين العروبة والارهاب، دون اي تفرقة بين الحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن ـ وهو ما تؤيده القوانين الدولية ـ والعدوان على البريء، وهو ما ندينه، وتستنكره الشرائع والقوانين العادلة..».
ويستطرد متطلعاً نحو المستقبل، فيقول: «... وانني اتطلع الى مزيد من توثيق الصلات بين منظمة المؤتمر الاسلامي واتحاد المحامين العرب، وسائر المنظمات والهيئات التي تعمل من اجل حقوق الانسان وتقدمه، وتعتني به في مراحل السنين المتتابعة، طفولة وشباباً وشيخوخة، وترعى رجاله ونساءه، فهي جميعاً روافد تمد الحق والعدل بفيض متجدد من القوة التي تعين على تحقيق السلام...».
وينتهي من حديثه ناصحاً وموجهاً، فيقول: «.. ان اولى الناس بالحق من عاشوا للحق وقضوا به، فلنتعاون جميعاً على كفالة استقلال القضاء والمحاماة. فهما جناحا الحق يلحقان به في افق العدل، ويؤويانه الى صرحه الآمن. وليكن عليهم من انفسهم من ينبغي عن هذا الصرح من لا يرقى الى هذا المقام الكريم..».
¼ وعلى اثر عودة الشيخ جابر الاحمد من مؤتمر القمة العربي الطارىء، الذي عقد في المملكة الاردنية الهاشمية في نوفمبر عام 1987م، ادلى بتصريح صحفي اكد فيه: «... ان الظروف التي تجتاح امتنا العربية، حيث تتعرض لمختلف التهديدات التي تمس كيانها كأمة ذات رسالة انسانية خيرة، وكوجود عربي وحضارة عربية.. في ظروف كهذه جاءت القمة العربية غير العادية في عمان لتترجم احساس الفرد العربي بأن امته التي تواجه التحديات، منذ سنين، آن لها الاوان ان تقف موحدة في الرأي والهدف والعمل، وانها بدون هذا الموقف الجوهري ستفقد قدرتها على المخاطر المحدقة بها..».
مستشرفاً المستقبل حين يمضي في تأكيده، فيقول: «... ان العرب اليوم يواجهون مسؤولياتهم تجاه اجيال الحاضر والمستقبل، ولابد من ان يكونوا على هذا المستوى الرفيع من المسؤولية، والامة العربية بكل تأكيد تستطيع ان تثبت للعالم اجمع انها قادرة على مواجهة مختلف العواصف بعزم وقوة وايمان...».
¼ وفي كلمة له امام الدورة السادسة لمجلس وزراء العدل العرب، الذي عقد في الكويت خلال شهر ابريل عام 1988م، تناول فيها قضايا عربية واسلامية ساخنة، وقد تصدرتها القضية الفلسطينية والحرب العراقية الايرانية والحرب الدائرة في افغانستان، وهي جميعاً احداث جسام، ونزيف مستمر للارواح والاموال، كان الاولى بها ان تكون مدداً للعمران، واسترداد الارض المسلوبة.
وقد اكد الشيخ جابر الاحمد في هذه الكلمة: «... انه اذا ما قرأنا التاريخ والواقع العربي والاسلامي، وجدنا ان الحروب بين ابنائه لم تستطع ان تحل اي مشكلة فيه حلاً جذرياً، ولا تعدو هذه الحروب، وقد فرضها بعضنا على بعض، ان تكون صداماً استنزافياً بين اخوة تجمعهم اصول العقيدة، وتفرقهم تصوراتها..».
ويمضي في هذا الاتجاه، فيقول: «.. وليس امامنا الا ان نجعل الاخاء لنا شعاراً ونوراً، وان نتعامل في مسيرة التقدم، وان يعيش كل قطر في اطار وحدته الوطنية، يمارس استقلاله وحرية ارادته في اختيار نظام حياته دون عدوان منه، او عدوان عليه..».
موجهاً حديثه للمجتمعين قائلاً: «... اما عما نذرتم انفسكم له في امر القضاء، فإني احيي ما تبذلونه من جهود في تأكيد وحدة القضاء العربي، واتصوره صرحاً كبيراً له سماته العامة، ولكل جناح فيه خصائصه الاقليمية النابعة من تراثه، دون ان تذهب هذه الخصائص بوحدة الصرح وسماته، وانتم عليه حفظة والى بنائه تضيفون..».
يتضح من هذه المواقف القومية كم كان الشيخ جابر الاحمد حريصاً وغيوراً على قضايا امته العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فلم تطأ قدمه يوماً سوق المزايدات العربية، او المتاجرة بالشعارات او السعي من اجل كسب سياسي، او تحقيق مصلحة خاصة، فقد كانت خطواته واضحة لا لبس فيها، ومشاعره نقية صافية، وافكاره وطروحاته تصب جميعها في قنوات الاهداف العربية العليا، ومبادىء التعاون والعمل العربي المشترك، الامر الذي اكسبه احتراماً وتقديراً خاصاً بين اقرانه ملوك ورؤساء الدول العربية، مثلما حظي بنظرة اعجاب وثناء بين الاوساط الشعبية العربية، ومؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي. وما سعيه الى انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عام 1961م. الا دليل قاطع على حرصه على المشاركة والمساهمة الفاعلة في عمليات التنمية الاقتصادية في العالم العربي.
هذه الجهود والمساعي القومية، والمواقف العربية الناصعة الصادقة، كانت دوماً موضع التقدير والثناء الشعبي والرسمي في العالم العربي توجت باختيار الشيخ جابر الاحمد شخصية عربية متميزة، وذلك في الاستفتاء الذي اجراه المركز العربي للاعلام وبحوث الرأي العام في ديسمبر عام 1989م، بمشاركة عشرات آلاف مواطن عربي من الدول العربية والمهاجرين العرب في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا واستراليا واليابان. كما نال في يونيو عام 1990م وسام الرأي العام العربي اثر استفتاء عالمي شمل عشر زعامات عالمية ادت ادواراً متميزة على المستوى العالمي والاسلامي والعربي.


«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:06 AM

[frame="1 80"]الأسرة الاسلامية

ان فكرة عقد لقاءات اسلامية على اعلى المستويات لم تكن فكرة جديدة، وانما طرحت على ساحة العمل العربي والاسلامي مند امد بعيد، ولان الظروف لم تسمح في الماضي باخراجها الى حيز الوجود، فقد بادرت المنظمات الاسلامية والشخصيات المعنية بالعمل العربي والاسلامي. ورجال الفكر من قادة الاسلام الى الدعوة لعقد مؤتمرات، وانشاء تنظيمات اسلامية اقليمية دولية تمارس فعالياتها على صعيد التحرك لاقامة تعاون بين الشعوب والاقطار الاسلامية، خدمة ودفاعاً عن المصالح المشتركة التي تربط بين هذه الشعوب والاقطار في ظل الاسلام الذي يدعو المؤمنين الى الاعتصام بحبل الله جميعاً، واجتناب التفرقة والتباعد.
ولا شك في ان التلاحم بين المسلمين شعوباً ودولاً، انما يكون مردوده خيراً يعم ديار الاسلام، ويخدم التقدم الانساني، ويحقق رسالة الدين الحنيف في هداية البشرية وصلاحها، وكان الشيخ جابر الاحمد من بين اهم الشخصيات التي نادت ودعت الى تنظيم مؤتمرات قمة اسلامية تبحث حال المسلمين في كل مكان.
وهكذا، تبلور الوجود الاسلامي على الساحة الدولية بصفته تنظيماً اقليمياً يتمتع بالشخصية القانونية الدولية، ويضم 55 دولة مسلمة عدد سكانها من المسلمين اكثر من مليار ومائتي مليون نسمة، لتبدأ اولى خطوات مسيرة منظمة المؤتمر الاسلامي الذي كان الشيخ جابر الاحمد احد النشطاء والفاعلين في اخراجها الى حيز التطبيق عام 1969م.
وفي هذا الصدد يقول عبد اللطيف البحر: «... منذ البداية، ومنذ نشأة فكرة انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي بصفتها رد فعل على حريق المسجد الاقصى في اغسطس عام 1969م، وسمو الشيخ جابر الاحمد يؤمن وبوعي وادراك بالدور البناء لمنظمة المؤتمر الاسلامي في خلق تصور مشترك تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العالم الاسلامي، ويسعى الى مواجهة تلك القضايا من خلال المبادىء السامية التي تعمل المنظمة بهديها، والمستمدة في جوهرها من عقيدتنا الاسلامية السمحاء..».
لم تكن مشاركة الشيخ جابر الاحمد لاولئك الزعماء في العالم الاسلامي في الرأي بضرورة ايجاد تنظيم دولي يجمع الدول الاسلامية وشعوبها من اجل التنمية والتقدم وخدمة قضايا الامة الاسلامية هو الدافع الوحيد لتلك المشاركة والدعوة الى قيام هذا التنظيم الدولي، وانما ادراكه المبكر ـ بحسه السياسي ـ ان العالم مقبل على تحولات كبيرة لا يستطيع المرء ان يتكهن مداها ومخاطرها. وان الدول الصغيرة والكيانات الضعيفة في دول العالم الثالث لن تستطيع بمفردها ان تواجه صدمات وتداعيات تلك التحولات الرهيبة.
وإن الواقع يلح عليها، وخاصة الدول التي يجمعها مصير مشترك ان تلتحم في كيانات اوسع واشمل تستطيع ان تمثل حالة من القوة تمكنها من العيش بسلام ضمن تلك التحولات المرتقبة، وما سيصاحبها من معطيات جيوسياسية واستقطابات دولية واقليمية.
من هنا كان قيام منظمة المؤتمر الاسلامي ضرورة ملحة في المنظومة الفكرية للشيخ جابر الاحمد الذي سخر لقيامها واستمرارية وجودها كل جهوده وامكانيات بلده كتنظيم دولي فعال ضمن التكتلات والتنظيمات الدولية المعترف بها من قبل الامم المتحدة والاسرة الدولية.

محكمة العدل الإسلامية

في خطاب ألقاه الشيخ جابر الاحمد بتاريخ 8 نوفمبر عام 1980م بمناسبة بداية القرن الخامس عشر الهجري، اشار فيه الى ضرورة ايجاد محكمة عدل اسلامية تكون حكما وقاضيا ومصلحا، لعلها تساهم في وقف الصراعات الدائرة بين الدول الاسلامية.
وفي القمة الثالثة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، التي عقدت في مكة المكرمة ومدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 25 ـ 28 يناير عام 1981م تقدم الشيخ جابر الاحمد بمقترح يدعو الى انشاء محكمة عدل اسلامية ونظرا لاهمية المقترح وحيويته بالنسبة للعالم الاسلامي، فقد استقطع جزءا كبيرا من مناقشات ومداولات القمة.
وفي نهاية اعمال القمة صدر بيان عرف باسم بيان مكة تناول جملة من القرارات، من بينها: قرار بتبني المشروع الكويتي بانشاء محكمة عدل اسلامية لفض المنازعات بين الدول الاسلامية وايجاد الحلول المناسبة في حال نشوبها.
وها هو عبداللطيف البحر يعود بالذاكرة الى الوراء ليحدثنا حول هذا الموضوع، قائلا: «يذكر لسموه انه صاحب فكرة مشروع اقامة محكمة العدل الاسلامية الدولية. وقد تقدم باقتراحه الى مؤتمر القمة الاسلامي الثالث في مكة والطائف، بعد ان اعلن في خطابه، الذي وجهه الى المسلمين كافة بمناسبة حلول القرن الخامس عشر الهجري، عن امنية بأن يرى في القرن الجديد محكمة عدل اسلامية نرتضيها بيننا حكما ومصلحا وهي اول تجربة في التاريخ الاسلامي، كما انها ستكون اول محكمة عقائدية، تقوم على تطبيق الشريعة الاسلامية.
وعند عودة الشيخ جابر الاحمد من القمة الاسلامية في 2 فبراير عام 1981م ادلى بحديث صحفي الى وكالة الانباء الكويتية، اشار فيه الى: «أن مؤتمر القمة الاسلامي الثالث يعتبر منعطفا تاريخيا مهما بالنسبة للشعوب الاسلامية جمعاء، وذلك لانعقاده في مطلع القرن الخامس عشر الهجري، الذي يتطلع اليه المسلمون قاطبة بقلوب ملؤها الامل والرجاء ان يكون عهدا مليئا بالخير والعمل الجاد، والتعاون والترابط بين المسلمين في بقاع الارض المختلفة، حيث تحدوهم الرغبة الاكيدة في ان يحققوا للاسلام امجادا، كما حققها المسلمون الاوائل الذين ضحوا بانفسهم واموالهم وارواحهم من أجل دين الله ورسالة التوحيد، وان تكون الامة الاسلامية قوية مهيبة الجانب».
وفي ردود فعل اسلامية حيال مشروع الكويت، اجمع سفراء سبع دول اسلامية في الكويت على تأييدهم الكامل لدعوة الشيخ جابر الاحمد بانشاء محكمة عدل اسلامية، تقوم بحل النزاعات والخلافات بين دول العالم الاسلامي فقد اكد سفير الاردن في الكويت «صالح الشرع» ان الفكرة ممتازة للغاية، ويجب ان تتبناها جميع الدول الاسلامية، وتقوم بدراستها دراسة شاملة لتكون ملزمة للجميع، وهذا هو اهم شيء لانجاح هذه الفكرة.
وأضاف قائلا: اننا كدول عربية علينا البدء بتبني هذا الاقتراح، وبحثه في مؤتمر القمة العربي المقبل، بحيث يطبق بين الدول العربية، ثم يعمم على الدول الاسلامية.
سفير لبنان «فيصل سلطان» فقد قال: انها فكرة جيدة ومفيدة وجاءت في الوقت المناسب، واضاف ان اهم ما يضمن نجاح محكمة العدل الاسلامية في مهمتها هو ان يلتزم بها الجميع دون استثناء، وتكون لها خصائص السلطة القضائية نفسها واضاف سفير السودان «علي احمد سحلول» : ان محكمة العدل الاسلامية حلم يراودنا ونأمل ان يتحقق لكن تجربتنا مع مثل هذا النوع من المحاكم يجعلنا نرى ضرورة توفير كل مقومات النجاح له قبل الشروع في تنفيذه. فاذا كانت قرارات المحكمة ملزمة لكل الدول الاسلامية، فان نجاحها في مهمتها سيكون له مردود كبير في حل جميع الاشكالات والازمات والنزاعات الاسلامية. ونحن نامل ان يتم ذلك، وان ترى محكمة العدل الاسلامية النور قريبا. وهذا ما ذهب اليه سفير موريتانيا «الرابط ولد اسلم»، حين قال: انها دعوة جيدة للغاية، ونحن نؤيدها لانها عنصر جوهري لتصفية جميع المشاكل الاسلامية، وان هناك كثيرا من القضايا المعلقة بين العديد من دول العالم الاسلامي يقتضي ايجاد حل عادل وسريع لها حتى لا تتفاقم.
اما سفراء باكستان «مهدي سعود»، وبنغلادش «محمد عبدالبارك» واندونيسيا «رودان سايوغو» فقد اجمعوا: على ان اقتراح انشاء محكمة عدل اسلامية فكرة جيدة للغاية، ونحن نباركها باعتبارها اسلوبا عمليا لايجاد حل للعديد من مشكلات العالم الاسلامي. واضافوا: ان هذه الدعوة ستلقى كل تأييد وترحيب من الدول الاسلامية المختلفة وان الفكرة ممتازة لتحقيق السلام، وحل الاشكالات بين دول العالم الاسلامي ويمكن بحث هذا الموضوع في مؤتمر القمة الاسلامي المقبل.


«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:07 AM

[frame="1 80"]
قاموس القرآن وأطلس الخدمات وتعاون الشباب ومشروع الطب هدية الكويت للأمة خلال ترؤس سموه للقمة الاسلامية الأمير: التاريخ والتجارب علمتنا أن الشعوب الاسلامية لا تتقدم بمعزل عن أشقائها وعالمها
الحلقة الواحد والعشرون

عقدت الدورة الخامسة لمؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الاسلامي في الكويت خلال الفترة من 22 ـ 29 يناير عام 1987م، لتناقش مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والتنظيمية والثقافية والاجتماعية والامنية التي تهم دول العالم الاسلامي، وفي جلسة مغلقة ناقشت القمة البرقيات والرسائل التي وجهت اليها من حكومات الاتحاد السوفييتي والصين والمانيا وامريكا، وقد عبر رئيس القمة الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت عن تقديره وشكره لحكومات تلك الدول.
وكانت موسكو قد ابلغت القمة الاسلامية انها لا تنوي ابقاء قواتها في افغانستان مدة طويلة، في الوقت الذي اعرب فيه رئيس الوزراء الصيني في برقيته عن امله في ان تبذل مساع جديدة لتعزيز وحدة الدول والشعوب المسلمة من اجل الوصول الى تسوية عادلة، ومنطقية لمشكلات الشرق الاوسط، ونهاية مبكرة للحرب بين العراق وايران.
واكد الشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة بعد اعلان البيان الختامي للمؤتمر عن مدى ما اتسمت به المداولات من شمولية، وما تميزت به من جدية واخلاص في تناول الموضوعات كافة، بدءا من القضية الفلسطينية ومرورا بالوضع الاقتصادي في افريقيا، والارهاب الدولي، ومشكلة اللاجئين في جميع انحاء العالم، واوضاع المسلمين في البلدان غير الاسلامية، ومشكلة القرن الافريقي، والخلاف الليبي التشادي.
وكان الشيخ جابر الاحمد رئيس القمة قد ألقى خطابا في الجلسة الافتتاحية شاكرا فيه قادة العالم الاسلامي على قرارهم الجماعي بانتخابه رئيسا للدورة، منوها بجهود اخوانه الذين حملوا مسؤولية رئاسة الدورات السابقة في سنوات ازدحمت بالاحداث، ومرحبا بعودة جمهورية مصر العربية لاحتلال مقعدها في المنظمة من جديد.
واشار في خطابه: «.... بان التاريخ والتجارب اثبتا ان اي شعب من الشعوب الاسلامية لا يستطيع ان يتقدم بكل قدراته في معزل عن اشقائه، وعن مسار التقدم العالمي، وان تقدم المسلمين مرتبط بتعاونهم وتعايشهم في ظل السماحة والاخاء»...
ثم يمضي مؤكدا: «... ان تمهيد الطريق امام التعاون الاسلامي يقتضي التغلب على العقبات التي تعوق مسيرته، وابرزها الحروب بين الدول المتجاورة والصراعات الداخلية في الدولة الواحدة، وتأتي الحرب العراقية الايرانية في مقدمة هذه العقبات، فأطراف النزاع اخوة ابوهم واحد هو الاسلام، والقتلى والشهداء كلهم ابناؤه، والانفاق من خزائنه، والتخريب فوق ارضه، فربنا الرحمن ينادينا (انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)...»..
ويختتم كلمته بالدعوة: «... من اجل عقيدة سمحاء هي من الله نور وهدى، ومن اجل تراث عزيز تركه لنا الآباء، وعلينا ان نحفظه، ونرعاه، ونضيف اليه، ومن اجل حاضر علينا ان نحسن الافادة من امكاناته، ومن اجل اجيال جديدة لها علينا الحقوق، ونود ان نورثها الاخاء والتماسك ليشهد بعضها بعضا، ومن اجل كرامة الانسان ولكل انسان كرامته وامله في عالم افضل، من اجل هذا كله، علينا ان نسعى الى السلام، ونتعاون على بناء غد مشرق للعالم الاسلامي»....
كما وجه كلمة الى الشعب الكويتي، بمناسبة انتهاء القمة الاسلامية الخامسة التي استضافتها الكويت، دعا فيها الى الحرص على الوحدة الوطنية، ونبه الى ان المجتمع الراشد هو الذي يقيم ميزان العقل في الغضب والرضا، والا يترك مجرما دون عقاب، ولا يأخذ بريئا بذنب غيره.
مؤكدا بان نجاح المؤتمر هو نجاح للشعب الكويتي، شاكرا للجميع، ومعلنا: كم كان بوده ان يصافح ابناء شعبه فردا فردا، وان يشد على ايديهم التي رفعت اسم الكويت عاليا.
ويمضي في هذا الاتجاه فيعلن للشعب الكويتي، بان منظمة المؤتمر الاسلامي ضمير العالم الاسلامي، وانتم مسؤولون عن هذا الضمير، وناطقون باسمه في السنوات الثلاث المقبلة، فالطريق امامنا طويل والعقبات كثيرة، والمشكلات كبيرة، وليس لها حلول عند اطراف الاصابع.
مؤكدا ان المؤتمر كان صورة كريمة للنمو الرأسي الذي ارتفعت به قامة الشعب الكويتي والدول لا تقاس فقط بعدد سكانها ومساحة ارضها، ولكن بقدرة شعوبها على الانجاز، وان علينا ان نصون قدرتنا على الانجاز بمزيد من العلم والتماسك ولين الجانب.
وهنا يأتي تعليق عبد اللطيف البحر على قرار المؤتمر حول اعتماد فكرة محكمة العدل الاسلامية، فيقول: «... وباتت الحاجة ملحة لتبني القمة الاسلامية دعوة الشيخ جابر الاحمد، الى اقامة محكمة العدل الاسلامية، ولقد تمت الموافقة في مؤتمر القمة الاسلامي الخامسة في دولة الكويت على مشروع النظام الاساسي لمحكمة العدل الاسلامية الدولية، التي ستعمل على حل المنازعات بين الدول الاسلامية التي تلجأ اليها طوعا، كما قررت القمة نفسها تعديل المادة الثالثة من ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي، لتضاف المحكمة الى الاجهزة الرئيسية الثلاثة في المنظمة، فتصبح الجهاز الرابع الرئيسي، ويكون مقرها دولة الكويت»...

التداعيات الايجابية
لنجاح قمة الكويت الاسلامية

اشاد قادة الدول الاسلامية بنجاح قمة الكويت، واكدوا ان نجاح القمة الاسلامية الخامسة يعتبر نجاحا لدولة الكويت التي استضافت القمة، ونجحت في تنظيمها، والتي حضرها اكبر تجمع من قادة الدول الاسلامية لاول مرة.
من جانب آخر، أيد الاتحاد السوفييتي النتائج التي انتهت اليها القمة الاسلامية، واصفا قراراتها بانها تمثل اسهاما كبيرا في قضية توطيد السلام والامن في العالم، والتسوية السياسية العادلة لاوضاع النزاعات الاقليمية.
وقالت وكالة «تاس» الرسمية في تعليق لها بتاريخ 30 يناير عام 1987م حول نتائج القمة: ان موقف بلدان منظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد السوفييتي من مسألة ضرورة ايقاف الحرب العراقية ـ الايرانية، وتسوية النزاع بالطرق السياسية، جاءت متطابقة.
مشيدة بقرار القمة فيما يخص القضية الفلسطينية، وعقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط بمشاركة جميع الاطراف المعنية، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، كما قدرت نداءات مؤتمر القمة الاسلامي الداعية الى تحريم السلاح النووي، وايقاف التجارب النووية، وتحريم عسكرة الفضاء.
وفي باريس اشادت اربع صحف فرنسية بجهود الشيخ جابر الاحمد التي كان لها الاثر الفعال في انجاح القمة الاسلامية الخامسة، وقالت صحيفة «ليزكو» الاقتصادية: ان الدبلوماسية الكويتية التي يرسمها سمو امير دولة الكويت حققت نجاحات باهرة، تمثلت في عقد القمة الاسلامية بحضور غالبية الدول الاسلامية، واضافت: ان الكويت نجحت تماما في الاعداد الجيد لهذه القمة الاسلامية التي شاركت فيها 44 دولة من اصل 46 دولة.
كما اشارت صحيفة «ليبراسيون» الى عقد القمة على الارض الكويتية، وما حققه من انجازات، هو نجاح للحكومة الكويتية وشعبها، واضافت: «... ان من الانجازات التي حققتها الكويت في هذا المؤتمر مواجهة المشكلة التشادية التي تهم العالم الاسلامي، حيث تضمن البيان الختامي للقمة بندا من شأنه ان يضع الخطوط العريضة لحل هذه المشكلة.
وقالت صحيفة «لوماتان» الاشتراكية: ان سمو امير دولة الكويت والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد لعبا دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية، وانهما نجحا في تحقيق ذلك، واضافت: ان من الانجازات التي حققتها القمة الاسلامية تقريب مصر الى الدول العربية.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:07 AM

[frame="1 80"]
اما صحيفة «لوكوتيد ان دي باري». فقد اشارت الى ان الحكومة الكويتية نجحت في عقد القمة بالرغم من الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، كما انها وفرت الاجواء اللازمة لانجاحها، واضافت: ان الكويت والدول العربية الخليجية حققت انجازات مهمة في هذا المؤتمر الذي ناقش المشكلات التي تهم العالم الاسلامي، وخرجت بقرارات تساعد على وحدة وتضامن العالم الاسلامي.
ومن ناحيته، اشار شريف الدين بيرزاده الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي، قبيل مغادرته مطارالكويت الدولي متوجها الى جدة، الى ان النجاح الكبير الذي حققته القمة الاسلامية يعود للجهود المخلصة التي بذلها سمو امير دولة الكويت، والترتيبات المهمة، والتنسيق الجيد الذي قامت به حكومة الكويت لانجاح هذا المؤتمر.
وقال: «ان مشاركة زعماء الدولة الاعضاء في القمة الاسلامية الخامسة كانت عالية جداً، وان الانجازات والنجاحات التي حققها المؤتمر كانت في مستوى الطموحات، حيث جرت مناقشة جميع القضايا في جو ودي واخوي، وتم اتخاذ قرارات بناءة، معرباً عن الامل في ان يتم تنفيذ جميع القرارات والتوصيات التي اتخذها المؤتمر، واصفاً دولة الكويت بأنها دولة مثالية، وعلى الدول الاخرى ان تتخذ من الكويت مثلاً يحتذى به».

جهود الشيخ جابر الأحمد خلال ترأسه لمنظمة المؤتمر الاسلامي

لقد كانت جهود الشيخ جابر الاحمد، خلال ترأسه لمنظمة المؤتمر الاسلامي في دورته الخامسة التي عقدت في الكويت عام 1987م، عديدة ومتشعبة على المستوى الاقليمي والدولي، ارسى خلالها علاقات عمل جيدة لخلق مزيد من التفاعل بين اجهزة المنظمة. كما وسع دائرة الاتصال بالمنظمات الدولية والاقليمية وكانت القضية الفلسطينية تتصدر دوماً تحركاته ونشاطاته اينما اتجه بفكره وعمله.. وفيما يلي شيء من تلك الجهود:
’ بمناسبة اسبوع التضامن مع شعب ناميبيا، وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة، بصفته رئيساً للدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، اكد فيها بقوة التضامن الثابت للعالم الاسلامي، ودولة الكويت مع شعب ناميبيا، وحركة تحريره الشرعية «سوابو» في نضالها البطولي من اجل ممارسة الحقوق الثابتة، وغير القابلة للتصرف، بما في ذلك تقرير المصير، ونيل الاستقلال.
’حث الشيخ جابر الاحمد مجلس الامن الدولي على القيام بدور رئيسي بالنسبة للتصعيد في حرب المدن بين العراق وايران فقد بعث في الاول من مارس عام 1988م برسائل الى قادة الدول الخمسة عشر الاعضاء في مجلس الامن الدولي. ابلغهم فيها بالتطور المأساوي الجديد في الحرب العراقية الايرانية، واهاب باسم العالم الاسلامي وباسم ما يدعو اليه الاسلام من حب للسلام والاخاء بين ابناء البشرية جمعاء... وهو ايضاً ما دعا اليه جميع الانبياء. وباسم منظمة المؤتمر الاسلامي التي يحمل مسؤولية دورتها الحالية، وبخاصة الاعضاء الدائمون فيها، ان يتذكروا ان كل يوم يتأخرون فيه عن التدخل الفعال لايقاف هذه الحرب يحمل معه المزيد من الضحايا الابرياء من الطرفين المتحاربين.
هذا، وقد اعرب عن امله في ان تمثل رسائله هذه الى قادة الدول الاعضاء في مجلس الامن حافزاً اضافياً لهم للتحرك السريع في هذا المجال، وبما يحقق تطلع شعوب العالم اجمع الى السلام في هذه المنطقة التي طالت تطلعاتها الى السلام.
’ بتاريخ 10 ابريل عام 1988 كان للشيخ جابر الاحمد، بوصفه رئيساً للقمة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، لقاء مع هيئة رئاسة المكتب، ورؤساء اللجان الدائمة بالمنظمة، عقد في قصر المؤتمرات في الكويت. وذلك في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ المنظمة، حيث طرح خلاله جملة من الافكار تستهدف توثيق الروابط وتكثيف التشاور في القضايا الاسلامية بشكل شمولي، وتنشيط وتنسيق اعمال اللجان والاجهزة المتخصصة التابعة للمنظمة، وعلى وجه الخصوص في متابعتها لتنفيذ القرارات التي اتخذها مؤتمر القمة الاسلامي الخامس.
وقد اكد في هذا اللقاء على القضية الفلسطينية بأنها مسؤولية متجددة، وهي كالكائن الحي يعيش برئتين، هما: المقاومة الداخلية والتأييد الخارجي. وكان الشيخ جابر الاحمد بهذا يشير الى ثورة الحجارة في فلسطين، التي وصفها بصوت الحق الذي شق جدار الصمت الذي يحاول الكيان الاسرائيلي فرضه على القضية الفلسطينية.
كما اشار في هذا اللقاء الى الحرب الدائرة بين العراق وايران، آملاً ان تتحرر الاذهان من مناهج العدوان الفكري والسياسي والعسكري لتلتقي على التعاون وحسن الجوار، ومرحباً بما اعلنه الاتحاد السوفيتي عن رغبته في الانسحاب من افغانستان، ورأى في ذلك خير عون على قيام نظام حكم في هذا البلد المسلم نابع من ارادته الشعبية، ومسؤول عن تحمل اعباء التعمير والبناء.
ويمضي الشيخ جابر الاحمد شارحاً وحاملاً هموم المسلمين بوصفه رئيسا لاكبر تنظيم اقليمي دولي يجمع الدول الاسلامية، ويشد انظار المسلمين اينما كانوا في العالم، حين يقول: «... اتحدث اليكم وعيوننا على اقليم الساحل في غرب افريقيا.. ذلك الاقليم الذي اشتدت فيه المجاعة منذ سنوات، وزحفت عليه الصحراء، ومات فيه ملايين الضحايا..».
وفي موضع آخر، يقول: «... وهناك ايضاً في جنوب افريقيا وناميبيا مجاعة من نوع آخر، انها مجاعة الفقر والاستعباد الذي تمارسه السياسة العنصرية ضد الاخوة الافريقيين اصحاب الحق الاول في ارضهم التي تعتبر من اغنى الاقطار في ثرواتها، والتي لا تزال حكومة بريتوريا تفرض طغيانها عليهم فيها، وتصم آذانها عن الاستماع الى صوت الحق والعدل. وهي في هذا لا تختلف عن السياسة الاسرائيلية الباطشة ضد اخواننا المجاهدين في فلسطين..».
’ في النصف الثاني من مايو عام 1988م بعث الشيخ جابر الاحمد برسالة مماثلة موجهة الى كل من الرئيس رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة الامريكية، والى ميخائيل غورباتشيف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي، بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الثنائي بينهما في موسكو، اشار فيها الى تطلع شعوب العالم ومن بينهم شعوب العالم الاسلامي للقائهما. وآمال هذه الشعوب في ان يسود هذا الكوكب السلام والامن والوئام والتعاون لما فيه خير البشرية.
ويستطرد مؤكداً على القضية الفلسطينية: «... واننا لنعلم ان لقاءكم يشمل حقوق الانسان والمشكلات الاقليمية، وفي هذا تأكيد لكرامة الانسان والسلام، فالكرامة تاج الانسانية، والسلام غايتها، ومن هذين البابين باب الحق وباب السلام، تدخل الانتفاضة الفلسطينية الى لقائكم..و.
ورغم اهتمام الشيخ جابر الاحمد البالغ بالقضية الفلسطينية، فإن اهتمامه بالحرب الدائرة بين ايران والعراق لم تقل اهمية وخطورة اقليمية ودولية، حين يشير في رسالته موضحاً: «... وان الحرب العراقية الايرانية ما زالت مستمرة بكل ما تحمله ايامها واعوامها من ضحايا في الانفس والاموال والعمران، وقد امتدت اخطارها براً وبحراً وجواً رغم صدور قرار مجلس الامن رقم 589 ولا يمكن ان يقوم اي قرار وحده، مهما تكن قيمته، دون ان تتولى اداة تنفيذه، او تفتح الطريق لهذا التنفيذ، وهذا امل آخر نعلقه على لقائكم..».
ويمضي في رسالته ليؤكد الدور الفاعل للدولتين في معالجة البؤر المشتعلة التي تسحق البشرية في مناطق عديدة من العالم، وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط، فيقول: «ان الدولتين العظيمتين بتكوينهما البشري من اكبر النماذج المتقدمة في عالمنا المعاصر على قبول التنوع في اطار الوحدة، ولهما من تجاربهما ما يعين لبنان، بل اقطار الشرق الاوسط كله على قناعة الوصول الى صيغ من التعايش السلمي بين المذاهب والاديان في اطار الوحدة الوطنية، والاحترام المتبادل، وحسن الجوار، لينطلق منها ازدهار جديد، بعد ان ارهقتها الحروب والعصبيات الضيقة»..
بتاريخ 30 اغسطس عام 1988 م، وجّه الشيخ جابر الاحمد، باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، الشكر والتحية الى السكرتير العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويار لجهوده المكثّفة في تسوية عدد من النزاعات الاقليمية الخطيرة وخاصة في العالم الاسلامي.
بتاريخ 22 سبتمبر عام 1988م قام الشيخ جابر الاحمد برحلة سلام باسم اكثر من ألف مليون مسلم في انحاء المعمورة، بادئا زيارته لفرنسا، حيث عقد عددا من الاجتماعات والمباحثات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، كما واصل مباحثات مكثفة مع المسؤولين الفرنسيين شملت القضايا الاسلامية كافة، لينتقل بعدها الى نيويورك، ويلتقي بتاريخ 26 سبتمبر عام 1988م الرئيس الامريكي رونالد ريغان في مقر اقامته بنيويورك بناء على دعوة منه، حيث تناولت المباحثات بين الزعيمين الامور التي تهم البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وكان الوضع في الخليج العربي والمفاوضات العراقية الايرانية في صلب محادثاته مع الرئيس الامريكي، اضافة الى القضية الفلسطينية، وقضايا المنطقة الساخنة.


وقد توّج الشيخ جابر الاحمد دور الكويت الاسلامي اثناء هذه الزيارة حين وضع حجر الاساس لمئذنة المركز الثقافي الاسلامي في نيويورك، كما تفضل بغرس اول شجرة في فناء المركز، وذلك في احتفال حضره رئيس مجلس الامناء في المركز الاسلامي والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي.
ولتأكيد القول بالعمل، تعهد بان تدفع الكويت الى المركز 000،700 دولار امريكي هي باقي نفقات اتمام مئذنة المركز.
إن وللعلم فان الكويت من اوائل الدول التي اسهمت في بناء الجزء الاكبر من هذا المركز، حيث دفعت 8 ملايين دولار امريكي من اصل 5،13 ملايين دولار، هي القيمة الاجمالية للتكلفة.
وفي عرض للشيخ جابر الاحمد للخط السياسي الذي سارت فيه منظمة المؤتمر الاسلامي منذ يناير عام 1987م، اورد بعض التطبيقات بصفتها نماذج لهذا الخط جاء ذلك في كلمة له امام وزراء خارجية الدول الاسلامية في نيويورك، حين أشار في دعوته لاجتماع مكتب المنظمة ورؤساء لجانها الدائمة في الكويت في ابريل عام 1988م بانه اراد بهذا التقليد ان يرسي مبدأ اللقاءات فيما بين القمتين.. لقاءات المكتب، ورؤساء اللجان الدائمة، لعله يستطيع ان يتوسع اكثر من ذلك بلقاء يجمع رؤساء اللجان والوحدات والمراكز المنبثقة عن المنظمة، حتى يتم بينهم حوار يساعد على تنسيق الجهود، وإزالة الازدواج في العمل، وتوثيق الصلة بين القائمين على الاجهزة وخاصة المتقاربة في الاختصاص.
كما اشار، في هذا الصدد ايضا، برسائله التي وجهها الى الرئيسين رونالد ريغان، وميخائيل غورباتشوف عند لقائهما في ديسمبر عام 1987م ومايو عام 1988م.. تلك الرسائل التي نشرت عالميا في حينها، وتلقى من الزعيمين ردودا ايجابية وكريمة عليها.هذا، وقد انتهى الشيخ جابر الاحمد من عرضه للخط السياسي التي سارت عليه المنظمة، خلال فترة ترؤسه لها، بتقديم اربعة مشروعات هدية من الكويت الى العالم الاسلامي، وهي:
الاول: مشروع قاموس القرآن الكريم، وهو اول قاموس يصدر باللغة العربية يجمع الجوانب التشريعية والتاريخية والاثرية والجغرافية والنباتية بالكلمة والصورة والخريطة وقد اشرفت على اعداده مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والذي سيترجم فيما بعد الى لغات اخرى.
الثاني: مشروع اطلس الخدمات الاسلامية، وهو اطلس يضع الاساس العلمي للخدمات في العالم الاسلامي، ويبدأ بالجوانب الصحية والتعليمية والاجتماعية. وقد أشرفت على اعداده وزارة التخطيط بالكويت، متعاونة في ذلك مع الوزارات المختصة، متصلة بالدول الاسلامية، وبالخبراء من هذه الجهات.
الثالث: مشروع الطب والقانون والاخلاق، وهو حصاد عدد من الندوات قامت بها المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية، جمعت بين رجال الطب، والتشريح الاسلامي، والقانون والاخلاق، لبيان اجتهادات الاسلام في المستجدات الطبية المعاصرة وقد نشر هذا العمل على مستوى عالمي باللغات العربية والانجليزية والفرنسية، وبالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
الرابع: مشروع تعارف الشباب الرياضي الاسلامي وقد وضع هذا المشروع بهدف توثيق الصلة بين شباب العالم الاسلامي، وذلك حين بادرت الكويت بتوجيه الدعوة الى لقاء رياضي فوق ارضها باستضافة كاملة، يلتقي فيه شباب عالمنا الاسلامي متآخين متحابين.
في 27 سبتمبر عام 1988م، وامام الدورة 43 للجمعية العامة للامم المتحدة القى الشيخ جابر الاحمد خطابا تار يخيا باسم اكثر من الف مليون مسلم في العالم بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي وقد جاءت ابرز محاور ذلك الحديث حول العلاقة بين دول الشمال ودول الجنوب، والتي اصبحت الديون وفوائدها المتزايدة نقطة الارتكاز السلبية في تلك العلاقة، للحصول على انتاجه من المواد الاولية باسعار متدنية، وبيع انتاج الشمال له من مصنوعات وحبوب غذائية باسعار مستمرة في الارتفاع مما تزداد معه الفجوة اتساعا بين الشمال والجنوب.
كما دعا الى قيام نظام اقتصادي وانساني جديد، والى مقاومة الارهاب مع ضرورة التفريق بين الارهاب الظالم فرديا كان، ام جماعيا، ام حكوميا. وبين الحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن باعتباره حقا شرعته القوانين الدولية.
مؤكدا على دور الامم المتحدة في التصدي للمشكلات العالمية، ودورها في تحقيق امال الشعوب في السلام والحياة الكريمة، ودور الدول والشعوب في دعم هذه المنظومة العالمية.. وفي هذا، يقول الشيخ جابر الاحمد: «لقد تعلق امل الانسانية بهيئة الامم المتحدة منذ انشائها، باعتبارها اعلى المنابر التي تتحدث منها شعوب العالم عن آمال مستقبلها ومشكلات حاضرها، وفي رحابها تلتقي اكثر الدول ثروة وقوة وعلما مع اشدها فقرا وضعفا واحتياجا. والامم المتحدة من العوامل الرئيسية التي حالت دون قيام حرب عالمية ثالثة، وهي المختبر الاكبر للاخاء الانساني والتعاون الدولي، واحلال الحوار والتعايش السلمي محل المواجهة، واذا كان اي جهد عالمي بهذه الضخامة والمسؤولية يحتاج الى مراجعات، فان هذا لا يحول دون العون والدعم المتصل، حتى تقوم الامم المتحدة بمسؤولياتها، فيتوازى تطويرها مع استمرارها».
منوها بمنظمة المؤتمر الاسلامي بصفتها شريكا في صنع الحضارة الانسانية، وهي في هذا تسعى للتعاون مع التنظيمات الاقليمية، والمنظمات الدولية صعودا الى الامم المتحدة.. يقول في هذا السياق:
«ولقد كان انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي عام 1969م بعد جريمة حريق المسجد الاقصى في القدس الشريف، تعبيرا عن اليقظة الاسلامية المعاصرة، ورفضا للعدوان والارهاب، ورغبة في المشاركة في الركب الحضاري العالمي، وجاءت قرارات مؤتمر القمة الاسلامي الخامس الذي شرفت الكويت باستضافته في يناير عام 1987م مؤكدة ما سبقها من مؤتمرات المنظمة، مستجيبة في الوقت ذاته للمتغيرات العالمية التي تمر بها على مستوياتها الشاملة والاقليمية».
ويمضي مؤكدا للاسرة الدولية: «ونحن في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي نحاول دائبين تنسيق خطانا داخليا وخارجيا على اساس احترام سيادة الوحدات الوطنية والتعاون الاقليمي، ومن امثلته مجلس تعاون دول الخليج العربية، والتعاون الاوسع في جامعة الدول العربية، ولنا تعاوننا مع مجموعة دول الانحياز، ومنظمة الوحدة الافريقية والمجموعة الاوروبية، والدول الكبرى صعودا الى المستوى العالمي في هيئة الامم المتحدة ومنظماتها».

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:07 AM

[frame="1 80"]ردود أفعال عالمية على خطاب سموه التاريخي أمام الدورة 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة مقترحات الأمير الداعمة لحق الإنسان في العالم الثالث غطت على أحداث الاجتماعات والدول الإسلامية أيدتها
الحلقة الثانية والعشرون

لقد حظي الخطاب المنهجي التاريخي، الذي القاه الشيخ جابر الاحمد في 27 سبتمبر عام 1988، امام الدورة 43 للجمعية العامة للامم المتحدة، باهتمام العديد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، كما كان تعليق الكثيرين من وزراء خارجية دول العالم. ووكالات الانباء والصحف العالمية والعربية، الامر الذي جعل الخطاب، وما ورد فيه من مقترحات داعمة لحق الانسان في دول العالم الثالث، يغطي على احداث دورة الجمعية العامة للامم المتحدة وفيما يلي شيء من تلك المواقف والتعليقات على ما جاء في ذلك الخطاب الذي اعتبر من اهم وثائق الامم المتحدة:
¼ بتاريخ 30 سبتمبر عام 1988 وافق وزراء خارجية الدول الاسلامية بالاجماع على بيان مشترك، يؤيد بقوة الاقتراحات التي عرضها الشيخ جابر الاحمد في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الثالثة والاربعين باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، والتي تمحورت حول اهم القضايا التي تهم العالم الاسلامي، والعالم الثالث بصفة عامة، وخاصة فيما يتعلق بتنظيم العون العلمي والتقني الذي تقدمه دول الشمال الغنية الى دول الجنوب الفقيرة، وكذا المديونيات التي ترزح تحت وطأتها معظم الدول النامية، وخاصة الاشد فقرا، اضافة الى دعوة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لاعادة النظر في شروطهما الاقتراضية القاسية على الدول التي تطلب المساعدة لتحسين اوضاعها.
¼ اعلن وزير الخارجية البريطاني جيفري هاو انه يتفق مع سمو امير دولة الكويت على ان الديون المستحقة على الدول النامية تشكل احد اخطر المشاكل التي يجب مواجهتها.
وقال في مؤتمر صحفي: «... ان بريطانيا قدمت اقتراحاتها الخاصة للقضاء على جزء من المشكلة عبر ايجاد حلول لديون الدولة الافريقية المتاخمة للصحراء الكبرى. وان رئيسة حكومته السيدة مارجريت تاتشر طرحت تلك الاقتراحات على بساط البحث خلال القمة الصناعية التي عقدت بمدينة «تورنتو» الكندية خلال صيف عام ..1988».
واضاف: «... انني سعيد لانه تم التوصل الى اتفاق بهذا الشأن خلال الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في مدينة برلين في الاسبوع الماضي...».
¼ بتاريخ 10 اكتوبر عام 1988م، حياً رئيس منظمة الوحدة الافريقية الرئيس المالي موسى تراوري مقترحات الشيخ جابر الاحمد حول ايجاد تعاون اقتصادي اوثق واوسع بين الشمال والجنوب، ووضع اجراءات تسهيل عبء مديونية دول العالم الثالث.
وابلغ الرئيس تراوري مؤتمراً صحفياً في نيويورك: «... ان منظمة الوحدة الافريقية ترحب بمقترحات سمو امير دولة الكويت التي وردت في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن خفض عبء ديون العالم الثالث، وتحسين الوضع الاقتصادي الحرج للدول النامية، وخاصة الدول الافريقية الاكثر فقرا، والغاء الفائدة المستحقة على جميع الديون، واعادة النظر من قبل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي بشروطهما المتشددة على مساعدات التنمية...».
ومضى الرئيس تراوري قائلاً: «... انه يتعين التعامل مع مشكلة الديون في اطار التنمية الاقتصادية لجميع الدول الافريقية، وضرورة ان يشارك المجتمع الدولي في حوار مثمر بين الدائنين والمدينين، وذلك في مسعى جاد لايجاد حل مرض لديون افريقيا الخارجية..».
¼ اعرب مدير عام منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية «دومينجو سيازون» عن تأييد المنظمة للاقتراح الذي تقدم به امير دولة الكويت امام الجمعية العامة بايجاد تعاون بين الدول الدائنة من اجل التوصل الى حلول معقولة لمشكلة الفوائد على الديون التي تعاني منها الدول النامية، والتي تعيق نموها الاقتصادي.
¼ رحبت السوق الاوروبية المشتركة على لسان مفوضها العام «كلود شيسون» بمقترحات امير دولة الكويت بشأن المديونية المستحقة على دول العالم الثالث، ووصفها، في مؤتمر صحفي في القاهرة في 12 نوفمبر عام 1988، بأنها حدث مؤثر ورمزي، وقال: ان ما يثير الاعجاب، هو ما صدر عن رئيس دولة جنوبية قدمت قروضاً لدول نامية وتعرض الغاء جزء منها والكويت ـ بهذا ـ تؤكد تضامنها مع الشعوب الاكثر فقراً، اذ قدمت مساعدات جوهرية وسخية لاغراض التنمية. واعرب عن امله في ان تتجه قمة الدول الصناعية، التي ستعقد في يوليو عام 1989 نحو حل جذري لمشكلة المديونية.
¼ بثت وكالات انباء دول اوروبا الشرقية في نشرتها الرئيسية باللغة الانجليزية، وكذا عدد من وكالات الانباء في دول اوروبا الغربية، مقتطفات مطولة من الخطاب، ركزت فيها على القضايا المهمة والمصيرية التي تناولها الخطاب، وخاصة فيما يتعلق بالحوار بين دول الشمال ودول الجنوب، وازمة الديون التي تعاني منها الدول النامية، ومشكلة دفن النفايات النووية والكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق متفرقة من دول العالم الثالث. كما ابرزت هذه الوكالات النداء الذي وجهه الشيخ جابر الاحمد الى جميع دول العالم للعمل على اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازناً، وعدلاً بين الشعوب.
كما اشار تعليق سوفييتي حول الخطاب، واصفاً اياه، بأنه: « كلمة متزنة اثبتت ان الكويت، دولة واميراً، تتمتع عن جدارة بالاحترام والثقة، ليس فقط في الوسط العربي والاسلامي، بل وفي جميع انحاء العالم».
من جانب آخر، ابرزت وكالة انباء «نوفستي» في تعليق لها على الخطاب، بأن مقترح الشيخ جابر الاحمد حول اعفاء الدول النامية من الفوائد المستحقة على ديونها، وعقد مؤتمر دولي موسع لبحث قضية الديون.. هذه المقترحات تنسجم مع الرؤية السوفيتية لقضايا التطور الدولي المعاصر وان الاتحاد السوفييتي مثله ـ في ذلك ـ مثل الكويت يعتبر ان قضية الديون واحدة من اهم قضايا العالم الملحة التي لم تحظ بالاهتمام، في الوقت الذي يشكل بقاؤها تهديداً وخطراً من حيث امكان تحولها الى قنبلة اجتماعية بطيئة الانفجار.
ووصفت الوكالة مقترحات الشيخ جابر الاحمد بأنها تشكل مخرجاً من مأزق قضية الديون، لاسيما انها تأتي من قبل دولة دائنة، ونامية في الوقت نفسه وعبرت الوكالة عن اتفاق الاتحاد السوفييتي والكويت على حقيقة ان تحسين الوضع المالي، وقيام علاقات دولية طبيعية مرهون بالسرعة التي يتم فيها ادراك هذه الحقيقة في كل القارات.
واعتبرت الوكالة موقف الكويت من الارهاب الدولي رؤية منسجمة تماماً مع التصور السوفييتي لهذه القضية الخطيرة، مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي يشاطر دولة الكويت ضرورة الفصل بين الارهاب وبين النضال العادل للشعوب من اجل تقرير مصيرها وحريتها وحقوقها المشروعة.
واستدركت، بانه من الضروري، من اجل القضاء على الارهاب، العمل ايضا على ازالة الاسباب التي تولد الصراعات، وينتج عنها الارهاب مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي ودولة الكويت يريان في تصور واشنطن وتل ابيب ان النضال الفلسطيني من اجل نيل حقوقه المشروعة ارهاب، انه محاولة للخلط بين السبب والنتيجة، وقلب الامور رأسا على عقب.
واعتبرت الوكالة انه من الاهمية بمكان، في ظل الظروف الدولية الصعبة بالنسبة للفلسطينيين، تبني الموقف الداعم الذي عبر عنه امير دولة الكويت باسم منظمة المؤتمر الاسلامي للانتفاضة الفلسطينية، ولاقامة دولة فلسطينية مستقلة.
واشادت الوكالة في ختام تعليقها بمطالبة امير دولة الكويت للاطراف المعنية بالالتزام باتفاقيات جنيف حول التسوية الافغانية، وضمان حق الشعب الافغاني في تقرير طريقة حياته، وكيفية ترتيب علاقاته مع جيرانه.
¼ امتدحت مجموعة الـ 77 في الامم المتحدة مبادرة الشيخ جابر الاحمد لتخفيف عبء الديون على دول العالم الثالث من خلال التعاون بين الشمال والجنوب... جاء ذلك في اجتماع للمجموعة عقد في نيويورك على هامش دورة الجمعية العامة برئاسة وزير خارجية تونس عبد الحميد الشيخ، حيث عبرت عن التقدير والرضا العميقين لمبادرته، واشادت ـ على وجه الخصوص ـ بدعوته للمؤسسات الدولية الى اعادة النظر في شروطها القاسية على الدول التي تسعى للحصول على مساعدات لتحسين اوضاعها الاقتصادية، كما اشادت المجموعة باقتراحه الداعي الى تطوير الموارد البشرية من خلال التوسع في نقل العلوم والتكنولوجيا من الشمال الى الجنوب.
¼ ابلغ المندوب الامريكي الدائم لدى الامم المتحدة «فيرنون وولترز» ان الولايات المتحدة الامريكية ستدرس بعناية الخطة التي اقترحها سمو امير دولة الكويت على المجتمع الدولي من على منبر الامم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون بين دول الشمال والجنوب.
¼ وقال: «... ان بلاده اهتمت دائما بهذه العلاقة، وانها تقدم مساهمة كبيرة للغاية للدول النامية تقدر بثلاثة بلايين دولار سنويا، وركز «وولتر» في تعليقه على الخطاب بان الشيخ جابر الاحمد رجل مهم، عميق التفكير، سنكون سعداء بالتأكيد ان ندرس اقتراحه بعناية»....
¼ اكد وزير خارجية المغرب عبد اللطيف الفيلالي على ما ورد في الخطاب في كلمة بلاده امام الجمعية العامة للامم المتحدة قائلا: ... اننا ندعم ما ورد في هذا الخطاب بكل قوة، ونشاطر سمو امير دولة الكويت فيماقدمه للأسرة الدولية من افكار انسانية عملية...».
¼ قال وزير خارجية النمسا نائب المستشار الاتحادي لوس موك:«... ان الخطاب المنهجي والتاريخي الذي القاه سمو امير دولة الكويت، بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي، امام الجمعية العامة للامم المتحدة، كان من ابرز الكلمات التي القيت خلال الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة»...
واضاف في حديث أدلى به لوكالة الانباء الكويتية: «... ان خطاب سمو الامير حظي باهتمام مختلف الدول والوفود في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة لكونه تطرق الى جميع القضايا الحاسمة والمهمة التي تواجه عالمنا اليوم، كالتعاون بين الشمال والجنوب، وازمة الديون للدول الفقيرة، ومشكلة الارهاب الدولي، والدعوة الى اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازنا»...
واوضح موك: «... ان ما لفت انتباه الوفود، التي حضرت جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة ان سمو الامير منح مكانة لقضايا ما يسمى بالعالم الثالث في خطابه المهم، وابرز بذلك تضامن الدول العربية والاسلامية مع الدول الفقيرة، وتأييدها للبحث عن الحلول المطلوبة لمشكلاتها»...
واكد في حديثه: «... ان للنمسا وجهة نظر مطابقة لما اقترحه سمو امير دولة الكويت لمعالجة ازمة الديون في الدول النامية ووصف الاقتراح بانه مثالي. لان كل دولة في العالم تعاني في الحقيقة من مشاكل انمائية، بغض النظر عن مستوى النمو الحالي الذي حققته حتى الآن، وعن دخلها القومي الاجمالي في الوقت الحاضر»...
وقال موك: «... ان القضايا التي تطرق لها الامير في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، والمقترحات العملية التي طرحها سموه للبحث عن حلول ايجابية لمختلف المشاكل المعلقة في الساحة الدولية، ستكون ايضا من القضايا التي ستتناولها مباحثاته مع كبار المسؤولين في الحكومة الكويتية، وذلك خلال الزيارة التي من المقرر ان يقوم بها الرئيس النمساوي كورت فالدهايم للكويت خلال الفترة من 31 اكتوبر حتى الثالث من نوفمبر عام 1998م»...
واوضح موك: «... انه سيرافق رئيس الجمهورية في هذه الزيارة الرسمية الى الكويت، والتي ستكون مسبوقة بزيارة رسمية الى سورية ايضا، مؤكدا ان المباحثات سوف تتركز بالدرجة الاولى على العلاقات الثنائية بين النمسا والكويت، والسبل الكفيلة بتعزيزها في شتى المجالات، وبخاصة السياسية والاقتصادية والثقافية»...
واضاف: «... ان حكومته تولي اهمية كبرى لموقف الكويت من التطورات الراهنة في منطقة الخليج العربي، وبخاصة بعد التوصل الى وقف اطلاق النار في الحرب العراقية ـ الايرانية، وامكانية تحويل وقف اطلاق النار الى «سلام حقيقي ودائم» في المنطقة»...
وقال: «... ان موقف الكويت مهم جدا بالنسبة الى الموقف العربي ككل، ازاء مشروع عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، نظرا للدور المهم الذي تضطلع به الكويت في منطقة الخليج العربي، والعالم العربي بشكل عام»...

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:08 AM

[frame="1 80"]¼ حذر السكرتير العام للامم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار من ان وضع الديون الخارجية قد يخرج عن نطاق السيطرة اذا لم تتخذ اجراءات فعالة لتخفيف عبء الديون على الدول المدينة... جاء تصريح «دي كويلار» هذا امام اجتماع للجنة الاقتصادية والمالية التابعة للجمعية العامة للامم المتحدة.
كما نبه السكرتير العام للامم المتحدة الى ان حل مشكلة الديون يتعين من خلال التنمية الاقتصادية، وزيادة التمويل واجراء اصلاحات داخل الدول المدينة.
وقال: «... ان اتخاذ اجراءات فاعلة مسألة ضرورية من اجل ضمان تخفيف مشكلة الديون الخارجية لدول العالم الثالث»...
وتأتي دعوة السكرتير العام للامم المتحدة، بتخفيف الديون الخارجية لدول العالم الثالث، بعد عدة اسابيع من دعوة الشيخ جابر الاحمد لايجاد تسوية لمشكلة ديون العالم الثالث.
قررت الأمم المتحدة ادخال اقتراح الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت، الخاص بديون العالم الثالث في الوثائق الرسمية للامم المتحدة، كجزء من اعلان كراكاس الذي اقرته مجموعة الـ 77 في اجتماع غير عادي عقدته في العاصمة الفنزويلية وقال ممثل مكتب المجموعة في الامم المتحدة: «ان ماليزيا، بصفتها رئيس المجموعة، طلبت من السكرتير العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار اعتبار اقتراح الكويت وثيقة رسمية من وثائق الامم المتحدة».
وكان وزراء خارجية 128 دولة نامية قد ناشدوا في كراكاس المجتمع الدولي الى اجراء تخفيضات كبيرة في ديون العالم الثالث الخارجية واعرب الاجتماع الوزاري للمجموعة عن تقديره للمبادرة المهمة التي اقترحها الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت في مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.
هذا، وقد جاء في اعلان صدر في ختام اجتماعات مجموعة الـ 77 ان ديون دول العالم الثالث الخارجية، التي تعد عقبة امام التنمية تبلغ حوالي 3،1 تربليون دولار امريكي.
دعت مصر في مؤتمر التجارة والتنمية الدولية، الذي عقد في جنيف في مطلع اكتوبر عام 1989م الى تبني مبادرة الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت، بشأن ديون الدول النامية كإجراء امثل لحل هذه المشكلة، التي تعوق سبل تطور دول العالم الثالث.
وابلغ الدكتور نبيل العربي مندوب مصر لدى المقر الاوروبي في جنيف، اجتماعا للهيئة الدولية: ان تعقيد ازمة الديون وتعددية وقائعها يدفعنا الى تبني ما كان سمو امير دولة الكويت قد طرحه في مبادرة لعلاج أزمة الديون لدى دول العالم الثالث، وهي المبادرة التي وافقت عليها قمة عدم الانحياز في بلغراد.
اشاد رئيس نيكاراغوا دانييل اورتيغا بمبادرة الشيخ جابر الاحمد المتعلقة بحل مشكلة الديون العالمية جاء ذلك في تصريح لوكالة الانباء الكويتية اثناء مشاركة الرئيس النيكاراغوي في اعمال مؤتمر قمة دول عدم الانحياز في دورته التاسعة.
وقد اكد الرئيس اورتيغا: «أن شعوب قارة امريكا اللاتينية التي تعاني كلها ـ تقريبا ـ من مشكلات اقتصادية عسيرة، وعلى رأسها مشكلة الديون، تنظر للمبادرة الكويتية باحترام وتقدير عاليين».
وأضاف الرئيس: ان المبادرة تلاقي ترحيبا كبيرا لانها تنبع عن قناعة بخطر مشكلة المديونية على التنمية الوطنية، وكيفية تطوير الاقتصاد ووضعه في خدمة الرقي بمستويات المعيشة للمواطن، ولا لخدمة الديون واعادة جدولتها والوفاء بها على حساب قوت يوم المواطن».
وأكد رئيس نيكاراغوا: «ان على حركة عدم الانحياز، والامم المتحدة تبني المبادرة وتطوير وسائل تنفيذها،. وارغام الدول الصناعية الدائنة الاخرى على القيام بجهود مماثلة للمبادرة الكويتية، لتصبح شاملة ووافية يمكن تطبيقها من قبل المجموعة الدائنة نفسها ايضا».
أشار الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح محافظ بنك الكويت المركزي، خلال الاجتماع السنوي لمحافظي البنوك المركزية الذي نظمه بنك انجلترا في لندن بتاريخ 9 يونيو عام 1989م، الى مبادرة الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت بشأن ايجاد حل لمشكلة الديون الرسمية.
معلنا ان معظم المبادرات السابقة اهملت موضوع الديون للجهات الرسمية، وخاصة ان اغلب هذه الديون مستحقة على الدول الاكثر فقرا ورجى انه في ضوء تباطؤ الاقراض التجاري لتلك الدول، فان حصة الديون الرسمية سوف تزيد في السنوات القادمة.
وذكر الشيخ سالم في الاجتماع بان سمو الامير عرض استعداد الكويت للمشاركة في مؤتمر دولي للدول الدائنة بهدف التوصل الى اتفاق جماعي حول معالجة الديون الرسمية، وذلك عن طريق تجميد تراكم الفائدة لفترة سماح تعتمد على ظروف الدول المدينة، واعادة جدولة الديون بشكل يأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية، والعمل على خفض الديون الرسمية، وكذلك خفض الفائدة، او دعمها بحسب ظروف كل دولة مدينة.
من جهة اخرى حث الشيخ جابر الاحمد مجلس الامن الدولي على القيام بدور رئيسي بالنسبة لتصعيد حرب المدن بين العراق وايران جاء ذلك في رسائل بعثها في الاول من مارس عام 1988م الى قادة الدول الخمس عشرة الاعضاء في مجلس الامن بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وابلغهم فيها بالتطور المأساوي الجديد في الحرب العراقية الايرانية.
وأهاب باسم العالم الاسلامي، وباسم ما يدعو اليه من حب للسلام والاخاء بين ابناء البشر جميعا. وهو ما دعا اليه جميع الانبياء وباسم منظمة المؤتمر الاسلامي التي يحمل مسؤولية دورتها الحالية.. اهاب الشيخ جابر الاحمد بمجلس الامن الدولي، وبخاصة الاعضاء الدائمون فيه. ان يتذكروا ان كل يوم يتأخرون فيه عن الدائمون الفعال لايقاف هذه الحرب يحمل معه المزيد من الضحايا الابرياء من الطرفين المتحاربين. كما اشاد بالجهود الخيرة التي يبذلها السكرتير العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار في هذا السبيل، معربا عن امله في ان تمثل رسائله هذه الى قادة الدول الاعضاء في مجلس الامن حافزا لهم للتحرك السريع في هذا المجال، بما يحقق تطلع شعوب العالم اجمع الى السلام في هذه المنطقة التي طال انتظارها له.
بتاريخ 17 ديسمبر عام 1988م تحدث الشيخ جابر الاحمد في كلمة شاملة، وجامعة في حفل افتتاح الدورة الخامسة لمجلس مجمع الفقه الاسلامي، بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي، مؤكدا ان الفكر الاسلامي يقابل تحديات كبيرة امام استكشافات ومناهج العلم الحديث.
وفي هذا يقول: «يتساءل المجتمع الاسلامي، وبخاصة اجيال الشباب، عن اّراء العلماء في هذه القضايا والمشكلات، وانهم يأملون في اجتهادات ايجابية نابعة من القرآن الكريم والسنة الشريفة تعين على سلوك الطريق، بعد ان رضي جانب من الفكر الاسلامي خلال قرون مضت بالانطوائية والتقليد، وما كان هذا ليحول دون استمرار حركة التاريخ، ومتغيرات الحياة والحوار بين الحضارات».
ثم يرتقي من مجال الفكر الى التطبيق قائلا: «ان كل حضارة عالمية لها سماتها الانسانية التي تسبق الى الذهن، اذا جاء ذكرها، فما هي معالم الحضارة الاسلامية في عالمنا المعاصر؟ اننا نستطيع ان نتحدث عن الماضي، وعن الصحوة المعاصرة كانطلاقة تختلط فيها الايجابيات بالسلبيات، والآمال بالعثرات. ولكن علينا بالجهد المشترك ان نتعاون على تشكيل الملامح الطيبة للوجود الاسلامي الذي ينتظم الصف فيه بعد ان كان امره فرطا، وتمر فيه يد المحبة على اثار التعصب والتباعد، ويمحو فيه ضياء العلم ظلمات التخلف، وتتلاقى العقول والايدي على صياغة الامال اعمالا تنفع الناس وتمكث في الارض».


جمال عبدالناصر (في الستينات): الكويت الشمعة المضيئة في العالم العربي الأمير: مبادىء عدم الانحياز مثلت أماني الشعوب
لتحقيق سلام المساواة ودعم الحق ومواجهة الطغيان
الحلقة الثالثة والعشرون

وما زلنا مع ردود الفعل على مؤتمر القمة الاسلامي ومع خطاب سمو الامير الذي سطر فيه آماله وتطلعاته لغد العالم الاسلامي فيقول «ان الانتاج طريق الكرامة والسعي فيه عبادة وان جهد الزارع والعامل روافد تلتقي مع جهود العلماء في بناء الحياة الاسلامية ومن حولها حصون من عزمات الشباب تحفظ الاوطان من اي عدوان».
وفي هذا السياق يسترسل قائلا:«.. اننا نأمل ان يتسع هذا الانتاج وتعمق قواعده، وتمتد افاقه الى المشاركة في البحث العلمي، وان يتم هذا كله بتنسيق بين الاجهزة على مستوى العالم الاسلامي، وبتعاون عالمي لا يمكن للبحث ان يسير دونه، وهذا هو طريق الاسلام وهو طريق السلام.
وانني اتطلع الى اليوم الذي يلتقي فيه علماء الاسلام على دستور عمل يجمع المسلمين في ساحة اخاء تحررت من الصراعات المذهبية وتوجهت الى بناء مستقبل الاسلام..».
في 19 اكتوبر عام 1989م وبصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي اصدر الشيخ جابر الاحمد بيانا بشأن الاعتداء على المسجد الاقصى جاء فيه «تابعنا بقلق بالغ المحاولات الاستفزازية التي اقدم عليها النظام الصهيوني بوضع حجر الاساس لما يسميه بتجديد هيكل سليمان عند المسجد الاقصى في القدس الشريف وهذا الحدث الذي يهز مشاعر المسلمين انما هو تحد سافر للاسلام والعقيدة الاسلامية واننا باسم منظمة المؤتمر الاسلامي التي تمثل عالمنا الاسلامي اذ نهيب بشعوب العالم ودوله وجميع المؤسسات والمجموعات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة، ان توقف هذا الاعتداء فاننا نتطلع الى ان تتخذ موقفا حازما ضده وتزاول الضغوط كافة لمنع النظام الصهيوني من تنفيذ جريمته النكراء كما قام من قبل باحراق المسجد الاقصى المبارك.
واختتم بيانه مؤكدا «ان هذا الاعتداء الخطير على المسجد الاقصى الذي يحتل مكانته المقدسة السامية لدى المسلمين جميعا، ستكون له انعكاساته الخطيرة على مجمل الاوضاع في العالم العربي والاسلامي في وقت تتضافر فيه جميع الجهود على معالجة الوضع المتفجر في الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وتهيئة الجو لتأمين الامن والسلام في هذه المنطقة على اسس المبادىء الدولية الداعية الى ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بقيام دولته واستعادة مقدساته..».
بتاريخ 29 اكتوبر عام 1989 م حذر الشيخ جابر الاحمد باسم الكويت وبصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي اسرائيل من مغبة اعمال الطيش والتحدي الاجرامي للامة الاسلامية ومشاعرها، مؤكدا استنكاره وادانته لهذه التصرفات.
وجاء ذلك في رسالة وجهها الى اللجنة الدولية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
قائلا: «.. ان ابطال الانتفاضة الفلسطينية الصامدين في وجه الاحتلال الغاشم بحاجة ماسة لكم وللجهود كافة ومساندة امثالكم من المناصرين للحق والمدافعين عن قضايا الشعوب العادلة».
داعيا الى تحويل مظاهرات التضامن البلاغية والنظرية في المحافل وعلى سطور الصفحات، الى تحرك عملي ملموس على ارض المعركة، او الى طاولة التفاوض اذا ما رضخ المحتل لخيار السلام، مؤكدا على ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط الذي اقرته الاسرة الدولية دربا للتسوية، وطريقا لحل القضية التي تشكل جوهر ولب النزاع في الشرق الاوسط.
بمناسبة احتفال منظمة المؤتمر الاسلامي بمرور عشرين عاما على انشائها وجه الشيخ جابر الاحمد رئيس المنظمة كلمة الى المسلمين في جميع ارجاء العالم منوها:«بان المنظمة تحمل مسؤولية مستمرة في تجويد صورة الاسلام في العالم المعاصر ولهذه الصورة مستوى وطني ومستوى شمولي، فعلى المستوى الوطني نحن نتمسك بالاحترام الكامل لاستقلال كل دولة في المنظمة وحقها في اختيار النظام الذي تعيش به وعلى المستوى الشمولي فان التعددية باتت من ابرز سمات العصر الحاضر وعلينا مع التسليم بها ان نتابع السعي بين الدول الاعضاء حتى تكتمل عناصر السلام وحسن الجوار».
ومن جانب اخر اكد الشيخ جابر الأحمد على ان من مسؤوليات المنظمة ان تقوي خطوط اتصالها بالاقليات والجاليات الاسلامية مشيرا الى ان تنمية الانسان المسلم مسؤولية متجددة يتعاون فيها المستويان الوطني والشمولي، وان حوار الحضارات جزء مهم في انشطة العصور ودور الاسلام به قائم وهو دور يعني ان يرتكز على حيوية الاسلام في نفوس اهله واضاءته مستقبلهم وتعاونه مع حقائق الحياة.
كما نوه في نهاية كلمته بأن رسالة الرحمة الالهية تصل الى البشر من خلال بسمة السعادة على وجه الطفل او نظرة الرضا على وجه محتاج زالت كربته او مظلوم عاد الىه حقه، او غائب عاد الى وطنه هذا، وقد طلبت البعثة الدائمة لدولة الكويت لدى الامم المتحدة من السكرتير العام للامم المتحدة بتاريخ 7 فبراير عام 1990 م تعميم نص الكلمة على الدورة الخامسة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة بوصفها وثيقة رسمية من وثائق الجمعية العامة في اطار البندين المعنونين «التعاون بين الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي » و«قضية فلسطين».
بتاريخ 5 يناير 1991م بعث الشيخ جابر الاحمد بصفته رئيسا للدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي ميدالية ذهبية الى السكرتير العام للامم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتأسيس المنظمة وقد قام بتسليم الميدالية الى دي كويلار مندوب الكويت الدائم لدى الامم المتحدة السفير محمد ابو الحسن مشفوعة برسالة جاء فيها «ان النظام العراقي قام بنهب 46 ميدالية ذهبية للدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي الامر الذي استدعى اعادة سكها كما ان احتفالات الذكري العشرين التي كان يترأسها قد تأجلت بسبب احتلال الكويت».
وقد اثنى دي كويلار على هذه الجهود الطيبة التي اعطت دفعة قوية لنشاطات منظمة المؤتمر الاسلامي، وتحركاتها على الساحة الدولية، وجعلت قضايا العالم الاسلامي ودول العالم الثالث - بصفة عامة - تتصدر اهتمامات الامم المتحدة مؤكدا تفهمه الكامل لما اصاب الكويت من محنة العدوان والاحتلال العراقي.
وفي مطلع فبراير عام 1991 م كان للشيخ جابر الاحمد كلمة امام الاجتماع المشترك للدول الاعضاء في هيئتي مكتبي مؤتمر القمة الاسلامي الخامس، والمؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية الدول الاسلامية الذي عقد في القاهرة جاء فيها «ان الكويت البلد العربي المسلم لا يزال يئن ويرزح منذ الثاني من اغسطس 1990 م تحت وطأة الاحتلال العراقي ويتعرض الشعب الكويتي البريء لابشع الممارسات اللاانسانية على يد سلطات الاحتلال العراقية وان ما تشهده منطقتنا بتواصل الحرب المشروعة لتحرير الكويت والتي جاءت تنفيذا لقرار مجلس الامن رقم 678 لاجبار النظام العراقي على الامتثال للشرعية الدولية انما تمثل - بحق - جهدا دوليا مشروعا في مواجهة التعنت والرفض العراقي المتواصل لكل النداءات الدولية».
مما سبق كله نستطيع القول : ان الشيخ جابر الاحمد خلال فترة توليه مهام رئاسة منظمة المؤتمر الاسلامي لثلاث سنوات متتالية اعتبارا من يناير عام 1987 م قد بذل جهودا كبيرة - على جميع المستويات - من اجل اعلاء كلمة الاسلام وشأن المسلمين وايجاد موقع مميز للاسرة الاسلامية ضمن التحولات والمستجدات التي برزت على الساحة الدولية بانهيار المنظومة الاشتراكية والدعوة لاقامة نظام عالمي جديد.
وفي هذا يقول عبداللطيف البحر «مع النجاح الباهر الذي حققه مؤتمر القمة الاسلامية الخامس فان قادة وزعماء المسلمين في كل مكان اعلنوا عن بالغ التقدير لجهود سمو الشيخ جابر الاحمد والجهد الكويتي والذي قاده سموه لبلوغ تلك النتائج الخيرة التي توصل اليها المؤتمر، فضلا عن قيادة مسيرة العمل الاسلامي التي آلت الى سموه على مدى ثلاث السنوات كي يتابع الانجازات المطلوبة، وينفذ القرارات الصادرة عن خمسة مؤتمرات من اجل تحقيق اهداف منظمة المؤتمر الاسلامي وفي سبيل خدمة المسلمين ورعاية مصالحهم والحفاظ على حقوقهم والاستمرار في حمل رسالتهم الانسانية وخيرها، وامن واستقرار وسلام البشرية والعالم.
وفي القمة ا لسادسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي التي عقدت في مدينة «دكار» عاصمة السنغال في الفترة من 9 - 11 ديسمبر عام 1991 كان للشيخ جابر الاحمد كلمة القاها في الجلسة الافتتاحية للقمة استعرض فيها باسهاب انجازات المنظمة خلال فترة رئاسته لها، موجها اعتذاره لقادة الدول الاسلامية حين اشار :«انني اسجل شعوري بالتقصير في تحقيق ما كنت اطمح اليه في المدة التي شرفت فيها برئاسة القمة الاسلامية الخامسة فقد كانت امالي - شخصيا - كبيرة واعلم ان آمال الامة كانت اكبر ولكن لا يعلم الغيب الا الله..».
وتتواصل مسيرة منظمة المؤتمر الاسلامي وتعقد القمة السابعة في الدار البيضاء بالمملكة المغربية ويؤكد قادة العالم الاسلامي من جديد على القرارات السابقة للقمم الاسلامية التي تدعو العراق الى ضرورة الالتزام والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الامن الدولي كافة المتصلة بحرب تحرير الكويت وبخاصة ما يتعلق منها بالاسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من الدول الاخرى.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:09 AM

[frame="1 80"]
وقد وجه الشيخ جابر الاحمد بيانا الى القمة اشار فيه الى مجمل القضايا الساخنة في العالم الاسلامي شاكرا للملك الحسن الثاني ولشعبه وحكومته جهودهم المخلصة في توفير اسباب النجاح للمؤتمر، مؤكدا على ضرورة احياء ما نص عليه اعلان الدار البيضاء من وجوب ان يقوم التعامل بين الدول الاسلامية على روح الاخاء الاسلامي المبني على التفاهم والحوار دون اللجوء الى القوة والقتال.
منوها بالقمة الخليجية الخامسة عشرة التي عقدت في دولة البحرين، وبالموقف التضامني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتلاحم دولها في مواجهة احداث الحاضر وتوقعات المستقبل.. هذه الوقفة الخليجية التضامنية التي عبر عنها قائلا «ولقد تعرضت منطقتنا لاخطار جسيمة تسببت في زعزعة ثوابتها وتدمير الكثير من انجازاتها وتبديد معظم طاقاتها في غير صالح ابنائها.
ومن ثم كان علينا - جميعا - ان نواجه احداث الحاضر وتوقعات المستقبل مواجهة جماعية تتلاحم فيها قوى مجلس التعاون الخليجي مؤمنين بان ايا منا مهما بلغت قوته لا يستطيع مواجهتها منفردا، وبحمد الله تعالى وتوفيقه كانت هذه الرؤية محل اتفاق بين جميع الاخوة قادة دول مجلس التعاون الخليجية وقد كان مما تحققه لنا هذه الرؤية التركيز على جانبي الامن والاقتصاد، اذ هما عصب قوتنا وهما في الوقت نفسه صنوان متلازمان.
وفي القمة الثامنة التي عقدت في طهران خلال الفترة من 9 - 11 ديسمبر عام 1997م كان للشيخ جابر الاحمد كلمة اشار فيها بمرارة الى واقع العالم الاسلامي فقال: «في تقديري ان علاقات العالم المعاصر بالامة الاسلامية تتأثر بأمرين اساسيين اولهما: وجودنا التاريخي بعلاقاته مع العالم القديم التي اعادت صياغته لقرون متتابعة وثانيهما: واقعنا الحالي بامتداده الجغرافي الذي يشغل اهم المناطق وسطية، واهم الامكانات، ولا ينفصل عن هذين بحال سواء علمنا ام جهلنا - اننا امة ذات رسالة والامة ذات الرسالة عليها واجب اساسي وهو ان تصون رسالتها من كل تشويه ينأى بها عن كل ما يشين صورتها وبخاصة اذا كان ذلك على ايدي اتباعها..».
ويمضي في هذا السياق مؤكدا: «.. فأي خسارة افدح من ان تدور بين الاخوة في البلد الواحد رحى القتال ضارية في اكثر من ارض اسلامية والافدح ان يكون ذلك باسم الاسلام الذي ينطق كتابه الكريم (انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا) واي خسارة افدح من كون العالم ينظر الينا، فاذا بلد مسلم يشن حربا على جار مسلم تحصد النفوس والطاقات والعمران ثماني سنين وبعدها يغدر بجار مسلم اخر يريد ان يمحو وجوده! فلما لم يتم له ذلك راح يحتجز من المسلمين الابرياء المغلوبين على امرهم عددا كبيرا على انهم اسرى ليتخذهم رهائن لديه، مناقضا لقيم الاسلام ومبادىء الانسانية».
ويحاول الشيخ جابر الاحمد في اتون هذه المتناقضات والممارسات المرفوضة ان يتلمس نقطة التقاء تجمع مصالح المسلمين كافة فيقول «ان عالم اليوم هو عالم المصالح التي جعلت كثيرا من الدول تتجمع في تكتلات ووحدات بغية تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح لشعوبها فهل نعجز بصفتنا منظمة عن البحث الجدي من خلال وجود اخوي متعاون بعيد عن الانانية والاطماع وحب السيطرة ليكون لنا مكان او اكثر بين هذه الدوائر من الكتل والمجموعات؟».
ولتحقيق شيء من هذا يقترح اول خطوة على طريق التضامن والعمل المشترك فيقول «.. وفي سبيل تحقيق صورة ناصعة لامتنا، ودخول حلبة المنافسة التي تفرضها المرحلة الحالية، ارى ان يكون طريقنا الى ذلك ان نحدد، دون مزايدات ودون المساس بخصوصيات دولنا ضوابط الالتزام من كل الاطراف، واحترام المواثيق ونبذ العدوان..».
وفي هذا الاطار يمضي قائلا «.. وتتجه جهودها - في الوقت نفسه - نحو البحث عن الوسائل الممكنة البالغة الوضوح والتحديد والخطوات والمراحل لتحقيق اهدافنا الى البحث عن صيغة عملية نضمن من خلالها قدرا متفقا عليه من التنسيق بين مواقف الدول الاسلامية، فان لم يصل الى التطابق فلا يصل الى التضارب والتناقض..».
وفي ختام المؤتمر صدر اعلان عرف باسم «اعلان طهران» استنكر المؤتمرون من خلاله ما تقوم به اسرائيل من اعمال هادفة الى تغيير الوضع الديموغرافي في القدس، مشددين على ضرورة تخلي اسرائيل عن ارهاب الدولة وداعين الى جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل والطلب من اسرائيل الانضمام الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية ووضع كل منشآتها تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذا دعوة العراق الى استكمال تنفيذ التزاماته بموجب قرارات مجلس الامن الدولي المتعلقة بعدوانه على دولة الكويت.
وكان الشيخ جابر الاحمد قد صرح لوكالة الانباء الايرانية لدى وصوله الى مطار «مهرباد الدولي» ان ما بين دولة الكويت والجمهورية الاسلامية الايرانية من لحمة الجوار، وما يضمنها من تاريخ قديم زادها الاسلام عقدا ومتانة، وما يجمعنا من حاضر يفرض نفسه بكل ما يحويه من متطلبات لمواجهة تغييراته المتلاحقة، هذه العلاقة الثنائية تضعنا امام مسؤوليات جمة لا يتوقف اثرها على بلدين جارين وشعبين مسلمين بل يتعداها الى الصالح الاسلامي العام.
معلنا عن سعادته وتفاؤله بهذا اللقاء حين يشير «انني لسعيد ان اصل الى طهران لاشارك في القمة الاسلامية الثامنة التي تحتضنها وترعاه الجمهورية الاسلامية الايرانية، والتي لها اكثر من جانب مميز، وخصوصا، من زاوية الرؤية الكويتية ومن ثم فانني واثق بان هذه القمة الاسلامية ستتصدى بايمان وموضوعية لكل ما يهم عالم الاسلام من قضايا النهضة والتنمية ومواجهة التحديات الذاتية والعالمية من خلال الادارة الحكيمة للرئاسة الايرانية التي تحيط بكل ما يهم الامة العربية ويعلي شأنها».
لم تتوقف جهود الشيخ جابر الاحمد عند حدود ما سلف ذكره من مساع واجتهادات لتأكيد هوية منظمة المؤتمر الاسلامي في كل مناسبة دولية او اقليمية بوصفها تكتلا دوليا، لابد من ان يؤخذ في الاعتبار ضمن معطيات المنظومة الدولية بل تجاوز ذلك الى مآثر وانجازات عديدة لو سطرت بتفاصيلها لاصبحت اصدارا قائما بذاته.
فعلى المستوى المحلي قرن القول بالعمل حين اصدر في 2 ديسمبر عام 1991 م المرسوم رقم 139/91 بانشاء اللجنة الاستشارية للعمل على استكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في دولة الكويت هذه اللجنة التي لا تزال الى اليوم تواصل اعمالها في تنقية القوانين الوضعية الكويتية بما يتواءم واحكام الشريعة الاسلامية السمحاء.
وفي ميدان المعرفة والثقافة كانت للشيخ جابر الاحمد جهود بارزة في تأكيد دور الاسلام والمسلمين في اثراء المعرفة والثقافة والحضارة العالمية وهذا ما حدا بمدير عام المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «ايسيكو» في 12 نوفمبر عام 1996 م الى اهدائه درع المنظمة تقديرا لمواقفه الداعمة للارتقاء بانشطة المنظمة، واهتماماته في مجال المعرفة العلمية والتربوية والثقافية.


وفي مجال الاعمال ا لخيرية، وبخاصة النشاطات المساندة لجهود المنظمات والتنظيمات الاهلية والاسلامية، كانت له دوما يد بيضاء ومبادرات كريمة نابعة من ايمانه باهمية العمل الشعبي المرادف والمؤازرة للانشطة وللفعاليات الرسمية وكان النشاط الخيري واحدا من ابرز تلك الاهتمامات التي اولاها عناية كبيرة، وبخاصة في الدول الاسلامية المتضررة نتيجة للحروب او الكوارث الطبيعية تجلى في دعمه للهيئات الاهلية الساعية لاعمال الخير واسعاد البشرية في القارة الافريقية وغيرها من المناطق المحتاجة لمثل هذه الخدمات في العالم.

الأسرة الدولية

اولى الشيخ جابر الاحمد اهتماماً بالغاً للقضايا الدولية في مجملها، وبخاصة تلك القضايا المتصلة بالوطن العربي والامة الاسلامية..هذا الاهتمام الذي لم يقل حماساً عن اهتمامه بقضايا الكويت، او تلك القضايا الساخنة المتصلة بالشأن العربي والاسلامي.
فقد كان ينظر الى القضايا العالمية كوحدة واحدة وفي حلقات متصلة، وان كانت لكل منها خصوصيتها، الا ان تأثيراتها وتداعيات احداها على الاخرى جعلت قضايا هذا الكون قضية واحدة، ومنبعها الاقتصادي او السياسي هو امتداد لبعضها. وكان فكر الشيخ جابر الاحمد في معالجة القضايا الدولية ومصادرها الاساسية يتضح بشكل جلي في المقترحات والمبادرات التي كان يتقدم بها الى المحافل الدولية سعياً وراء حلول مناسبة، لعلها تمكن المجتمع الدولي من الوصول الى حال من الانفراج تزيل عنه مخاطر الانزلاق في حرب كونية، لا يعرف الانسان مداها وتأثيراتها المدمرة للبشرية، بعد ان اصبح العالم يمتلك اليوم من سلاح الدمار الشامل ما يمكنه من ان يفني الكرة الارضية برمتها.
لقد عانت البشرية الكثير من الحروب السابقة، سواء أكانت الحرب العالمية الاولى ام الثانية، ام الحروب الاقليمية المحدودة، ورغم امكاناتها وادواتها التقليدية في عملية المواجهة، ما زالت هناك مجتمعات تعاني الى اليوم من آثارها المدمرة. فاذا كانت القدرات المحدودة بالامس قد تركت مثل تلك الاثار المفزعة، فماذا سيكون عليه الامر في الغد حين تتبارى دول عددية، سواء اكان ذلك في العالم المتقدم ام في دول العالم الثالث، في التصدي لبعضها بأدوات وآليات ووسائل يمكن ان تفني الجميع؟
هنا، كان الشيخ جابر الاحمد يرى دوماً ان الفكر الانساني اذا ما استخدم استخداماً سليماً ومنتجاً وموجهاً نحو خدمة البشرية والانسانية والسلام، فإنه سيكون اقوى واكثر فاعلية من ادوات وآليات الدمار الشامل. لذا فإن جميع المبادرات التي تقدم بها للمحافل الدولية في هذا الصدد كانت نابعة من ذلك الفكر وفي نفس الاتجاه، وهذا ما نلمسه في الحوارات الدولية اليوم بعد ان وضعت الحرب الباردة بين المعسكرين اوزارها، واصبحت لغة الكلام والحوار البناء هي المنهج الذي يسير في فلكه عالم اليوم في حل المعضلات السياسية وقضاياها الساخنة بعيداً عن التهديد والوعيد باشعال حرب عالمية ثالثة. كما كانت الحال في الفترات العصيبة التي واجهها العالم ابان الحرب الباردة.
نحن لا ننكر انه في اطار هذا التوجه الحضاري الداعي لعالم نظيف من الصراعات والحروب، برزت تيارات سياسية اعتمدت لغة العنف والارهاب طريقاً للمواجهة في حسم صراع الحضارات، ونسي اصحاب هذه المدارس ان العالم قد دخل الالفية الثالثة بعقلية جديدة تحاول من خلاله اعادة صياغة تاريخ الانسانية، لتكون اكثر اشراقاً وتفاؤلاً لمستقبل آمن كان يوماً حلم البشرية.
نقول ذلك، لان سياسة الكويت التي اتخذت الوسطية منهجاً لها، والتي اكدها الشيخ جابر الاحمد على مسامع العالم في اكثر من مناسبة،هي سياسة تقوم على مبادىء الوفاق والسلام العالمي، وتنبذ العنف والارهاب على مختلف اشكاله.. سياسة تنبع من روح القانون الدولي والنظام العالمي الجديد القائم على قوة القانون والشرعية الدولية، واستخدام الادوات والصلاحيات التي يوفرها ميثاق الامم المتحدة، مع التمسك والحفاظ على الهوية العربية والتراث الاسلامي السمح.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:11 AM

[frame="1 80"]
السلام والتعاون الدولي

ان السلام العالمي والتعاون الدولي من القضايا الدولية ذات البعد الانساني، وهما المدخل الاساسي لارساء قواعد السلام والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر والعوز اينما كانا، وكسب صداقات دولية مبينة على ممارسات واقعية ومصالح مشتركة.
وليس ما سيأتي ذكره في الصفحات القادمة الا بعضاً من تلك الممارسات والجهود التي سعى الشيخ جابر الاحمد لتأكيدها على ارض الواقع من منظور علمي وعملي، يحفظ كرامة الدول وسيادتها، ويعمد الى سعادة البشرية وحمايتها، ونشر العدل والسلام في ربوع المعمورة.
في يوليو عام 1979م بعث الشيخ جابر الاحمد رسالة الى الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان حول تنظيم العلاقات العربية ـ الاوروبية، بعد ان شهدت هذه العلاقة الكثير من التقلب نتيجة سياسات فرنسا واوروبا عموماً تجاه شعوب دول العالم الثالث، من بينها الدول العربية.
لقد جاءت رسالته الى الرئيس الفرنسي لتحدد معالم الطريق الجديد للتعاون العربي ـ الاوروبي، حيث تميزت الرسالة بالتوازن العاقل، اذ انها لم تكتف بمطالبة اوروبا بدعم القضايا العربية العادلة، بل تجاوزت ذلك بلغة العصر، وهي لغة المصالح المتبادلة التي من خلالها يصبح الحديث مقبولاً.
وعليه، فإنه في هذه الرسالة ربط بين قضية العدل، وبين المصلحة العامة. فالدعم السياسي المطلوب هنا للعالم العربي، يقابله تأمين مصلحة اوروبا في ضمان استمرارية تدفق النفط.
من هنا، جاءت الرسالة لتكون بمثابة نقطة تحول في بناء العلاقات العربية ـ الاوروبية. وسوف يسجل له التاريخ بأن خطوته هذه كانت بمثابة حجر الاساس في مسيرة العرب الجديدة نحو بناء الذات والتحرر من عوامل الضغط والاحتكار.
في الفترة من 7 ـ 21 سبتمبر عام 1980م قام الشيخ جابر الاحمد بزيارة عدد من الدول الاسيوية في اول جولة عمل له منذ توليه مقاليد الحكم، شملت: «باكستان ـ بنغلاديش ـ اندونيسيا ـ ماليزيا ـ سنغافورة»، تركزت مباحثاته مع قادة ورؤساء هذه الدول حول علاقات الكويت معها في المجالات الاقتصادية والسياسية، ومجالات المال والاستثمار بما يحقق توسيع هذا التعاون وتنسيقه وتنميته كما تناولت المباحثات ايضاً تعاون الكويت، وهذه الدول في سبيل ابعاد منطقة المحيط الهندي، التي تشمل الكويت وهذه الدول عن الحروب، وعن تدخل الدول الكبيرة بكل اشكاله وصوره.
وفي مجال المال والاستثمار استهدفت مباحثاته مع قادة هذه الدول من اجل اقامة مشروعات في صناعة البتروكيماويات، ومختلف الصناعات التي تعتمد على النفط ومشتقاته كمادة اساسية فيها. وكانت جهات الاختصاص في الكويت قد طلبت ـ في نطاق التحضير لهذه الجولة ـ اعداد تصوراتها الخاصة حول مجالات التعاون مع الكويت بشكل عام والتعاون الاسلامي بشكل خاص.
وفي باكستان التي وصلها الشيخ جابر الاحمد في 7 سبتمبر عام 1980م، بدعوة من الجنرال محمد ضياء الحق رئيس الجمهورية، صدر بيان مشترك تضمن نتائج المباحثات التي دارت بين زعيمي الدولتين والتي شملت العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبخاصة ما يعلق منها باقليم آسيا والعالم الاسلامي.
وفي هذه الزيارة امر ببناء عدد من المساجد والمدارس والمستشفيات، وحفر الابار للمياه في عدد من القرى الباكستانية هدية من شعب الكويت لشعب باكستان. كما قام بغرس شجرة في منطقة جبلية تشرف على مدينتي «اسلام اباد وروال بندي» وكان زعماء آخرون مثل المغفور له العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز، وملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء السوفييتي الكسي كوسيجن، ورئيس الوزراء الصيني الراحل شيوان لاي، قد قاموا بغرس اشجار مماثلة اثناء زيارات سابقة قاموا بها لباكستان.
وقال اثناء قيامه بغرس الشجرة: «... انني سعيد بأن اغرس هذه الشجرة تعبيراً عن علاقات المودة والصداقة القائمة بين شعبي باكستان والكويت. وانني اتضرع الى المولى العلي القدير ان يلهم شعبي بلدينا بذل جهودهما لتعزيز الاسلام، وايفاد المسلمين من اجل السلام والتفاهم في العالم...».
وفي بنغلاديش التي وصلها الشيخ جابر الاحمد في 11 سبتمبر عام 1980م، بدعوة من الرئيس ضياء الرحمن رئيس الجمهورية، صدر بيان تحدث حول الجو الودي والتفاهم المشترك الذي ساد محادثات الزعيمين، والمحادثات المثمرة بين الوزراء المرافقين له، ونظرائهم من جمهورية بنغلاديش، مؤكدين عزمهما المشترك على تطوير العلاقات وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات لما فيه مصلحتهما.
وعليه، تم الاتفاق على مواصلة التعاون بين البلدين في مجال استكشاف النفط والغاز، وزيادة حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والدخول في المشروعات المشتركة ذات المنفعة المتبادلة هذا وقد تم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية النقل الجوي بين البلدين.
وفي مجال استعراض الزعيمين للوضع السياسي الدولي، اكد الجانبان على اهمية قيام المجتمع الدولي بتكثيف جهوده من أجل تعزيز السلام والامن في العام، والعمل على مواصلة الجهود من اجل اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد على اساس من العدالة والمساواة، وان النزعات الدولية يجب حلها في اطار مبادىء ميثاق الامم المتحدة وآلياتها. مع التأكيد على ضرورة تعزيز التضامن بين الدول الاسلامية والسعي لجعل المحيط الهندي منطقة سلام، وان الامن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط لا يمكن تحقيقهما الا بانسحاب اسرائيلي من جميع الاراضي العربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية المشروعة كافة، بما فيها اقامة دولته المستقلة.
وفي اندونيسيا التي وصلها الشيخ جابر الاحمد في 13 سبتمبر عام 1980م بدعوة رسمية من الرئيس سوهارتو، جرت محادثات بين الزعيمين تناولت مجمل العلاقات الثنائية والاسلامية والدولية، كما جرت محادثات مثمرة بين الوزراء المرافقين به، ونظرائهم من جمهورية اندونيسيا.
وقد صدر في العاصمة «جاكرتا» بيان يؤكد فيه الجانبان على حق شعبي افغانستان وكمبوديا في تقرير مصيرهما ومستقبلهما السياسي دون اي تدخل اجنبي او اكراه او ترهيب وان السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الاوسط لا يمكن تحقيقه الا بانسحاب اسرائيلي من جميع الاراضي العربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس. كما اتفق الجانبان على ضرورة بذل الجهود كافة من قبل المجتمع الدولي، وخاصة الدول المتقدمة من أجل تحقيق تقدم ملموس نحو اقامة النظام الاقتصادي الدولي الجديد، معربين عن قناعتهما بان تحقيق ذلك يجب ان يتم ضمن اطار الامم المتحدة.
وفي هذه الزيارة اعرب الجانب الكويتي عن استعداده لدراسة امكانية المشاركة في عدد من مشروعات التنمية في القطاعات الاساسية من الاقتصاد الاندونيسي، وكذلك في المشروعات المجدية في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة، ومن بينها مشروع محطة «باتام» للتكرير. كما تم الاتفاق على عقد اتفاقية تجارية بين البلدين وتنمية العلاقات الثقافية والعلمية، ودراسة سبل تعزيز التعاون بينهما في مجالات التربية والعلوم والدراسات الحضارية.
بدعوة من رئيس الدولة الاعلى السلطان حاجي احمد شاه المستعين بالله، حيث استقبل والوفد المرافق له بحفاوة بالغة من قبل رئيس الدولة الاعلى وحكومة وشعب ماليزيا وفي جو من الود والصداقة استعرض الجانبان التطورات المتزايدة في علاقتهما الثنائية، وأكدا من خلالها رغبتهما المشتركة في تعزيز وتطوير هذه العلاقة وتوسيع مجالات التعاون في مختلف المجالات لما فيه مصلحة البلدين.
وفي ختام هذه الزيارة صدر في العاصمة كوالالمبور» بيان مشترك أكد فيه الزعيمان على جملة من المعطيات الثنائية والاقليمية والدولية، وفي مقدمتها بذل الجهود من أجل تطوير التعاون العلمي والثقافي بين البلدين، ودراسة امكانية المشاركة في عدد من مشاريع التنمية الاقتصادية والتجارية في ماليزيا.
وفي مجال استعراضهما للوضع السياسي الدولي، اعرب الجانبان عن قلقهما للتوتر وعدم الاستقرار الناتجين عن خرق مبادىء ميثاق الامم المتحدة، واكدا ايمانهما بان السلام الدائم لا يمكن تحقيقه دون الالتزام التام بتلك المبادىء ومراعاتها، وخاصة ما يتعلق منها بالاستقلال الوطني والسيادة والسلامة الاقليميتين لجميع الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم اللجوء الى القوة او التهديد بها في حل المشاكل الدولية.
من جانب اخر، أكد الجانبان ـ ايضا ـ على ضرورة تعزيز التضامن والتعاون بين الدول الاسلامية وشعوبها، وتعهدا باستمرار تمسكهما بمبادىء ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي، وتأييدهما التام للتعاون المثمر بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي.
كما اعرب الجانبان عن اهمية وحدة وتضامن دول عدم الانحياز، مؤكدين التزامهما التام بمبادىء واهداف الحركة بصفتها عاملا اساسيا لتعزيز السلام والامن في العالم.
انهى الشيخ جابر الاحمد زيارته الرسمية للدول الاسيوية بتاريخ 20 سبتمبر عام 1980م وكانت سنغافوره التي وصلها في 18 سبتمبر عام 1980م بناء على دعوة من الدكتور هنري بنيامين شريو رئيس الجمهورية، آخر محطة له في تلك الزيارة، حيث صدر بيان مشترك عن الجانبين «الكويت وسنغافورة» اكدا فيه تمسكهما بمبدأ عدم الانحياز، ورفضهما للتدخل الاجنبي في شؤون الدول الاخرى. ودعت الدولتان الى اقامة سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط قائم على اساس انسحاب اسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة كافة، ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه الثابتة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، والسيادة والاستقلال الوطني.
كما أكد الجانبان على اهمية الدور الذي تلعبه منظمة دول جنوب شرقي آسيا في مجال تعزيز التعاون الاقليمي في جنوب شرقي آسيا بروح من المساواة والاحترام المتبادل من اجل تحقيق السلام والرخاء والتقدم في المنطقة.
وفي مجال استعراضهما للوضع السياسي الدولي، اكد الجانبان على ضرورة قيام جميع الدول غير المنحازة ببذل الجهود كافة لتعزيز السلام والامن العالميين، معربين عن قلقهما الشديد بالاتجاه نحو ممارسة التدخل الاجنبي في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، مبديين معارضتهما لهذا الاتجاه ولاستخدام القوة لحل النزاعات بين الدول. وان تكون الوسائل السلمية المتفقة والمنسجمة مع ميثاق الامم المتحدة،. هي الطريق لحل مثل هذه النزاعات الدولية.
واتفق الجانبان ايضا على ضرورة بقاء الجهود اللازمة من قبل المجتمع الدولي. وخاصة الدول المتقدمة من اجل ضمان التقدم الايجابي الملموس نحو اقامة النظام الاقتصادي الدولي الجديد، كما اتفقا ـ ايضا ـ على ان الامم المتحدة هي الاطار المناسب لاجراء المفاوضات بشأن ذلك.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:11 AM

[frame="1 80"]تاريخ 21 سبتمبر عام 1980م استقبلت الكويت بكل المحبة الصادقة اميرها العائد من جولته الاسيوية التي استمرت اسبوعين كاملين كانت حرارة الاستقبال تعبيرا عن العلاقات الاسرية الوثيقة التي تربط شعب الكويت بأميرها الوالد، والتي تجسد ـ عمليا ـ روح الاسرة الواحدة التي كانت سمة ملازمة للكويت عبر تاريخها الطويل.
وقد ادلى الشيخ جابر الاحمد بتصريح صحفي لدى وصوله ارض الوطن، اشار فيه الى ان زيارته للدول الاسيوية ـ رغم قصر المدة ـ قد هيأت له ولاعضاء الوفد المرافق الفرصة للاطلاع على الاوضاع في هذه الدول، وتكون فكرة واضحة وحقيقية عن طبيعة هذه البلاد ومشاكلها.
مشيرا الى ان عدد سكان هذه الدول يبلغ حوالي خمس عدد سكان العالم، لذا فهي تكتسب اهمية بالغة، ليس فقط بالنسبة للكويت، بل وبالنسبة للوضع الدولي ككل، كما انها تضم اكبر عدد من المسلمين في العالم اجمع، وللكويت مع جميع هذه الدول علاقات قوية ومتينة ترتكز اساسا على الثقة والتقدير المتبادلين.
ويمضي سموه في تصريحه الصحفي، فيؤكد: ان من اهداف الزيارة الى هذه الدول تعزيز وتقوية العلاقات عن طريق اللقاء المباشر مع قادتها والمسؤولين فيها، والتباحث معهم حول القضايا كافة التي تهم الكويت وانه خلال كل المباحثات التي اجراها مع قادة هذه الدول والمسؤولين فهيا، كان التوافق في الاراء واضحا حول القضايا التي طرحت للبحث.
بتاريخ 13 فبراير عام 1981م وجه الشيخ جابر الاحمد كلمة الى مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في نيودلهي، هنأ فيها المؤتمرين بالذكرى العشرين لمؤتمر القمة الاول لدول عدم الانحياز، مشيدا في رسالته بمبادىء حركة عدم الانحياز، ومذكرا بان الحركة برزت بصفتها قوة متميزة في وقت طغت فيه الحرب الباردة بين المعسكرين.
مؤكدا بان هذه المبادىء تمثل اماني شعوب العالم كله، فهي مبادىء تسعى لتحقيق السلام القائم على المساواة، وهي مبادىء تدعم الحق، وتتصدى للباطل، وتؤازر المظلوم، وتواجه الطغيان، وتنشر الود، وتنشد الصداقة.
مشيرا الى ان الحركة بدأت بعدد محدود من الدول، ولكنها ما لبثت ان استقطبت اكثر من تسعين دولة مهمتها القضاء على كل ما يعرقل سيادة السلام والعدل، مما يجعلنا نشعر بالفخر للدور الذي تلعبه هذه الحركة.
وفي مطلع سبتمبر عام 1981م قام الشيخ جابر الاحمد بزيارة لدول البلقان، شملت «تركيا ـ بلغاريا ـ رومانيا ـ هنغاريا ـ يوغسلافيا» تلبية لدعوات من رؤساء وقادة هذه الدول، وذلك للتعرف عن كثب على اوضاع هذه الدول، وايجاد فرص التعاون وتبادل المصالح بينها، وبين دولة الكويت وكذا توثيق اواصر الصداقة والتعاون بين الكويت وهذه الدول.
وهناك، هيأت الزيارات الفرصة له ولاعضاء الوفد المرافق لاجراء محادثات مع رؤساء، وقادة هذه الدول، وكبار المسؤولين الرسميين فيها، حيث لمس الرغبة المخلصة في تدعيم التعاون بين الكويت وهذه الدول، سواء أكان ذلك تعاونا ثنائيا ام ضمن المنظمات والهيئات الدولية، وخاصة فيما يتعلق بالوضع. العالمي وضرورة العمل من اجل ان يسود السلام والاستقرار ربوع العالم كافة.
وفي اطار هذا المفهوم كانت مباحثاته حول حركة دول عدم الانحياز، والدور الرائد الذي يجب ان تقوم به الحركة من اجل الاستقرار العالمي والانفراج الدولي.
وفي 8 مارس عام 19883م اشار الشيخ جابر الاحمد الى ان عدم الانحياز في جوهره، هو انحياز للانسان والحق والعدل، وان حركتنا تسودها الآن ـ مع الاسف ـ ظاهرة البعد عن الالتزام الحقيقي بمبادئها، او فقدان الكثير من المصداقية العائدة للتصادم في التأويل الخاطىء لجوهر هذه المبادىء جاء ذلك في كلمة له ألقاها امام مؤتمر القمة السابع للحركة، اكد فيها: «... انه اذا كان الامل في السلام العادل المستند الى الحق على الصعيد العالمي بعيدا، فلا اقل من ان نبذل اقصى الجهد في حدود الممكن»... وهنا، تقدم بأربعة مقترحات عملية نوجزها في الآتي:
1 ـ السعي الى وقف النزيف الدموي بين الدول الاعضاء في حركة عدم الانحياز، سواء أكان الصراع بين جارتين ام بتأثير ودعم من قوة خارجية. وقد استشهد بعدد من الحالات، ابرزها كانت الحرب العراقية الايرانية.
2 ـ مساندة الشعوب المضطهدة على استرداد حقها في وطنها. وهنا، قدم نموذجين صارخين متناظرين في الشرق الاوسط وافريقيا، اولهما: الشعب الفلسطيني، والثاني: شعبا ناميبيا وجنوب افريقيا، حيث يعاني كل منهما تعنت غاصب انتزع الارض من اهلها بقوة السلاح، غير عابئين بقرارات الادانة التي صدرت عن الامم المتحدة، والمؤسسات، واللجان الدولية المنصفة.
3 ـ دعم المؤسسات النوعية والاقليمية التي تلتقي اهدافها مع مجموعة عدم الانحياز، والمحافظة على وحدتها وفعاليتها، وهنا يشير الى ان الدول الصناعية قد شنت على هذه المؤسسات حرب اسعار خفضت عائداتها ففي الوقت الذي كانت تقوم فيها الدول النفطية بعون الكثير من الدول النامية على مواجهة ازماتها الاقتصادية، كانت الدول الصناعية المتقدمة توسع آفاق هذه الحرب، وتبذل جهودها الدائبة لخفض اسعار النفط، علما بان معظم الدول التي تنتج هذه السلعة هي من دول العالم الثالث.
وهنا توقع الشيخ جابر الاحمد حدوث انخفاض في عائدات الدول النفطية، الامر الذي سينعكس سلبا على قدرة الدول المنتجة في انجاز مشروعاتها الانمائية في الداخل، وعلى مساعدة الدول الصديقة والنامية لتتابع مشروعاتها، كما تقل قدرتها على دعم الحركات التحررية التي تطالب بحقوقها المشروعة، وان الثمار المرة من هذا الحصاد هي اضعاف الروابط فيما بين الدول النامية، وانكفاء كل منها على مشكلاتها الداخلية، واستئثار الدول الصناعية المتقدمة بتسيير الاقتصاد العالمي، بينما كان الامل معقودا على قيام نظام اقتصادي عادل جديد يتسم بالعدالة، واعادة تقسيم العمل والادوار بين دول الشمال ودول الجنوب بما يحقق الرخاء للجميع.
4 ـ افساح المجال امام علماء دول عدم الانحياز، وتشجيعهم على الابداع وتطوير تقنيات تتلاءم وظروف الدول الاعضاء دون الاقتصار على الاستيراد والنقل من الدول المتقدمة، وهذا الاتجاه يفتح الطريق ـ بلا شك ـ الى تعاون اوثق بين دول عدم الانحياز، دون انطواء عن تيارات التقدم العلمي العالمية، ودون تبعية، او خضوع لها.
بتاريخ 24 يناير عام 1987م اعرب الشيخ جابر الاحمد عن دعم الكويت الكامل للامم المتحدة، وتمنى لها ولوكالاتها المتخصصة كل نجاح في القيام بالمهمات الكبرى المنوطة بها جاء ذلك في خطاب وجهه بمناسبة يوم الامم المتحدة، معلنا تمسك الكويت بالمبادىء السامية التي تجسدت بميثاقها، منوها بالتزام الكويت بالقانون الدولي الذي ينبغي ان يحكم العلاقات بين الدول كبيرها وصغيرها، مؤكدا بأن عالمنا اليوم لفي حاجة ماسة الى مثل هذه المنظمة التي ينبغي ان تعبر عن الارادة الحرة للمجتمع الدولي دون اي تدخل، وان تسمو في قراراتها الحاسمة على المصالح والاهواء وبذلك تحتفظ بهيبتها ومصداقيتها، وتتمكن من معالجة القضايا الملحة التي تصرخ منذ سنين وسنين متطلعة اليها، منذرة بتهديدها للسلام العالمي.
تأسيسا على ما سبق، يحدثنا عبد اللطيف البحر، فيقول: «... نطاق السياسة الخارجية، مدت الكويت تحت قيادة سمو الشيخ جابر الاحمد جسور التعاون والعلاقات الطيبة مع كل الدول العربية والاسلامية وغيرها من دول العالم، ونتيجة لهذه العلاقات المتميزة، ولدور صاحب السمو في رسمها وتكريسها، فقد اصبحت الكويت دولة مقبولة من كل الاطراف و«لجمال عبد الناصر» في مطلع الستينات قول مأثور عن الكويت، حين قال: انها الشمعة المضيئة في الخليج العربي»...
ويمضي البحر في حديثه، فيشير: «... لقد قام سمو الشيخ جابر الاحمد بزيارات عديدة الى العالم العربي والدول الافريقية، وبعض دول اوروبا الغربية، والولايات المتحدة الامريكية، واليابان، وروسيا، والصين، وبعض دول اوروبا الشرقية التي لم تكن بوابة الخليج مفتوحة امامها سياسيا في ذلك الوقت فكان لإقامة هذه العلاقات الدبلوماسية بين الكويت وهذه الدول، ان مهدت الطريق الى بوابة الخليج، وكان لما لشخص سموه ومكانته «وهو وزير للمالية آنذاك»، يعامل بروتوكوليا في هذه الدول معاملة الملوك والرؤساء، ويحظى بالاحترام اللائق بشخصه، وبلده الكويت»...
وفي هذا السياق يمضي محدثنا البحر، فيقول: «... اذكر انه دعي في اول زيارة لسموه الى الولايات المتحدة الامريكية، الى نادي نخبة كبار الاقتصاديين في العالم، امثال: ديفيد روكلفر، ويوجين بلاك رئيس البنك الدولي الاسبق، والاقتصادي البريطاني كلود لو، ولا يحضرني حاليا اسم النادي الرسمي، لكن ما اعرفه انه الآن مغلق على سبعة اعضاء فقط من الشخصيات الاقتصادية العالمية، ورغم ان سموه وقتها كان وزيرا للمالية، الا انه دعي الى حفل عشاء في هذا النادي الذي لا يستقبل الا رؤساء الدول او الحكومات، وعومل معاملة رئيس دولة تقديرا لمكانته الفكرية في عالم الاقتصاد والمال، واحترامهم له كرجل المستقبل في الكويت»...
ويؤكد بدر النصر الله بعضا مما ذكره البحر، فيقول: «... كان لديه طموح عجيب، فقد فتح آفاقا جديدة في السياسة الخارجية في المنطقة عندما زار الاتحاد السوفييتي والصين في الستينات، وفتح امامهم بوابة الخليج عندما كان الامر غير مألوف ـ آنذاك ـ لدى دول المنطقة.
وهذا يدخل في نطاق استشرافه لمستقبل السياسة الخارجية والعلاقات الدولية للكويت، ودول الخليج العربية من هنا، حظي سموه باحترام روسيا، وعومل في الصين بروتوكوليا كرئيس دولة بينما كان ـ آنذاك ـ وزيرا للمالية...


سموه ودعم حركات التحرر الوطني في العالم الأمير برز كأحد الزعماء المدافعين الداعمين سياسياً لحركات التحرر الوطني
الحلقة الرابعة والعشرون

لقد شهد القرن العشرون نمواً استهلاكياً عالمياً غير مسبوق، ألحق ضرراً اجتماعيا بالغاً بالدول النامية، وبخاصة الدول الاشد فقراً.
يشير التقرير السنوي لبرنامج الامم المتحدة للانماء لعام 1998 الى ان نفقات الاستهلاك الخاص والعام قد بلغت 24 تريليون دولار امريكي في عام 1998م، وهو ما يمثل ضعف المستوى الذي بلغته في عام 1975م، وستة امثال المستوى الذي بلغته في عام 1950م. اما في عام 1990م، فلم تكد تصل نفقات الاستهلاك الحقيقي الى 5،1 تريليون دولار امريكي.
ويمضي التقرير ليؤكد ان افقر 20% من سكان العالم قد تركوا خارج نطاق الانفجار الاستهلاكي، وان ما يربو على بليون نسمة محرومون من حاجات الاستهلاك الاساسية من بين سكان الدول النامية البالغ عددهم 4،4 بليون نسمة، يفتقر ثلاثة اخماسهم الى مرافق الصرف الصحي، ولا يحصل ما يصل الى الثلث على مياه نقية، ولا يوجد لدى الربع سكن مناسب، ولا يحصل الخمس على الخدمات الصحية الحديثة، ولا ينتظم خمس الاطفال في مدارس الاطفال حتى الصف الخامس، ولا يحصل حوالي الخمس على ما يكيف من الطاقة الغذائية والبروتين.
من جانب آخر، يؤكد التقرير، وعلى مستوى العالم، ان بليوني نسمة يعانون من فقر الدم، بينهم 145 مليوناً في الدول النامية، وان اقلية محظوظة في هذه الدول هي التي توجد لديها وسائل نقل تعمل بمحركات، ووسائل اتصالات سلكية ولاسلكية، ووسائل حديثة للطاقة.
وحول التفاوت المذهل في الاستهلاك بين الاغنياء والفقراء من دول العالم يشير التقرير ان 20% من سكان العالم ممن يعيشون في البلدان ذات الدخل الاعلى مسؤولون عن 86% من مجموع نفقات الاستهلاك الخاص، بينما تمثل افقر نسبة 20% جزءاً صغيراً من تلك لا يتجاوز 3،1%.
من هنا، ووفقاً للاوضاع الانسانية المتردية في اغلب الدول النامية، والهوة السحيقة بين الاغنياء والفقراء من دول العالم، يشير التقرير الى ان العمر المتوقع سيبلغ 70 سنة في الدول الصناعية و55 سنة في الدول النامية و45 سنة في اقل الدول نمواً.
وعلى الرغم من ذلك، فهناك دول نامية يتوقع ان يصل فيها اعلى عمر افتراضي الى 79 سنة، مثل: هونج كونج، و77 سنة كسنغافورة، و76 سنة كبربادوس، و75 سنة كدولة الكويت و64 سنة كدولة الامارات العربية المتحدة. يقابلها في ذات الوقت ادنى عمر متوقع، مثل رواندا 28 سنة، وسيراليون 35 سنة وليبيريا 40 سنة، واوغندا 41 سنة، وزامبيا 43 سنة، وافغانستان 45 سنة، وغينيا 46 سنة.
ومن المعروف ان الشيخ جابر الاحمد من رؤساء الدول الناشطين في التصدي لقضايا الفقر والتخلف في الدول النامية، وبخاصة في القارة الافريقية ذلك لانه عاش في مجتمع عانى في ماضيه الكثير من الحرمان وقسوة الحياة، لكن عزاءه انه كان مجتمعاً منتجاً متكافلاً.
فقد امتد اسطول الكويت التجاري البحري الى سواحل الهند وشرقي افريقيا، ولم يتوقف ذلك الاسطول عن العمل الا عند حدود عقد الستينيات، بعد ان منّ الله على المجتمع الكويتي بنعمة الخير والرفاه، وبالتالي فإن الشيخ جابر الاحمد اقدر من غيره على تفهم معنى الفقر والتخلف والسعادة والتقدم.
لقد جرت في مطلع عقد التسعينيات حتى منتصفها مناقشات دولية جادة حول التنمية المستدامة، وهي احد الابعاد المهمة للتنمية البشرية، والتي تعنى بتلبية حاجات الاجيال الحالية، دون تعريض قدرات وفرص الاجيال القادمة للخطر.
ولهذا العرض سارعت الامم المتحدة الى عقد مؤتمري قمة عالميين: احدهما، في «ريودي جانيرو» عام 1992م حول البيئة والتنمية، والآخر عقد في «كوبنهاجن» عام 1995 حول التنمية الاجتماعية.
وامتدادا لذلك الماضي بمرارته والحاضر باشراقته، جاء اهتمام الشيخ جابر الاحمد عظيماً بهذين المؤتمرين، لانه وجد فيهما بارقة أمل لتحقيق شيء من افكاره حول تلك الاوضاع غير الانسانية التي تعيشها شعوب الدول النامية، وبخاصة الدول الاشد فقراً.
من هنا، جاءت مشاركته في كلا المؤتمرين نابعة من مسؤوليته الانسانية تجاه فقراء العالم الذين يرزحون تحت نير العوز، والفاقة والحرمان، والجهل والمرض.
ففي كلمة القاها امام قمة الارض في «ريودي جانيرو» في 13 يونيو عام 1992م، جاء فيها: «... ان الكويت قد بذلت الكثير في سبيل قضايا التنمية في العالم، حيث تقوم سياستها على دعم المشروعات الانسانية في كثير من الدول المحتاجة الى المساعدة، ولعل العالم ما زال يذكر ان الكويت كان لها شرف الدعوة من فوق منبر الامم المتحدة الى الغاء فوائد الديون، بل حتى اصول الديون عن الدول الاشد فقراً في العالم...».
وفي وقفة مماثلة، وامام مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية الذي عقد في «كوبنهاغن» تحت اشراف الامم المتحدة ايضاً، كان للشيخ جابر الاحمد كلمة في 11 مارس عام 1995م، واشار فيها الى جملة من الامور التنموية من بينها حجم المساعدات الكويتية للدول النامية، والتي بلغت عام 1994م حوالي 3% من اجمالي الناتج القومي. طارحاً امام المؤتمر عدداً من الافكار، يمكن لنا ان نوجزها بالآتي:

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:11 AM

[frame="1 80"] ان هذا المؤتمر ـ وما سبقه ـ كمؤتمر القمة للبيئة، ومؤتمر السكان والتنمية يخدم تطلعات شعوب الارض في ان يكون الاحتفال بمرور خمسين عاماً على انشاء الامم المتحدة تقييماً لهذه التجربة، وسعياً الى اثرائها، واستفادة البشرية من تجاربها السابقة، وترسيخاً لمبادئها، وبخاصة ما جاء في الفقرة الثانية من ديباجة الميثاق التي تطالب دول العالم بأن تسخر هذه الاداة الدولية من اجل نمو ورقي الحياة الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها.
2ـ ان مشكلة الفقر، والت تتمثل في الديون المتراكمة على الدول النامية ـ والبطالة ابرز اسبابها ـ قنبلة موقوتة ستنفجر محدثة دماراً وآثاراً وخيمة جداً اذا لم تقم جهود جادة، ومخلصة لتداركها.
3ـ ان الكويت تؤمن ايماناً مطلقاً بالتوجهات الانسانية، وبأن الالتزام اجدى من الالزام، واذا كان الطريق يبدو طويلا لبلوغ الالتزام، فإنه في النهاية اقصر، وانجح في بلوغ الهدف المنشود.
وهنا، تجدر الاشارة الى انه بالاطلاع على نسبة المساعدات الكويتية الى الناتج القومي الكويتي، يتبين ان الكويت ظلت تحتفظ بنسبة تفوق تلك النسبة المقدمة من الدول الصناعية الى الدول النامية، حيث تراوحت بين 5% الى 8% خلال عقد السبعينيات. وما 3% الى 4% خلال عقد الثمانينيات، وهو العقد الذي شهد انخفاضاً حاداً في اسعار النفط، وانهياراً في سوق الكويت للاوراق المالية الذين انعكست آثارهما بشكل حاد على مجمل اقتصاديات الكويت. اما خلال عقد التسعينيات، وعلى الرغم من الآثار المدمرة والتداعيات الجسيمة للعدوان والاحتلال العراقي، فقد ارتفعت هذه النسبة الى حوالي 4،4% حتى منتصف العقد.
ولو عدنا الى الوراء قليلاً ـ لتأكيد هذه المبادرات الانسانية ـ وبالتحديد في 28% سبنتمبر عام .1988 نجد ان للشيخ جابر الاحمد موقفاً انسانياً وحضارياً امام الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة، يتجاوز كل المساعدات الكويتية للدول النامية.. موقفاً هزّ المشاعر الانسانية والضمير العالمي من اجل فقراء العالم، حين تقدم بمبادرته الشهيرة من اجل معالجة الديون وفوائدها التراكمية المتزايدة على كاهل الدول النامية المدينة والتي تمثل اكبر عقبة امام التنمية في هذه الدول.
وفي بلغراد في سبتمبر عام 1989م، وامام المؤتمر التاسع لدول حركة عدم الانحياز، لم يفت الشيخ جابر الاحمد ان يذكر العالم من جديد بالدعوة التي اطلقها امام الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة من اجل ايجاد حل اقتصادي وانساني، يهدف الى تضييق الفجوة بين دول الشمال ودول الجنوب، يقوم على مبدأ رئيسي هو بحث الغاء الفوائد على ديون الدول المعسرة، واسقاط جزء من اصول تلك الديون بالنسبة للدول الاشد فقراً، مع اعادة النظر في شروط التكيف القاسية التي يفرضها كل من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي على هذه الدول، مع العمل على زيادة وتنظيم العون العلمي والتقني الذي تقدمه دول الشمال الى دول الجنوب.
وفي 27 سبتمبر عام 1990، وامام الدورة الخامسة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة، لم ينس الشيخ جابر الاحمد دعوته ومشروعه الانساني من اجل انتشال الدول المدينة، وخاصة المعسرة من محنتها الاقتصادية التي كانت في تلك اللحظات اقل وطأة ـ وبكثير ـ من محنة الكويت، وهي ترزح تحت نير العدوان والاحتلال العراقي.
لقد كان الرجل على العهد وفياً حين ذكر الاسرة الدولية بالمبادرة التي قدمها من فوق منبر الامم المتحدة عام 1988م، مناشداً اياها الغاء الديون التي تعاني من وطأتها واعبائها، دول حرمتها مختلف الظروف من الرخاء، وتكالبت عليها الضغوط. ففي ذلك اليوم اعلن ـ من جانب واحد ـ ان الكويت انسجاماً مع المبادرة التي تقدمت بها، قررت الغاء الفوائد كافة على قروضها كما ستبحث اصول القروض مع الدول الاشد فقراً.
وفي 27 سبتمبر عام 1991م، وامام الدورة السادسة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة، لم يتردد الشيخ جابر الاحمد في ان يعلن من جديد امام العالم التزام الكويت الفاعل في عمليات التنمية الدولية على الرغم مما اصاب الكويت على يد العدوان والطغيان العراقي من خراب ودمار، وتمزيق للبنية التحتية والاقتصادية والاجتماعية، وكارثة بيئية لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيلاً.
فقد وقف امام الجمعية العام متعهداً باسم الكويت، حين قال: «... وسوف نواصل رغم مطالب اعمار الكويت تقديم المساعدة التنموية في حدود مواردنا، ونعمل مع الامين العام على دعم برامج الامم المتحدة التي تسعى لتحسين الحالة الانسانية، وسيكون صوت الكويت قوياً في تعزيز الجهود التي ترمي الى تخفيض التفاوت الاقتصادي الصارخ بين الشمال والجنوب...».
وهكذا يتضح لنا ان المساعدات الكويتية للدول النامية ارتبطت دوماً بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والارتقاء بمستويات المعيشة في الدول المستفيدة وزيادة فرص العمل بها. وهي مساعدات ميسرة غير مشروطة، والهدف منها عمل الخير، وجعلها وسيلة لتحقيق الرفاه والسعادة لمن حرموا منهما.
من هنا، وتحقيقاً للثوابت في المنظومة الفكرية للشيخ جابر الاحمد، جاء انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في ديسمبر عام 1961م ليجسد ماضي الكويت بحسها الوطني وضميرها الانساني في مد يد العون للدول المحتاجة، وبخاصة الاكثر فقراً، سعياً الى المساهمة الجادة في تنمية اقتصاديات هذه الدول، والحد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها.


دعم حركات التحرر الوطني

لا شك في ان موقف الشيخ جابر الاحمد المؤيدة لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث قد جعلته واحداً من ابرز المدافعين والداعمين سياسياً ومالياً لهذه الحركات من اجل حصولها على الاستقلال السياسي في اوطانها، وسيادتها على ترابها الوطني. وهي حالة من حالات المواجهة ضد الظلم والقهر وسلب الاوطان واستعمارها بالقوة. من هنا، كانت نزعته الانسانية، وتفهمه البالغ لمعنى فقد الاوطان جعله دوماً نصيراً لحركات التحرر الوطني اينما انبعثت اصداؤها.
لقد احتضنت الكويت فصائل المقاومة الفلسطينية على ارضها، وكانت تلك البداية الاولى لتشكيل اول حركة تحرير وطنية «منظمة فتح وجناحها العسكري العاصفة»، انطلقت من ارض الكويت لتقوم بواجبها النضالي من اجل التحرر، ونيل الاستقلال الوطني. وقد قدمت القيادة السياسية الكويتية لهذه الحركة كل التسهيلات وسبل الدعم والعون ـ مادياً ومعنوياً ـ لتقوم بأداء رسالتها الوطنية على الوجه المطلوب.
وكان الشيخ جابر الاجمد واحدا من زعماء العالم البارزين في الدفاع عن الحق الفلسطيني وثورته بصفته حركة تحرير وطني. وما جاء ذكره ـ بشيء من التفصيل ـ عند الحديث عن الاسرة العربية (الفصل الثالث) يوضح بجلاء عمق وابعاد مواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية التي لا تزال منذ عام 1948م هاجس العرب، وكل محب للسلام في العالم.
وعلى المستوى الافريقي كان له ك ايضا ـ دور بارز وحكيم في الدعوة للتحرر الوطني، وعودة الاوطان المستعمرة الى اصحابها الشرعيين. وكان لهذا الصوت صدى عال ومؤثر، خاصة في الدعم والمساندة غير المحدودة لنضال شعوب انجولا، وموزمبيق، وغينيا بيساو، وروديسيا «زيمبابوي حاليا»، وناميبيا، وجنوب افريقيا ضد الاستعمار الاوروبي، وحكم الاقلية البيضاء، الى ان كتب لها النصر وتوج نضالها بالحرية والاستقلال.
لم ينحصر دعم ومساندة الشيخ جابر الاحمد لحركات التحرر الوطني في العالم الثالث في المحيط القطري او الاقليمي، بل انه تجاوز ذلك الى المستوى العالمي. فقد تبنى قضية هذه الشعوب المضطهدة امام المحافل الدولية التي شارك فيها من خلال رسائله الى السكرتير العام للامم المتحدة، وكذلك رسائله الى مجلس الامن الدولي او الجمعية العامة للامم المتحدة. كما لم يتردد في ان يلقي على هذه القضية الانسانية النضالية الضوء كلما اتيحت له الفرصة، وبخاصة في زياراته الرسمية للدول الكبرى، ومن بينها دول كانت معنية باستعمار تلك البلدان التي كانت ساحاتها ـ انذاك ـ مسرحا لحركات التحرر الوطني. وسوف نحاول جاهدين ان نستعرض في السطور التالية شيئا من تلك المواقف الانسانية السامية، تأكيدا للحقيقة:
وفي الدورة الثالثة ولاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة، وفي كلمة له يوم 28 سبتمبر عام 1988م رحب الشيخ جابر الاحمد بالخطوات التحررية التي بدأت في ناميبيا وانجولا منددا بحكومة بريتوريا التي رأى فيها انها لا تزال تعيش في وهم التفوق العنصري الذي أجمع العلم والدين والضمير العالمي على ادانته لما ارتُكب من مظالم وعدوان على حقوق الانسان، مطالبا باطلاق سراح الزعيم الافريقي نلسون مانديلا، الذي كافح من أجل حق مواطنيه في الحياة الكريمة، وتحمل الظلم وقسوة السجن، والذي قال فيه: «تحية الى هذا البطل وابطال الحرية في كل مكان، ولهم نقول، بكل ثقة في غد افضل... ان شمس الحرية ترتفع فلن تستطيع ايدي الظالمين ان تمنع ضياءها عن الانتشار».
وفي 27 اكمتوبر عام 1988م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة بمناسبة اسبوع التضامن مع شعب ناميبيا، وحركة تحريره منظمة شعب جنوب غرب افريقيا «سوابو» اكد فيها تأييد الكويت التام اميرا وحكومة وشعبا لنضال هذا الشعب، وتضامنه معه في استرداد حقوقه المشروعة، بما فيها رفع الهيمنة نهائيا عنه.
وقد وجه حديثه للمنظومة الدولية، قائلا: وهنا أجد لزاما علي، ككل محب للعدل والحق، ان اذكر المجتمع الدولي متمثلا في هيئة الامم، ومجلس الامن في اتخاذ مواقف اكثر ايجابية وحزما وايجاد السبل والوسائل الكفيلة بتنفيذ قراراتها.
كما دعا في هذه الرسالة دول العالم كافة، وخاصة الدول الكبرى، الى ان تعمل جادة على ضمان وتعزيز حقوق الانسان، مجردة من المصالح والاهواء، آملا في احلال السلام والوئام محل الضغينة والخصام. وان السلام يفترض ضمان حقوق الانسان، وبتحقيقه يسود التفاهم المتبادل والثقة المتبادلة والتعاون، وبالتالي يمكن ان يشهد العالم عهدا جديدا من الاستقرار والمزيد من الازدهار والتقدم.
وفي كلمة للشيخ جابر الاحمد في افتتاح الدورة العاشرة للجنة الدائمة للتعاون العربي ـ الافريقي في الكويت يوم 19 يونيو عام 1989م خاطب القارة الافريقية قائلا: وعندكم ايها الاخوة الأفارقة قضايا مناظرة نقف منها موقفنا نفسه من قضية فلسطين: ناميبيا، والتفرقة العنصرية الجائرة في جنوب افريقيا، فحق الشعوب في تقرير المصير والعيش الآمن فوق ارض الوطن ليس محل مساومة ولا مجال اختيار، وذلك لانه الحياة، واول سطر في كتاب الحياة هو أمن الوطن والانسان.
وفي 5 سبتمبر عام 1989م امام المؤتمر التاسع لدول حركة عدم الانحياز في بلغراد كان للشيخ جابر الاحمد كلمة، جاء فيها ضمن قضايا دولية اخرى: «ان ما يلقاه ابناء فلسطين لا يختلف عما يلقاه ابناء ناميبيا وجنوب افريقيا، وما يلقاه ابناء كمبوديا في جنوب شرقي آسيا.
انها قضية انسانية، وجه الحق ظاهر فيها، وابناء الارض يريدون ان يعيشوا فيها بسلام لهم حق تقرير مصيرهم دون سلطان اجنبي.
هكذا نرى كم كان الشيخ جابر الاحمد مناصرا لحركات التحرر الوطني في اقطار القارة الافريقية، وكم كان مشاركا فاعلا في احتفالات اليوم العالمي لازالة التفرقة العنصرية في هذه القارة، وكانت الرسائل التي يوجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة في مثل هذه المناسبة، وغيرها من المناسبات الافريقية تلقى صدى عالميا، وردود فعل دولية ايجابية اضافت الكثير من المكاسب في العلاقات الدولية بين الكويت، وغيرها من دول العالم، وبخاصة بين اوساط الدول النامية، كما اضافت ـ ايضا الكثير الى سجل الكويت في مجال حقوق الانسان، ومحاربة التمييز والتفرقة العنصرية، اينما كانت في العالم.
لا يزال المناضلون الافريقيون الذين ناضلوا وكافحوا من أجل استقلال بلادهم من الاستعمار الاجنبي، يذكرون مواقف الشيخ جابر الاحمد المؤيدة والداعمة لنضالهم على المستويات كافة، بما في ذلك الدعم المادي والمعنوي، الى ان تحقق لهذه الشعوب استقلالها الوطني، فكانت الكويت بتوجيهاته من اوائل الدول التي باركت استقلال هذه الدول، واقامت معها علاقات صداقة متميزة،
والكويت بدورها لا تزال تتذكر مواقف هذه الدول تجاه الحق الكويتي إبان العدوان والاحتلال العراقي. فقد اصدرت حكومة جنوب افريقيا في 3 اغسطس عام 1990م بيانا أدانت فيه الغزو العراقي للكويت وطالبت بانسحاب القوات العراقية فورا من الاراضي الكويتية، دون قيد او شرط كما ان حزب المؤتمر الافريقي بزعامة المناضل نلسون مانديلا ـ الذي لم يكن قد تولى الرئاسة بعد ـ طالب ايضا العراق باحترام سيادة دولة الكويت، والانصياع الكامل لقرارات مجلس الامن الدولي.
وما ان حصلت جنوب افريقيا على استقلالها الوطني حتى سارعت الكويت في 7 مايو عام 1994م بإقامة علاقات دبلوماسية معها على مستوى السفراء، كما شاركت في 15 مايو عام 1994م في حفل تنصيب الرئيس نلسون مانديلا بوفد برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وقد عززت هذه العلاقات بزيارة وزير خارجية افريقيا الفريدو انزو للكويت في اكتوبر عام 1994م.
وفي 21 نوفمبر عام 1994 انهت الكويت مقاطعتها لجنوب افريقيا التي فرضتها الامم المتحدة على الكيان العنصري هناك عام 1963م، لتبدأ معها عهدا جديدا في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:12 AM

[frame="1 80"]
محاربة أشكال التمييز والعنصرية

لقد ارتبطت دولة الكويت منذ انضمامها الى المنظومة الدولية ووكالاتها المتخصصة حتى مطلع عام 2002م بثمانية عشرة اتفاقية دولية تعنى بحقوق الانسان، وتحارب التمييز والتفرقة العنصرية والسخرة باشكالها كافة وفي مقدمتها: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على العنصرية بصورها واشكالها كافة، والاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على التفرقة العنصرية بصورها واشكالها كافة، والاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري Aparthide والمعاقبة عليها، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
هذه الالتزامات الدولية جاءت لتحاكي الثوابت الكويتية فكرا وعملا وتؤكد ان الكويت شريك فاعل في مسيرة الخير من اجل سعادة الانسان ورفاه الشعوب، وداعم لكل عمل او فكر يسعى لضمان وصيانة حقوق الانسان وارساء قواعد العدالة الاجتماعية في هذا الكون.
وفي الصفحات التالية سوف نقدم نماذج لمواقف الشيخ جابر الاجمد المؤازرة والمساندة لحقوق الانسان والتي تؤكد نبذه ومحاربته لاشكال وصور التمييز والتفرقة العنصرية والعبودية والسخرة في العمل كافة:
ففي كلمة في افتتاح ندوة حقوق الانسان في الاسلام، الذي بدأت اعمالها في الكويت في 9 ديسمبر عام 1980م، وجه الشيخ جابر الاحمد حديثه للعلماء المشاركين في هذه الندوة، قائلا: وانتم تلتقون حول حقوق الانسان في الاسلام ستذكرون حقوقا ضاعت على اهلها، حقوقا في ارضها، حقوقا في اوطانها وحقوقا في الحياة الآمنة.
ستذكرون اخوة لكم في القدس وفلسطين لا يزالون تحت سيطرة العدوان الاسرائيلي.
ستذكرون اخوة لكم في افريقيا واسيا يعانون من التفرقة العنصرية والقهر في اوطانهم.
وفي 20 مارس عام 1982م وبمناسبة اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري، وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة يندد فيها بالممارسات غير الانسانية التي تحدث في القارة الافريقية، مؤكدا على جملة من الحقائق والتناقضات المنافية للشرائع والمواثيق الدولية كافة، يقول فيها: ان عالمنا المعاصر يعيش تناقضا ينبغي علينا ان نبذل المزيد من الجهد للقضاء عليه، فهناك مواثيق تصدر من اعلى المستويات عن حقوق الانسان من هيئات دولية ـ ابرزها اليونسكو ـ تؤكد وحدة الاصل الانساني والمساواة بين البشر، وان الفروق بينهم لا ترجع الى عوامل طبيعية، ولكن الى عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، بحيث لو تغيرت العوامل لاسرعت الشعوب المقهورة الى السير في طريق التقدم.
يصدر هذا كله، وتعتمده المنظمات الدولية، ثم تأتي الممارسات العملية مخالفة لما تلتقي عنده كلمة العلم والدين والحق.
وجريا على عادته السنوية في مثل هذه المناسبة، بعث الشيخ جابر الاحمد في 20 مارس عام 1984م رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، تم القاؤها امام اللجنة الخاصة لمناهضة التمييز العنصري، اورد فيها: «غني عن البيان انه ما من انسان واع حر الضمير يمكن ان يبرر ـ بأية حال من الاحوال ـ تلك المذبحة المشينة التي اقترفها العنصريون في مثل هذا اليوم منذ اربع وعشرين سنة، تمثلت فيها الوحشية بأبشع صورها، واذ اقترفت دون اي شعور بالرحمة، او اي اعتبار لقيمة الانسان الاساسية.
واسمحوا لي بهذه المناسبة ان اضم صوت شعب الكويت الى صوتكم، واصوات جميع محبي الحرية والعدل والسلام في كل مكان، لادانة التفرقة والكراهية العنصرية بكل ما فيها من تعصب اعمى وظلم في جميع مظاهره.
واختتم رسالته بعبارات يؤمن بها اشد الايمان: وتبقى مسؤولية المجتمع الدولي. بان يقف موقفا اكثر حزما تجاه العنصريين وامثالهم، ولتعمل شعوب العالم معا من أجل ازالة الحواجز بين الانسان والانسان، والسمو فوق الفروق في العقيدة والجنس واللون، والتعاون لتعزيز كرامة واخوة الانسان، ليسود العدل والصداقة والوئام والسلام.
وفي الجلسة الافتتاحية للدورة الخاصة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي بدأت اعمالها في الكويت يوم 27 نوفمبر عام 1984م، قال الشيخ جابر الاحمد: «... اننا في هذه المناسبة نتوجه الى اخواننا في العروبة والاسلام، ودول عدم الانحياز، ان يجعلوا للصلح الداخلي بين طوائفهم، ولحقوق الجيرة والتاريخ المشترك مكانا، ذلك لان الصراعات الطائفية والعنصرية حين تشتعل يكون العقل والمنطق اول ضحاياها، وكثير من الابرياء وقودها، والخسران والدمار عقباها»...
وفي رسالة مماثلة وجهها الشيخ جابر الاحمد الى الاجتماع الخاص الذي عقد في مقر الامم المتحدة بتاريخ 26 اكتوبر عام 1985م، بمناسبة اسبوع التضامن مع «شعب ناميبيا»، دعا فيها جميع دول وشعوب العالم المحبة للسلام الى بذل اقصى الجهد في سبيل انقاذ هذا الشعب من احتلال جنوب افريقيا العنصرية، وسيطرتها الاستعمارية عليه، معربا عن تضامن الكويت حكومة وشعبا معه ومع حركة تحرير منظمة شعب جنوب غربي افريقيا «سوابر» ومما قاله ضمن فقرات هذه الرسالة: «... اننا اذ نشجب التمييز العنصري بأشكاله كافة، ايمانا بكرامة الانسان وقيمته بحد ذاته، لندعو جميع محبي الحرية والعدالة من شعوب دول العالم الى بذل اقصى الجهد في سبيل انقاذ هذا الشعب المناضل من هيمنة حكومة جنوب افريقيا العنصرية، وسيطرتها الاستعمارية»...
وفي الحادي والعشرين من مارس عام 1986م كان للشيخ جابر الاحمد وقفة اخرى بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري، حيث اكد مجددا شجب واستنكار الكويت للنزاعات والممارسات العنصرية في شتى مظاهرها وصورها، ومساندتها لقضايا التحرر كافة، وتضامنها مع الشعوب المكافحة في سبيل نيل استقلالها وحريتها، جاء ذلك من خلال رسالة وجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة: «... واني اذ أؤكد مجددا، شجبنا واستنكارنا للروح والممارسات العنصرية في شتى مظاهرها وصورها، لأود ان اعرب عن مساندتنا لقضايا التحرر كافة، وتضامننا مع الشعوب المكافحة في سبيل نيل استقلالها، وحريتها، واسترداد كرامتها، وحقوقها المشروعة التي حرموها اياها»...
ويمضي، فيؤكد ثانية: «... ولا ريب في ان تصنيف البشر على اساس العرق او اللون، هو تصنيف باطل، وغير صحيح، ويفتقر الى الدليل العلمي، ونعتقد ان كل محب للحق والعدل والحرية، او كل ذي ضمير حي، يرفض العنصرية جملة وتفصيلا».
ويختتم رسالته، مناشدا: «... لقد حان الوقت لتغيير المواقف المتشنجة، والاقلاع عن السياسات الغاشمة للتخلص من العنصرية بتأثيرها السلبي، وافكارها الهدامة.
واننا لنهيب بالدول عامة ان تتحمل مسؤولياتها، والا تألو جهدا في الوقوف بحزم في وجه الظلم أيا كان مصدره، والا تسمح ـ قط ـ بان تنتهك حقوق الانسان، وتداس حرياته، وتهان كرامته»...
وامام الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى وجه التحديد يوم 28 سبتمبر عام 1988م، كان للشيخ جابر الاحمد كملة، جاء فيها ضمن معطيات انسانية عديدة: «... ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو انضج الثمار على شجرة الامم المتحدة ولكنها ثمار كثيرا ما تتعرض للعدوان، ولا بد لها من دعامة تستند الى قوة الضمير وقوة القانون معا»...
ويشخص الواقع الانساني في العالم، فيقول: «... فمع كل الجهود التي قام بها المجتمع الدولي، والمواثيق التفصيلية التي اصدرتها الامم المتحدة بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ومع المسيرة العالمية نحو تحقيق المزيد من الكرامة الانسانية، اذ بنا نرى في بعض الاقاليم تيارا مضادا لحركة التاريخ يحاول ان يسلب الحقوق ويعتدي على اصحابها»...
وفي رسالة وجهها الشيخ جابر الاحمد بتاريخ 27 اكتوبر عام 1988م الى رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة، بمناسبة الاحتفال بيوم التضامن مع «شعب ناميبيا»، وحركة تحرير منظمة شعب جنوب غربي افريقيا «سوابر»، نيابة عن شعب الكويت وحكومتها، وبصفته الشخصية... في هذه الرسالة حيا كفاح «شعب ناميبيا»، واعرب عن تأييده لنضاله، وتضامنه معه من اجل استرداد حقوقه المشروعة، بما فيها حقه في تقرير المصير والاستقلال الوطني والعيش الحر.
وقد وجه في هذه الرسالة نداء الى المجتمع الدولي، قائلا: «... ادعو مجددا دول العالم كافة، واخص بالذكر الدول الكبرى، بان تعمل جادة على ضمان وتعزيز حقوق الانسان، مجردة من المصالح والاهواء، وبذلك يحل السلام والوئام محل الضغينة والخصام، ان السلام يفرض ضمان حقوق الانسان، وبتحقيقه يسود التفاهم المتبادل، والثقة المتبادلة والتعاون، وبالتالي يمكن ان يشهد العالم عهدا جديدا من الاستقرار، والمزيد من الازدهار والتقدم»....
وبمناسبة السنة الدولية للطفل كان للشيخ جابر الاحمد مبادرة انسانية ـ كعادته في مثل هذه المناسبات ـ حين وجه نداء الى العالم في 12 ديسمبر عام 1989م، جاء فيه ما يؤكد سياسة الكويت الواضحة حيال حقوق البشر، بصرف النظر عن اعمارهم، او اية صفة من صفاتهم الاخرى، وذلك حين أشار في احدى فقرات النداء قائلا: «... اننا واثقون من ان المجموعة الدولية لن تنسى ابدا ألوف الاطفال البائسين الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية والحاجة الى التعليم، واننا على ثقة كذلك من ان المجموعة لن تبقى غير مبالية بفئة من الاطفال التعساء الذين جردوا من رؤية وطنهم، ويعيشون حياة مشردة في المنفى بعيدين عن ارضهم، ووطن آبائهم واجدادهم، ويتعرضون للمذابح والمجازر الوحشية، ويتعذبون دون ان يكونوا قد ارتكبوا خطأ من تلقاء انفسهم»...
وفي 29 سبتمبر عام 1990م كان للشيخ جابر الاحمد وقفة مماثلة امام مؤتمر القمة العالمي للطفولة الذي عقد في مقر الامم المتحدة... وقفة تختلف عما سبقتها من وقفات، ففي هذه اللحظات كان الشيخ جابر الاحمد في موقف المدافع عن حق اطفاله... اطفال الكويت في الحياة، وانتشالهم من محنة العدوان والاحتلال العراقي، مناشدا الاسرة الدولية، وكل محب للانسانية، ان يمد يد العون والمساعدة لنجدتهم، داعيا المؤتمرين، قائلا: «... وفي هذه القمة الكبيرة استصرخ باسم أطفال الكويت ضمائركم، هنا في داخل القاعة، وهناك على امتداد المعمورة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ان تقفوا مع اطفال الكويت، مع ابنائي وأهلي، فهم يعانون من اضطهاد وظلم المحتل المغتصب، وان تهبوا لحماية حقوقهم الانسانية التي تكفلها اتفاقية حقوق الطفل العالمية التي وقعتها الكويت»...
وبعد تحرير الكويت من براثن العدوان والاحتلال العراقي، وعلى وجه التحديدد في 27 سبتمبر عام 1991م، وأمام الدورة السادسة والاربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، كان للشيخ جابر الاحمد كلمة اكد فيها على النظام العالمي الجديد، حين قال: «... والكويت اليوم، ككويت الامس، جسر محبة ورسول سلام، والفرق انها اليوم اعمق شعورا بمعنى السلام، واعظم ايمانا بالنظام الدولي الجديد الذي يصون العدل ويحمي الحق ويسعى للخير»...
لقد عزمت الكويت بتوجيهات الشيخ جابر الاحمد، وبخاصة بعد الظلم والعدوان والاحتلال العراقي، ان تمضي قدما في الديموقراطية وقوامها الحياة النيابية، واحترام حقوق الانسان، ومحاربة التمييز والتفرقة العنصرية، واقامة دولة القانون، والاعتراف بدور المشاركة الشعبية في عمليات التنمية، واقامة المجتمع المدني وفقا لمعطيات الحداثة والمعاصرة والنظرة العالمية لدور الانسان في صنع الحضارة، واعادة صياغة هذا الكون من جديد بعد ان بات اليوم قرية صغيرة، يأمل الجميع ان يعيشوا في ظلها بأمان واخاء وحرية ومساواة.
ويكفي الكويت فخرا ان يقوم رئيس المنظمة الدولية لاجل الغرباء «البروفسور دولت هنودي» بزيارة للشيخ جابر الاحمد في مكتبه صباح يوم 24 اكتوبر عام 1983م، ليقدم له وثيقة المنظمة الذهبية لحسن معاملة الكويت للغرباء، وقد اكد الشيخ جابر الاحمد في ذلك اللقاء: «... ان معاملة الكويت للغرباء نابعة من عقيدتها الاسلامية، ومن طباع واخلاق شعبها»...


ومما قاله «البروفسور هنودي» في رده في تلك المناسبة الانسانية»... انه ثبت للمنظمة بعد دراسة استغرقت ثلاث سنوات، ان الكويت اول دولة في العالم تعامل الغرباء على ارضها معاملة انسانية، تضمن لهم حقوقهم البشرية كمغتربين»... وهذه واحدة من ثمار سياسة الشيخ جابر الاحمد التي تكشف مدى اصراره على السير في هذا الطريق الانساني القويم.

الفكر الديموقراطي
والنهج المؤسسي والمنهج الاداري

ان الامن الاجتماعي هو واحد من خطوط الدفاع الاولى عن مقومات الوطن واستمرارية بقائه، ورافد مهم وفاعل للدفاع العسكري والامن الوطني، وبالتالي فان اي مجتمع ينشد الامن والامان والاستقرار والسلام لا بد ان يأخذ اسباب الامن باشكاله وصوره كافة، سواء أكان أمنا سياسيا، ام عسكريا، ام اقتصاديا، ام غذائيا، ام اجتماعيا، وان تسير هذه الصور والانماط من الامن في خطوط متوازية، يدعم كل منها الآخر وصولا الى نتيجة واحذة، يسعى كل منها لتحقيقها.
وعليه، فان الديموقراطية بصفتها فلسفة في الحياة الاجتماعية والسياسية للمواطنين، وكذا العمل المؤسسي والنضج الاداري ما هما الا رافدان اساسيان ورئيسيان يصبان في قنوات الامن الوطني والعدالة الاجتماعية، من هنا، كان حرص الشيخ جابر الاحمد واهتمامه بهذه المعادلة الفكرية وابعادها وتداعياتها في حياة المجتمع الكويتي.
ان الديموقراطية بوصفها فكرا ومنهج عمل في الحياة، فان المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدور في فلكها، لا يمكن لها أن تستقيم وتستمر في غياب مؤسسات المجتمع المدني، وتفشي البيروقراطية الادارية، وهذا ما كان ينبذه الشيخ جابر الاحمد فكرا وعملا، ويحاول بكل الوسائل ان يدفع مؤسسات المجتمع المدني نحو النمو والازدهار بصفتها شريكا فاعلا يمكن ان يسهم بقوة في الحياة العامة، وبناء المجتمع بدرجة عالية من الكفاءة والاداء، في الوقت الذي كان يدعو ويعمل من اجل القضاء على البيروقرواطية الادارية، وتخليص قواعد العمل واجراءاته من شوائبها.
من هذا المنظور الثلاثي «الديموقراطية ـ النهج المؤسسي ـ المنهج الاداري» انطلق الشيخ جابر الاحمد في تعامله مع القضايا المجتمعية، مثلما تعامل مع الازمات الاقتصادية التي مرت بها الكويت، وعالجها من خلال منظوره الثلاثي الشهير (انظر الفكر الاقتصادي ـ الفصل الثالث ـ المبحث الثاني)... هذه الثلاثية في كلتا الحالين مبدأ عملي اخذ به كثير من علماء وفلاسفة علم الاجتماع والاقتصاد في مواجهة القضايا والمشكلات التي تعرضوا لها في ابحاثهم ومسيرتهم العلمية، لتصبح فيما بعد نظريات، ومنهجا علميا وتطبيقيا، تدرس في كليات العلوم الانسانية وكليات العلوم الاجتماعية والعلوم الاقتصادية بصفة خاصة، بعد ان ثبت لهؤلاء العلماء، ومن أتوا من بعدهم، ان اية مشكلة مجتمعية لا يمكن ان تكون نابعة من مصدر احادي او سبب واحد، بل ان هناك العديد من الاسباب التي تجمعت، وادت بدورها الى تلك المشكلة، وبالتالي فان اسلوب علاجها يجب ان يكون قائما على اساس تعدد العوامل والمصادر الهادفة الى الحل، وهذا ما كان يهدف اليه الشيخ جابر الاحمد عندما كان يجد نفسه في مواجهة اية مشكلة مجتمعية، يتطلب علاجها حكمة وعدالة، وبعد نظر في المسائل الانسانية، وضمان امن الوطن وحماية المجتمع.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:13 AM

[frame="1 80"]آخر الأخبار

قصــة الديمقراطيــة فــي الكويـت
الحلقة الخامسة والعشرون

كان الحكم منذ فجر تاريخ الكويت قائما، وبصفة مستمرة على اساس الشورى بين الحاكم والشعب، فاذا ما حاولنا استرجاع التاريخ لوجدنا ما يشير الى ان تقاليد الشورى كانت قائمة في الكويت منذ تولي صباح الاول حكم الامارة، وكانت سلطة الحاكم بمثابة السلطة التنفيذية، في حين كانت السلطة التشريعية متمثلة في اعراف وتقاليد من صنع اهل الكويت اكثر من كونها من صنع الحاكم، حيث كانت الحياة بسيطة غير معقدة، لا تستلزم تشريعات تنظم احوال الناس، وعلى الرغم من انتفاء الطابع الالزامي لهذه الشورى الا انها خلقت قيدا نفسيا وعرفيا على تصرفات الحاكم.
وهكذا يمكن القول ان نظام الحكم منذ النصف الاول من القرن الثامن عشر ـ وفي اعقاب اختيار صباح الاول حاكما ـ يقوم على اساس الشورى بين الحاكم والشعب دون وجود مجلس شورى او مجالس تشريعية، اذ كانت الحياة في الكويت بسيطة، ولم يحدث ما يدفع بالحاكم الى الانفراد بالسلطة، وكان مبدأ الشورى يعني التزام الحاكم باستشارة المواطنين، ولم يكن للحاكم ان يضع قانونا من صنعه، وانما يستند الى العرف والتقاليد والشريعة الاسلامية، دون ان تكون له سلطة التشريع.
ويمثل عهد المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح نقطة تحول في تطوير اسلوب مشاركة الشعب في صنع القرار السياسي، اذ تم تأسيس اول مجلس للشورى عام 1921م، ومع ان عضوية هذا المجلس كانت تتم بالتعيين، الا انها تعتبر اول محاولة لتنظيم الشورى في الحكم، وتحديد العلاقة بين الحاكم والشعب.
ثم شهدت الكويت بعد ذلك عدة تطورات تنظيمية اخرى، يمكن اعتبارها ـ بشكل او بآخر ـ نوعا من السلوك الديمقراطية في ادارة شؤون اهل الكويت، اذ كانت هذه التنظيمات تدار من قبل مجالس منتخبة، فقد انشىء اول مجلس للبلدية عام 1930م واول مجلس للمعارف عام 1936م.
وكان ميلاد هذه المجالس ـ وعلى وجه الخصوص مجلس الشورى ـ بمثابة اول صيغة رسمية لمجلس يعاون الحاكم، ومنعطفا تاريخيا يعني الاعتراف بالمشاركة الشعبية في ادارة شؤون الدولة والمجتمع، على الرغم من ان مجلس الشورى لعام 1921م لم تكن له سلطات تشريعية ملزمة بالمعنى المتعارف عليه، وانما كانت آراؤه استشارية فقط، على ان هذا المجلس مر بعد ذلك بنوع من التطوير، اذ تم انتخاب اول مجلس تشريعي عام 1938م كما صدر اول دستور للبلاد ـ بشكل مبسط ـ يتفق مع واقع الحياة في ذلك الوقت، وهو ما يمكن اعتباره نقطة تحول كبيرة في الحياة التشريعية.
وقد عملت الخبرات، او تلك الممارسات السياسية من قبل اهل الكويت، والتي نجح بعض منها وفشل البعض الآخر على تهيئة المجتمع الكويتي للدخول في مرحلة الحياة الديمقراطية المقننة المعتمدة على قواعد دستورية بالغة التنظيم، وعلى ممثلين للأمة من اعضاء منتخبين، وعلى وعي وتفهم للديمقراطية من قبل قاعدة شعبية كبيرة.
وبدأت ـ بالفعل ـ مرحلة عصرية جديدة في عهد المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح، اذ تم اعلان استقلال الكويت في التاسع عشر من يونيو عام 1961م، وصدر مرسوم اميري في 26 من اغسطس عام 1961م بانشاء هيئة تتولى بالاشتراك مع المجلس الاعلى وضع مشروع قانون لانتخاب اعضاء المجلس التأسيسي الذي يتولى مهمة اعداد دستور الكويت. كما صدر القانون رقم 1 لسنة 1962م بالنظام الاساسي للحكم في فترة الانتقال، وهي الفترة التي تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون في 7 يناير عام 1962م، وتنتهي مع بدء العمل بالدستور في 29 يناير عام 1963م.
وقد تضمن هذا القانون 32 مادة، كلفت المادة الاولى منه المجلس التأسيسي المنتخب باعداد دستور يحدد نظام الحكم على اساس المبادىء الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت واهدافها وثوابتها، وأوجب القانون على المجلس الانتهاء من هذه المهمة خلال سنة، تبدأ من تاريخ اول انعقاد (انظر مرفق رقم 19).
لقد اكتسبت التجربة الديمقراطية في الكويت المزيد من الوعي والنهج والتطور، بعد ممارسات في الحياة النيابية دامت سنوات طوالا منذ ان بدأ مجلس الامة الاول عمله عام 1963م وحتى الآن، حيث تزايد مستوى الوعي بين المواطنين، سواء أكانوا ناخبين، ام مرشحين، ام اجهزة تشرف على العملية الانتخابية.
وكان للشيخ جابر الاحمد ـ وهو وزير للمالية ـ مساهمات كبيرة فاعلة مؤثرة في صياغة احكام دستور الكويت، وقد جاءت هذه المساهمات من خلال الخبير الدستوري عبد الرزاق السنهوري الذي كان يعمل بالوزارة ـ آنذاك ـ خبيرا قانونيا، عندما كلف بجانب عمله في صياغة قوانين الصناعة والتجارة المشاركة في وضع دستور الكويت، الامر الذي اتيح معه للشيخ جابر الاحمد ان يضع بصماته على معظم احكامه.

الشيخ جابر الاحمد
والحياة الديمقراطية والنيابية

لقد كان الشيخ جابر الاحمد دائما ملازما ومسايرا لكل التطورات الحياتية على الساحة الكويتية، سواء أكانت سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية. وكان له دوما رأي وموقف في معترك تلك التطورات، سواء أكانت سلبا ام ايجابا، وان كلماته التي القاها في شتى المناسبات، تجسد روح الديمقراطية المتأصلة في نفس الحاكم والشعب منذ بداية حياة الشورى الاولى الى ان تبلورت تلك الممارسات في صيغتها النيابية المتحضرة المعاصرة، وفيما يلي نماذج من مواقفه في اكثر من مناسبة:
في خطاب وجهه الى المواطنين بانتهاء فترة الحداد الرسمي على الامير الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح في الرابع عشر من فبراير عام 1978م، اشار فيه بالآتي: «... وكان امرنا ـ دائما ـ شورى بيننا حتى غدت الشورى صفة اساسية للحكم، حرصت اجيالنا المتعاقبة على التمسك بها، فالديمقراطية متأصلة في نفوسنا جميعا ككويتيين منذ القدم، والديمقراطية الصحيحة لا تعني مجرد الاطار الشكلي البرلماني، ولكنها تعني المفهوم الحقيقي، والممارسة الفعلية للديمقراطية، وسنظل حريصين على ترسيخ ديمقراطيتنا الاصيلة بالمشاركة الشعبية النابعة من تراثنا وتقاليدنا، والتي سنعمل على تطويرها وانضاج ممارستها تلبية لمتطلبات مجتمعنا الجديد في اطار قيمنا واخلاقنا، ومبادىء ديننا الحنيف»...
ويؤكد الشيخ جابر الاحمد من جديد هذه المعاني فيما جاء في كلمته في افتتاح المؤتمر الشعبي في جدة بالمملكة العربية السعودية في اكتوبر عام 1990م، حين يقول: «... لقد عاش الكويتيون منذ القدم في اجواء من الحرية، والتزموا الشورى ومارسوا الديمقراطية في اطار دستورنا الذي ارتضيناه جميعا، واذا ما اختلفت اجتهاداتهم بشأن امر من الامور المتعلقة بترتيب البيت الكويتي، فانهم يكونون اشد تلاحما واصرارا وتآزرا في مواجهة الاخطار التي تهددهم».
وفي اعقاب المؤتمر الشعبي الذي انعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية خلال فترة العدوان والاحتلال العراقي، وبعد تحرير الكويت مباشرة، يعود الشيخ جابر الاحمد ليبث الطمأنينة في نفوس اهل الكويت، ويبشرهم بالتصميم على عودة واستمرار الحياة الديمقراطية والنيابية كمنهج اساسي لادارة شؤون البلاد.
ففي كلمته في العشر الاواخر من رمضان عام 1411هـ الموافق عام 1991م، اكد: «... ان الشورى والمشاركة الشعبية في امور البلاد كانت من طبيعة الحياة في بلادنا، ولها طرق عدة، الا ان عودة الحياة النيابية، هي ما اتفقنا عليه في المؤتمر الشعبي في جدة، ووفاء بهذا الوعد، فقد قررنا بعد ان تستقر الاوضاع، وتبدأ مسيرة الحياة، ويعود اهل الكويت جميعا الى وطنهم، ان تجري الانتخابات النيابية خلال السنة القادمة ـ بإذن الله تعالى ـ حسب ما نص عليه دستورنا»....
ويحدد الشيخ جابر الاحمد الأبعاد الرئيسية للسلوك الديمقراطي في الكلمة التي ألقاها بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير عام 1992م، وصولا الى تأكيد المعاني الحضارية للديمقراطية، والحرص على تقديم التوجيه والنصح والارشاد لابنائه الكويتيين فيما يختص بالسلوك الانتخابي، سواء من قبل المرشحين او الناخبين انفسهم، فيقول: «... ان الديمقراطية هي حرية، وهي مسؤولية في الوقت ذاته، ومثلها حق المواطن في التعبير عن رأيه، وفي الحوار مع اخوانه، أما الفرقة والتنافر والتطاحن، فإنها العدو الاول للوطن، وهي منبت الفتنة»...
ويضيف قائلا: «... وفي مجتمع منفتح على جميع الافكار والتيارات مثل مجتمعنا النابض بحيوية الكويتيين ومثابرتهم تتكاثر الاجتهادات، وتتباين الآراء، وتتنوع الحلول حول افضل السبل والوسائل للارتقاء بالمجتمع وتطويره، وهذا هو اقتناعنا الدائم، منذ قيام الكويت الحديثة»...
ويكشف الشيخ جابر الاحمد عن ان الديمقراطية الكويتية لها اصالتها ولها جذورها العميقة التي امتدت على مدى تاريخ الكويت، وانها جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الكويتي منذ حياته الاولى البسيطة استمرارا الى حياته المعاصرة التي اخذت بأعلى مستويات التقدم، وتتجسد تلك المعاني في كلمته بمناسبة العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1412هـ وعلى وجه التحديد في 28 مارس عام 1992م، اذ يقول: «... كلنا نعرف ان الديمقراطية اختيار كويتي، كان منذ البداية، وهو سبيلنا الدائم، والديمقراطية ليست مستعارة بل هي كويتية الجذور والمنبت، كويتية النهج والقيم، حيث ان الشورى بين الكويتيين في تسيير امور بلدهم واقع تاريخي، وهذا ما يجب تأكيده والحرص عليه، وهذا المعنى هو الذي يعطي الديمقراطية الكويتية شخصيتها المنفردة، ووضعها الحقيقي، ومغزاها الاصيل، اما ما عدا ذلك من التقليد للآخرين، فهو لون من التبعية التي ينفر منها الكويتيون كل النفور ـ فالكويتيون ـ دائما ـ يحرصون على الاصالة التي هي ابرز سماتهم على طول تاريخهم، اننا اذا عرفنا ذلك وآمنا به، كانت ديمقراطيتنا مثلا يحتذى، ونموذجا يقتدى به»...
وفي كلمة اخرى له في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1413هـ، وعلى وجه التحديد في 17 مارس عام 1993م يقول فيها: «... لقد آمنا بالشورى والديمقراطية والحرية منذ فجر تاريخنا لصالح الكويت وشعب الكويت، فديمقراطيتنا نابعة من مجتمعنا، محكومة بطبيعته وفلسفته واخلاقه، وان نعمة الحرية التي نتمتع بها جميعا هي وسيلة لصدق التعبير، وامانة المكاشفة، ونور المصالحة بهدف الارتقاء بمجتمعنا، وعلاج مشكلاته على أسس سليمة وموضوعية»...
وعندما يخاطب الشيخ جابر الاحمد شعب الكويت في تلك المناسبات، اي العشر الاواخر من شهر رمضان، وفي غيرها من المناسبات، فانه يصر على التأكيد على اهمية الشورى والديمقراطية بصفتها منهجا للحياة في الكويت، وهو بهذا، يفصح دائما وفي اكثر من مناسبة عن ايمانه العميق بحرية المواطنين في الحوار والتعبير، وابداء الرأي والمشاركة الفعالة في كل ما يمس حياتهم من شؤون سياسية واجتماعية واقتصادية.
فالديمقراطية ـ دائما وابدا ـ في فكره ووجدانه مثلما كانت ـ دائما وابدا ـ في فكر ووجدان الشرعية الكويتية على مدى تاريخها، ابتداء من شورى الحياة البسيطة غير المعقدة في عهد صباح بن جابر، الى محاولات تنظيم العلاقة بين الحاكم والشعب في عهد المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح، من خلال مجالس شورى ثم تعيين اعضائها في بادىء الامر، ثم بالانتخاب في مرحلة تالية الى مرحلة التحديث في شتى نواحي الحياة، ومنها الحياة النيابية التي توجت بوضع دستور للدولة عام 1962م في عهد المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:13 AM

[frame="1 80"]
وهنا نجد «فيصل المزيدي» يمس هذا الجانب المهم في حياة كل كويتي، حين يشير الى واقعة عايشها شخصيا في مطلع الستينيات، فيقول: «... في عام 1963م عندما اختلفت الكويت مع «شركة دينورا DeـNora الايطالية» على مشروع انشاء مجمع البتروكيماويات في الكويت بسبب اخلال الجانب الايطالي ببعض بنود الاتفاق، ولجوء الجانب الكويتي الى فسخ العقد المبرم، دخل الطرفان في عملية تحكيم، حيث عقدت محكمة خاصة في مدينة الاحمدي، قضت بمساءلة الشيخ جابر الاحمد لكونه الموقع على عقود المشروع بصفته وزيرا للمالية، وقد شكلت المحكمة من جنسيات اوروبية، فأتى الجانب الايطالي بمحكم ايطالي، والكويتي بمحكم بريطاني «شوكروس»، واختار الاثنان محكما سويسريا، حيث جاء الحكم في النهاية لصالح الكويت، واسترجعت من الشركة بعضا من حقوقها».
هكذا، تجدنا امام هذه الواقعة مأخوذين بعظمة مواقف، وصدق مبادىء وافكار الشيخ جابر الاحمد الذي لم يتردد للحظة في المثول امام المحكمة، ومن معه من المستشارين آنذاك «احمد السيد عمر، حامد اليوسف، فخري شهاب، فيصل المزيدي» رغم تمتعه بحصانة كاملة... هذا الموقف يؤكد ـ بلا شك ـ نزعته القوية نحو الاخذ بالنهج الديمقراطي كحل للاشكالات الحياتية في اي مستوى كان، وهي صفة عدلية وديمقراطية متناهية، يندر ان نلمسها او نشاهدها في المواقع القيادية في دول العالم الثالث، بل وفي الكويت ذاتها.
وفي هذا الخط يستمر الشيخ جابر الاحمد في متابعة المسيرة الديمقراطية وتقييمه لها، وحرصه البالغ على استمراريتها، رغم ما حدث من تجميد لبعض مواد الدستور، وتعطيل لاعمال مجلس الامة في عهده، ولم يكن ذلك سوى وقفة تأمل ومراجعة لتعديل المسار الديمقراطي نحو مزيد من الحرية والديمقراطية، وهذا حق دستوري لقائد الامة اذا ما وجد ان الامور تسير في عكس اتجاه مصالح وارادة الامة.
فحماية المجتمع هي مسؤولية قائدها، وتصحيح الاوضاع التي تقود الى صراعات ونزاعات مجتمعية هو شأن تحاسب عليه هذه القيادة، وبالتالي فان الوقفة الانتقالية في النظم الديمقراطية ليست ظاهرة سلبية، بل انها خطوة ايجابية متى ما اريد منها تصحيح الاوضاع، وتصحيح المسار الديمقراطي نحو المزيد من المشاركة الشعبية المسؤولة والملتزمة باصول واعراف النهج الديمقراطي في كل معطياته، وهذا ما اراده الشيخ جابر الاحمد من تلك الوقفة التي رأى فيها البعض ارتدادا ونكوصا عن النهج الديمقراطي، فاذا بها تدعو الى المزيد من الديمقراطية والحرية المسؤولة.
ان الاتجاهات الفكرية للشيخ جابر الاحمد المتصلة بالحياة الديمقراطية والنيابية والحريات العامة، لا يمكن ان يرتقى اليها الشك، فهو يؤكد في كل مناسبة على ان الديمقراطية والشورى هي اساس الحكم، وضميره منذ البدايات الاولى لقيام المجتمع الكويتي.. هذه التأكيدات المتكررة منه، سواء في احاديثه المحلية ام في مواقفه العربية ام الدولية، تدل جميعها على ان الديمقراطية الكويتية نابعة من خصوصيات هذا المجتمع، مارسها الآباء والاجداد وفق معايير محددة تجسدت في عادات وتقاليد واعراف المجتمع.
ولمزيد من الايضاح فإن هذا الفكر يبرز جلياً في كلماته التي القاها امام دورات مجلس الامة الكويتي منذ عام 1966م، اي قبل ان يتولى ادارة الحكم في الدولة.. تلك الكلمات والعبارات التي تجسد بوضوح فكره في المسألة الديمقراطية واشكالياتها، سواء أكان فيما يتعلق بفصل السلطات وادارة شؤون الدولة، ام فيما يتعلق منها بتطور المجتمع وتقدمه الحضاري.
ان المرسوم الاميري رقم 73 لسنة 1998 الذي اصدره الشيخ جابر الاحمد في 22 ديسمبر عام 1998 بتعديل المادة 69 من القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الامة الكويتي بالسماح بنقل الجلسات العلنية عن طريق وسائل الاعلام المسموعة والمرئية «الاذاعة، التلفاز» في ذات اليوم، ما لم يقرر رئيس المجلس منع اذاعة بعض ما دار في الجلسة، هو الآخر يجسد بوضوح فكره وحرصه على الدفع بالديمقراطية خطوة الى الامام، وذلك مكن خلال نقل ما يدور تحت قبة البرلمان من حوارات الى شعب الكويت بأجمعه، مهما تباينت الآراء واختلفت حول الامور والمسائل والقضايا المطروحة امام المجلس.
وليس من شك في ان الحرية التي يؤمن بها المجتمع الكويتي وقياداته السياسية، وعلى رأسهم الشيخ جابر الاحمد، ايماناً يعسكه سلوك أهل الكويت، وتؤكده الممارسة اليومية في علاقات الناس بعضهم ببعض، وعلاقاتهم مع من يحملون مسؤولية الحكم، لم تكن يوماً شعاراً لمرحلة او مطلباً لفترة من الزمن، انما هي قوام حياة ابناء الكويت، مارسوها وحرصوا عليها جيلاً اثر جيل، حتى باتت سلوكهم المألوف وطابعهم المعروف، وبالحوار وجدت طريقها في سهولة ويسر الى الذين يحملون مسؤولية الحكم حيث تلقى الاعتبار والتقدير.
هذه المسيرة الحضارية المشرقة لوطن واحد، وشعب واحد، ومصير واحد، لم تستطع رياح عاتية ان تقتلع جذورها من عمق تاريخ الكويت، او ان تنال منها، وعلى الرغم من ان الكويت وقعت ضحية للعدوان والاحتلال العراقي، فإن مسيرة الديمقراطية ومؤسساتها الدستورية بقيت شامخة تواصل كفاحها ونضالها ضد الاحتلال، حتى كتبت لها نعمة الحرية والتحرر لتستكمل المسيرة الخيرة بقوة اكبر وحرية اشمل.. هذه الحقيقة الساطعة لم يدركها النظام العراقي. فأخطأ فهم طبيعة الجبهة الداخلية الكويتية، وظن واهماً ان ما طرحه بعض المواطنين المجتهدين من آراء لترتيب اوضاع البيت الكويتي، انما هو باعث خلافات وتناقضات بين ابناء الوطن الكويتي الواحد.


المرأة الكويتية والحق السياسي

لقد عُرف عن الشيخ جابر الاحمد انه في مقدمة رموز الكويت المدافعة عن قضايا المرأة الكويتية وحقوقها. وقد بدا ذلك واضحاً عند دخوله معترك العمل السياسي في مطلع الستينات وما قبلها، عندما كان يتولى حاكمية مدينة الاحمدي ومناطق النفط.
وبالرغم من تحفظ الكثيرين ـ في ذلك التاريخ البعيد ـ على دخول المرأة ميادين العمل المختلفة، ومحاولة حصرها في وزارات وقطاعات عمل محددة. كان الشيخ جابر الاحمد منسجماً مع مواقفه السابقة، ومع معطيات الواقع الجديد الذي بدأت الكويت تخطو اولى خطواتها نحوه، الامر الذي جعله يقف موقفاً معارضاً من تقييد المرأة في وظائف محددة، وانه لابد من افساح المجال لها للانخراط في الوظائف كافة، بل وتشجيعها للارتقاء في المناصب الادارية اسوة بالذكور من ابناء الكويت.
وكان دفاعه في ذلك، ان الفتاة الكويتية التي نالت ثقة الاسرة والمجتمع بالتزود بالعلم والمعرفة، ليس في الكويت فحسب، بل في الخارج ايضاً، يجب الا تتزعزع الثقة بها عند دخولها ميادين العمل. ذلك لان الفتاة التي استطاعت ان تحافظ على شرفها وسمعتها طوال فترة الدراسة، وفي جو مختلط لا تمييز فيه بين الذكور والاناث، فإنها سوف تكون جديرة بالمحافظة على شرفها وسمعتها في اي موقع يمكن ان تعمل فيه.
لم يكتف الشيخ جابر الاحمد بالافصاح عن مواقفه حيال قضايا المرأة الكويتية في اجتماعات مجلس الوزراء عندما كان وزيراً للمالية، او ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء. كما لم يكتف بالتعبير عن هذا الموقف من خلال تصريحاته ومؤتمراته الصحفية، وانما سطرها في كلماته وهو حاكم لدولة الكويت.
فقد جاء في الكلمة التي وجهها الى المواطنين في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1411هـ، وعلى وجه التحديد في 7 ابريل عام 1991م: «... لقد اثبتت النساء الكويتيات خلال فترة الاحتلال جدارتهن وثباتهن، وتحملهن للمتاعب والشدائد كافة، وانهن لسن مترفات، كما يحلو للبعض ان يقول، بل شديدات على اعداء بلادهن، سواء اللواتي كن داخل البلاد أم خارجها...».
معلناً عن موقفه بايمان كبير، عندما يقول: «... وسوف يدرس موضوع مشاركة المرأة في الحياة النيابية بكامل دورها في بناء المجتمع والنهوض به...».
ويؤكد على هذا التوجه في كلمة له بمناسبة ذكرى العيد الوطني، والذكرى الاولى لتحرير الكويت في 22 فبراير عام 1992م، حين يشير: «... ان المرأة الكويتية التي تسعى لتحقيق ذاتها كعضو فعال ومنتج في هذا المجتمع، والتي بلغت الذروة في العطاء والفعالية والتضحية ايام المحنة، يجب ان تنال منا جميعاً المزيد من الاهتمام بما يتلاءم ودورها في مجتمع ما بعد التحرير..».
وفي 16 مايو عام 1999 اوفى الشيخ جابر الاحمد بهذا الوعد حين طلب من مجلس الوزراء تعديل قانون الانتخاب بما يسمح باعطاء المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية في الترشيح والانتخاب للمجالس والمؤسسات النيابية، وذلك اعتباراً من عام 2003م تقديراً منه للدور الحيوي والمهم والمتميز الذي تضطلع به المرأة الكويتية في بناء ونهضة المجتمع الكويتي والارتقاء به، وما قدمته من تضحيات جسيمة، ودور مسؤول وفعال ازاء مختلف التحديات التي تعرضت لها الكويت، وبخاصة اثناء فترة العدوان والاحتلال العراقي. منوهاً بأن المرأة الكويتية التي نجحت في كل المناصب التي تقلدتها عبر مسيرة الكويت لقادرة على القيام بواجباتها على اكمل وجه، ومشاركة الرجل بثقة ومسؤولية تامة في دفع عجلة التنمية والتقدم وبناء كويت المستقبل.
لقد أتت مبادرة الشيخ جابر الاحمد انجازاً تاريخياً يعكس حرصه على تجسيد معاني الديمقراطية، وتوسيع القاعدة الانتخابية والمشاركة الشعبية. ومن هنا، جاء المرسوم بالقانون رقم 9 لسنة 1999م، (انظر مرفق رقم 20) ليشكل منعطفاً تاريخياً في مسيرة الكويت الحضارية.. وفيما يلي شيء من ردود الفعل المختلفة على جميع المستويات:

ردود الفعل المحلية:

اشاد سفراء الدول المعتمدون لدى دولة الكويت بهذه المبادرة الاميرية الحضارية، ووصفوها بأنها خطوة ايجابية في تجربة الكويت الديمقراطية، وبخاصة ان عدد الاناث في الكويت يمثل اكثر من 50% من السكان الكويتيين حسب البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط، علاوة على تبوؤ نساء الكويت لارفع المناصب في الادارة الكويتية بمختلف قطاعاتها.
ومنذ اليوم التالي لاعلان الرغبة الاميرية توجهت وفود نسائية وشعبية كبيرة تمثل مختلف القطاعات، سواء أكانت في الادارة الحكومية ام القطاع الخاص ام ممثلين وممثلات عن الجمعيات والهيئات الاهلية والنقابات العمالية، وبخاصة الجمعيات النسائية، لمقابلة الشيخ جابر الاحمد بمكتبه في قصر بيان، وذلك للتعبير عن شكرهن وتقديرهن لاعطائهن كامل حقوقهن السياسية، الذي حسم جدلاً طال خمسين عاماً هو عمر مجلس الامة الكويتي حتى تاريخ اعداد هذا الكتاب.
وفي كلمة ترحيبية امام هذه الوفود اشاد الشيخ جابر الاحمد بالمرأة الكويتية،قائلاً: «...لقد كنت متابعاً لمسيرة المرأة الكويتية ودورها الوطني، ودائماً نسمع ان المرأة نصف المجتمع، وأنا لا اعرف لماذا يطلق عليها هذا الوصف دون ان تتحمل مسؤولية حاضر ومستقبل بلدها.
ومن هذا المنطلق، اتمنى ان يكون هذا الاجراء مفيداً، ويعطي قوة ومتانة لهذا البلد العزيز علينا. وانا على ثقة تامة بأن نساءنا سيكن عند حسن الظن بهن ليتحملن مسؤوليتهن في سبيل هذا البلد الطيب...».
وفي الوقت ذاته، اصدرت جمعيات النفع العام، والهيئات الاهلية الاخرى بيانات واعلانات تأييد وترحيب بهذه المبادرة الاميرية التي ستثري الحياة النيابية، وتنقل الكويت الى عداد الدول العريقة في التجربة الديمقراطية، وضمان الحريات العامة. كما ان الصحف الكويتية تناولت هذه المبادرة بالاشادة والتحليل، وبخاصة كتاب الزوايا في هذه الصحف، مثلما شهدت الكويت زخماً من اللقاءات الشعبية ابتهاجاً وسروراً بهذه النقلة النوعية في تاريخ الكويت الحديث.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:13 AM

[frame="1 80"]
ردود الفعل العربية:

وعلى المستوى العربي كانت ردود الفعل كبيرة وسريعة، فقد اكد الامير طلال بن عبد العزيز، رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية، بأن قرار سمو امير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد اعطاء المرأة الكويتية حقها في الترشيح والانتخاب قرار تاريخي، ونقلة حضارية سيترك اثراً ايجابيا ومباشراً على اوضاع المرأة في منطقة الخليج والدول العربية كافة. كما رأى ان القرار يعتبر خطوة صحيحة تتفق مع الشريعة الاسلامية وتقاليدنا العربية الصحيحة.
وفي لبنان اشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص، ومفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني، ورئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وعدد كبير من الشخصيات النيابية، والسياسية، والوزراء، ورؤساء الجمعيات، والمجالس النسائية بمبادرة الشيخ جابر الاحمد بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية، مرحبين بهذه الخطوة المتميزة التي تصب في اطار تعزيز الديمقراطية وتثري الحياة النيابية، وتوسع قاعدة المشاركة السياسية.
كما رحب علماء الدين ورجال السياسة في مصر من مختلف الاتجاهات بقرار الشيخ جابر الاحمد باعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية. فقد وصف مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل الخطوة التي اقدم عليها امير دولة الكويت بأنها فاتحة خير للمرأة المسلمة نؤيدها ونساندها. مؤكداً ان ذلك من ابسط الحقوق التي كفلها الاسلام للمرأة. كما رأى شيخ الازهر «محمد سيد طنطاوي» انها خطوة طيبة. موجهاً حديثه الى امير دولة الكويت: « مرحبا بما اعطيته للمرأة المسلمة من حقوق كانت محرومة منها فترة طويلة، والحمد لله انها حصلت عليها، ونأمل ان تحذو بقية الدول الاسلامية حذو الكويت في هذه المسألة».
ومن جهة اخرى، افاد رئيس لجنة تطبيق الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، ورئيس المجلس الاسبق الدكتور صوفي ابو طالب. ان هذا القرار ايجابي وجيد بكل المقاييس وصحيح 100% سواء أكان من وجهة نظر الشريعة ام من وجهة النظر المعاصرة.
وفي الوقت ذاته اشار المرشد العام للاخوان المسلمين «مصطفى مشهور» ان الاخوان يباركون هذه الخطوة التي اتخذها امير دولة الكويت بافساح المجال للمرأة المسلمة للتعبير عن نفسها في اختيار من يمثلها في المجالس البرلمانية والانتخابية العامة. كما اشادت شخصيات نسائية مصرية بهذا القرار التاريخي، من بينهن رئيسة رابطة المرأة العربية «الدكتورة هدى بدران»، التي اشارت الى ان ما حصلت عليه المرأة الكويتية يعتبر نقلة نوعية وحضارية شاسعة في التاريخ، وانه ايماناً من الرابطة بايجابية هذا القرار بادرت بارسال برقية تأييد للشيخ جابر الاحمد على الخطوة التي اتخذها.
وفي سوريا وصفت مبادرة الشيخ جابر الاحمد بأنها ممتازة ورائدة وشجاعة وحكيمة، وذكرت عضوتان في مجلس الشعب السوري قرار امير دولة الكويت بأنه تاريخي، ويحمل في طياته مصلحة امة ووطن، وهو ايضا استحقاق تاريخي للديمقراطية تستحقه نساء الكويت. كما انه مكسب ليس للمرأة الكويتية فحسب، وانما لكل امرأة في الوطن العربي من المحيط الى الخليج.

ردود الفعل الدولية.

لاشك في انه، مثلما كان للرغبة الاميرية ردود فعل ايجابية في الاوساط المحلية والعربية، فإن ردود الفعل الدولية لم تكن اقل حماساً واشادة بهذه الخطوة الحضارية والانسانية، فقد بعث الرئيس الامريكي «بيل كلنتون» الى الشيخ جابر الاحمد رسالة تأييد وتهنئة للقرار الذي اتخذه في 16 مايو عام 1999م بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية، معتبرا هذا القرار خطوة تاريخية من شأنها تحقيق مستقبل راسخ لدولة الكويت.
كما أدلى «جيمس فولي» الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية بالوكالة بتصريح ذكر فيه ان الادارة الامريكية ترحب بالقرار الذي اتخذه امير دولة الكويت ويعتبر خطوة مشجعة الى الامام مؤكدا ان التأييد لمشاركة سياسية اوسع نطاقا، بما في ذلك الدور المهم الذي تقوم به المرأة في العملية السياسية، كان على الدوام من دعائم سياسية الولايات المتحدة، وبالتالي فان القرار التاريخي ـ وفي رأينا ـ يمثل تقدما ملموسا بالنسبة لحقوق المرأة والعمل بالنظام الديمقراطي في الكويت.
كما رحبت الحكومة الفرنسية برغبة امير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد بمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية عام 2003م سواء أكان بالترشيح ام بالانتخاب، معربة عن ارتياحها لهذا لقرار الذي سيعزز الآلية الديمقراطية في الكويت.
أما في بريطانيا فقد أشادت وسائل الاعلام بمبادرة الشيخ جابر الاحمد حيث ابرزت صحيفة الفاينانشال تايمز The Financial Times الخبر في صفحتها الاولى في العدد الصادر بتاريخ 17 مايو عام 1999م. كما تناولت صحيفة التايمز The Times الحدث بذات التاريخ بالشرح والتحليل، مثلما نشرت صحيفة والديلي تلغراف The Daily Telegraph مقالة مستفيضة حول الموضوع في اليوم التالي للقرار تحت عنوان First Move In Gulf وتحت عنوان To give vote to women طالبت باعطاء المرأة الكويتية حق التصويت والترشيح. كما اهتمت مجلة الايكونوميست الاسبوعية The Economist في عددها الصادر بتاريخ 22 مايو عام 1999م بمبادرة الشيخ جابر الاحمد بمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية، ونشرت مقالا تحت عنوان: women's day in Kuwait.
من جهة اخرى، وصف رئيس الدوما الروسي غينادي سيليزينوف منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية بانه حدث مهم وشأن ايجابي للغاية، مشيرا الى ان ذلك سيعود بالخير على دولة الكويت.
كما رحبت النمسا على الصعيدين: الحكومي، والشعبي ممثلا بالبرلمان النمساوي بقرار الشيخ جابر الاحمد منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية وتمكينها من حق الترشيح والانتخاب للمجالس النيابية فقد وصف مسؤولون في الحكومة واعضاء البرلمان هذا القرار بأنه حدث تاريخي عظيم ومهم وخطوة كبيرة نحو ترسيخ وتدعيم اسس الديمقراطية والحياة النيابية في الكويت بصفتها دولة قانون ومؤسسات، الى جانب تعزيز الحق الطبيعي في المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في المجتمع الكويتي. كما انه من اكثر القرارات المشجعة في المنطقة بشكل خاص، والعالم بشكل عام خلال الثلاث سنوات الاخيرة.
من جانبه، اكد الاتحاد الاوروبي بأن قرار امير دولة الكويت، منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية اعتبارا من العام 2003م، تطورا سياسيا مهما يعيد للمرأة الكويتية دورها الكامل في المجتمع، ويشجع حقوق الانسان ويعزز الديمقراطية في الكويت.
هكذا كان الشيخ جابر الاحمد كعادته وفيا للعهد وكريما مع ابنائه الذين هم شعب الكويت بأسره، حريصا على قيادته سفينة الكويت بأمان وسلام نحو مرفأ النظام العالمي الجديد. وايجاد موقع مميز للكويت بين النظم الديمقراطية في عالمنا المعاصر.
فالنماذج السابقة لردود الفعل على قراره التاريخي تؤكد ان الكويت سائرة في طريقها الصحيح، وانها باتت مؤهلة لان تنتظم في صفوف الانظمة الديمقراطية الرائدة. فالثناء والاشادة من قبل دول عريقة بالديمقراطية ليس بالامر الهين، ما لم تكن هذه الدولة قد لمست عن قرب بان هذه الدولة قد بدأت خطواتها الجادة والسريعة نحو اللحاق بركبهم، خاصة بعد ان عزمت الامر على الاخذ بفلسفة سياسية قوامها سيادة القانون وتعزيز الديمقراطية وضمان الحريات العامة، وكفالة حقوق الانسان، وهي جميعا من المرتكزات الاساسية التي يقوم عليها النظام العالمي الجديد.
وبتاريخ 23 نوفمبر عام 1999م رفض مجلس الامة الكويتي بفارق 20 صوتا منح المرأة الكويتية الحقوق السياسية، وسقط المرسوم الاميري الخاص بتعديل المادة الاولى من القانون رقم 35 لسنة 1962م في شأن انتخابات اعضاء المجلس.. ذلك التعديل الذي كان يهدف الى مشاركة المرأة في الترشيح والانتخاب لعضوية المجلس.. وعلى اثر هذا الرفض النيابي للمرسوم قامت الحكومة من جانبها باصدار البيان التالي:

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:14 AM

[frame="1 80"]بسم الله الرحمن الرحيم

في اجتماعنا هذا اليوم، وفي ظل الشورى التي رسمها الله لنا، وعملا بقوله عز وجل: وأمرهم شورى بينهم تجد الحكومة واجبا عليها ان تدلي بهذا البيان، تكشف به احكام الدستور الكويتي، ومبادىء الشريعة الاسلامية الغراء، في موضوع المرسوم بقانون بتعديل قانون حق الانتخاب رقم 9 لسنة 1999م بما يزيل خطأ دستوريا جسيما، وهو حرمان المرأة من حقها في الانتخاب والترشيح لمجلس الامة.
لقد صدر هذا المرسوم بقانون بناء على ما امر به حضرة صاحب السمو امير البلاد ـ حفظه الله ـ بمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية، وذلك تقديرا من سموه للدور الحيوي المهم الذي تضطلع به المرأة الكويتية في بناء المجتمع الكويتي والارتقاء به، وما قدمته من تضحيات جسيمة، ودور مسؤول ازاء محتلف التحديات التي تعرضت لها البلاد على مدى تاريخ هذا البلد الطيب، والذي مثلت فيه الروح الوطنية والمسؤولية الحقيقية.
وقد أخذ تنفيذ هذا الامر الشكل الدستوري السليم، حيث صدر مرسوم بقانون، قبل انعقاد مجلس الامة الجديد في اكتوبر سنة 1999م، وذلك اعمالا لنص المادة 71 من الدستور التي تجيز اصدار هذا المرسوم بقانون.
واذا كانت هذه المادة تجيز اصدار مراسيم بقانون لاتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وذلك استنادا الى حالة الضرورة التي تفرض اصدار هذه المراسيم، فان هذا المرسوم يتميز بشكل واضح وصريح، بانه يعلو حتى على حالة الضرورة، او الظروف الاستثنائية لانه صدر تصحيحا لوضع مخالف للنصوص الدستورية الصحيحة التي ترتب عليها حرمان المرأة الكويتية من حقوقها الدستورية والسياسية والاجتماعية والانسانية في مشاركتها في بناء نهضة البلاد في جميع المجالات والنواحي. والاستمرار في هذا الوضع يشكل خطأ دستوريا جسيما لا يحتمل التأخير في ذاته، ويستوجب سرعة اجراء لانه ليس ثمة ضرورة تعلو على ضرورة تنقيح نصوص القوانين من اي مخالفات للنصوص الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم الديمقراطي في البلاد، اذ يشكل انتهاكا لهذه النصوص من عدة نواح:
اولها: لانه يناقض ما جاء في المادة 6 من الدستور، من ان نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا، ولا يتصور ان يقصد المشرع بالامة الذكور من الكويتيين فقط دون الاناث، او انه يريد ان يحرم ما يزيد على نصف هذه الامة من حقوقها الثابتة، فالمرأة والرجل هما الدعامتان اللتان تقوم عليهما هذه الامة.
وثانيهما: ان الدستور الكويتي، وقد اخذ بمبدأ المساواة في المادتين 7 و29 يمثل مع العدل اساس دستوريا، فهو اذ يقرر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة، ولا يميز بينهما بسبب الجنس او الاصل، فانه لا يعني الا وجوب ان يعطي للمرأة الحقوق السياسية الكاملة، شأنها شأن الرجل.
وثالثها: ان الدستور حين جعل الانتخاب حقا لكل كويتي وذلك بصيغة مطلقة وعامة، فان قصرها على انها تعني الذكور فقط دون الكويتيات، يكون تخصيصا بغير مخصص، ومخالفا للمعنى والهدف الذي قصد اليه الدستور، بدليل ان الدستور اشتمل على العديد من المواد التي استخدمت كلمة كويتي، مع انه يقصد بها كلا من الرجل الكويتي والمراة الكويتية، وذلك وفقا لقواعد اللغة العربية السليمة.
وقد أجمع الفقه الدستوري في دولة الكويت على تأكيد ان الدستور يوجب اعطاء المرأة حق الانتخاب والترشيح، وان قانون الانتخاب جاء مخالفا للدستور، فيما خصصه من اعطاء هذا الحق للذكور فقط.
واذا كان قد جرى تطبيق الدستور على هذا النحو المخالف لصريح نصوصه واحكامه ومبادئه وأسسه لفترة من الزمن، فقد اصبح الامر ملحا ومستوجبا لرفع هذا الخطأ، وهو ما تدخل من اجله حضرة صاحب السمو الامير ـ حفظه الله ـ اداء لامانة المسؤولية التي يتحملها عن هذا الوطن، فأمر بإزالة هذا الخطأ، واصدار المرسوم بقانون المشار اليه حتى يستقيم البناء السياسي في دولة الكويت لتكون دولة المشروعية والدستور.
واذا كنا في عملنا نستهدي بعقيدتنا السمحاء وشريعتنا الغراء، فان هذا المرسوم بقانون قد جاء موافقا تمام التوافق مع كتاب الله وسنة رسوله الكريم، وما حفلت به الشريعة الاسلامية من احكام ومبادىء تسمو على كل الشرائع والقوانين.
لقد جاء القرآن الكريم بآيات محكمات تحفظ كرامة المرأة، وتعزز من شأنها فقد قال تبارك وتعالى» (المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله، ان الله عزيز حكيم).
فهذه الاية الكريمة، تعني التسوية بين الرجل والمرأة في مسؤولية الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر كما ان المرأة والرجل اولياء لبعضهم، فهي ولية له وهو ولي لها بنص القرآن الكريم.
كما قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم، اني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض) وهذا التعبير الالهي (بعضكم من بعض) يبين كيف سما القرآن الكريم بالمرأة. حتى جعلها بعضا من الرجل، وجعل الرجل بعضا من المرأة وليس هناك معنى للمساواة اعظم من ذلك، والذي تتجلى فيه المشاركة في الحياة دون تفاضل وسلطان. وان المسؤولية في ذلك واحدة، لقوله تبارك وتعالى: (للرجل نصيب مما اكتسبوا، وللنساء نصيب مما اكتسبن).
وجاءت السنة المطهرة لتشهد بكرامة المرأة وحقها، بل بواجبها في الشورى والمسؤولية وفي شؤون المسلمين عامة، والامثلة في ذلك كثيرة نكتفي منها بما كان من مشاركة المرأة المسلمة في بيعة الرسول الكريم، وامر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بقبول بيعتها، كما يعرف الجميع مشورة ام المؤمنين (أم سلمة) في صلح الحديبية، والتي جمعت المسلمين على يد واحدة، بعد ان كان يتهددهم الخلاف والفرقة.
وجمهور الفقهاء لا يحرم المرأة من ولاية المشاركة في المسؤولية العامة، وفي الشورى، وابداء الرأي في امور المسلمين حيث لا يحرمها القرآن او السنة من هذه الحقوق، وهو ما اخذت به معظم الدول الاسلامية، وترجمت ذلك الى حقها في الانتخاب والترشيح لعضوية المجالس النيابية التي عرفها العالم في الزمن المعاصر.
واذا كان هناك من يقول بخلاف هذا الرأي من بعض العلماء، فان ذلك اجتهاد منهم، ولا يجوز ان يفرض ذلك على المجتمع باعتباره حكما قطعيا اوجبته الشريعة الاسلامية خاصة، ولم يرد بشأن حرمان المرأة نص قطعي او صريح، ويكون لولي الامر ان يأخذ بما يتفق مع مصلحة الجماعة، وقد قال الامام الشافعي قولته المشهورة في ذلك: حيث وجدت المصلحة فتم شرع الله».
وفي الكويت اصبحت المرأة ـ الان ـ مشاركة الرجل في جميع المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية. ووصلت الى مكانة عالية في العلم والمعرفة. تبوأت أعلى المناصب. وكان لها دورها المشهود مع الرجل في تحمل المسؤولية في أعصب الاوقات. واشد الازمات التي مرت بها البلاد، فلا اقل من ان تأخذ المرأة حقها الكامل في المشاركة بالرأي والمشورة وفقا للنظام الديمقراطي الذي يقرر حقها في الانتخاب والترشيح، لما لها من كفاءة علمية وخبرة تخصصية، وغيرة على قضايا المجتمع والاسرة تؤهلها للقيام بمسؤوليتها في الرقابة والتشريع، وهو ما استهدفه المرسوم بقانون.
لقد عرض هذا المرسوم على المجلس عند بداية انعقاده الذي احاله بدوره الى لجنة الداخلية والدفاع، حيث قدمت تقريرها المعروض عليكم، ومع احترامنا لرأي اللجنة فان الحكومة لم تتح لها الفرصة كاملة لابداء رأيها وبيان الأسس الدستورية والقانونية واحكام الشريعة الاسلامية في هذا المرسوم الذي يتناول امرا في غاية الاهمية بالنسبة للتطبيق السليم للنصوص الدستورية ومشاركة نصف هذه الامة او ما يزيد في الحقوق العامة، مما يتعين معه ان تعطى الفرصة كاملة لدراسته وبحثه.
لذلك، فان الحكومة تلتمس الموافقة على المرسوم بقانون لما له من اهمية على المستوى الداخلي والخارجي، فان لم يتم ذلك فان الحكومة على استعداد لتقديم مشروع بقانون بهذا الخصوص، اضافة الى وجود اقتراح بقانون موجود لدى اللجنة نلتمس ان يُضم الى التقرير.
وفي الجلسة ذاتها اعطى مجلس الامة صفة استعجال لاقتراح بقانون قدم من بعض الاعضاء يحمل المضمون نفسه، تمت مناقشته والتصويت عليه في جلسة يوم الثلاثاء الموافق 30 نوفمبر عام 1999م، حيث تمكن صوتان في المجلس حرمان المرأة الكويتية من صوتها (32 ـ 30).
وقد اعرب النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الصباح عن أسفه لرفض مجلس الامة للاقتراح بقانون المتعلق بحقوق المرأة.. وقال اثناء الجلسة.. نشعر بالأسف ولكن هذه هي الديمقراطية وعلينا ان نتقبل نتائجها.
واضاف: يمكننا تقديم اقتراح آخر فامامنا ثلاثة ادوار للانعقاد ولدينا الحق في تقديم مشروع في اي وقت نشاء.
وعليه، فان رفض الاقتراح لا يعني نهاية المطاف، فالطريق لا يزال مفتوحا امام اعطاء المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية، فالدور النضالي الذي قامت به ابان فترة العدوان والاحتلال العراقي يعطيها هذا الحق كأي مواطن كويتي، وان الدور الذي تقوم به في عملية التنمية الشاملة، والمشاركة في بناء النهضة الحضارية باتت اليوم تلح على من في يدهم القرار ان ينصفوا نصف المجتمع الكويتي حقه، والاعتراف به كشريك فاعل في تحمل مسؤولية المجتمع بناء وأمنا وامانا،، وطننا عزيز يظلل الجميع على قدم المساواة.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:15 AM

[frame="1 80"]سموه أكد دائماً أن بناء الإنسان هو الأهم لأنه الضمانة لوطن يبنيه أبناؤه بالكفاءة والخبرة الأمير.. مواقف حازمة ضد المفسدين وكسر دائم للبيروقراطية والروتين
الحلقة السادسة والعشرون

الشيخ جابر الأحمد والنهج المؤسسي

لا يمكن للديمقراطية ان تنمووتزدهر في اي مجتمع من المجتمعات ما لم يرعها فكر مستنير متسامح، وتحتضنها مؤسسات رسمية وشعبية متنوعة تقوم على خدمتها وتنفذ توجهاتها.
فالكويت التي عرفت نظام المؤسسات منذ مطلع الثلاثينيات استطاعت ان تحقق الكثير من اساليب الادارة الشعبية، وتنقلها من المجال الفكري والتنظيري الى المجال التطبيقي، سواء أكان ذلك في العمل السياسي أم في مجال التعليم أم الصحة أم في الشؤون العامة.
لقد كان الشيخ جابر الاحمد واحدا من ابرز رواد هذا الفكر في الكويت، والمتابعين لانجازات هذه المؤسسات. فمنذ البدايات الاولى لعمله في المؤسسات الرسمية، نراه في اكثر من موقع، وهو يحاول اقامة مؤسسات اجتماعية او اقتصادية يمكن لها ان تنهض بالمجتمع من خلال ادارة جماعية حكومية وشعبية. فقد كان يوما ممن تولوا رئاسة مجلس التخطيط، حيث أعطى اهتماما بالغا لهذا الجهاز الذي ضم بين عضويته افرادا من خارج الحكومة نظرا لخبرتهم او لمكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، او ما يحملونه من رأي وفكر تقدمي مستنير.
وعندما تولى مقاليد الحكم سعى الى تشكيل مؤسسات فكرية وعلمية تابعة للديوان الاميري، لتكون عونا في علاج ما يواجه المجتمع من امور وظواهر تحتاج الى نقص ودراسة تسهل في النهاية اتخاذ القرار السليم لمعالجتها، او من أجل تشجيع وتحفيز العلماء والباحثين للمزيد من الابداع والعطاء الفكري في الشؤون الحياتية وما يدور حولنا من تطورات عصرية. واذا ما اردنا تحديد هذا النشاط الفكري، فاننا نلاحظ في المؤسسات التالية:

معهد الكويت للابحاث العلمية:

عندما كان الشيخ جابر الاحمد يتولى حاكمية مناطق النفط في الكويت ابان حقبة الاربعينيات، كان جل اهتمامه الحصول على امتيازات اضافية ـ خارج العوائد المالية ـ تثري الحياة الفكرية والثقافية في الكويت، وتسهم بشكل مباشر في تنمية الموارد البشرية الوطنية.
وفي هذا السياق، كان يحاول جاهدا ان تتضمن عقود امتياز النفط او اية عقود صناعية يدخلها شريك اجنبي، بندا يتعلق بتدريب العناصر الكويتية وتأهيلها لتولي زمام الامور في هذه الشركات، او اقامة مؤسسات بحثية فكرية او تدريبية على ارض الكويت، يكون لها مردود ايجابي على ابناء الكويت، يؤهلهم لمواجهة متطلبات التطور الحضاري الذي بدأت رياحه التغييرية تهب على الكويت في ذلك الوقت بسرعة كبيرة.
وكان معهد الكويت للأبحاث العلمية واحدا من ثمار جهود الشيخ جابر الاحمد، الذي استطاع ان يمليه على شركة الزيت العربية المحدودة «اليابان» ضمن عقد الامتياز الذي اعطي لها للتنقيب عن النفط في المياه الاقليمية المشتركة مع المملكة العربية السعودية.
وهنا نقف قليلا مع مذكرات أحمد السيد عمر لننقل للقارىء الفقرة التالية: «كنا في ذلك الوقت نتفاوض مع هذه الشركة من اجل منحهم امتياز التنقيب عن النفط في المنطقة المحايدة «الخفجي» فالتقيت بمدير الشركة وأحد المساهمين فيها، وهو مستر ياماشيتا البليونير الياباني، وطلبت منه ان تقوم الشركة بانشاء معهد الكويت للابحاث العلمية على ان يخصص للصرف على اعماله نصف مليون دولار سنويا لمدة عشر سنوات من مصروفات اعمال النفط التي كانت الشركة قد حصلت على امتيازها مقابل 43% لها وللكويت 57% من صافي الارباح.
ويضيف السيد عمر قائلا... في البداية رفض السيد ياماشيتا هذا المطلب موضحا اننا قد رفعنا نسبة ارباحنا من النفط الى 57% بدلا من 55% الا انني مارست ضغطا شديدا عليه حتى وافق على انشاء المعهد. وتم ابرام عقد بذلك جاء فيه: تقوم شركة الزيت العربية اليابانية oil company Arabian بانشاء معهد الكويت للابحاث العلمية وتصرف عليه سنويا مليون دولار لمدة عشر سنوات.
ويأتي فيصل المزيدي ليؤكد هذه الواقعة، حين يقول: لقد جاء تأسيس معهد الكويت للابحاث العلمية جزءا من الاتفاقية النفطية مع اليابان وهو الان صرح علمي كبير تفتخر به دولة الكويت.
ففي فبراير عام 1967م باشرت الشركة في انشاء المعهد وفاء لالتزاماتها المقررة حسب الاتفاقية المعقودة بينها وبين حكومة الكويت بشان امتياز التنقيب. وقد حددت اغراض انشائه ـ انذاك ـ في اجراء البحوث العلمية التطبيقية في ثلاثة مجالات هي: قطاع البترول، الزراعة في المناطق القاحلة والاحياء البحرية.
وقد اعيد تنظيم المعهد بمرسوم اميري صدر في يوليو عام 1973م ليصبح تحت المسؤولية المباشرة لحكومة الكويت في اجراء البحوث العلمية التطبيقية، وخاصة تلك المتعلقة بالقطاعات الرئيسية كالصناعة والطاقة والزراعة والاقتصاد القومي، والاسهام في دفع عجلة التطوير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وفي عام 1981م صدر المرسوم الاميري بالقانون رقم 28 لسنة 1981م بشان اعلان المعهد مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة، يشرف عليه مجلس امناء برئاسة وزير يختاره مجلس الوزراء، وقد تمت مراجعة اهداف واغراض المعهد التي اكدت النهج السابق، مع التوسع في تقديم خدماتها خارج حدود الدولة لتشمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعالم العربي.
وفي عام 1976م استهل المعهد اول نشاطاته واعماله البحثية المخططة، وذلك ضمن خطة عمل تمتد لمدة عامين، حيث تركز العمل على تطوير قدرات وامكانات المعهد من الموارد البشرية كما شرع في انشاء العديد من المرافق البحثية والعلمية التي لا تزال تعمل الى اليوم.

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي:

وفي هذا السياق وبمبادرة من الشيخ جابر الاحمد عندما كان وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء وبدعم من الاقتصاديين ورجال الاعمال الكويتيين متمثل في غرفة تجارة وصناعة الكويت، انشئت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي مؤسسة خاصة ذات نفع عام بموجب مرسوم اميري صدر في 21 ديسمبر عام 1976م يديرها مجلس ادارة برئاسته وعضوية ستة اعضاء تختارهم الشركات المساهمة الكويتية لمدة ثلاث سنوات وتقوم المؤسسة على تحقيق الاغراض التالية:
ـ تقديم العون للقائمين على التنمية الفكرية.
ـ مساعدة القائمين على البحوث العلمية المتخصصة ذات المستوى الرفيع.
ـ تقديم المنح الدراسية والتدريبية والجوائز التشجيعية للدارسين والباحثين في المجالات العلمية المختلفة.
ـ دعم روح التكافل بين الاجيال في الكويت.
كما تقوم المؤسسة بأي نشاط آخر من شأنه تحقيق الهدف العام، وهو المعاونة في سبيل التطور الحضاري.
هذا، وتتكون موارد المؤسسة المالية من الدعم الذي تقدمه الشركات المساهمة الكويتية بمقدار 5% من صافي الارباح السنوية لهذه الشركات كما تضم في هيكلها التنظيمي عددا من الادارات اهمها: (ادارة المشاريع والبحوث، ادارة الشؤون الثقافية والمؤتمرات، ادارة الجوائز ادارة التأليف والترجمة والنشر ادارة الثقافة العلمية).
ان ترؤس الشيخ جابر الاحمد مجلس ادارة المؤسسة يؤكد من جديد مدى اهتمامه بشؤون البحث العلمي التي تمثل واحدا من المعايير والمقاييس الاساسية التي تعبر عن مستوى تطور المجتمع وتقدمه. كما يؤكد ايضا مدى اهتمامه وتمسكه بقضايا التقدم. ومدى متابعته لكل ما هو جديد في دنيا العلوم والاخذ بتطبيقاتها المفيدة فى دعم مسيرة المجتمع الكويتي. وان ترأسه لمجلس الادارة يعبر ايضا عن عمق ايمانه باهمية هذا الصرح العلمي الكبير، الذي يمكن من خلاله اتاحة الفرص، وتوفير الامكانات للباحثين والدارسين من المواطنين وغيرهم في الوطن العربي، والعالم الاسلامي بهدف تحقيق قفزة نوعية في مجال الخلق والابداع لافادة البشرية واسعادها.
ولقد عبر عن هذه الاهتمامات في كلمة بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني، وعيد التحرير، في فبراير عام 1992م جاء فيها: «ولقد نجحت الكويت دوما في تجسيد العلم والمعرفة عبر عشرات المنابر الثقافية والمؤسسات العلمية، وسوف تمثل هذه المؤسسات مكانتها في بناء الكويت الجديدة المطلة على مستقبل مشبع بالعلم الحديث في ظل تعاليم الاسلام السمحة، لتتابع دورها الريادي على الصعيد العربي والاسلامي والدولي، بما يعود بالخير على البشرية جمعاء، في عالم يزداد تواصلا وتماسكا يوما بعد يوم.

مكتب الشهيد:
شهدت الساحة الكويتية خلال شهور الاحتلال السبعة محنا ومصائب لم تمر بها الكويت من قبل، راح ضحيتها العديد من النفوس البريئة، وسقط على تراب الوطن شهداء من مختلف الاعمار من الجنسين بلغ عددهم ـ حسب بيانات واحصاءات مكتب الشهيد ـ في اكتوبر عام 1998م حوالي 582 شهيدا، بينهم 499 من الذكور منهم 251 من العسكريين بجانب 83 من الاناث وهو عدد كبير اذا ما قورن بعدد السكان الكويتيين في ذلك التاريخ الكئيب في حياة الكويت والكويتيين.
لقد اولى الشيخ جابر الاحمد شهداء الكويت عناية واهتماما خاصا تمثلت فيما ورد في خطبه ـ في اكثر من مناسبة ـ من اشادة ببطولاتهم وتضحياتهم في سبيل الوطن وتمجيده ومن رعاية وتكريم لذويهم واسرهم، ثم وبسالتهم وحرصه على ان تظل ذكرى هؤلاء الشهداء نجوما مشرقة في سماء الكويت.
انشىء المكتب بموجب المرسوم الاميري رقم 38/91 بتاريخ 19 يونيو عام 1991م بهدف تكريم شهداء الكويت، وتوفير مختلف المساعدات الانسانية لاسرهم وذويهم.
ويشرف على المكتب مجلس امناء من رئيس وعشرة اعضاء، يرفع تقاريره وتوصياته مباشرة الى مكتب رئيس الدولة الشيخ جابر الاحمد. وبهدف المكتب بين امور عديدة الى تحقيق الاتي:
1ـ تخليد ذكرى الشهداء وبطولاتهم.
2ـ تكريم الشهداء وتقديم صور الرعاية اللازمة لذويهم واسرهم في الجوانب كافة، وابراز مناحي التكريم المتميز في المجتمع الكويتي.
3ـ توظيف معنى الشهادة وبطولات الشهداء في تنمية الانسان الكويتي، وتدعيم انتمائه للوطن.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:16 AM

[frame="1 80"]اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية:

استجابة لتداعيات التطور والتغير الحضاري، وخاصة في جوانبها السلبية على الحياة الكويتية، وحرصاً من الشيخ جابر الاحمد على تنقيتها وسلامتها في الجانب الشرعي، فقد اقدم على انشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية، وذلك بموجب المرسوم الاميري رقم 139 لسنة 1991م.
وان المتأمل للمرسوم المشار اليه، لابد من ان يقف كثيراً عند المادة الثانية منه، والتي تنص على مايلي: «... تتولى اللجنة وضع خطة لتهيئة الاجواء لاستكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية، مع مراعاة واقع البلاد ومصالحها، ولها في سبيل ذلك مراجعة القوانين السارية في مختلف المجالات، واقتراح ما تراه بشأنها لضمان توافقها مع احكام الشريعة الاسلامية..».
وانطلاقاً من هذه الرؤية اتخذت اللجنة لها عدداً من الاهداف، تمثلت في الاتي:
1ـ وضع تصور لايجاد بيئة مهيأة لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية.
2ـ طرح البدائل الشرعية للتشريعات والممارسات السارية التي قد تخالف احكام الشريعة الاسلامية.
3ـ وضع تصور حول ايقاف الممارسات والتشريعات المخالفة لاحكام الشريعة الاسلامية.
4ـ اعاد تصور واضح حول جهاز المتابعة، والتحقق من كفاءة تطبيق خطة عمل اللجنة، وذلك بعد استكمال عمل اللجنة، وتحديد دورها في المتابعة خلال فترة عملها.
5ـ رسم برنامج زمني لاستكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية.
ولما كان عمل اللجنة تجربة غير مسبوقة في النظم المعاصرة على المستويين: الاقليمي والدولي، سواء أكان ذلك من حيث انشائها ام اهتماماتها، فقد اخذت بالطابع العلمي المتأني في الدراسة. كما اقامت سياستها في العمل على الاسس والمبادىء التالية، ضماناً لنجاح التجربة، وهي:
1ـ العمل من خلال خطة عمل.
2ـ الشورى.
3ـ مراعاة واقع البلاد ومصالحها.
4ـ الاستفادة من رحابة وسعة الفقه الاسلامي.
5ـ التدرج.
6ـ ضمان نجاح تطبيق احكام الشريعة وليس مجرد الاستكمال.
7ـ المحافظة على النظم التي لا تخالف احكام الشريعة الاسلامية.
8ـ التأني والتثبيت.
9ـ توعية الناس، ومخاطبة الرأي العام.
10ـ مراعاة عامل الحداثة والتطور.
11ـ الحوار الهادىء والهادف.
هذا، وينبثق عن اللجنة ست لجان فرعية هي: «اللجنة التشريعية، اللجنة الاقتصادية، اللجنة الاعلامية، اللجنة التربوية، اللجنة الاجتماعية، اللجنة النسائية»، وهي جميعاً تعمل في اطار ما رسم لها في المرسوم الاميري، والسعي لتحقيق الاهداف والمبادىء التي سبق اعلانها.

مكتب الانماء الاجتماعي:

لا شك ان الغزو والعدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت لم يخلف وراءه دماراً في البنية الاساسية والبنية التحتية للدولة، وتخريبا وتشويها وتلوثا للبيئة فحسب، بل عمد المحتل منذ الساعات الاولى للغزو على تدمير نفسية الانسان الكويتي، والسعي بكل الوسائل غير الانسانية لكسر العزة والانفة والكبرياء فيها، والحاق الذل والمهانة بها.
ورغم محاولات الشرعية الكويتية في مقرها المؤقت في الطائف، وجهود اللجان الشعبية المرابطة على ارض الكويت المحتلة في السعي لرفع الروح المعنوية بين صفوف الكويتيين، وتهيئتهم لمواجهة افرازات المحنة وضغوط الصدمات النفسية التي كانوا يعيشونها في كل لحظة.. نقول رغم تلك المحاولات، فإن اعداداً من الكويتيين وقعوا ضحية ذلك المخطط الاجرامي، وباتوا بعد التحرير واندحار العدو يعانون من افرازات تلك المحنة وتداعياتها النفسية والاجتماعية.
لم يكن جابر الاحمد بعيداً عن هذه المعاناة النفسية التي كان عنصرا الخوف والقلق من المجهول بارزين فيها، كما لم يغب عن فكره ما عانته شعوب اخرى من ويلات الحروب، وبخاصة ابان الحرب العالمية الاولى والثانية.
من هنا، كان اسرع الجميع في الدعوة الى اقامة مؤسسة اجتماعية علاجية وقائية بنائية تعنى بالانسان الكويتي الذي وقع ضحية الامراض النفسية وصدماتها، وعدم الاستقامة ـ سيكولوجياً ـ في الحياة العامة. وكان الشيخ جابر الاحمد اسرع في دعوته هذه، من اولئك القادة الذين مروا بمثل هذه المحنة، ودمرت بلادهم في الحربين العالميتين، وسقط ابناؤهم ضحايا تلك الصدمات والامراض النفسية والاجتماعية.
وانه، تنفيذاً لهذا التوجه، فقد صدر المرسوم الاميري رقم 63 لسنة 1992م في الاول من يونيو عام 1992م بانشاء مكتب الانماء الاجتماعي في اطار الاجهزة التابعة لرئيس الدولة مباشرة، وذلك بهدف تجميع الجهود، وحشد الامكانيات المادية والفنية للعمل على معالجة الآثار النفسية والاجتماعية التي خلفها العدوان والاحتلال العراقي، واعادة تأهيل الذات الكويتية لتصبح آمنة مطمئنة تمارس دورها الطبيعي في انماء مجتمعها، واكمال مسيرة الانماء فيه، وللمكتب في سبيل تحقيق اغراضه القيام بالآتي:
1ـ اجراء مسح واستقصاء لاكتشاف الحالات التي تعرضت للاعتداءات.
2ـ تصنيف تلك الحالات حسب نوع الاعتداء والآثار الناتجة عنه، سواء أكانت جسدية، ام نفسية، ام اجتماعية.
3ـ متابعة الحالات التي يتم علاجها بأحدث الطرق العلمية، وبما يتناسب مع خصوصية المشكلة وحساسيتها.
4ـ متابعة دراسة العناصر المحيطة بالحالة، سواء أكانوا افراداً في الاسرة ام من ذوي القرابة وتحديد الاثار المترتبة على الحدث ومعالجتها.
5ـ الاشراف على اعادة تأهيل الحالات الخاصة الناتجة عن آثار خلفها العدوان.
6ـ القيام بالدراسات والبحوث المرتبطة بالنواحي النفسية والتربوية والاجتماعية.
7ـ اعداد البرامج الاعلامية ذات الارتباط بالنواحي النفسية والاجتماعية.
8ـ تقديم المشورة العلمية للهيئات والمؤسسات العاملة في المجالات النفسية والتربوية والاجتماعية التي تتصدى لهذه المشكلة.
ولتحقيق هذه الاغراض ـ ايضاً ـ تم استقطاب صفوة من المتخصصين المهتمين برسالة المكتب واساتذة الجامعات للقيام بالابحاث والدراسات الميدانية، بهدف توثيق آثار العدوان العراقي النفسية والاجتماعية والتربوية على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع، والافادة من تطبيق نتائج هذه الجهود مع ما يتلائم وحاجة المجتمع الكويتي في مرحلة ما بعد الصدمة، والعمل على ازالتها او التصدي لها مستقبلاً. وحرصت الادارة على مساهمة الكفاءات الكويتية المؤهلة في مشروعات الابحاث وفرق العمل، لكونهم الاقدر على معرفة وفهم احاسيس وشجون ابناء الكويت وهمومهم.
لم تقف تطلعات الشيخ جابر الاحمد منذ ان تولى زمام الامور القيادية في دولة الكويت، ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء، عند دفع مؤسسات المجتمع المدني خطوات الى الامام، والرغبة في اشهار المزيد من الهيئاة الاهلية، بل ارادها رديفاً للجهود الحكومية في العمليات التنمية الشاملة حتى بات هناك 55 جمعية نفع عام، تتوزع بين جمعيات مهنية وثقافية واجتماعية واقتصادية، واخرى توجيهية كجمعيات حماية البيئة، ومكافحة التدخين ومرض السرطان، ومكافحة مرض الايدز، والامن والسلامة. بالاضافة الى 51 جمعية تعاونية بين استهلاكية وزراعية وانتاجية، و31 هيئة رياضية، و17 اتحاداً ونقابة عمالية، و19 اتحاداً لاصحاب الاعمال.
من جهة اخرى، فإن اهتمام الشيخ جابر الاحمد بالمجلس الوطني للثقافة والفنون وزالاداب، والذي انشىء في 27 يونيو عام 1973م، لم يقل عن اهتمامه بغيرة من المؤسسات الفكرية في دولة الكويت. وذلك لكون هذا المجلس يعمل ايضاً في المجالات التنموية، وخاصة تنمية وتطوير الانتاج الفكري واثرائه، وتوفير المناخ المناسب للانتاج الفني والادبي. كما يقوم باختيار الوسائل المتعددة لنشر الثقافة. وكذا نشر التراث والقيام بالدراسات العلمية، بجانب سعيه الى اشاعة الاهتمام بالثقافة والفنون الجميلة، ونشرها وتذوقها، كما يعمل ـ ايضاً ـ على توثيق الروابط والصلات مع الهيئات العربية والاجنبية.
ومن اجل تحقيق المزيد من الانجازات في ميدان الثقافة والمعرفة والفنون والآداب، ومن اجل اعطاء هذه المؤسسة الفكرية المزيد من القوة والدعم، قام الشيخ جابر الاحمد في 5 ديسمبر عام 1991م باصدار المرسوم الاميري رقم 146 لسنة 1991م.
وقد تجلت هذه النقلة في مسيرة المؤسسة في نشاطات ملتقى «القرين» المصاحب لمعرض الكويت للكتاب الدولي، كما برزت من خلال العديد من الاصدارات الفكرية والثقافية المتنوعة، والعديد من الفعاليات والملتقيات والمناسبات الفكرية التي تنظم خلال شهور السنة.
هذا الاهتمام المستديم والمتواصل من جانب الشيخ جابر الاحمد للحياة الفكرية في المجتمع الكويتي لم يقف عند المؤسسات التي تناولها، بل امتدت جهوده الساعية لايجاد قاعدة علمية بحثية في الكويت، وخاصة في ظل الظروف المستجدة بعد تحرير الكويت من براثن العدوان والاحتلال العراقي، فقد اصدر بتاريخ 21 سبتمبر عام 1992م المرسوم الاميري رقم 178 لسنة 1992م بانشاء مركز البحوث والدراسات الكويتية، الذي يهدف الى ان يكون مصدراً وطنياً للعلم والمعرفة بتاريخ الكويت وشؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتراثية، كما يهدف ـ ايضا ـ الى جمع الوثائق والمستندات المتعلقة بالعدوان العراقي، وابعاده المختلفة ودراستها وتحليلها وتوثيقها، بما يحقق للباحثين المعنيين بقضايا دولة الكويت اقصى ما يمكن من الافادة في الحاضر والمستقبل.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:16 AM

[frame="1 80"]الشيخ جابر الاحمد والمنهج الاداري

من المعروف عن الشيخ جابر الاحمد حبه الشديد وشغفه بالاخذ بأسلوب التخطيط في الامور الحياتية، وخاصة الخطط ذات البعد القومي الشامل التي تسعى الى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة. ويمكن لأي مراقب ان يعرف هذا الفكر، وتلك السياسة من خلال اهتماماته منذ بدايات عمله في الجهاز الحكومي، وترأسه فيما بعد لمجلس التخطيط، حيث تم على يده انجاز اهم مرحلة من مراحل الخطط الانمائية للدولة، ونعني بذلك المخطط الهيكلي الاول للبلاد وما تبعها من خطط هيكلية امتدت فيها مساحات العمران والبناء، ونمت المرافق، واستحدثت العديد من المدن السكنية والمناطق النموذجية التي ارتبطت ببعضها بشبكة من الطرق السريعة منها والبطيئة، والتي تعتبر اليوم واحدة من اهم الانجازات الرئيسية العمرانية التي تفتخر بها الكويت.
هذا الايمان الكبير بالتخطيط ـ بصفته من اهم مقومات الحضارة البشرية ـ دفع الشيخ جابر الاحمد في 14 فبراير عام 1978م، وبانتهاء فترة الحداد الرسمي على الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح الى ان يوجه خطاباً الى المواطنين، اعتبر برنامج عمل افتتح به عهده في الحكم، تناول فيه اموراً عديدة على المستوى المحلي، من بينها القضايا الادارية التي تسهم مساهمة مباشرة في بناء كويت المستقبل، وتحدد مسارها سلباً او ايجاباً، وهي واحدة من التحديات التي واجهت الكويت منذ استقلالها حتى اليوم.
وفي هذا يقول: «... ان بناء كويت المستقبل هو التحدي الكبير الذي يجب على جيلنا ان ينهض لمواجهته، وينذر نفسه لتحقيقه، وعلينا من اجل ذلك ان نشرع في بناء الدولة الحديثة التي تأخذ بأسباب التقنية المتقدمة، والاساليب العصرية في مختلف مجالات الحياة. ولعل اول ما ينبغي البدء به تحديث الادارة العامة والجهاز الوظيفي للدولة، وتطبيق المفهوم الحقيقي للوظيفة العامة باعتبارها خدمة عامة، وان الموظف العام من رئيس الدولة الى اصغر موظف في اجهزتها، انما هو خادم لهذا الشعب الذي اعطاه ثقته، فيجب ان يصون هذه الثقة بالنزاهة والجدية ورعاية مصالح المواطنين دون اي تقصير او محاباة، وفي الوقت ذاته ينبغي النظر بعين الاعتبار لتحسين اوضاع العاملين في مختلف اجهزة الدولة من مدنيين وعسكريين..».
كما يمكن تعرف ذلك الفكر ـ ايضا ـ من خلال اهتماماته المتعددة والدائمة باحداث التغيير والتطوير المطلوبين، وحرصه الشديد على لقاء المسؤولين في القطاعات المختلفة المعنية بشؤون التخطيط بشكل مستمر، حيث تأتي خطط الاصلاح الاداري والتنمية الادارية على رأس هذه الاهتمامات، باعتبارها لصيقة ومكملة، ولا غنى عنها عند تنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فبقدر توافر العنصر البشري الفاعل وقدرته الخلاقة، وتحسين الاداء الاداري بالشكل الذي يجنبها اي اهدار او ضياع يكون النجاح. ومن هنا، كان الشباب دوماً ضمن دائرة اهتمامات الشيخ جابر الاحمد لكونه القوة البشرية الفاعلة التي ستقود حركة التنمية في الكويت نحو التطور المنشود.
وفي هذا الصدد، يقول بدر النصر الله: «... وفي سبيل بناء المجتمع المدني وبناء الانسان الكويتي، كان سموه يشترط على جميع الشركات النفطية الاجنبية العاملة في الكويت ان تضع بنداً في عقودها يتعلق بتدريب العناصر الكويتية الشابة لكي تتاح لهم الفرصة لمسايرة ركب التطور في مختلف النواحي...».
ويضيف حمزة عباس، فيقول: «... كان سموه حريصاً على تأهيل الكويتيين واعدادهم لان يتبوأوا المناصب القيادية والحساسة منذ توليه المسؤولية، فطلب ان استكمل دراستي في الخارج، واوفدت الى جامعة «اكسفورد» لمدة سنتين للدراسة والتخصص في المسائل المالية والنقدية، لاتولى بعد عودتي سكرتارية مجلس ادارة مجلس النقد الكويتي، ثم صرت نائباً فمحافظاً للبنك المركزي.
لقد اولى الشيخ جابر الاحمد الشباب الكويتي عناية خاصة، وكان يرى فيهم وجه كويت المستقبل، ولم يكن يتوانى لحظة عن حثهم على تلقي العلم اينما كان، وفي اي مجال تخصصي، لان الكويت في ذلك الحين كانت في بداية مسيرتها، وحركة التنمية والتطور كانت في حاجة الى سواعد وطنية في المجالات جميعها. وكم يكون سروره عظيماً عندما يشاهد كويتياً يتبوأ منصباً قيادياً، وبخاصة في الوظائف الاستراتيجية التي سيقوم عليها بناء كويت المستقبل.
ففي لقائه مع أوائل الخريجين من الجامعات العربية والامريكية والاوروبية كان دوما يشعرهم بأهمية دورهم في النهوض بالكويت، ويحملهم المسؤولية التاريخية والامانة الوطنية في دفع عجلة التقدم في بلدهم المعطاء، ودفع اخوتهم الشباب من الجنسين للتزوّد بسلاح العلم والمعرفة، وافساح المجال لهم ليتبوأوا المناصب القيادية في الدولة.
وفي هذا يقول عبدالعزيز البحر: «... لقد حرص سموه على سياسة التكويت منذ توليه المسؤولية، ودفع الكويتيين ـ وخاصة الخريجيين ـ منهم ليتبوأوا المراكز القيادية، وكان اوضح دليل على ذلك احتضانه لي وللمجموعة التي كانت تعمل معه، التي كانت من اوائل الخريجين الشباب الذين تولوا ارفع واهم المناصب بتشجيعه، كما تبنى سموه الجيل الذي أتى بعدنا واولاهم المراكز العليا في البلد...
هذه المواقف التي تحدث عنها شهود عيان عملوا مع الشيخ جابر الاحمد فترة من الزمان، التي تنم عن حبه الشديد للشباب الكويتي، ورؤية الكويت كلها في وجوههم... هذا الشعور الابوي الفياض لم يمنعه من ان يكون صلبا وحازما مع المقصرين من هؤلاء الشباب امام اي خلل في الوضع الاداري، يعطل مصالح الدولة ومصالح المواطنين، وينعكس سلبا على سمعة الكويت في الداخل والخارج.
ففي 26 اكتوبر عام 1993م كان للشيخ جابر الاحمد كلمته في هذا الصدد في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي السابع لمجلس الامة الكويتي، تناول فيها بين امور عديدة الجانب الاداري مطالبا بالحزم ضد الفساد والمفسدين في هذا المرفق الحيوي، حين اشار: «... ولنضع في هذا السبيل نصب اعيننا، أمرين أساسييين، أولهما: إصلاح الوضع الإداري في مؤسساتنا العامة والخاصة، الذي تنصلح من خلاله أمور كثيرة، على ان يكون هذا العمل صادقا، ليس مجرد شعارات، فالله عز وجل، يقول: (... كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون)، والامر الثاني: الموقف الحازم والصلب ضد الفساد والمفسدين، بحيث لا نتهاون في عقاب مرتكبي الحوادث المخزية التي تنال من قيم مجتمعنا وأمنه واستقراره»...
وفي هذا السياق كان لتوجيهاته اثرها الفاعل في عملية التطور الاداري في الكويت، فقد اوصى ضمن ما اوصى به في هذا الاتجاه بإعداد دراسة شاملة حول عملية التطور الاداري في الكويت، تمهيدا لاعادة النظر في اوضاع الجهاز الوظيفي للدولة ككل، وبالفعل فقد تمت الدراسة التي تضمنها عدد من تقارير خبراء عالميين في الادارة، وترجمت الى الواقع العملي والممارسة الفعلية حين صدرت قرارات وسياسات ادارية مهمة اعادت التوازن للجهاز الوظيفي، وعلى رأسها اعادة النظر في قانون الخدمة المدنية، وتغطية ثغرات كثيرة في القانون المطبق.
كما جاء ضمن توصياته ضرورة السعي الى تطوير انظمة الخدمة العامة، واستحداث التشريعات لمقتضيات خطط التنمية الشاملة، ووضع القواعد اللازمة لتوفير الحوافز المادية والمعنوية المحققة للعدالة اللازمة بين الموظفين، مع السعي بشكل مستمر الى تقييم الهيكل الاداري للدولة، وتصحيح الاوضاع التنظيمية بالشكل الذي يخدم الخطة الشاملة في ضوء اتجاهاته العامة، مع العمل على رفع كفاءة الاداء بالنسبة للمؤسسات الحكومية والعاملين بها.
وفي كلمة له في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع للفصل التشريعي السابع لمجلس الامة الكويتي في 31 اكتوبر عام 1995م، اشار فيها الى ان بناء الانسان الكويتي هو الأهم، لانه الضمان الوحيد لوطن يبنيه ابناؤه بالكفاءة وتكثيف الخبرات ويضاعفون جهدهم حتى تقل حاجتهم للغير، ويغرسون بأيدهم ليجنوا وابناءهم ثمار ما زرعوا.
وهنا، يركز الشيخ جابر الاحمد على فلسفة الادارة الناجحة التي يمكن ان تسهم في خلق مجتمع فاعل منتج، فيقول: «... ولقد كنت حدثتكم عن قضيتين لهما اثر بالغ في سلامة بنية هذا الوطن والنهوض به، هما: اصلاح الوضع الاداري في مؤسساتنا العامة والخاصة، والموقف الحازم من الفساد والمفسدين، واذا كان علينا ان نواجه الخلل بالاصلاح، فعلينا ان نقابل الاتقان بالاحسان»...
ويضيف قائلا: «... لا يستوي في مقاييس الحق والعدل، رجل لا يوظف قدراته الا لخدمة ذاته، ورجل يضع الآخرين في اهتماماته... رجل كل همه ان يستأثر بالثمرة، ورجل يحرص وهو يجني الثمرة ان يغرس شجرة... رجل قضى ليله لاهيا او مسترخيا، ورجل بات منكبا على البحث والعمل... رجل لا يحسن سوى ترديد الشعارات، ورجل يعمل في صمت وانكار للذات... رجل سخر بيانه للتمويه والتجريح، ورجل جعل كلمته اداة للحكمة والموعظة الحسنة»...
ولعل اهم ما تضمنه فكره من خلال توجيهاته المتعددة، هو تبسيط اجراءات العمل في الجهاز الحكومي الى اقصى حد ممكن، وخاصة في الاجهزة ذات التعامل الجماهيري الكبير، وهي نظرة حديثة في علم الادارة، بعد ان تبين له من خلال الممارسات الادارية السابقة ان البيروقراطية وتعقيد الاجراءات والروتين الممل في اجراءات العمل سبب رئيسي للفساد في ذلك العمل، مع تعطيل عجلة التقدم ومصالح المواطنين.
وبشأن الزيارات التي يقوم بها ـ بين حين وآخر ـ للمواطنين في مناطق اقامتهم، واجراء حوارات معهم بشأن احتياجاتهم، وما يعانونه من نقص، وما يرونه ويقدمونه من افكار مستقبلية بشأن تقدم المجتمع... نقول: هذه الزيارات، هي في حد ذاتها تمثل كسرا للروتين والبيروقراطية الادارية، ورسالة الى القيادات الادارية بمستوياتها المختلفة بان تبسيط الاجراءات، وسياسة الباب المفتوح، وإلغاء الحواجز ـ مهما كان نوعها ـ بين الادارة والمستفيدين واصحاب الحاجة هي السياسة التي يجب الاخذ بها.
ففي العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1409هـ، وعلى وجه التحديد في 3 مايو عام 1989م، تطرق الشيخ جابر الاحمد الى عدد من القضايا المحلية كان من بينها قضايا التنمية ودور الانسان الكويتي في تحمل هذه المسؤولية الوطنية، ودوره في تحرير العمل من قيد الحوار الورقي، والاعتماد الاكبر على اللقاء المباشر، وقراءة الحقائق في مواقع العمل.
وهو في هذا السياق، يقول: «... وان اقتصار القيادات على الاتصال بمستوى واحد في الاجهزة يؤدي الى العزلة وضعف القدرة على اكتشاف المواهب والكفاءات، واعطائها فرص التعبير عن ذاتها، وهذا يستدعي من القيادات ان تتصل باكثر من مستوى اداري، وان يسري الحوار بين المستويات دون عوائق»...
هذا، وان انشاء جهاز الرقابة الادارية في الدولة لكشف السلبيات القائمة ومواجهتها، وكذا اعداد ندوات للقيادات الادارية العليا في الدولة كانت ـ ايضا ـ واحدة من تلك التوجهات التي تضمنتها مفكرة الشيخ جابر الاحمد الى فريق الخبراء القائمين على الدراسة الشاملة السابقة الذكر، حيث أتاحت تلك الندوات الفرصة لاحداث تفاعل بين القيادات الادارية العاملة في مواقع عديدة في الدولة، وبخاصة في مواقع الانتاج، وبين الكفاءات العاملة في التنمية الادارية، كل ذلك من اجل ترشيد الحركة الادارية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاصلاحية في الكويت.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:17 AM

[frame="1 80"]لقد امتد فكر الشيخ جابر الاحمد في المجال الاداري الى التنظيم المحلي، ونعني بذلك دعم المحافظات الادارية القائمة، واعادة تنظيمها وانتشارها لتوائم اوضاع المنطقة والمقيمين فيها، وهي اليوم ست محافظات، هي: محافظة العاصمة، محافظة حولي، محافظة الفروانية، محافظة الجهراء، محافظة الاحمدي، ومحافظة مبارك الكبير، وعلى رأس كل محافظة محافظ يتولى مسؤولية المساهمة في الاشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة، ومتابعة مشروعات خطة التنمية في دائرة محافظته، وتعرف احتياجات المناطق الواقعة ضمن دائرته، كما تم انشاء مجلس في كل محافظة سمي مجلس المحافظة، يقوم بمعاونة المحافظ في اداء مهامه المحددة في المرسوم الأميري.
وكان الشيخ جابر الاحمد قد اعتاد ـ خاصة في بداية حكمه ـ ان يقوم بزيارات تفقدية لهذه المحافظات، حيث يلتقي هناك بالمواطنين والمقيمين من اجل الوقوف على مشاكلهم ومتطلبات مناطقهم واحتياجاتهم الحياتية، ولهذا الغرض كان يلتقي دوما بوزراء الخدمات لكي يستعرض معهم بحث ما تم تنفيذه، وما هو في طور التنفيذ من الطلبات التي تقدم بها المواطنون في المحافظات المختلفة عند زياراته التفقدية لها.
وفي مثل هذه اللقاءات ايضا، كان الشيخ جابر الاحمد يبدي الكثير من الملاحظات حول موضوع فك تشابك الاختصاصات بين الوزارات، مؤكدا ان على المسؤول الاول في كل وزارة وعلى غيره من المسؤولين ـ مهما كانت مستوياتهم ـ ان يطلعوا على كل ما يجري في وزارتهم او ادارتهم او الاقسام التابعة لهم، وان لا يكتفي الوزير او المسؤول بالتقارير التي ترفع اليه، بل يجب عليه التأكد بنفسه من جدية هذه التقارير، وما هو مردودها على المصلحة العامة، مشيرا الى ان بعض التقارير التي تكتب عن الموظفين ليست كلها مطابقة للواقع، بل ان الموظفين ظلموا من جراء ذلك، وان على المسؤول ان يغوص في اعماق اعمال وزارته، وان يقوم بين فترة واخرى بزيارات لاداراتها واقسام كل منها ليطلع بنفسه على سير الامور، ومدى تسهيل معاملات المواطنين من قبل الموظفين الذين وجدوا اساسا لخدمة المواطن، وعلى المسؤول مكافأة من هو مجد ومخلص في عمله، ويخدم مواطنيه بتواضع ونشاط بدون ترفع او تعال.
وكان يؤكد في هذه اللقاءات للوزراء ـ باستمرار ـ ان هناك بعض الموظفين يوهم المراجعين واصحاب المصالح من المواطنين بان هناك اوامر عليا تمنعه من تلبية حاجاتهم، حين يريد التخلص منهم، وان المطلوب في هذه الحالة ان يستفسر المواطن من هذا الموظف عن تلك الجهة، ولا يكتفي بقبول كلامه امرا مسلما به، مؤكدا ان الموظف يعمل ضمن قوانين وانظمة، وعليه ان يخضع لها.
لقد اراد الشيخ جابر الاحمد ان يشعر المسؤولين كل في موقعه وبصورة قاطعة ان الحكومة في خدمة الشعب، وان الموظف في خدمة المواطن، وان الجميع في خدمة الوطن، ولم يكن اختياره لوزراء الخدمات على وجه الخصوص كي يجتمع بهم الا تعبير عن اهتمامه بحل مشاكل المواطنين.
وكان يحرص ـ دوما ـ ان يكون صريحا مع الوزراء، وذلك تأكيدا لمفهومه للخدمة الحكومية، وضرورة ان تتميز بالعطاء والتفاني بما يكفل تحقيق حقوق المواطنية التي حددها الدستور، واكدتها سياسة الحكومات المتعاقبة.
لقد اعطى الشيخ جابر الاحمد في هذه اللقاءات النموذج الذي ينبغي ان يحتذى به في قيادة العمل على كل المستويات، وهو بهذا يقدم لنا برنامجا للاصلاح الشامل للعمل الحكومي، وينبغي الا يفهم من ذلك انه تحرك وقتي يفقد حرارته مع الوقت، بل هو دعوة للقيادات الادارية وعلى رأسهم الوزراء ان يسعوا بصفة مستمرة لاحداث نقلة نوعية في عمل الجهاز الحكومي تواكب هذه الرؤية.
وفي هذا السياق ايضا، وبتاريخ 6 مارس عام 1989م، كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء العامين بوزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة... ومما قاله في هذا اللقاء: «... ان الكويت ستشهد نقلة نوعية وموضوعية تنقلها من حقبة الثمانينيات الى التسعينيات، تشمل معها جميع مرافق الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وانه سيكون لكل مواطن دور مهم في هذه النقلة، نأمل ان تسهم في رفع مكانة الكويت في الداخل والخارج»...
لقد اراد الشيخ جابر الاحمد ان يقول لكل مواطن: ان ما حققته الكويت من تقدم ليس كافيا بمعيار الطموح الذي يتميز به الانسان الكويتي بحكم طبيعته وفطرته، فالكويت التي يتطلع اليها والعالم على ابواب القرن الحادي والعشرين، ان تكون في مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة والمعتمدة على ابنائها في احداث كل تطور ونمو ايجابي.
وفي هذا يقول ضمن ما جاء في كلمته في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1405هـ، وعلى وجه التحديد في 4 يونيو عام 1986م: «... فمن ابرز موازين تقدم الحياة في امة ان يكون ابناؤها قادرين على القيام بمسؤولياتها واعمالها والاستجابة لآمالها، والامة كالجسد الواحد، حياتها في وحدتها وتكاملها وقدرة كل جهاز فيها على اداء وظيفته، وان العمل شرف وكرامة، ولقد مدح الله ـ تبارك وتعالى ـ كلا من الاعمال الفكرية واليدوية في كتابه العزيز، وكانت حياة اكثر الانبياء، عليهم صلوات الله وسلامه، جمعا بين عمل الفكر واليد واللسان»...
وفي سبتمبر عام 1989م، وفي لقاء مع اعضاء لجنة شؤون البلدية بمناسبة تعيينهم، تحدث الشيخ جابرالاحمد عن امور ادارية عديدة تهم اللجنة وكيفية اداء خدماتها للمواطنين، كان اهمها ذلك التوجيه الواضح والصريح الى وزير الدولة لشؤون البلدية حول اهمية التشاور مع اعضاء اللجنة، والرجوع اليهم لاخذ آرائهم في حال الرغبة في اصدار القرارات والتنظيمات، لما في هذا التشاور من اهمية في تسهيل مهمته، وتلافي الاخطاء باجماع الآراء، وتيسير مهمة مجلس الوزراء في الموافقة على هذه القرارات ليصب بالتالي كل ذلك في خدمة المواطن.
هذا التوجه، والفكر الديموقراطي الذي عبر عنه الشيخ جابر الاحمد ينسحب بلا شك على جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة إذ لا بد من التشاور واخذ رأي اللجان، وجمعيات النفع العام، والهيئات الاهلية في حال الرغبة في اصدار تشريعات، او قرارات، او تنظيمات تمس مجال نشاطاتهم.


الليل والنهار تساويا أمام المحنة.. وإصرار سموه كان شديدا على عودة كل تراب الوطن وسيادته الشيخ جابر الأحمد.. عمل دؤوب وطاقة جبارة في مواجهة العدوان العراقي
الحلقة السابعة والعشرون

لقد كانت ساعة الغزو العراقي لدولة الكويت لحظات قاسية وعصيبة، وصدمة قوية للعقل والفكر والوجدان، والايمان بمشيئة الله وقدره، جعلت تلك اللحظات العصيبة والصدمة القوية تتهاوى امام ارادة الرجال وعزيمة الشجعان، فكان التأكيد والاصرار على تحرير الوطن، وان لا مساحة في العقل والفكر والوجدان للمساومة على الارض، وان الكويت لابد ان تعود بكامل ترابها وبحارها واجوائها... فكان للكويت ـ قيادة وشعبا ـ ما ارادت، وما عقدت العزم عليه، وان جاء الثمن باهظا وغاليا في الارواح والممتلكات، لكن الكويت في نفوس ابنائها هي الأغلى والاثمن في الوجود.
لقد كانت الكويت ـ دائما وأبدا ـ في فكر ووجدان الشيخ جابر الاحمد كما كانت في فكر ووجدان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح وكل كويتي محب لتراب وطنه، من هنا، ومنذ اللحظات الاولى كانت الشرعية الكويتية المتمثلة بالقيادة السياسية وعلى رأسها الشيخ جابر الاحمد في حالة عمل مستمر، يواصلون الليل بالنهار، فالوقت لا قيمة له اذا لم يقترن بانجاز كبير يضاهي عمق المأساة، وساعات العمل لا تحتسب اذا لم تتخذ فيها القيادة الكويتية خطوة الى الامام من اجل عودة الكويت حرة مستقلة.
كان الشيخ جابر الاحمد في حالة من العمل المتواصل والجهد الدؤوب، لم تكن هناك ساعات محددة لعمله، فالليل والنهار قد تساويا امام محنة الكويت، والنماذج التالية من جهوده وتحركاته توضح لنا حجم العمل وعمق المسؤولية وخطورتها، والاصرار على عودة الوطن بكامل ترابه، وسيادته، وعودة شعب الكويت لممارسة حياته الطبيعية على ارضه، وعودة الكويت ـ بقوة مضاعفة ـ للمشاركة في دعم نشاطات التنمية الدولية، ودعم قضايا الانسان والعدالة الاجتماعية في العالم.
لا شك ان خروج القيادة الكويتية وعلى رأسها الشيخ جابر الاحمد فجر يوم الغزو والعدوان الى المملكة العربية السعودية هو المسمار الاول في نعش النظام العراقي وقيادته الجائرة، ذلك لان المعتدي كان قد وضع في اعتباره وهو يجتاح الكويت الآمنة المسالمة في تلك الساعات المتأخرة من الليل، ان اول خطوة ينبغي له اتخاذها عند احتلاله الكويت ان يقضي على قيادته الشرعية، لكن آماله تحطمت بخروج القيادة الكويتية، واصابته حالة من الهذيان السياسي، وهو يبحث عن مخرج يبرر به عدوانه الآثم... فمن الحديث عن التصدي لمؤامرة امريكية ترتب ضد العراق من اراضي ودوائر واجهزة دولة الكويت، الى الحديث عن ثورة شعبية قادت انقلابا وتطلب الدعم والمساندة، الى المطالبة بحق تاريخي لو اخذ به، وعمل بموجبه لتغيرت خريطة العالم، واصبح العراق اول الخاسرين.
ان خروج قادة الكويت، ووصولهم آمنين سالمين الى المملكة العربية السعودية من الامور المهمة التي رفعت الروح المعنوية لشعب الكويت، ودعم صموده، ونظمت صفوفه في صور وأشكال مختلفة من المقاومة الوطنية، واصبح ذلك نقطة الانطلاق للعمل من اجل تحريرالكويت، ولذا فان هذا الخروج كان واجبا لبّاه اولئك الرجال حتى يتمكنوا من الحفاظ على الكويت وأهلها.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:17 AM

[frame="1 80"]دعم الجبهة الوطنية

لقد كانت اولويات الشيخ جابر الاحمد في الساعات الاولى للعدوان والاحتلال هي كيفية المحافظة على صمود الجبهة الوطنية، واعادة تنظيمها في الداخل والخارج، ودعم المقاومة بمختلف الاشكال بين صفوفها.
من هنا، كانت له مواقف وقرارات وتوجيهات ساهمت مجتمعة بشكل فعال في رفع الروح المعنوية بين صفوف الشعب الكويتي، ورسخت في نفوسهم التحدي والنضال ومقاومة المعتدي بالاشكال والصور كافة، وفيما يلي نماذج من تلك الجهود:
في الساعات الاولى للعدوان العراقي على دولة الكويت وجه الشيخ جابر الاحمد نداء الى ابناء شعبه الوفي، اكد فيه ان الكويتيين ليسوا وحدهم، وان العرب والمسلمين والعالم كله معهم، كانت هذه اول اشارة من اجل النضال والمقاومة، فقد جاء في النداء ما يلي: «... اذا كان هذا العدوان قد تمكن من احتلال ارضنا، فانه لن يتمكن ـ ابدا ـ من احتلال عزيمتنا، واذا كان المعتدون قد استولوا على مرافقنا ومنشآتنا العامة، فانهم لن يستطيعوا ـ ابدا ـ الاستيلاء على ارادتنا، فعزيمتنا وارادتنا هما عزيمة وارادة آبائنا واجدادنا الذين واجهوا اعتى التحديات، فلم تلن لهم قناة، ولم يخضعوا لاي عدوان»...
ويمضي في بيانه مخاطبا ابناء شعبه: «... سوف يسجل لكم التاريخ، يا ابناء هذا الجيل من اهل الكويت، انكم واجهتم اشد المحن ضراوة، فلم تستكينوا، وانكم قاسيتم احلك الساعات، فلم تهنوا، وانكم وقفتم في وجه جبروت القوة، ولم تخضعوا، ولسوف يذكر لكم التاريخ انكم وقفتم صفا واحدا في وجه العدوان، وان المعتدين لم يجدوا فيكم ثغرة ينفذون منها الى ضرب وحدتنا وتماسك شعبنا»...
وفي 3 اغسطس عام 1990م اصدر الشيخ ناصر المحمد الاحمد الجابر الصباح، وزير الدولة للشؤون الخارجية، تعميما لجميع سفارات دولة الكويت في الخارج، هذا نصه: «لما كان صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد، امير دولة الكويت، قد اصدر امرا اميريا في شأن المقر المؤقت لحكومة دولة الكويت، وبعض الاحكام المنظمة لاعمالها، ولما كانت المادة السابعة من هذا الامر قد نصت على ان يبلغ هذا بالطرق الدبلوماسية لحكومات الدول الاخرى، لذلك فعلى جميع سفارات دولة الكويت في الخارج المبادرة فورا بابلاغ الجهات المختصة في الدول المختلفة بمضمون الامر الأميري».
وكان قد صدر بالطائف الامر الاميري في شأن المقر المؤقت لحكومة دولة الكويت، وبعض الاحكام المنظمة لأعمالها، وفيما يلي نصه: فوجىء العالم في فجر الثاني من اغسطس الجاري بالغزو العراقي لدولة الكويت بما يمثل اعتداء شائنا على دولة عربية مسلمة.
ولقد استنكرت دول العالم اجمع، شرقه وغربه هذا العدوان، ورفضت جميع المنظمات العربية والاسلامية والدولية، وعلى الأخص جامعة الدول العربية، والامم المتحدة، ومؤتمر القمة العربي في قرارات حاسمة ما ترتب على هذا الغزو من آثار، ووقف المجتمع الدولي بأسره ضد اي مساس باستقلال دولة الكويت، وسيادتها الكاملة على ارضها في ظل حكومتها الشرعية، وبقيادة اميرها.
واذا كان شعب الكويت قد هبّ مدافعا عن وطنه، والذود عن ترابه، مضحيا بالدم والمال، ونهض جميع المواطنين لتحرير ارض الوطن، واستبقاء رايته عالية خفاقة بالعزة والكرامة، وذلك في وحدة وعزم واصرار، مما يجعلنا على يقين وثقة في عودة الاوضاع في دولة الكويت الى ما كانت عليه في القريب العاجل، ان شاء الله، الا ان الظروف الحالية قد استدعت ترتيب بعض الامور في شأن مقر الحكومة المؤقت، وادائها لواجباتها في خدمة المواطنين والمقيمين.
ومن اجل ذلك، وبعد الاطلاع على الدستور، وعلى الامر الاميري الصادر في 27 شوال 1406هـ الموافق 3 اغسطس عام 1990م، اصدرنا الامر التالي:




مادة اولى

تنعقد حكومة دولة الكويت بصفة مؤقتة في المملكة العربية السعودية، او في اي مكان آخر يختاره الامير.

مادة ثانية

يتولى الوزراء كل فيما يخصه مباشرة الاعمال المعهودة اليه، وتقديم الخدمات اللازمة للكويتيين، والمقيمين على ارض دولة الكويت، ومن يتواجد منهم في الخارج، وذلك في اطار الظروف القائمة والامكانات المتاحة، ويمارسون صلاحياتهم في ذلك، مع مراعاة النظم المعمول بها في دولة المقر، والقواعد والاعراف الدولية.

مادة ثالثة

مع عدم الاخلال باحكام المادة السابقة، يتولى كل من وزير المالية، او وزير العدل والشؤون القانونية مجتمعين او منفردين، او من يفوضه كل منهما، وفقا للقواعد التي يقررها مجلس الوزراء، اتخاذ الاجراءات القانونية كافة للمحافظة والحصول على اموال الحكومة الكويتية، ومؤسساتها، وهيئاتها العامة، والشركات المملوكة كلها، او جزء منها للدولة، سواء ما كان منها بداخل دولة الكويت او بالخارج، وتحرير ما جمد لها من ارصدة، او حقوق، او ممتلكات، وفتح حسابات لها بذلك في البنوك التي يعتمدها مجلس الوزراء.

مادة رابعة

يعمل كل من وزير المالية، او وزير العدل والشؤون القانونية، او من يفوضه اي منهما على حماية اموال المؤسسات والشركات الخاصة، والافراد الكويتيين، العقارية والمنقولة، وضمان حصولهم على مستحقاتهم، وتحرير ما جمد منها بالخارج، واتخاذ الاجراءات الكاملة بعدم وقوعها تحت يد اية سلطة، او جهة اخرى، ويكون لهم في ذلك صلاحيات الوكيل العام الرسمي.

مادة خامسة

يقع منعدما اي تشريع، او نظام، او قرار، او اجراء يصدر عن أية سلطة، او جهة تزعم ان لها ولاية على ارض الكويت، او ما يمس سيادتها واستقلالها، ولا يتبع في ذلك إلا ما يصدر عن الحكومة الشرعية لدولة الكويت.
كما يعتبر باطلا بطلانا مطلقا، وغير قابل للتنفيذ، اي تصرف، او عقد، او تعامل يتم بالاكراه المادي او المعنوي، دون الرضاء الكامل لأي شخص اعتباري او طبيعي كويتي، ويجوز اثبات ذلك بالدلائل وطرق الاثبات كافة.

مادة سادسة

ترتب الاوضاع المالية للدولة وفقاً للموارد المتاحة بقرارات من مجلس الوزراء.

مادة سابعة

يوقف العمل بأي نص يخالف احكام هذا الامر، ويعمل به من تاريخ صدوره، وينشر في الجريدة الرسمية، ويبلغ بالطرق الدبلوماسية لحكومات الدول الاخرى.

جابر الاحمد الجابر الصباح
امير دولة الكويت
صدر في 12 محرم 1411هـ
الموافق 3 اغسطس 1990م

في 15 اغسطس عام 1990م ترأس الشيخ جابر الاحمد اجتماعاً لمجلس الوزراء، اصدر خلاله توجيهاته الى الوزراء كل فيما يخصه لاتخاذ الاجراءات المناسبة للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين، وحل ما يعترضهم من مشكلات وفقاً لروح الاسرة الواحدة.
وفي 20 اغسطس عام 1990م وجه الشيخ جابر الاحمد نداء الى ابناء الكويت هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كثيراً على نعمائه، اسأله لي ولكم جميل الصبر على قضائه، واحمده ثانية، وهو سبحانه ـ الذي لا يحمد على مكروه سواه. واسأله ـتعالى ـ ان يمدنا جميعاً بعونه لتحمل المصاب بثبات وصبر.
با ابناء الكويت، ايها المواطنون الشرفاء... يا من اثبتم للعالم كيف يكون الصمود والتضامن والاخاء،،،
ان العالم يدرك تماماً مدى فداحة وجسامة الجريمة التي ارتكبها النظام العراقي بغزو الاراضي الكويتية التي كانت، وستبقى ـ باذن الله ـ دوحة اصيلة وارفة الظلال، يستظل تحتها كل من يريد الامن والاستقرار والعيش الكريم.
يا ابناء الديرة،،
اذا كان ثمة درس يمكن ان يسفاد من هذا الغزو الظالم، فهو اننا اثبتنا للعالم اجمع ان الشعب الكويتي رغم حجمه الصغير قد سطر ملاحم من البطولة والفداء، تتمثل بصموده امام الغزو الجائر، وفي دفاعه عن وطنه وممتلكاته وعرضه وشرفه. وهذه ـ والله ـ صفات المؤمنين الواثقين بنصر الله وعزته.
كما ان وقوف العالم بجميع اتجاهاته وانظمته الاجتماعية مع الكويت في محنته، يدل دلالة قاطعة على صواب سياستنا الست استطعنا من خلال مواقفها الموضوعية تجاه مجمل الاحداث التي مر بها العالم، ان نحظى بثقة شعوب وحكومات العالم، وان نكسب تأييدهم، وهذه ولاشك نقطة ضوء تسجل لمصلحة الكويت وطموحاتها في المستقبل. ان شاء الله.

اخواني واخواتي،،،
انني اوجه اليكم هذه الكلمات، وانا اعيش معكم، وبينكم، ومن أجلكم دائماً وابداً، وافكر بما تفكرون به، واعمل بما يرضي الله، ويرضيكم، ويرضي جميع الشرفاء في العالم من اجل ان تعود الامور الى وضعها الطبيعي، وان تعود الكويت كما كانت زاهية بأفعالها الكريمة، صادقة النية ناصعة الاعمال.

يا أهل الديرة،،
انني واثق بمشيئة الله وعونه، بأن كويت المستقبل ستكون اكثر عزة واكثر شموخاً واكثر استقراراً وأمناً، لان ما قدمه الشعب الكويتي من تضحيات عزيزة في هذه المحنة ستكون قواعد صلبة وراسخة لانطلاقة قوية نحو مستقبل افضل. تضم الكويت فيه كل المخلصين والاوفياء والشرفاء الذين صانوا الكويت وحافظوا عليها ودافعوا عنها. وسيكون شعب الكويت بما قدمه من تضحيات سوراً قوياً شامخاً يحمي بلاده من كل عاديات الدهر ومصائبه.

اخواني واخواتي،،
ان الآمال كبيرة، وان المستقبل سيكون ـ باذن الله ـ ارحب من الحاضر، ولا نملك هنا، الا ان نحمل الله على كل حال، وان نثق دائماً بأن الله معنا، واننا نحن الاعلون، لاننا دعاة حق واصحاب قضية عادلة يرعاها الله برعايته وتوفيقه (فلا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون) صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
وفي الاول من سبتمبر عام 1990م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى ابنائه الطلبة والطالبات الدارسين في الولايات المتحدة الامريكية، اكد فيها ان الكويت عائدة، وشعب الكويت عائد، وذلك بمناسبة مؤتمرهم الطارىء الذي عقد في مدينة واشنطن تحت شعار «الازمة الكويتية.. الاسباب والتوقعات».
داعياً الى تلبية احتياجات ابناء الشعب الكويتي في هذه الظروف، ومعلناً بأن اموال الكويت هي اموال الشعب الكويتي.
بتاريخ 3 سبتمبر عام 1990م وجه الشيخ جابر الاحمد نداء الى ابناء شعبه في الداخل والخارج، معرباً عن فخره واعتزازه بصمود الشعب الكويتي في وجه الاحتلال. ورفضه التعاون مع المحتلين رغم التهديدات والاغراءات التي يتعرض لها.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:18 AM

[frame="1 80"]وقد جاء هذا النداء بمناسبة مرور شهر على العدوان والاحتلال العراقي، وفيمايلي نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ونشكره، ونتوب اليه، ونستغفره، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
اخواني واخواتي، يا اهل الكويت الاوفياء،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اتوجه اليكم بهذه الكلمة بعد شهر ونيف من الاحتلال العراقي للتراب الكويتي الطاهر.
حيث تحدى بقواته الباغية كل المواثيق والاعراف الدولية المستقرة في ضمير العالم، واطاح بصلفه وغروره كل القواعد الضابطة للمشروعية الدولية التي يحرص العالم على المحافظة عليها والدفاع عنها، وفي ظروف تعمل فيها دول العالم على احلال السلام والتعاون وتجنيب ويلات الحروب.
ولاشك، ايها الاخوة والاخوات، في ان ما حصل عليه الغزو العراقي للاراضي الكويتية من ادانة وشجب ومطالبة بالانسحاب الفوري للقوات العراقية الغازية، وبدون قيد او شرط، وتمكين الشرعية من ممارسة اختصاصاتها ـ كما كانت قبل الغزو ـ من جميع دول العالم، ومنظماته الاقليمية والدولية الرسمية منها والشعبية، هو دليل واضح وعملي على ان العالم لا يمكن ان يرضى عما اقدم عليه النظام العراقي من عدوان على بلدنا الحبيب الكويت، بما ترتب عليه من آثار سلبية انعكس أثرها على الصعيد العربي والاسلامي والعالمي.

يا ابناء الديرة الاعزاء،،،
ان ما يبهج النفس ويزيدها فخراً واعتزازاً ان اخاطبكم اليوم، وانباء صمودكم تملأ الدنيا، مؤكدة رفضكم التعاون بجميع اشكاله مع قوات الاحتلال رغم تهديداته وإغراءاته، كما ان العدو الغاشم عجز عن ان يقدم دليلاً واحداً للعالم يثبت وجود من يتعاون معه من أبناء الكويت، مما جعل ادعاءاته وتبريراته لغزو الكويت تذهب ادراج الرياح، وتفضح حقيقة نزواته العدوانية.

يا أبناء بلدي،،،
قال الله سبحانه وتعالى (يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) ايها الصابرون المرابطون في الكويت.. يا من فضلتم ان تحتضنوا تربة الكويت وتاريخها الطاهر في عيونكم وقلوبكم وفضلتم البقاء فيها.
اتوجه اليكم، والإيمان يعمر قلبي بأن صمودكم ضد قوى الظلم والبغي والعدوان سيكشف قريباً، وبعون الله، الرياح السوداء، التي عصفت بأمن الكويت واستقرارها، ليعود وطنننا بمشيئة الله ـ كما كان ـ دار أمن واستقرار وسلام، لان الظلام مهما حاول ان يحجب الحقيقة ويطفىء نورها، فإن الشمس لابد ان تظهر وتكشف الحقيقة ناصعة بيضاء من كل سوء، مصداقاً لقوله تعالى: (يريدون ان يطفئوا نو رالله بافواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون).

يا أبناء الديرة الكرام

يا من شاءت الظروف الحرجة ان تكونوا خارج الكويت، ان مسؤوليتكم اليوم لا تقل عن مسؤولية اخوانكم في الداخل،. فان لم تسمح لكم الحال بمشاركتهم في التصدي للعدوان فلا اقل من ان تثبتوا للعالم اجمع انكم معهم، تناصرونهم بجهودكم وإمكاناتكم المتاحة، وتدعمون صمودهم لتحقيق النصر باذن الله.
ولا شك في انكم تعلمون، انكم في ارض غير ارضكم، وبلاد غير بلادكم، فاذا كان لنا في هذا المقام ان نتوجه بالشكر والعرفان الى جميع الدول التي استضافتكم ـ قادة وحكومات وشعوبا ـ وفتحت ابوابها مرحبة بكم، وقدمت لكم جميع التسهيلات اللازمة لتكفل لكم الامن والامان، فلا اقل من ان تمثلوا الكويت التمثيل اللائق بها ـ كما عهدناكم دائما ـ عن طريق مراعاة تقاليد هذه الدول وقوانينها واعرافها. وان تكونوا يدا واحدة في السعي الى تحرير تراب الوطن من دنس الغزاة قولا وعملا.

إخواني وأخواتي

اننا نؤمن ايمانا راسخا بان الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد ابتلانا بما نحن فيه وان من آمن وعمل وصبر على هذا الابتلاء، فانه هو الظافر بنصر الله وتأييده، وانني على ثقة بانكم ستكونون من الظافرين بعون الله.
وصدق الله ـ عز وجل ـ في محكم كتابه (أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين).
صدق الله العطيم.
والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته
بتاريخ 15 سبتمبر عام 1990م اعلن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ جابر العبدالله الجابر الصباح في ابو ظبي ان السفارات والقنصليات الكويتية بدأت تنفيذ اوامر صاحب السمو امير البلاد بشان صرف معونات السكن والاغاثة المخصصة للاسر والعائلات الكويتية في الخارج. وكانت هذه واحدة من توجيهاته بضرورة الاسراع في تامين العيش الكريم، وتسهيل حياة المواطنين الكويتيين في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الكويت.
بتاريخ 28 سبتمبر عام 1990م وجه الشيخ جابر الأحمد رسالة الى أبنائه الطلبة والطالبات، اينما كانوا اكد فيها ان شعب الكويت اثبت انه شعب صلب المراس، مرفوع الرأس دائما، رغم كل اشكال الاضطهاد والقتل والتشرد، وانه لا بد للمعتدي ان يدفع ثمن كل شروره. فهو اليوم يقف وحيدا ضد العالم اجمع، واوصى ابناءه بالصبر والمثابرة، ورص الصفوف، ومضاعفة الجهد فالكويت التي سوف تبزغ من جديد هي كويت الامل لشعب صامد، وفيما يلي نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
أبنائي وبناتي طلاب وطالبات الكويت في كويتنا الغالية الرازحة تحت نير الاحتلال.
ابنائي وبناتي طلاب وطالبات الكويت في كل مكان من هذه المعمورة.
ومن خلالكم الى اهلكم وذويكم، الى ابناء الكويت الغالية، وأجيالها الصامدة، احييكم تحية الاسلام والحق، تحية تصلكم وانتم تعانون ما نعاني، وتتألمون لما نتألم له، وبعضكم حرم بالغدر والخديعة والغزو من ان يكون على مقاعد الدراسة الآن، وقد تعود في كل عام في مثل هذا الوقت ان يكون منكبا على دروسه.

أبنائي وبناتي
تعلمون ان خديعة كبرى ومصابا جللا وكارثة عظيمة قد حلت بارضنا وأهلنا ووطنا. ان هذه الكارثة قد تسبب فيها جشع اعمى وحقد دفين، وتعلمون ايضا ان العالم كل العالم يقف معنا في قضيتنا، وتعلمون ايضا اننا نبذل الغالي والنفيس، ونواصل النهار بالليل مسؤولين ومواطنين، نعمل جاهدين لرفع راية الحق على الظلم، والنور على الظلام، ونحن بعزيمة الله وتأييده سائرون.
لقد جسد شعب الكويت في هذه الفترة العصيبة، تضامنه وتكاتفه وتكافله عملا وقولا، واثبت شعب الكويت انه شعب صلب المراس مرفوع الراس دائما، رغم كل اشكال الاضطهاد والقهر والقتل والتشريد الذي يمارسه الغازي المغتصب كل يوم بل كل ساعة.
لقد أثبت شعب الكويت ان الغاصب لن ينال منه، فقد رفض عن بكرة ابيه ـ ولا يزال يرفض ـ ان يتعاون او يقر، او يسلم للغازي، لقد اصبح الغازي نفسه في موقف مضطرب ومحاصر نتيجة هذا الاصرار العظيم لهذا الشعب العظيم.

ابنائي الاعزاء،،
ان الجهد المطلوب منا جميعا جهد عظيم، وان القوى التي نصارعها قوى شر سنقاومها بكل وسيلة ولا بد للمعتدي من ان يدفع ثمن كل شروره فهو اليوم يقف وحيدا ضد العالم أجمع.
لقد أصبحت الكويت الصغيرة بحجمها وسكانها كبيرة في ضمير العالم، وما التأييد الا من عند الله وقد أيدت قضيتنا العادلة امم كثيرة وشعوب شتى على اختلاف مواقفها السياسية.

ابنائي الاعزاء
اوصيكم بتقوى الله والاجتهاد في العلم، وما خاب شعب آمن بربه ونبيه واخذ العلم طريقة وسلاحا لشق مستقبله.
اوصيكم بالصبر والمثابرة ورص الصفوف، ومضاعفة الجهد، فكويتنا التي سوف تبزغ من جديد هي كويت الامل لشعب صامد، وكويت السلام لمنطقة مضطربة وكويت المحبة لعالم يسعى الى السلام والمحبة.
ان الكويت عائدة باذن الله واننا جميعا عائدون لأهلنا وأرضنا وفي يوم نصر قريب سنتلقى جميعا ـ باذن الله ـ على أرضنا الحبيبة رافعين رايات النصرد ساجدين لله وشاكرين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المؤتمر الشعبي بجدة تأكيد للبيعة لأسرة آل الصباح حكاماً لدولة الكويت مرارة الاحتلال أكدت حقيقة ناصعة وهي رفض الشعب الكويتي التخلي عن ارضه او قيادته
الحلقة الثامنة والعشرون

سيروي التاريخ على مر الزمان، ان شعب الكويت لم يتخل خلال فترة الاحتلال العراقي لبلدهم لحظة واحدة ـ عن وطنيته، وحبه لتراب وطنه، والتمسك بأرضه، وبقيادته الشرعية، ولم يجد النظام العراقي وجيشه المحتل خلال سبعة شهور كويتياً واحداً يمكن ان يتعاون معه، ويسانده في تبرير احتلاله لدولة الكويت.
لقد كان المؤتمر الشعبي الكويتي، الذي عقد في قصر المؤتمرات بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 13 ـ 15 اكتوبر عام 1990م، ملحمة شعبية رائعة، عزفت سيمفونية النصر وانشودة الانتصار، مؤكدة للعالم اجمع تمسكها بقيادتها ونظامها السياسي.
نقول، لقد جاء هذا المؤتمر ليؤكد عدم تفريط الكويتيين بشبر من ارضهم، كما جاء ليجسد باصرار كبير تجديد البيعة لاسرة آل الصباح، وعلى رأسهم الشيخ جابر الاحمد حكاماً لدولة الكويت.. جاء هذا كرد حاسم على المتقولين والمتشككين في ولاء الكويتيين لقيادتهم ونظامهم السياسي، بعد ان تعالت بعض الاصوات مطالبة الامم المتحدة باجراء استفتاء شعبي حول مدى قبول الشعب الكويتي لقيادته، ونظامه السياسي القائم في الكويت.
وأمام هذا المؤتمر التاريخي. كان للشيخ جابر الاحمد وقفة تجلت فيها جميع معاني القائد الشجاع والحاكم العادل والاب الحنون.. وقفة ملؤها الشوق للابناء والحنين الى ارض الوطن.. وقفة اتسمت بالاكبار وعظيم الامتنان لشعب وفي، وقف وقفة رجل واحد في وجه المعتدي الظالم ساعات المحنة...
وقفة اكد فيها لهؤلاء الاوفياء الابطال ان العالم يتابع تحركاتهم وتحركات قيادتهم من اجل التحرير ودحر الغزاة المعتدين، وان النصر قريب باذن الله.
وقال امام اضخم تظاهرة كويتية سياسية منذ العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت: «... ان النظام العراقي اخطأ في فهم طبيعة الجبهة الداخلية الكويتية، فظن ـ واهماً ـ ان ما طرحه بعض المواطنين المجتهدين من آراء لترتيب اوضاع البيت الكويتي باعثه خلافات، وتناقضات بين ابناء الوطن الكويتي الواحد..».
ووجه رسالة تحية وتقدير واحترام للاهل في الكويت، الذين يسطرون منذ بدء الاحتلال اروع آيات الصمود والتحدي ضد العدو الغاشم، ويثبتون كل يوم ان الكويت ستبقى حرة عزيزة رغم انف المعتدي الاثم، ودعا الى التركيز على كويت المستقبل التي ستكون ـ باذن الله ـ اكثر عزة وشموخاً واستقراراً وأمناً. واكد ان ما قدمه، ويقدمه الشعب الكويتي من تضحيات في هذه المحنة سيكون ركائز قوية وصلبة لانطلاقة كويتية وثابة في جميع المجالات، وفيمايلي نص الكلمة:

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:18 AM

[frame="1 80"]بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، واسأله ـ سبحانه وتعالى ـ ان يعيننا جميعاً على تحمل المصاب، وان يثبت اقدامنا ويطمئن نفوسنا، واصلي واسلم على خير البرية سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم».

اخواني،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
لقد تعرضت الكويت فجر يوم الخميس الحادي عشر من محرم الحرام، الموافق الثاني من اغسطس الماضي لعدوان غادر من النظام العراقي، الذي كنا نعتقد بأن ما قدمته الكويت له، شعباً، وحكومة، كان كافيا لغرس شجرة الخير في ضميره، واحتواء نزعة الشر في سلوكه، الا ان الشر كان متأصلاً فيه، فخان العهد، وغدر بالاخ والجار، واستباح الحرمات، ضارباً عرض الحائط بكل المواثيق والاعراف الدولية، متنكراً لما قدمته له الكويت من مساندة ومساعدة.

اخواني،،،
لقد كانت الكويت واحة امن وسلام واستقرار، وكانت ملاذاً لكل الخيرين والشرفاء، يجدون فيها المكان الامن، والعيش الكريم، والحياة الهانئة الرغيدة، فأثار ذلك حفيظة النظام العراقي الآثم الذي بدد ثروات الشعب العراقي لتحقيق مآرب خاصة، وحينما شعر بأن الشعب بدأ يتملل ويتذمر من انحرافاته وشططه، اراد الهاءه بفتح جبهة جديدة مع الكويت التي كانت ـ وفي جميع الظروف ـ سنداً وعوناً لاشقائها العرب والمسلمين وارسل قواته المسلحة بعد منتصف الليل لاجتياجها واحتلالها، وممارسة اعمال العنف والقتل والسطو المسلح ضد المواطنين الابرياء، بحقد لم يسبق له مثيل في عالمنا المعاصر.

اخواني،،،
لابد انكم تابعتم الدعاوى الباطلة التي اثارها النظام العراقي المعتدي ضدنا قبل الغزو الغاشم، فقد لجأ لجامعة الدول العربية شاكياً الكويت، وحينما ارتضينا حكم هيئة تحكيم عربية محايدة تنصل ذلك النظام المخادع، متذرعاً بأن ما بين الكويت والعراق هو شأن ثنائي يحل بينهما.
وقد نجحت محاولة اخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، واخي الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، وتم قبل الغزو الغاشم بساعات قليلة عقد اجتماع في جدة بين الطرفين، وقد شاركت الكويت فيه بقلب مفتوح بغية تسوية المسائل التي كانت معلقة بين البلدين، في الوقت الذي كان النظام العراقي يضمر الشر، ويدير الخطط الكيدية، ويعد العدة لاجتياح الكويت، وذلك بعد ان استعمل اساليب تضليلية وكيدية ومخادعة اوحى فيها بأنه لن يلجأ الى القوة لتسوية الامور المعلقة معها.

اخواني،،،
ان العالم يدرك ادراكاً كاملاً فداحة الجرم الذي ارتكبه النظام العراقي ضد الكويت وشعبها، وقد اكد ذلك بالقرارات المتلاحقة التي اصدرها مجلس الامن الدولي، وادان فيها العدوان الغاشم.
وطلب من العراق المعتدي سحب قواته دون قيد او شرط من الكويت، تمكيناً للشرعية من استئناف مهامها. وقد اصدر مؤتمر القمة العربية الطارىء ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ومنظمة دول عدم الانحياز قرارات مماثلة، ولاشك في ان وقوف العالم معنا يؤكد صواب سياستنا وسلامة مواقفنا الموضوعية تجاه مجمل الاحداث العالمية، الامر الذي جعلنا، بمساندة وتعاطف شعوب وحكومات العالم، نكسب تأييدهم.

اخواني،،،
ان ما يغيظ النظام العراقي الآثم، انه لم يتمكن من النيل من ارادتنا بعد ان احتل ارضنا، فصمودنا، ووقوفنا جميعاً صفاً واحداً ضد المحتل الغاشم، كان مثار اعجاب واحترام العالم الذي يتابع عن كثب تحركنا الواثق نحو التحرير، ودحر الغزاة المعتدين، وان النصر قريب باذن الله، واذا كان التاريخ قد سجل بأحرف من نور صمود الكويتيين ضد الغزاة الوحشيين، فإنه لن ينسى ابداً ان يفرد الصفحات السوداء التي تفضح الممارسات الاثمة للنظام العراقي.
فقد دافع الشعب الكويتي الابي ببسالة عن وطنه وارواحه واعراضه وممتلكاته رغم شراسة المعتدي وغدره.

اخواني،،،
لقد عاش الكويتيون منذ القدم في اجواء الحرية، والتزموا الشورى، ومارسوا الديمقراطية في اطار دستورنا الذي ارتضيناه جميعاً، واذا ما اختلفت اجتهاداتهم بشأن أمر من الامور المتعلقة بترتيب البيت الكويتي، فانهم يكونون اشد تلاحماً واصراراً وتآزراً في مواجهة الاخطار التي تهددهم.
تلك هي ـ ايها الاخوة ـ الحقيقة الساطعة التي لم يدركها النظام العراقي، فقد اخطأ في فهم طبيعة الجبهة الداخلية الكويتية، فظن ـ واهماً ـ ان ما طرحه بعض المواطنين المجتهدين من اراء لترتيب اوضاع البيت الكويتي باعثة خلافات، وتناقضات بين ابناء الوطن الكويتي الواحد.
وها أنتم ، يا ابناء الكويت، باجتماعكم هذا تؤكدون للعدو الظالم وللعالم اجمع وحده اهل الكويت، وتلاحمهم في مواجهة الاحتلال، ورفضهم القاطع له، ولعل اجتماعكم هذا ابلغ رد على عدوكم، ورسالة موجهة الى العالم تثبت وحدتكم، وتلاحمكم في مواجهة من اغتصب وطنكم.
إخواني،،
إنني من على هذا المنبر اوجه بالنيابة عنكم، وبالاصالة عن نفسي، رسالة تحية وتقدير واحترام لاهلنا في الكويت، الذين يسطرون منذ بدء الاحتلال اروع آيات الصمود والتحدي للعدو الغاشم، ويحافظون على ارضهم بقلوبهم وعيونهم، ويثبتون كل يوم ان الكويت ستبقى حرة عزيزة رغم انف المعتدي الآثم. وانني ادعو المولى ـ عز وجل ـ ان يجمعنا واياهم في القريب العاجل على ارض الوطن الغالي، وليس ذلك على الله بكثير.

إخواني،،
ان الواجب يحتم علينا جميعا ـ في مؤتمرنا هذا ـ ان نعقد العزم على التعاون غير المحدود لتحقيق هدف سام هو تحرير الوطن من دنس العدو المحتل، معتمدين اولا على الله ـ سبحانه وتعالى ـ ثم على انفسنا وعلى اشقائنا واصدقائنا، فالتحرير هو هاجسنا وشاغلنا جميعا، ولا بد لنا ايضا من التركيز على كويت المستقبل التي ستكون ـ باذن الله ـ اكثر عزة وشموخا واستقرارا وأمنا، لان ما قدمه، ويقدمه، الشعب الكويتي من تضحيات في هذه المحنة سيكون ركائز قوية وصلبة لانطلاقة كويتية وثابة في جميع المجالات نحو مستقبل أفضل، تضم فيه الكويت جميع المخلصين والاوفياء والشرفاء الذين صانوها، وحافظوا عليها، ودافعوا عنها، وسيكون شعب الكويت الاصيل سياجا منيعا يحمي وطنه من عاديات الدهر ومصائبه، ولن يجعلنا هذا الحاضر المأساوي الذي نعيشه نقنط من رحمة الله، فنحن اصحاب حق، واصحاب قضية عادلة يرعاها الله بعنايته وتوفيقه (فلا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون).

إخواني،،
يسرني في هذه المناسبة ان اتقدم باسمي، وباسمكم بجزيل الشكر والامتنان لاخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ولحكومته الرشيدة للتسهيلات التي قدمت لاستضافة هذا اللقاء المبارك، ويأتي هذا في سياق الدعم المتواصل وغير المحدود، الذي قدمته وتقدمه، المملكة العربية السعودية على الصعيدين: الرسمي، والشعبي لنصرة الكويت في محنتها. ونسأل الله ان يديم نعمة التواصل بين الشعبين الشقيقين لما فيه خيرهما وصالحهما، كما لا يفوتني ان اسجل الشكر والتقدير لجميع الدول التي وقفت معنا دفاعا عن الحق في مواجهة الباطل، وخاصة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية الشقيقة فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
وفي الختام فان الامل وطيد ايها الاخوة في ان نلتقي جميعا، وفي القريب العاجل ـ باذن الله ـ على ارض المحبة والسلام، ارض الكويت الغالية.
والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته،،

وبتاريخ 15 اكتوبر عام 1990م صدر البيان الختامي للمؤتمر الشعبي الكويتي الذي عقد بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية في الفترة من 24 ـ 26 ربيع الاول عام 1411هـ، الموافق 13 ـ 15 اكتوبر عام 1990م تحت شعار التحرير.. شعارنا، سبيلنا، هدفنا متضمنا جملة من القرارات فيما يلي نصها:
نحن المجتمعين في المؤتمر الشعبي الكويتي، الذي عقد تحت رعاية امير دولة الكويت، صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الصباح، قررنا ما يلي:
1 ـ نعلن للعالم اجمع رفضنا القاطع لاحتلال نظام الحكم العراقي لوطننا الكويت، وادانتنا له باعتباره عدوانا دائما على دول الكويت المستقلة ذات السيادة، والعضو في جامعة الدول العربية، والامم المتحدة، وانتهاكا صارخا للمواثيق والقوانين الدولية كافة، وبخاصة ميثاق جامعة الدول العربية، وميثاق الامم المتحدة.
2 ـ نعلن للعالم أجمع زيف وبطلان الادعاءات والمزاعم كافة، التي ساقها نظام الحكم العراقي تبريرا لجريمة غزوه واحتلاله دولة الكويت المستقلة، مؤكدين رفضنا القاطع لهذه الادعاءات والمزاعم التي تخالف الحقيقة والواقع، ويكذبها التاريخ.
ـ نعلن للعالم اجمع مقتنا وادانتنا لاعمال القتل والبطش والتعذيب والارهاب كافة، التي مارستها قوات النظام العراقي ضد المدنيين العزل الابرياء من المواطنين الكويتيين، ومواطني الدول الشقيقة والصديقة والتي شملت النساء والاطفال، وكذلك ما قامت به قوات الاحتلال العراقي من اعتداءات على بيوت الله، واعمال السرقة والسلب والنهب، التي امتدت حتى الى المستشفيات والمدارس، كما ندعو شعوب العالم اجمع الى ادانة وشجب هذه الممارسات غير الانسانية.
4 ـ نعلن للعالم أجمع تمسكنا بنظام الحكم الذي اختاره شعبنا منذ نشأته وارتضته اجياله المتعاقبة، ونجدد البيعة لاميرنا، مؤكدين وقوف الشعب الكويتي كله ـ رجالا ونساء، شيوخا وشبابا، وأطفالا ـ صفا واحدا خلف قيادتنا الشرعية ممثلة في اميرنا الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، حفظهما الله.
5 ـ نعاهد الله، ونعاهد انفسنا، ابناء شعبنا كافة، الصامدين في كويتنا الحبيبة، والمكافحين خارجها، على ان يكون التحرير غايتنا والعودة هدفنا، والامير قائدنا، والجهاد سبيلنا، والوحدة الوطنية سلاحنا، والموت في سبيل الله والوطن اسمى امانينا، حتى يتحقق لنا النصر بعون الله تعالى ونطهر وطننا من رجس الغزاة والمعتدين.
6 ـ نحيي صمود ابناء شعبنا في كويتنا الحبيبة، وكفاحهم البطولي ضد قوات الاحتلال الآثم، ومقاومتهم الباسلة التي نتابعها، ويتابعها العالم اجمع بالتقدير والاعزاز، ونشيد بتضحياتهم التي تنير لنا سبيل التحرير، ونؤكد لهم انهم ليسوا وحدهم في مجابهة عدوان الفئة العراقية الباغية، واننا جميعا نقف من ورائهم صفا واحدا، وتقف معنا جميع الشعوب المحبة للسلام الرافضة للعدوان، تؤيدنا وتساندنا، وتحشد قواتها لمؤازرتنا في كفاحنا من اجل تحرير وطننا، ودحر الغزاة وطرد المعتدين (اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) صدق الله العظيم.
7 ـ ندعو كافة ابناء الشعب الكويتي، المتواجدين خارج وطننا الحبيب الى العمل كل في مجاله، ومن موقعه وبقدر استطاعته من أجل تحرير وطننا، وطرد الغزاة المعتدين من ديارنا.
8 ـ نعلن للعالم أجمع ان اهل الكويت كانوا منذ نشأتها، وسيـظلون ابدا، بعون الله، اسرة واحدة متحابة متعاونة متراحمة متكافلة في السراء والضراء، وانهم مهما تباينت اجتهاداتهم، وتفاوتت وجهات نظرهم، فانها لن تخرج بهم عن نطاق الاسرة الواحدة. حب الكويت يؤلف بين قلوبهم والولاء والاخلاص لها يوحد صفهم وكلمتهم.
9 ـ نعلن للعالم اجمع ان لا مساومة ولا تفاوت على سيادة الكويت واستقلالها وسلامة اراضيها، ونؤكد رفضنا القاطع لأي حل لا يحقق التنفيذ الكامل لقرارات مؤتمر القمة العربية الطارىء المنعقد في القاهرة في 10 اغسطس عام 1990م وقرارات مجلس الامن الدولي التي اعلنت ـ كلها ـ رفضها وادانتها للعدوان العراقي على دولة الكويت المستقلة، واصرارها على انسحاب القوات العراقية بغير شروط من جميع الاراضي الكويتية، واكدت دعمها لعودة السلطة الشرعية الكويتية.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:19 AM

[frame="1 80"]
10 ـ نناشد الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، ولجنة الصليب الاحمر الدولية، ولجنة الهلال والصليب الاحمر الوطنية، والهيئات الانسانية العالمية كافة، ان تبذل قصارى جهدها للضغط على نظام الحكم العراقي لتخفيف الويلات، والمعاملة غير الانسانية التي يتعرض لها المواطنون الكويتيون، والمقيمون في بلدنا من رعايا الدول الاخرى على يد قوات الاحتلال العراقي، ونرجو هذه الهيئات ان تبذل ما في وسعها لايفاد مندوبين عنها لحماية المواطنين، والمقيمين في الكويت من بطش وارهاب وتنكيل قوات الاحتلال العراقي.
11 ـ نناشد مجلس الامن والمجتمع الدولي التحرك بالسرعة الممكنة من اجل وضع حد للاجراءات العراقية الهادفة الى ازالة الشخصية السياسية لدولة الكويت، وطمس معالمها التاريخية، وهويتها الوطنية والحضارية، وتغيير تركيبتها السكانية بتهجير اهلها بالقوة، وجلب مجموعات اجنبية لتحل محلهم وتسكن في بيوتهم وتستوطن ديارهم.
12 ـ ندعو مجلس الامن الدولي الى اتخاذ قرار يجيز للمجتمع الدولي استعمال القوة لتطبيق قرارات المجلس، بما يكفل انسحاب قوات الاحتلال العراقي من دولة الكويت، وتمكين السلطة الشرعية من العودة اليها، ونناشد ـ وعلى وجه الخصوص ـ خمس الدول ذات العضوية الدائمة في المجلس بما لها من تراث عريق ومبادىء تاريخية، وما تحمله من مسؤولية كبيرة في المجتمع الدولي، والعمل على تسهيل اتخاذ مثل هذا القرار.
13 ـ نعرب عن عميق شكرنا للدول كافة، والشعوب الشقيقة والصديقة التي وقفت الى جانب الكويت ضد عدوان النظام العراقي الغادر، ومساندتها قولا وعملا، مؤكدين ان الشعب الكويتي بأجياله المتعاقبة، سيظل يذكر بالتقدير والعرفان هذا الموقف الشجاع العادل.
14 ـ نعرب عن عميق شكرنا للمجتمع الدولي ممثلا في الامم المتحدة، وبخاصة الدول في مجلس الامن التي صوتت لما اتخذه من قرارات وتدابير اكدت رفض وادانة العدوان العراقي على دولة الكويت، واعلنت وجوب الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية من جميع الاراضي الكويتية، واكدت دعمها لعودة السلطة الشرعية لدولة الكويت، كما نشيد بالجهود المخلصة التي بذلها سكرتير عام الامم المتحدة، ومندوبو الدول الاعضاء في مجلس الامن من اجل ذلك.
15 ـ ندعو الدول العربية الشقيقة التي تخلفت ـ لسبب او لآخر، عن الوفاء لمبادئها والتزاماتها في رفض العدوان ونصرة الحق والعدل، ان تعيد النظر في موقفها على ضوء تعاليم الدين الاسلامي الحنيف، وتنضم الى الاجماع والاخلاق العربية، والقيم الانسانية، وتحكم ضمائرها، وتنضم الى الاجماع الدولي الذي يعمل لاحقاق الحق وازهاق الباطل ولا شك انها في النهاية ستجد ان الموقف المبدئي الشجاع العادل خير وأبقى.
16 ـ نؤكد ان موقف بعض القيادات الفلسطينية لن يؤثر على تضامننا الثابت مع الشعب الفلسطيني في كفاحه العادل من اجل تحرير وطنه، واسترجاع حقوقه المغتصبة، لثقتنا بان الشعب الفلسطيني، بكل تضحياته ومثله ومبادئه، لا يمكن ان يكون راضيا او مقتنعا بموقف هذه القيادات المنطلق من مصالحها الخاصة، والذي يسيء في الدرجة الاولى الى القضية الفلسطينية، ومصداقية النضال الفلسطيني، ومصالح الشعب الفلسطيني نفسه.
17 ـ نعرب عن عميق شكرنا وامتناننا للدول العربية الشقيقة والصديقة ـ قادة وحكومات وشعوبا ـ التي فتحت قلوبها واراضيها لاستضافة ورعاية المواطنين الكويتيين الذين كانوا متواجدين فيها وقت العدوان العراقي الغاشم، او الذين نزحوا اليها في اعقابه، ونحن اذ نحيي هذا الموقف الاخوي الكريم بكل ما يجسده من شهامة ومروءة عربية، نسأل الله ان يجزيهم عن الكويت واهلها خير الجزاء.
18 ـ نعرب عن عميق شكرنا وامتناننا للمملكة العربية السعودية الشقيقة ـ ملكا وحكومة وشعبا ـ لاستضافة مؤتمرنا، وتوفيرها الخدمات والتسهيلات اللازمة لانعقاد واداء اعماله، داعين الله ان يكون لقاؤنا على هذه الارض الطاهرة فاتحة خير لانطلاقة مباركة نحو وطننا، واسترجاع ارضنا المغتصبة.
19 ـ اننا رغم آلامنا وجراحنا، وما جرّه عدوان النظام العراقي الآثم من المصائب والويلات على شعبنا، لا نضمر للشعب العراقي شرا، ولا نحمل له حقدا، لاننا نعلم علم اليقين انه مغلوب على امره، ينتظر ساعة الخلاص من طاغية بغداد وزمرته الباغية، الذين يسومون الشعب العراقي سوء العذاب، والذين زجوا به في حرب طاحنة عميقة مع الشعب الايراني المسلم، حصدت ارواح مئات الالوف من ابنائه، واستنزفت موارده وثرواته الوطنية، وها هم اليوم يزجون بهذا الشعب المسكين في مجابهة خاسرة ضد العالم كله، لا يمكن ان يجني منها ـ الشعب العراقي ـ الا الدمار والهلاك، وفناء المزيد من ابنائه.
20 ـ نؤكد اننا بعد ان يتحقق لنا نصر الله على الفئة الباغية، وتحرر ارضنا من رجس احتلال النظام العراقي الآثم، سنقوم بعون الله وتوفيقه باعادة بناء كويتنا الحبيبة... كويت المستقبل... كويت الاسرة الواحدة... ارض المحبة والوفاق والسلام والامان... نبني صرحها على اسس راسخة من وحدتنا الوطنية، ونظامنا الشرعي الذي اخترناه وارتضيناه لحكمنا، معززين الشورى والديموقراطية والمشاركة الشعبية في ظل دستورنا الصادر عام 1962م، ملتزمين بمبادىء الحق والعدالة والحرية والتكافل والتراحم والتعاضد وسائر المبادىء التي نشأ عليها مجتمعنا، مؤكدين ان للمرأة الكويتية دورا ايجابيا واسهاما فعالا في كويت المستقبل التي سيتعاون جميع الكويتيين ـ رجال ونساء ـ في بنائها دولة اسلامية العقيدة، ملتزمة بقيم الاسلام ومبادئه واحكامه... عربية الانتماء بالتاريخ والمشاعر والمصالح العليا... انسانية النزعة، ترفض الظلم وتدينه، وتؤيد الحق وتنتصر له... شجرة طيبة مباركة اصلها ثابت وفرعها في السماء يستفيء بظلها اهلها، والوافدون اليها... منارة فكر وحضارة وعطاء تسهم بخيرها في تقدم ونماء وازدهار الاشقاء والاصدقاء وسائر الشعوب... مؤمنة بدورها الانساني والحضاري، وتواصلها الخير مع سائر الامم والشعوب بما فيه خير ورفاه البشرية جمعاء.
الله اكبر والمجد للكويت
والله على ما نقول شهيد،،،

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:19 AM

[frame="1 80"]
المرابطون في الكويت في رسالة مفعمة بالولاء والمحبة لسمو الأمير في 20 يناير 1991 خيّرنا إما أن نكون سيوفا بتارة أو أرواحاً منهزمة منهارة واخترنا الصمود ووقفة الكرامة
الحلقة التاسعة والعشرون


مواصلة الجهود في دعم الجبهة الوطنية

وهكذا، يمضي الشيخ جابر الاحمد في دعم الجبهة الوطنية، سواء أكان افرادها ممن تواجدوا ورابطوا على ارض الكويت المحتلة ام من الذين عاشوا في الشتات ضيوفاً على الدول الشقيقة والصديقة. وذلك من خلال ادوات وآليات متعددة تتمثل في تحفيز الهمم، ورفع الروح المعنوية، والتضحية والفداء من اجل التمسك بتراب الوطن والدفاع عنه، وحث المجتمع الدولي للتضامن مع شعب الكويت لاسترداد حقوقه المسلوبة بكل الوسائل المتاحة، وكذا اصدار مراسيم اميرية بقوانين تكفل حقوق الوطن والمواطنين، وتؤكد على سيادة الكويت واستقلالها.
بتاريخ 19 اكتوبر عام 1990 تلقى الشيخ جابر الاحمد برقية تأييد من المؤتمر الدولي العمالي للتضامن مع عمال وشعب الكويت، الذي انعقد بالقاهرة وحضره اكثر من 95 منظمة نقابية عمالية في العالم. وقد نددت البرقية بالعدوان العراقي، وطالبت بضرورة انسحابه الفوري وغير المشروط من دولة الكويت.
وفي التاريخ ذاته صدر في الطائف بالمملكة العربية السعودية مرسوم اميري باخضاع الاموال المملوكة للكويتيين، وغيرهم من المقيمين في دولة الكويت للملكية الحمائية. وقد اشتمل المرسوم على خمس مواد، منها: اخضاع الاموال المملوكة لمواطنين كويتيين او غيرهم ممن يكون موطنهم القانوني في الكويت، سواء وجدت هذه الاموال داخل الكويت ام خارجها للملكية الحمائية لدولة الكويت ممثلة في حكومتها الشرعية. هذا الاجراء الذي فرض بغرض الحفاظ على هذه الاموال لصالح اصحابها الشرعيين، حيث اعطت المادة الثانية من المرسوم الحكومة الشرعية الحق في اتخاذ الاجراءات كافة، القضائية والادارية والقانونية لحماية الاموال، كما اعطت للحكومة الكويتية حرية توقيع الحجز التحفظي والتنفيذي على الاموال المملوكة للحكومة العراقية الموجودة في الخارج.
وحددت المادة الثالثة الاموال الخاضعة للحماية، وهي الاموال: العقارية والمنقولة بما في ذلك النقود والعملات المختلفة والمعادن الثمينة والمجوهرات والاوراق المالية، كالاسهم والسندات، على ان تتخذ الحكومة الكويتية بعد عودة الاوضاع الطبيعية الى البلاد الاجراءات اللازمة لوقف العمل بهذا القانون، بعد استقرار الحقوق لاصحابها الشرعيين.
المرسوم:
بتاريخ 3 نوفمبر عام 1990 اكد الشيخ جابر الاحمد انه لا سبيل لانهاء الاحتلال واستتباب الامن في العالم الا بالتطبيق الكامل والحاسم لقرارات مجلس الامن الدولي، وقرارات القمة العربية، وقرارات وزراء خارجية الدول الاسلامية.
وقال في رسالة موجهة الى ابناء الكويت في الداخل والخارج ان شمس التحرير ستشرق على ارض الكويت الطاهرة، وان التضحيات الغالية التي قدمها ابناء الكويت وهم يواجهون جنود الباطل، ستشكل قاعدة صلبة وراسخة لانطلاقة الكويت المستقبلية، وفيمايلي نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم:
اخواني،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
بين فترة واخرى اجد نفسي بحاجة الى ان اتحدث اليكم حديث القلب للقلب. فنحن جميعاً منذ يوم الخميس الموافق الثاني من شهر اغسطس الماضي نعيش محنة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث.
والطامة الكبرى، ان النظام الذي ارتكب جريمته الشنعاء ضد الكويت وشعبها كان يدعو ويجاهر بشعار الامن القومي العربي وان العربي يجب ان لا يستخدم سلاحه ضد اخيه العربي.
اخواني،،،
لقد تأكد لي من خلال زياراتي للامم المتحدة ولبعض الدول الصديقة ان العالم اجمع يتابع عن كثب، ويتألم لممارسات قوات النظام العراقي الباغي التي لم تتورع عن ارتكاب افظع الجرائم الوحشية ضد ابناء الكويت العزل، والاعتداء على ابسط حقوق الانسان.
فقد سقط القناع الزائف الذي كان يرتديه المعتدي، ويخفي خلفه حقيقة اطماعه، وزادت عزلته الدولية، وبرزت للعالم اجمع ملامح وجهه الاجرامي.
واذا كان هذه النظام الآثم ما زال يختلق الاعذار، ويسوق الاسباب. الواهية لتبرير عدوانه الهمجي على دولة عربية مستقلة جارة له، فإن التاريخ يشهد بأن اسهام الكويت وشعبها في المجال العربي والاسلامي والدولي ممدود ولم يكن في يوم من الايام بالمقطوع ولا بالممنوع.
اخواني،،،
لقد اراد الحق ـ جل وعلا ـ ان يمتحننا جميعاً في هذه المحنة القاسية، ومن ثم فإن ايماننا وتسليمنا بقضاء الله وقدره يفرض علينا ان نصبر، وان نثق بأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ناصرنا، وانه سيتم نوره ولو كره الكافرون.
قال تعالى: (ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) وقال تعالى: (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب).

اخواني،،،
ان شمس التحرير ستشرق على ارض الكويت الطاهرة قريبا بإذن الله، وسيندحر الغزاة الظالمون، وسيردون على اعقابهم خائبين. (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق).
اخواني،،،
ان بناء الكويت الحرة يتطلب تضافر جهود جميع ابنائها، ولن ننسى الدور البطولي الذي قامت به النساء الكويتيات مع اخوانهم الكويتيين، واذا كانت مسؤوليتنا الان العمل على اعداد خطط اعادة اعمار الكويت، فإن الصامدين والمرابطين في ارض الوطن من ابناء الشعب الكويتي الابي يجب ان ننظر اليهم نظرة مميزة في البرامج المختلفة لانهم سطروا بصمودهم وتحملهم مختلف صنوف التعذيب من قوات الغدر والخيانة اروع صفحات البطولة والفداء، كما لن ننسى ما قام به بعض الوافدين الشرفاء بتعاونهم مع اخوانهم الكويتيين ضد الغزاة الطامعين.
اخواني،،،
ونحن في الوقت نقدر فيه الجهود التي بذلت لاحتواء الوضع المتفجر في اعقاب العدوان العراقي على دولة الكويت، فاننا نؤكد بأنه ليس هناك من سبيل لانهاء هذا الاحتلال واستتباب الامن في العالم الا بالتطبيق الكامل والحاسم لقرارات مجلس الامن الدولي، وقرارات القمة العربية وقرارات وزراء خارجية الدول الاسلامية في هذا الشأن. واننا نأمل ان تسخر جميع الدول المحبة للسلام جهودها. وتكثف تحركاتها لاستئصال نزعة الشر المتأصلة في النظام العراقي المعتدي، وارغامه على الانصياع للارادة الدولية ووضع حد لتجاوزاته على الشر عية الدولية.
اخواني،،،
اذا كانت معاناتنا اليوم كبيرة، وآمالنا عميقة، فانني واثق بأننا ـ بعون الله ـ ثم بتكاتفنا وتعاوننا سنبني كويت المستقبل التي ستكون اكثر رسوخاً وشموخاً، واعمق استقراراً وامناً.
فالتضحيات الغالية التي قدمها ابناء الكويت وهم يواجهون جنود الباطل، ستشكل قاعدة صلبة وراسخة لانطلاقة الكويت المستقبلية، فالمجد والخلود لشهداء الكويت الابرياء والعزة والمنعة والفخار للاسرى والجرحى.
اخواني،،،
ان الظرف عصيب ولا قبل لنا بمواجهته الا بتقوى الله والصبر على بلائه. واذا كنت احيي اخواننا الصامدين في ارض الوطن، فإنني ادعو المواطنين الكويتيين ممن فرضت عليهم ظروفهم مغادرة الكويت، او كانوا خارجها عند العدوان، ان يضعوا نصب اعينهم انهم سفراء لوطنهم.
بتاريخ 19 يناير عام 1991م وجه الشيخ جابر الاحمد بياناً لابناء الكويت هنأهم ببزوغ فجر نصرهم وعودتهم الى وطنهم بعد تحريره القريب من الغزو، مشدداً على ان من حق كل منهم الشعور بالفخر والاعتزاز على ما اظهروه من تضامن رائع خلال المحنة القاسية. مؤكداً ان الارادة الصلبة لابناء الكويت في الداخل قد هزمت الغزو قبل ان تهزمه القوة، وان الجهود الخيرة لابناء الكويت في الخارج كانت خير سند لتحقيق النصر والعودة. وفيما يلي نص البيان.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:20 AM

[frame="1 80"]
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين المؤمنين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق) صدق الله العظيم.
إخواني وأخواتي ابناء الكويت الاوفياء
لقد لاحت مع الخيوط الاولى لفجر يوم الخميس الثاني من رجب بشائر النصر، وبدأ الحق يأخذ طريقه ليبدد الظلام ويدحر الطغيان. وقد تكللت بالنجاح جهود العالم اجمع في الوقوف امام شريعة الغاب التي ارادها رئيس النظام العراقي ان تسود، حيث تغلب نهج العدل وصوت القانون على من حاول التفرد والتمرد على ارادة المجتمع الدولي، وان الظامل مهما طال أمد ظلمه فان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يمهل ولا يهمل.
إخواني وأخواتي أبناء الكويت الاوفياء،،
لقد لاحت مع الخيوط الاولى لفجر يوم الخميس الثاني من رجب بشائر النصر، وبدأ الحق يأخذ طريقه ليبدد الظلام ويدحر الطغيان. وقد تكللت بالنجاح جهود العالم اجمع في الوقوف امام شريعة الغاب التي ارادها رئيس النظام العراقي ان تسود، حيث تغلب نهج العدل وصوت القانون على من حاول التفرد والتمرد على ارادة المجتمع الدولي، وان الظالم مهما طال امد ظلمه فان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يمهل ولا يهمل.
إخواني واخواتي في داخل الكويت،،
لقد كنا، وسنظل نعتز ونفتخر بكم لما عانيتم وتعانون من قتل وتعذيب واعتقال وتشريد من المحتل البغيض، ونحن جميعا نعيش معكم صباح مساء في محنتكم، ونشعر بما تشعرون. وبمشيئة الله فقد بدأت عملية التحرير لارضنا العزيزة من المعتدين الغاصبين، وسنلتقي قريبا ـ ان شاء الله ـ في وطننا العزيز ليلتم شمل الكويتيين في وطنهم الكويت.
ولقد كان ايماننا بالله ثم بكم كبيرا، وكنا نعتقد جازمين بان الارهاب المعتدي وبطشه لا يمكن ان يؤثر عليكم او يفت في عضدكم، وحدث ما توقعناه فقد زادتكم المحن تلاحما، والشدائد تكاتفا، واستطعتم بصمودكم وصبركم ان تهزموا العدو منذ بداية الغزو بالارادة الصلبة والعزيمة القوية.
لقد حاول العدو الباغي ان يراهن على وحدتكم ترغيبا وترهيبا ولكنه فوجىء بابناء الكويت ـ ابناء ذلك الرعيل الذي بنى اسوار الكويت بدمه وعرقه ـ يتحدون باصرار كل تلك المحاولات، ويتصدون لكل النزوات العدوانية، فهزم قبل ان تهزمه القوة. فهنيئا لكم هذا النصر، وهنيئا لكويتنا الحبيبة بهؤلاء الرجال والنساء الذين سيكتب التاريخ قصة كفاحهم باحرف من نور، وسيذكرها الابناء والاحفاد بكل عزة وفخار.

يا ابناء الكويت الاعزاء خارج الكويت،،

يا من ذقتم مرارة البعد والتشرد والاغتراب، وعرفتم بالتجربة القاسية كم هي الكويت عزيزة عليكم. هنيئا لكم جهودكم الخيرة التي بذلتموها ليل نهار من اجل العودة، وكنتم سندا لصمود اخوانكم في الداخل حتى يتحقق النصر بمشيئة الله سبحانه.
وانني ايها الاخوة والاخوات في الداخل والخارج لعلي ثقة ويقين بالله ـ سبحانه وتعالى ـ انكم ستكونون يدا واحدة متعاونين في السراء والضراء، متكاتفين لبناء الكويت من جديد. مستفيدين من الدروس والعبر التي مرت بنا ولو انها كانت قاسية علينا جميعا، عرفنا من خلالها الصديق من العدو، وعرفنا ان الاعتماد على الله سبحانه ثم على انفسنا هو السبيل الذي من خلاله يتم ترتيب لبنات البناء ودعائمه.

يا أبناء الكويت الاوفياء،
انني باسمكم جميعا اتوجه بكل التقدير والشكر والعرفان الى كل الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت معنا في محنتنا والتي آثرت ان تضحي بابنائها وشبابها في سبيل نصرة الحق وابطال الظلم.
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه، وهدانا بمنّه وكرمه سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتاريخ 20 يناير عام 1991م استقبل الشيخ جابر الاحمد اعضاء اللجنة الاستشارية العليا للمؤتمر الشعبي بمناسبة انعقاد اجتماعهم في جدة كما تلقى رسالة جوابية باسم المرابطين داخل الكويت، اعربوا فيها عن تأثرهم بالكلمة التي وجهها الى ابناء الكويت في الداخل والخارج.
وقد بدأ المرابطون رسالتهم الى الشيخ جابر الاحمد بالقول: بقلوب ملؤها الايمان، وارواح سعت الى الشهادة في سبيل الله، وأجساد عشقت ثرى الكويت وعانقت ترابه، استمعنا نحن المرابطين في الداخل الى كلمتكم السامية وكلنا اعتزاز وفخر بثقتكم الغالية بابناء شعبكم الوفي، الذي كان خلقه وسلوكه ونمط حياته الوفاء والولاء والصدق والتضحية وحب الخير منذ ان وجد على هذه الارض.
لقد كنا يا صاحب السمو على موعد اختبار كبير في الثاني من اغسطس عندما ابتلانا الله بهذه المصيبة، وكنا امام امرين: فكان خيارنا الصمود والرباط في الحياة.. وقفة العز والشرف والكرامة.
وتمضي الرسالة فتقول: فنحن كما تفضلتم يا صاحب السمو، ابناء ذلك الرعيل الذي سطر مجدا وشهامة ورجولة، تعرفها مجاهل البحار وسواحل الامصار، ولقد كانت مراهنة الغازي على وحدتنا خاسرة كما تفضلتم.. فلقد ترعرعنا ومنذ نعومة اظفارنا على التآلف والتكافل، وكان ترابطنا سببا من اسباب نجاحنا، وكان الود والحب والتواصل مواريث نعتز بغرسها في نفوس اطفالنا، ونعاهدكم باننا لن نتخلى عنها اليوم فعند الشدائد تختبر الرجال. وان الشعوب لا تقاس باعدادها، وانما بايمانها وافعال رجالها. فالكويت الصغيرة بمساحتها، قوية وعظيمة بمواقفها.
واختتم المرابطون رسالتهم بالقول: يا صاحب السمو اننا في شوق الى لحظات اللقاء فلقد كانت تجربتنا ونحن داخل وطننا مؤلمة كما كانت تجربة اهلنا قاسية ـ هناك ـ خارج الكويت.
بتاريخ 11 فبراير عام 1991م أكد الشيخ جابر الاحمد ان اللقاء مع اهلنا في داخل الكويت المحررة الظافرة سيكون قريبا ان شاء الله.
وشدد في كلمة وجهها بمناسبة حلول الذكرى المباركة للاسراء والمعراج على ان الشعب الكويتي تمكن بتمسكه بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف وتوجيهاته السامية ان يثبت للعالم انه شعب مؤمن، استطاع بجهوده المتواصلة ان يجمع العالم للوقوف صفا واحدا لمشاركته في تحرير وتطهير الكويت من دنس المعتدي الاّقثم الذي انتهك مبادىء الاسلام الواضحة والصريحة، والتي تحرم على المسلم قتل اخيه المسلم.
مؤكدا على طبيعة النظام العراقي الاجرامية. حين يشير: ومهما حاول التستر برداء الاسلام فالمسلمون يعرفون جيدا النظام العراقي وممارساته في قتل المسلمين، سواء أكانت مذابحه البشعة في مواطنيه الاكراد ام خلال حربه مع ايران المسلمة، وتشجيعه وتمويله للعمليات الارهابية في مختلف بقاع العالم. واخيرا، لا آخر، ما عمله في شعب الكويت من قتل وتعذيب..».
ووجه سموه رسائل الى البحرية والبرية كما وجه كلمة وللشعب الكويتي حثهم فيها على الصمود والمثابرة والتلاحم ووحدة الكلمة وترتب النصر باذن الله.
وقال سموه في كلمته لقد كشفت هذه المحنة عن المعدن الاصيل لشعب الكويت، فقد توحدتم في صلابة وتماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا في مواجهة معتد اثيم استخدم ابشع ضروب التعذيب والتنكيل والقتل والنهب، دون ان تلين منكم قناة، فلم يجد العدو منفذا الى صفوفكم، فابطلتم بهذه الوقفة الصلبة دعاواه الكاذبة امام العالم، والتحمتم في اخوة وتكافل طوال المحنة، تتقاسمون القوت، وتتنافسون في تحمل المسؤوليات، وقاومتم حشوده وجحافله بايمانكم الراسخ، وبحبكم الكبير لوطنكم، وبكل ما تملكون من وسائل فبرزت كويت المحبة والسلام حقيقة تشهدها الدنيا في مواجهة العدوان، واضطر الكثيرون منكم الى الخروج من وطنهم تحت طائلة البطش والارهاب، ففتح لكم الاخوة الاشقاء قلوبهم وديارهم لاستضافتكم وسارعوا يقدمون في كرم كل عون ممكن ينفح عنكم جراح الغربة، ومعاناة المحنة، وجمع الله القلوب حول قضيتنا العادلة، فوقف العالم لأول مرة وحدة ترفض ان يفيد الباغي من عدوانه، وصمم على انسحابه غير المشروط، وتطبيق قرارات مجلس الامن كاملة، وقدم الاخوة والاصدقاء ابناءهم وحشدوا تحت مظلة القوات المشتركة: العربية، والاسلامية والصديقة كل امكاناتهم يقاتلون عن هذا الحق في بسالة واصرار.
أيها الاخوة والاخوات،،
وفي انتظار لحظة العودة الى الوطن العزيز محررا مطهرا من الباغين، مصداقا لقوله تعالى: (ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون)، نقف ملحين في الدعاء ان يتغمد الرحمن شهداء قضية التحرير والحق والعدل بواسع رحمته، وتظل قلوبنا معلقة بابناء واخوة واصدقاء، متحملين مرارة الاسر ووحشية الطغاة، ونحمل في الصدور المحبة والتقدير للوقفة الصلبة لاخوة واصدقاء ناصروا قضيتنا وحملوا السلاح دفاعا عنها، وواجهوا المعتدي بحشوده، لم يرهبهم وعيد، ولم تغرهم وعود، ولم تجتذبهم مطامع، بل بذلوا في سخاء وصدق ارواحا غالية، وتحملوا تضحيات جسيمة حماية للقانون الدولي، ورفضوا ان ترتد البشرية مرة اخرى الى شريعة الغاب ومسلك العدوان فالى كل هؤلاء شكر الكويت واجيالها.
ومن أتون الحرب الملتهبة ووسط آلامها يرتفع اليوم صوت الكويت مؤكدا انها سوف تظل كما كانت دائما، عربية الوجه والقلب والوجهة، مهتدية بشريعة الرحمن، ساعية الى السلام والمحبة والتفاهم الدولي واحة أمن وأمان لا تحمل ضغينة لأحد.
ان اهل الكويت يدركون تماما ان ما حل بهم من غدر وخيانة وعدوان انما هو سلوك طغاة لا منهاج امم، وقرار افراد زين لهم الشيطان اعمالهم، لا ارادة شعوب عربية حرة مسلمة، ومع هذا نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وللاخوة والاخوات من اهلنا الصابرين في الكويت اقول: باسمي واسم اخوانكم واخوتكم خارج وطننا العزيز، اننا ندعو الله جلت قدرته ان يعينكم ويهبكم القوة والصبر على البلاء.
ان قلوبنا جميعاً معكم، رافعين اكف الضراعة الى الله العلي القدير ان يساعدكم على ما تتحملون من اعباء الصبر، ويسبغ عليكم رحمته الواسعة وان فرج الله قريب، وما بعد عسر الا يسر ان شاء الله.

ايها الاخوة والأخوات،،،
اننا مقبلون على مرحلة جديدة حاسمة تتطلب منا الاجتماع على كلمة سواء، فلنتسلح لها بالايمان الصادق وما يتنزل معه الرحمن من الرعاية والعون، متخذين من توصيات المؤتمر الشعبي الكويتي المنعقد في اكتوبر من العام الماضي ميثاقاً وطنياً يحكم مسيرتنا القادمة باذن الله، فكويت الغد غير كويت الامس لاختلاف حجم ونوعية ما تواجه من مهام جسام، يتوقف تجاوزها على مدى اعتماد ابنائها على انفسهم، وتصدرهم الصفوف لتحمل الاعباء في عزم مصمم على الانجاز والاتقان.
ان مرحلة التعمير والبناء المقبلة لوطننا هي مرحلة العطاء بلا حدود، مرحلة تتشابك خلالها الايدي في تعاون، وتلتقي القلوب في وحدة وصمود، ويتضاعف العمل في تضحية ونكران للذات.
ولا يفوتني في ختام كلمتي هذه ان اقدم باسم الشعب الكويتي وباسمي جزيل الشكر والتقدير للقوات المسلحة المشتركة في مختلف فروعها، لما قامت وتقوم به في عمليات تحرير الكويت.
(واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) صدق الله العظيم.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:20 AM

[frame="1 80"]
قرارات الأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية وعدم الانحياز أجمعت على استنكار العدوان العراقي الأمير: عزاؤنا في الغزو أن العالم كله لم ينس للكويت مواقفها ووقفاتها
الحلقة الثلاثون

لم تقتصر جهود الشيخ جابر الاحمد في دعم الجبهة الوطنية وتحفيز الشعب الكويتي على مواجهة العدوان والاحتلال العراقي، ومقاومته بكل الاشكال والصور، بل كانت له جهود حثيثة، وتحركات دؤوبة واسعة النطاق على الساحة العربية والاسلامية من اجل كسب المزيد من الدعم والمساندة للحق الكويتي، سواء من خلال اتصالاته المباشرة ام من خلال المبعوثين الذين كانوا يوفدون حاملين منه رسائل الى ملوك ورؤساء الدول العربية والاسلامية.
لقد كانت مواقف الحكومات العربية ـ في الاغلب ـ داعمة ومؤازرة لقضية الكويت وحقه في السيادة والتحرر، وبخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي اجمعت على تحرير الكويت من براثن العدوان والاحتلال العراقي بأي ثمن.
اما على المستوى الاسلامي ومن خلال منظمة المؤتمر الاسلامي على وجه الخصوص، فقد وقفت الدول الاسلامية مواقف رائدة لا تزال الكويت ـ قيادة وحكومة وشعبا ـ تقدرها، وهي مواقف جاءت متناغمة مع اماني وتطلعات الشعب الكويتي وقيادته السياسية، ومع قرارات مجلس الامن الدولي، وقرارات مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي اسهمت بشكل فاعل في توجيه الرأي العام العالمي نحو مأساة الكويت، ومحنتها في ظل الاحتلال، ودعوة المجتمع الدولي للاسراع في تحريرها.
لقد كانت قرارات منظمة المؤتمر الاسلامي واحدة من القرارات التي افقدت النظام العراقي الحاكم في بغداد صوابه، رغم محاولاته خداع العالم الاسلامي بارتدائه رداء الاسلام.
لم يكن هذا كله بالامر السهل، فإن ماضي الكويت وعلاقاته الطيبة بالمجتمع الدولي لم تكن وحدها كافية للحصول على مثل هذا الدعم والمساندة، لولا مكانة الشيخ جابر الاحمد والاحترام الذي كان يحظى به في اوساط رؤساء دول العالم وحكوماتها، وهذا ما لمسه الموفودون من قبله، حيث وجدوا آذاناً صاغية لشرح قضية الكويت، ودعماً لا حدود له من اجل تحريرها بكل الاشكال والصور.. وفيما يلي نماذج من تلك الجهود والتحركات على الساحة العربية والاسلامية:
توجه الشيخ جابر الاحمد بتاريخ 9 اغسطس عام 1990 الى القاهرة لحضور مؤتمر القمة العربية الطارىء، حيث القى في اليوم التالي كلمة امام الجلسة المغلقة للمؤتمر، حمل فيها القادة العرب مسؤوليتهم التاريخية، ومسؤوليتهم امام ربهم وامتهم وشعوبهم وضمائرهم، وامام العالم اجمع، على وجوب العمل فوراً على انهاء الاحتلال العراقي لدولة الكويت وعودة نظامها الشرعي اليها، وازالة كامل ما ترتب على هذا العدوان الغاشم، وفيمايلي نص الكلمة.

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته،

فخامة رئيس المؤتمر،،
الاخ العزيز الرئيس محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية،، الاخوة الاعزاء اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،،
احييكم اطيب تحية، وانقل لكم شكر وتقدير الشعب الكويتي لحرصكم على المشاركة في هذه القمة الطارئة بهدف اتخاذ الخطوات الكفيلة بانهاء الاحتلال العراقي لبلدي الكويت، وازالة كامل ما ترتب عليه من آثار، تمكيناً للسلطة الشرعية من ممارسة صلاحيتها. كما اسجل عظيم الشكر والتقدير لفخامة الاخ الرئيس محمد حسني مبارك، الذي لم ترض شهامته وعروبته ان تقف الامة العربية جامدة، في الوقت الذي استنهض العدوان العراقي الغاشم على الكويت همم وحمية دول العالم قاطبة، فتحركت على مختلف المستويات لادانة العدوان ومعاقبة المعتدي، واجباره على سحب قواته الغازية من اراضي الكويت.

ايها الاخوة،،،
انني على يقين من ان العدوان العراقي على بلدنا قد اثار في نفوسكم اعمق مشاعر الالم والاستنكار، وكان ـ وما زال ـ مصدر قلق ومعاناة لكم، وليس ادل على ذلك من استجابتكم الفورية للدعوة الكريمة التي وجهها فخامة الاخ الرئيس محمد حسني مبارك لاستضافة هذا المؤتمر على ارض الكنانة.. ارض العروبة، وبلد المبادىء الثابتة، والدور القيادي الرائد في العمل الصادق لخير الامة العربية وعزتها وكرامتها.

أيها الاخوة،،،
لا أود ان اطيل عليكم بسرد ما جرى قبل العدوان العراقي على بلدي الكويت.. هذا العدوان الذي لم نكن نتصور ـ ابداً ـ ان يقوم به بلد عربي شقيق على جاره البلد العربي الذي شد أزره ووقف الى جانبه في محنته، ولم نتخيل مطلقاً ان ما ادعاه العراق من خلافات حول اسعار النفط، او نزاعات على الحدود، او خلافات في وجهات النظر حول امور اخرى، يمكن ان يتخذه مبرراً لاحتلال الكويت التي عملت دائماً من اجل امن المنطقة واستقرارها، وضحت بالغالي والنفيس في الدفاع عن قضايا امتها العربية والاسلامية، ولم تتوان ابداً في مساعدة الاشقاء والاصدقاء.

أيها الاخوة،،،
ان الكويت لم يصدر عنها اي قول، او فعل يمكن ان يشكل استفزازاً للعراق، او مبرراً للهجوم العراقي عليها، واحتلال كامل اراضيها، بل ان الكويت قد رحبت منذ بداية بالمساعي الحميدة التي قام بها الاخوة القادة العرب وتجاوبت معها. كما استجابت لمساعي الوساطة التي تبلورت في المبادرة المشتركة للاخوين الكريمين: خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وفخامة الرئيس محمد حسني مبارك.
ولقد شاركت الكويت بروح ايجابية في اجتماع جدة الذي عقد في نهاية شهر يوليو الماضي برعاية المملكة العربية السعودية الشقيقة، واعلنت الكويت استعدادها لمتابعة الاتصالات والمباحثات مع العراق لحل المشكلة، رغم تصلب الجانب العراقي ومحاولته فرض شروط وطلبات نهائية.
ولقد فوجئت الكويت. كما فوجىء العالم اجمع، وبعد ساعات قليلة من عودة الوفد الكويتي المفاوض في جدة بالغزو العراقي الشامل للكويت براً وبحراً وجواً. حيث زحفت الى بلادنا مئات الدبابات، واجتاحتها عشرات الالوف من الجنود، وعصفت بأجوائها المسالمة مئات الطائرات المقاتلة تنشر الرعب والدمار، حصل كل ذلك رغم الوعود والتأكيدات التي اعطاها الرئيس العراقي للعديد من قادة الدول العربية والاجنبية بعدم استعمال القوة ضد الكويت من اجل حل المشكلة.
وقد اشار فخامة الرئيس محمد حسني مبارك في خطابه التاريخي امس الاول الى تلك الوعود والتأكيدات، التي لم تكن سوى ستار اخفى النظام العراقي خلفه مخططاته لغزو الكويت، واحتلال اراضيها.
ولقد اتضح جلياً لنا وللعالم اجمع ان الهدف الاساسي من العدوان العراقي على بلادنا لم يكن حل نزاع على الحدود، ولا تسوية خلاف على اسعار النفط، وانما كان خطة مبيتة لغزو الكويت واحتلال كامل اراضيها، واسقاط النظام الشرعي فيها تمهيداً لضمها الى العراق، وهو ما اعلنه العراق بالفعل يوم امس الاول، مما يدل دلالة قاطعة على ان لدى العراق نزعة توسعية سوف تتجاوز بالتأكيد حدود الكويت الى دول عربية اخرى. ولقد تمثل ذلك ايضا في الاسلوب غير الانساني الذي اتبعته القوات الغازية في ارهاب المواطنين والبطش بهم، ولجوئها الى السلب والنهب والاعتداء على حرمة المساكن واعراض الناس، كما جلب النظام العراقي الى بلادنا مئات من المرتزقة، ليس بهدف الغزو فحسب، وانما من اجل الاحتلال والاستيطان في بلادنا، انتشر افرادها في الشوارع والطرقات يوسعون النساء ضرباً واذلالاً، لا يراعون حرمة للنساء، ولا كرامة للمسنين من الرجال، ولا ضعفاً للاطفال والصغار.

أيها الأخوة،،
إن الغزو العراقي لبلادنا عدوان سافر لا مبرر له، وانتهاك صارخ للمبادىء والمواثيق العربية والدولية كافة، وهو فوق ذلك وصمة خزي وعار في تاريخ الامة العربية، ولا شك انكم ـ ايها الاخوة ـ تشاركونني مشاعر الالم والاسى التي تعتصر قلبي، لان هذا العدوان الغاشم قد قام به أخ عربي وجار قريب ساعدناه في ضيقه، وايدناه في محنته، وتحملنا من جراء ذلك الكثير من الاخطار واعمال التخريب لمنشآتنا ومرافقنا الحيوية، فلم نتراجع عن مساعدته، ولم نتردد في دعمه وتأييده، واعتبرنا ذلك واجب الاخوة والعروبة وحق الجوار، فلما زال عنه الخطر كافأنا على حسن صنيعنا بارسال جيوشه لغزو بلادنا واحتلال اراضينا.
فهل هذه هي الاخوة؟ وهل هذه هي العروبة؟ وهل هذا هو الجوار؟
ان العدوان العراقي على بلادنا حط بالسلوك البشري الى الدرك الاسفل من شريعة الغاب، وهو تجسيد لما تروجه وسائل الاعلام المعادية عن صورة العربي القبيح الذي لا يراعي عهدا ولا ذمة، يغدر بالاخ والصديق ولا يحترم المواثيق تسكنه نوازع الشر والجشع، ويستأثر على الضعيف والصغير.
ان العدوان العراقي على بلدنا الكويت يشكل سابقة بالغة الخطورة، ليس على المنطقة فحسب بل على العالم بأسره. ولقد وضع هذا العدوان الامة العربية على عتبة مصير قاتم، ان سمح له بالاستمرار والافلات من العقاب.
ويجب على العالم بأسره ان لا يسمح ابدا بغزو البلدان واحتلال الدول واخضاع الشعوب للنزعات التوسعية واحلام العظمة وبناء الامبراطوريات في عهد يشهد العالم فيه توجها صادقا نحو السلام والوفاق والتعايش السلمي بين الشعوب ونبذ اساليب العنف والقتل والدمار باشكالها كافة.

أيها الاخوة الافاضل،،
ان الموقف كما اوضحه الاخ فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، خطير ومتفجر ولا يحتمل تسويفا او تأخيرا، وان خسارة امتنا ستكون جسيمة، فهل نستطيع ان نكون على مستوى مسؤولية حماية امن اوطاننا وامتنا؟ ارجو ان نكون كذلك. وارجو ان يتحقق ذلك دون تهاون او تأخير. ولسوف يؤيدنا الله بنصره، ونسترجع وطننا وحقوقنا بعون الله الذي يحق الحق، ويزهق الباطل، ان الباطل كان زهوقا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في 14 اغسطس عام 1990م اوفد الشيخ جابر الاحمد وزير الداخلية الكويتي الشيخ سالم صباح السالم الصباح الى دولة الامارات العربية المتحدة، حاملا رسالة الى رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تتصل بالاجتياح العراقي لدولة الكويت.
بتاريخ 27 اغسطس عام 1990م استقبل الشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي امين عام المنظمة السيد حامد الغابد، وقد تناول اللقاء استعراض الاوضاع الراهنة في المنطقة وفي العالم الاسلامي بعد العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت، وموقف الدول الاسلامية الرافضة لهذا الاحتلال، كما استهدف اللقاء في الوقت ذاته وضع التصور النهائي لتحرك الدول الاسلامية، خصوصا بعد التعنت العراقي، ورفضه لكل القرارات العربية والاسلامية والدولية، ولكل المبادرات السلمية المعلنة.
وفي التاريخ ذاته قام وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية محمد ناصر الحمضان بتسليم رسالة خطية من الشيخ جابر الاحمد الى الرئيس الصومالي محمد سياد بري، استعرض فيها تطورات الوضع في الخليج بعد الاحتلال العراقي لدولة الكويت.
بتاريخ 8 سبتمبر عام 1990م ارسل الشيخ جابر الاحمد الى السيد مشتاق احمد الجيلاني سكرتير الجماعة الاسلامية للشؤون الخارجية في جامو وكشمير ردا على رسالته حيث شكر الجماعة الاسلامية هناك على موقفها في دعم قضية الكويت، وكانت الجماعة الاسلامية قد ابرقت اليه بالاتي:

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:21 AM

[frame="1 80"]حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الصباح.
أمير دولة الكويت حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد:
ان الجماعة الاسلامية في جامو وكشمير نيابة عن الشعب الكشميري المسلم، وجبهة تحرير كشمير الاسلامية لتعبّر لكم عن المها الشديد للاجتياح العراقي الآثم للكويت، وتشجب بكل قوة وعزم تلك الهجمة الشرسة على بلدكم المعطاء، وتشجب بقوة كل ما سببته تلك الهجمة من غدر وترويع للمسلمين الامنين وسفك لدماء الابرياء، واغتصاب للاموال والحقوق، وهتك للاعراض والاعراف الاسلامية والانسانية والدولية.
وانني بصفتي سكرتير الجماعة الاسلامية للشؤون الخارجية، كنت زائرا للكويت اثناء الاجتياح الآثم وقد تمكنت بفضل الله من الخروج بصعوبة بالغة عبر الاراضي العراقية الاردنية ووصلت الى الرياض بتار يخ 5/12/1411هـ.
كما انني وجهت خطابا لجميع المراكز الاسلامية في العالم، يعبر عن رأي الجماعة الاسلامية بجامو وكشمير حول الاجتياح العراقي للكويت، وحول ما شاهدته اثناء تواجدي في الكويت. وان الجماعة الاسلامية بجامو وكشمير تؤكد وقوفها بجانب الكويت وشعبه المسلم ضد الاعتداء الشنيع، وضد كل ظالم، وتقديمها كل ما تستطيع من دعم مادي ومعنوي، متضرعة الى المولى ـ عز وجل ـ ان يكشف عن الامة الاسلامية البلاء، وان يلهمها رشدها ويهيىء لها اسباب الامن والقوة، لتستعيد عزها ومجدها ويستعيد الكويت حريته وحقوقه وعطاءه لجميع قضايا المسلمين الحية، انه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بتاريخ 10 سبتمبر عام 1990م وجه الشيخ جابر الاجمد برقية الى المؤتمر الاسلامي العالمي المنعقد في مكة المكرمة لبحث الاوضاع في الخليج، ذكر فيها: ان ما اقدم عليه العراق هو سطو همجي مسلح على الكويت، ولم يكن بأي حال من الاحوال نزاعا على جزء من الارض. وان هذا العدوان الغاشم شرد مئات الالوف من ابناء الكويت اضافة الى تشريد ابناء الدول العربية والاسلامية. وفيما يلي نص البرقية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان الا على الظالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى الى يوم الدين.
ايها الاخوة العلماء،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
قال الله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين) صدق الله العظيم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. التقوى ها هنا. بحسب امرىء من الشر ان يحقر اخاه المسلم».
هذه هي مبادىء الاسلام التي اتخذها شرعة ومنهاجا، وسرنا في هديها، مستنيرين بضيائها، وداعين اليها في كل مناسبة يثور فيها خلاف بين المسلمين.
وانكم تعلمون ـ ولا شك ـ ما تعرضت له دولة الكويت من عدوان سافر وغادر من دولة جارة ومسلمة، هي العراق.. لم ترع حق الجوار ولا حرمة الاسلام في الشهر الحرام. ففي الحادي عشر من محرم اجتاحت القوات العراقية في نحو مائة الف جندي دولة الكويت في هدأة الليل.
واستباحت تلك القوات الاعراض والاموال والدماء.. واتخذت من المساجد والمدارس ومؤسسات الدولة المختلفة ثكنات عسكرية تنشر منها الدمار وتروّع الامنين، فنهبت البنوك والمتاجر والمساكن، وسرقت دار الاثار الاسلامية التي تعتز بها الكويت، وتفاخر بها، وهدمت العديد من المنشآت المدنية او احرقتها.
ونتيجة لذلك، فقد تشرد مئات الالاف من ابناء الكويت، وابناء الدول العربية والاسلامية الاخرى، وسلبت مدخراتهم، وسقط المئات منهم غدرا برصاص الجنود العراقيين.
لقد تحولت ـ ايها الاخوة ـ الكثير من المؤسسات التي كانت تنشر الخير والعدل والسلام في دولة الكويت، الى معتقلات يتلقى فيها ابناؤنا ـ هناك ـ اصناف التعذيب والاذلال. ويردنا كل يوم خبر عن مذبحة جديدة لمواطنين آمنين يقتلون ويمثل بهم في قسوة ووحشية لا يقرها شرع ولا ترضاها ملة، ولا ذنب لهم الا انهم يقولون (ربنا الله).. (ان الله يدافع عن الذين آمنوا. ان الله لا يحب كل خوان كفور. اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير).
ان اما حدث ايها الاخوة، هو سطو مسلح على دولة الكويت، ولم يكن باي حال من الاحوال نزاعا بين دولتين على جزء من الارض.
اخواني علماء الامة الاسلامية،،
لقد كان هذا قدر الكويت التي كانت تتطلع دائما الى التعاون البناء مع الدول الاسلامية فهي الدول من طالب بانشاء محكمة العدل الاسلامية لحل النزاعات التي تنشأ بين الدول الاسلامية، وكان لها الفضل في حل كثير من الخلافات بين الدول العربية والاسلامية، انطلاقا من ايمانها الراسخ بضرورة تسوية المنازعات بين الدول الاسلامية بالوسائل السلمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة، وهو ما نصت عليه رسالة الاسلام، ومبادىء ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي.
وان ما يعزى النفس ان العالم كله لم ينس للكويت مواقفها، فالقرارات الصادرة عن أجهزة منظمة الامم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وجامعة الدول العربية، ودول عدم الانحياز، كلها قد أجمعت على الاستنكار الكامل للعدوان، والمطالبة بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية، وعودة الحكومة الشرعية الى الكويت. ومع ذلك كله فان حكومة العراق لم تفىء الى امر الله وظلت حتى الان سائرة في غيها، وغير عابئة بنداء العالم قاطبة، بل يحاول العراق صرف الانظار عن الآثار الناجمة عن احتلال الكويت بإثارة مشكلات جانبية، ومبادرات لا تعبر الا عن عنف النظام في العراق وتعنته. وهو بذلك يجر هذه المنطقة من بلاد الاسلام الى حرب تأكل الاخضر واليابس، وسيكون شعب العراق المسلم اول الخاسرين فيها.

أيها الأخوة الأجلاء،،
ان من ركائز الايمان الوقوف مع الحق، ودفع الظلم، وردع الفئة الباغية قولا وعملا، والدعوة الى حكم الله في الطائفة التي تبغي احداهما على الاخرى.
قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعملوا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون، واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا ان الله شديد العقاب). صدق الله العظيم.
بتاريخ 13 سبتمبر عام 1990م تسلم الشيخ جابر الاحمد رسائل من رئيس جمهورية القمر سعيد محمد جوهر، ورئيس غينيا لا نسانا كونتي، ورئيس جمهورية الغابون عمر بونغو، وقد سلم هذه الرسائل في الطائف كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون في جزر القمر الدكتور منارا معيشا ووزير المواصلات الغيني فاسيني تودي، وممثل الرئيس الغابوني مارتانا بونكو... هذه الرسائل جميعها ادانت العدوان والاحتلال العراقي، وشجبت ممارسات سلطات الاحتلال غير الانسانية على ارض الكويت، معبرة عن دعمها المطلق للخطوات والاجراءات كافة، التي اتخذت لتحرير الكويت.
وفي 14 سبتمبر عام 1990م قام الرئيس حسين محمد ارشاد رئيس جمهورية بنغلاديش، بزيارة للشيخ جابر الاحمد في مقره بالطائف، يرافقه وزير الخارجية وسفير بنغلاديش لدى المملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث عقد اجتماع مطول بين الطرفين، دار البحث خلاله حول تطورات الاوضاع بمنطقة الخليج العربي نتيجة العدوان العراقي على دولة الكويت، والعلاقات الثنائية بين البلدين المسلمين والشعبين الصديقين.
وفي 15 سبتمبر عام 1990 تسلم الشيخ جابر الاحمد رسالة من الرئيس التونسي زين العبادين بن علي، حملها اليه السيد احمد خالد وزير الثقافة والاعلام التونسي، تتعلق بموقف تونس من العدوان العراقي على دولة الكويت.
بتاريخ 24 سبتمبر عام 19990 وفي اتصال هاتفي مع امير دولة البحرين، استعرض الشيخ جابر الاحمد آخر التطورات لازمة الخليج، سعياً وراء التنسيق مع قادة دول مجلس التعاون قبل بدء بحث الجمعية العامة للامم المتحدة في الازمة.
واكد امير دولة البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في حديثه الهاتفي ان تحرك بلاده مع دول مجلس التعاون بخط ثابت لا يقبل المساومة، ويتفق والاجماع الدولي في العمل على تحقيق الانسحاب العراقي الكامل من اراضي الكويت، وعودة الشرعية ممثلة في اميرها الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح.
بتاريخ 25 سبتمبر عام 19990 جرى اتصال هاتفي بين الشيخ جابر الاحمد ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تم خلاله تبادل الرأي حول تطورات الموقف في منطقة الخليج في ضوء استمرار الاحتلال العراقي لدولة الكويت. وقد جدد رئيس دولة الامارات وقوف بلاده وتضامنها مع حكومة وشعب الكويت، وضرورة الانسحاب الكامل غير المشروط، وعدم الاعتراف بضم الكويت، والتمسك بعودة السلطة الشرعية بقيادة امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:21 AM

[frame="1 80"]أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي في تقديمه لسمو الأمير لإلقاء كلمة أمام مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي جابـر الأحمـد القائـد المتبصـر لشعـب لـم يتراجــع عــن البــذل
والعطاء ولبلد اشتهر بحب الإسلام ودعم جهود التنمية الدولية
الحلقة الواحد والثلاثون

جهود الأمير على الساحتين العربية والإسلامية

نواصل في هذا الجزء الحديث عن جهود الامير الشيخ جابر الاحمد امير البلاد المفدى من اجل حشد التأييد الدولي لقضايا الكويت العادلة ففي 11 اكتوبر عام 1990 تحدث الشيخ جابر الاحمد امام مؤتمر وزراء الخارجية لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي تتولى الكويت رئاسته في دورته الخامسة. وقد استقبله الوزراء والوفود المشاركة في تظاهرة استثنائية، سادتها اجواء من الترحيب والتأييد لم يعرف مثلها لقاء من لقاءات المنظمة منذ تأسيسها، وقد اثار هذا المشهد شجون احد الوزراء المشاركين، ليقول: «بعد هذا المؤتمر، سيعرف العالم كله براءة الاسلام والمسلمين من «صدام حسين»، ومن النظام العراقي» وما ان انهى كلمته حتى تبعتها عاصفة مدوية من التصفيق.
وكان الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي قد قدم الشيخ جابر الاحمد بكلمة ترحيب اشاد فيها بالمنجزات التي تحققت على يده للمسلمين، ووصفه بأنه: (القائد المتبصر لشعب لم يتراجع عن استعداده للبذل والعطاء، ولبلد اشتهر بحبه للاسلام، وباستجابته لمتطلبات التعاون الدولية)، وفيمايلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان الا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين.

اخواني،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
انه لمن حسن الطالع ان يصادف اجتماعنا هذا ذكرى مولد سيد البشرية، «نبينا محمد» ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويسرني ان اغتنم هذه الفرصة لاهنئكم والمسلمين كافة في ارجاء الارض بهذه المناسبة السعيدة.

أيها الاخوة،،،
لقد مضى على اجتماعي بكم في هذا المكان نحو عامين، حيث ناقشنا العديد من قضايا العالم الاسلامي، وكان الحدث المهم في ذلك الوقت هو وقف الحرب العراقية الايرانية التي استنزفت دماء المسلمين وارواحهم واموالهم. واكدت في وقتها ان ذلك كان من ثمار التعاون بين المنظمات العالمية والاقليمية، وان تلك الثمار تحتاج الى صبر ورعاية حتى يستقر في الاذهان نداء السلام على اساس من العدل وحسن الجوار. وقد انطلقت من واجبي كرئيس للدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي في الدعوة الى السلام والى تخفيف حدة التوتر بين الدول الاسلامية. وكانت الكويت اول من دعا الى انشاء محكمة عدل اسلامية للفصل في النزاعات التي تنشأ بين الدول الاسلامية.
وقد كانت آمالنا كبيرة ومشجعة في هذا السبيل، وفي ظل الوفاق الدولي الذي تشهده آفاق التسعينيات من هذا القرن. غير ان تلك الامال اغتالتها على حين غرة نوازع الشر المتأصلة في النظام العراقي، حينما داهمت قواته الكويت الآمنة المطمئنة فجر الحادي عشر من محرم، وهو من الاشهر الحرم التي يحرم فيها القتال، الموافق الثاني من اغسطس من هذا العام، بدعوة مساندة ثورة مزعومة في الداخل. وقد سقط ذلك البهتان حينما لم يجد النظام العراقي كويتيا يقبل التعاون معه، مما جعله يعود عن هذه الاكذوبة الى فرية اخرى ضم بموجبها الكويت الى العراق بناء على حقوق تاريخية مزعومة، لو اتخذت ـ على فرض صحتها ـ مقياساً لاختل البناء الدولي، وتغيرت خريطته السياسية، ولكان العراق اول ضحاياه.

أيها الاخوة،،،
ان النظام العراقي الذي يتشدق اليوم بحمل راية الاسلام والجهاد في سبيله هو ابعد الناس عن ذلك، اذ لم يستمع الى تلك النداءات التي تطالبه بحقن الدماء، والعودة الى الحق، مخالفاً لدعوة الله سبحانه وتعالى: (انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا، واولئك هم المفلحون). ومخالفاً لحديث رسولنا الكريم: المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله.. كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه»، فلقد خان النظام العراقي، وكذب، واستحل العرض والمال والدم، فأين الاسلام في هذا كله؟

أيها الاخوة،،
لقد وقفت الدول الاسلامية وقفة حق تستحق الشكر والتقدير، ويتمثل ذلك في بيان الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي، الذي اكد فيه ما ورد في ميثاق المؤتمر الاسلامي من الالتزام بامتناع الدول الاعضاء في علاقاتها عن استخدام القوة، او التهديد باستعمالها ضد وحدة وسلامة الاراضي، او الاستغلال السياسي لأي دولة عضو. كما ادان المؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية الدول الاسلامية في القاهرة العدوان العراقي على الكويت، واكد رفض أية آثار مترتبة عليه، مع عدم الاعتراف بتبعاته، وطالب بالانسحاب الفوري للقوات العراقية من كامل الاراضي الكويتية حتى تتمكن السلطة الشرعية من ممارسة اختصاصاتها ومهامها، كما كانت قبل الغزو. كما اصدر علماء المسلمين «بيان مكة» الذي اكدوا فيه شجبهم واستنكارهم للعدوان العراقي الآثم على دولة الكويت، ومطالبة المعتدي بالانسحاب التام، وعودة الشرعية الى البلاد.

أيها الاخوة،،،
لقد وقف العالم اجمع معنا في ظاهرة لم تتكرر في تاريخ الدول. هو تصديق لعدالة قضيتنا وحقنا في ارضنا المغتصبة، ولن نقبل كما ان العالم لن يقبل اقل من تنفيذ قرارات مجلس الامن المتمثلة في الانسحاب التام للقوات العراقية وعودة الشرعية الى البلاد. ورغم نداءات السلام المتكررة، فإن النظام العراقي مستمر في غيه، سائر في تنفيذ مخططه الاجرامي في الكويت، مصمم على استدراج المنطقة الى حرب سيكون العراق اول خاسر فيها.
وبعون الله، ثم في مناصرتكم ومناصرة دول العالم الشقيقة والصديقة سيتحقق لنا النصر باذنه تعالى، اما الفئة الباغية في العراق، ففيهم يقول الحق تبارك وتعالى: (وما كان لهم من اولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل).
ان انظارنا، وانظار الامة الاسلامية، تتطلع الى الاجتماع القادم لقادة الدول الاسلامية، المقرر عقده في السنغال في شهر يناير القادم. ونتضرع الى الله تعالى ان يكون معنا هادياً ومرشداً ومعيناً في حل مشاكل امتنا، والانتصار على المصاعب التي تواجهها، وان تتغلب روح الاخاء الاسلامي، ومفهوم العدل المنطلق من الحق على مفهوم القوة وروح الشر.
وفقنا الله جميعاً لما فيه خير البلاد والعباد، وجمعنا على الحق والهمنا سبل الرشاد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ 21 اكتوبر عام 1990 بعث الشيخ جابر الاحمد برسالة الى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر احمد العماوي بمناسبة اختتام اعمال المؤتمر العمالي الدولي للتضامن مع شعب وعمال دولة الكويت الذي عقد في القاهرة. وقد ضمنها شكر الكويت وتقديرها للقرارات الصادرة عن المؤتمر، والتي نددت بالعدوان العراقي، وطالبت بالانسحاب الفوري غير المشروط من الاراضي الكويتية المحتلة، وعودة الشرعية الكويتية لممارسة مهامها، وادارة شؤون البلاد وسيادتها.
وقال في سياق هذه الرسالة: «.... ارجو ان تنقلوا للاخوة المشاركين في المؤتمر شكر وتقدير شعب الكويت، وشكري وتقديري على وقفة المؤتمر مع الحق، داعين المولى القدير ان يحق الحق ويزهق الباطل ان الباطل كان زهوقاً...».
بتاريخ 16 نوفمبر عام 1990 اكد الشيخ جابر الاحمد ان الجيش العراقي لم يوجه ضربته الى شعب الكويت فقط بل الى الشعب الفلسطيني ايضاً. وقال في رسالة جوابية وجهها نيابة عنه نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الى رئيس الجبهة الاسلامية في الجزائر «عباس مدني» بتاريخ 17 نوفمبر عام 1990م: «... منذ ان اقتحمت القوات العراقية الكويت توارت القضية الفلسطينية، واسدل ستار كثيف على ممارسات الاسرائيليين ضد السكان العرب والمسلمين..».
واضافت الرسالة: «... اننا في الوقت نفسه الذي نشاطركم فيه المشاعر نحو الشعب الفلسطيني، نريد منكم ان تلتفتوا الى ما يعانيه اخوتكم في الكويت على يد النظام العراقي الآثم..»

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:22 AM

[frame="1 80"]وفيمايلي نص الرسالة:
الاخ المحترم عباس مدني،
رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ ـ الجزائر،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

اشارة الى خطابكم الموجه الى حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، والمؤرخ في الاول من ربيع الثاني 1411هـ الموافق 20 اكتوبر 1990م، فقد امر ـ سموه ـ بتوجيه هذا الخطاب لكم شعوراً منه بالمسؤولية المشتركة تجاه القضية الفلسطينية، ولتوضيح بعض الحقائق التي سيكون لمعرفتكم بها ابلغ الاثر في تصور مدى ما تعرضت له الكويت وشعبها من كارثة فادحة وظلم عظيم.
اولاً: لقد كان للكويت دور كبير في دعم القضية الفلسطينية، فقد انبثقت حركتها من الكويت منذ البداية، وانطلق من ارض الكويت وبدعم منها عشرات القادة الفلسطينيين، منهم ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية الذي اشاد مراراً الى دور الكويت البارز في مساندة الثورة الفلسطينية، ودعم صمود شعبها، وقد قامت الكويت بذلك انطلاقاً من شعورها بواجبها العربي والاسلامي في مساندة حركات التحرير العربية. ولعلكم تتذكرون موقف الكويت الواضح والعملي على الصعيد الرسمي والشعبي من اخواننا المجاهدين في الجزائر اثناء حرب التحرير المجيدة.
ثانياً: استضافت الكويت رغم صغر مساحتها مئات الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني الذين يمثلون اكبر جالية في دولة الكويت، وقد كان هؤلاء يقومون بمساندة اخوانهم في الاراضي العربية المحتلة ويدعمون صمودهم امام الاحتلال، وتتعاون معهم دولة الكويت وشعبها في تمويل الكثير من المدارس والجامعات والهيئات الخيرية في الاراضي المحتلة، ويشكل ذلك الدعم المستمر مصدر قلق وازعاج للعدو الاسرائيلي الذي كان يبحث على الدوام عن وسائل لايقاف ذلك الدعم بشتى الطرق. وقد تحقق لاسرائيل هذا الامر وبشكل كامل مكنها من احكام قبضتها على الانتفاضة الفلسطينية حينما غزا النظام العراقي الكويت، فتوقف المدد عن الانتفاضة، واصبح الكثير من الاخوة الفلسطينيين المقيمين في الكويت وقد فقدوا مدخراتهم، او تدهورت قيمتها نتيجة الاجراءات الاقتصادية العراقية، واصبحت آلاف الاسر الفلسطينية التي كانت تعتمد على اقاربها في الكويت، لا تجد ما يسند مقاومتها وصمودها في وجه الاحتلال الاسرائيلي. وبدأت هجرة جديدة مجهولة المصير لآلاف الفلسطينيين المقيمين في الكويت للبحث عن مأوى جديد يقبل ان يستضيفهم في سماحة ويسر، كما كانت عليه الحال في الكويت. وهكذا نجد ان الجيش العراقي لم يوجه ضربته الى شعب الكويت فقط. بل الى الشعب الفلسطيني ايضاً، سواء المقيم منه في الكويت ام ذلك الذي يعيش في داخل الارض المحتلة.
ثالثاً: لقد دعوتم في ندائكم «البند 9» الحكومات العربية المتنازعة في الخليج الى فض نزاعها بسحب قوات الاحتلال العراقي من الكويت، واجلاء القوات الاجنبية الموجودة في الخليج العربي، والتوجه بقواتها وسائر امكاناتها الى مواجهة العدوان اليهودي في فلسطين. بغض النظر عن القوات الاجنبية الدولية التي ما كانت لتحضر الى الخليج لولا العدوان العراقي على الشرعية الدولية المتمثل في احتلاله للكويت، ومسحها من خارطة العالم. ولعلكم ظننتم كما ظن الشعب الكويتي العربي المسلم ان القوات العراقية هي الاداة التي ستحرر فلسطين، غير ان الامر قد انكشف اليوم، فالنظام العراقي قد اهل جيشه واعده لضرب دولة عربية مسلمة جارة، بل تعدى ذلك الى ضرب العرب والمسلمين انفسهم، فمنذ ان اقتحمت القوات العراقية الكويت توارت القضية الفلسطينية، واسدل ستار كثيف على ممارسات الاسرائيليين ضد السكان العرب والمسلمين. وادى ذلك ـ ايضاً ـ الى تفتيت التضامن العربي والاسلامي، واصبحت صورة الامة العربية والاسلامية امام المجتمع الدولي صورة مهلهلة، ولا تعكس ما كانت عليه من اشراق حضاري.
ويحاول النظام العراقي اقناع العالم العربي والاسلامي بأنه لا يمكن تحرير فلسطين قبل تحرير الاقطار العربية الواقعة على الخليج العربي كافة. قال تعالى: (انظر كيف يفترون على الله الكذب، وكفى به اثماً مبيناً).
رابعاً: اننا في الوقت نفسه الذي نشاطركم فيه المشاعر نحو الشعب الفلسطيني نرجو ان تلتفتوا الى ما يعانيه اخوتكم في الكويت على يد النظام العراقي الآثم، فمنذ الثاني من شهر اغسطس الماضي تم تشريد ما يزيد على مليون مواطن ومقيم، واستولت السلطات العراقية على ممتلكاتهم واموالهم بعد ان استساغت عملية القتل وهتك الاعراض، كما انها نهبت نهباً منظماً وشاملاً لكل مرافق الدولة والمؤسسات الاهلية، فقد تم نقل معظم محتويات المدارس والمستشفيات والمتاجر الى بغداد، ومنذ ثلاثة اشهر يتم يوميا اعدام العشرات من المدنيين دون ذنب، وذلك بعد ان يتعرضوا لاصناف التعذيب الوحشي، وغير الاخلاقي الذي يتنافى ومبادىء الاسلام التي تؤكد على تحريم ظلم المسلم لاخيه المسلم. تصديقاً لقول رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».
لم يرع النظام العراقي حق الجوار ولا حرمة الاسلام في الشهر الحرام، فاستباحت قواته الاعراض والاموال والدماء، واعتدت على حرمة المساجد فأقفلت بعضها ومنعت المصلين من اداء الفريضة.
وكانت قوات البغي العراقية متناسية بأعمالها هذه ما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً).
وختاماً، نرى ان يقبل العراق بأسرع وقت تنفيذ قرارات مؤتمر القمة العربي، وقرار وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الاسلامي، وقرارات مجلس الامن الدولي من اجل ان تتضافر جميع الجهود، ونوجه كل قوانا لمساندة اخواننا الفلسطينيين.
فما يحدث في الكويت الان من ممارسات جيش الاحتلال العراقي يفوق كثيراً ما حدث، ويحدث لاخواننا الفلسطينيين في الاراضي العربية المحتلة، ناهيك عن انها تأتي من دولة عربية مسلمة وجارة.
ولعلكم تشاركوننا القول بأن من ركائز الايمان الوقوف مع الحق، ودفع الظلم، وردع الفئة الباغية قولا وعملا، والدعوة الى حكم الله في الطائفة التي تبغي احداهما على الاخرى. قال تعالى: (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) صدق الله العظيم.
وفقنا الله جميعا لخدمة امتنا العربية والاسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

صباح الاحمد الجابر الصباح
نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية

وفي التاريخ ذاته، اي في 16 نوفمبر عام 1990م استقبل الشيخ جابر الاحمد في مقر اقامته في الطائف رئيس جمهورية السنغال عبدو ضيوف والوفد المرافق له. وقد عقدا اجتماعات بحضور الجانبين، حيث دار البحث خلاله حول تأجيل موعد انعقاد مؤتمر القمة الاسلامي السادس في داكار الى موعد يتم الاتفاق عليه لاحقا مع القادة المسلمين. كما تم البحث في آخر تطورات الوضع في منطقة الخليج والعلاقات الثنائية بين البلدين.
بتاريخ 17 نوفمبر عام 1990م اجتمع الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور حامد الغابد الى الشيخ جابر الاحمد. وقال بيان رسمي صادر عن الديوان الاميري، ان الدكتور الغابد قدم الى سمو الامير تقريرا عن جولته الاخيرة في بعض الدول الافريقية الاعضاء في المنظمة.
بتاريخ 21 نوفمبر عام 1990م وفي رسالة موجهة من اللجنة الوطنية التونسية النسائية الى الشيخ جابر الاحمد تعرب فيها عن تضامنها ودعمها لصمود الشعب الكويتي ضد الاحتلال العراقي للكويت، مؤكدة رغبة عضوات اللجنة في التطوع لخدمة القضية الكويتية الى ان تعود الكويت حرة مستقلة، كما اعربت اللجنة، وهي اللجنة المنبثقة عن اللجنة الوطنية التونسية لمساندة الشعب الكويتي، في رسالتها التي سلمت الى سفير دولة الكويت في تونس عبدالمحسن الجيعان: اننا نعاهدكم على التطوع لخدمة القضية الكويتية التي آمنا بها وسخرنا انفسنا لها لخدمة الحق والعدل، ونحن واثقات من ان الجور والتعسف والاضطهاد لن يزيد الشعب الكويتي الا ايمانا وثباتا وقوة وارادة ليعيش حرا كريما.
وقد أشارت رئيسة اللجنة الى ان هناك جهودا حقيقية لانشاء لجان نسائية اخرى في مختلف انحاء تونس لتكثيف النشاطات المساندة للشعب الكويتي على المستويات العربية والدولية.
بتاريخ 29 نوفمبر عام 1990م تسلم الشيخ جابر الاحمد رسالة من اخيه امير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، تضمنت دعوة لحضور اجتماعات الدورة الحادية عشرة للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المزمع عقدها في الدوحة. وقد قام بتسليم الرسالة عبدالله بن صالح المانع وزير المواصلات والنقل القطري.
بتاريخ 22 ذيسمبر عام 1990م غادر الشيخ جابر الاحمد مدينة الطائف متوجها الى الدوحة على رأس وفد دولة الكويت لحضور اعمال القمة الحادية عشرة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي انعقد تحت شعار التحرير والتغيير حيث بدأ المؤتمر اعماله ـ بالتاريخ ذاته ـ بكلمة لامير دولة قطر، اكد فيها ان العدوان الذي وقع على ارضنا وشعبنا في الكويت العزيزة عدوان علينا جميعا. ان الكويت دولة مستقلة ذات سيادة، لكنها بالنسبة لنا قطعة من نفوسنا، وجزء لا يتجزأ من تراب وطننا الخليجي. وخلال الاشهر القليلة الماضية اثبتنا انه بالوقوف صفا واحدا نستطيع ان نواجه الاثم والعدوان وسينتهي الغزو العراقي للكويت الشقيقة باذن الله.
وقال من موقع المسؤولية التاريخية: لقد أجمعت قراراتنا العربية والاسلامية، والقرارات الدولية على وجوب انهاء العدوان العراقي بتنفيذ ما تقضي به هذه القرارات من سحب العراق جميع قواته فورا، ودون قيد او شرط، وعودة حكومة الكويت الشرعية بقيادة صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الصباح، الا ان العراق لم يستجب لهذه القرارات، واصر على موقفه الرافض لها، مما حدا بمجلس الامن الدولي الى اصدار قراره الاخير في 29 نوفمبر الماضي باجازة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ قراراته الصادرة بشأن العدوان العراقي على الكويت. واقتناعا منا بضرورة استنفاد جميع سبل الحل السلمي، فقد رحبت دول المجلس كذلك بمبادرة الرئيس الامريكي باجراء مباحثات مباشرة بين الولايات المتحدة الامريكية والعراق في اطار هذا القرار الاخير، وتحقيقا لاهدافه املين ان يستجيب العراق لنداءات السلام وان يحكم صوت العقل ليجنب منطقتنا والعالم اجمع اخطار الحرب.
ويمضي الشيخ خليفة بن حمد ال ثاني امير دولة قطر، فيقول. لقد قلب العدوان العراقي كل الحقائق والموازين التي كنا نعهدها من المسلمات في ثوابت العلاقات العربية، ومفهوم الامن الخليجي، والامن العربي. والمدى الذي لا يصح لخلافاتنا العربية ان تتجاوزه، حفاظا على كيان امتنا العربية، ومصيرها المشترك، وجاء ذلك العدوان بما نجم عنه من تصدع التضامن العربي وانتكاس العمل العربي المشترك، وزعزعة امن واستقرار منطقتنا الخليجية والعربية، ليطرح بالحاح ضرورة وضع استراتيجية واضحة ومتكالمة حول السياسات التي يتعين اتباعها في المستقبل لتلافي تكرار وقوع مثل هذا العدوان، ووضع قواعد اكثر صلابة لعلاقات اكثر صحة بين دولنا العربية.
ويستعرض الشيخ خليفة بن حمد الوضع الخليجي بعد المحنة التي المت بالمنظومة الخليجية، فيؤكد باصرار كبير على الجانب الامني لكونه مفتاح السلام والامن والامان، فيقول: ان الازمة الراهنة بكل وطأتها وخطورتها تحتم علينا اعادة النظر وتقييم بعض اوجه مسيرة مجلسنا الخليجي، فلا يمكن ان تمضي الامور بعدما حدث في الثاني من اغسطس الماضي كما كانت قبله. وكما ان لكل مرحلة تحدياتها. فان لها كذلك مهامها واولوياتها. ونحن نحتاج اكثر من اي وقت مضى الى تعزيز اواصر تكاملنا، ووضع الاسس العملية لعلاقات اكثر شمولا بين دولنا التي لا يوجد بين شعوبها اي خلافات. كما اننا نحتاج نظرة جديدة الى اسلوب عملنا والى اقامة نظام امني اكثر فاعلية، يتيح لمجلس تعاوننا الخليجي القدرة على مواجهة تحديات ما بعد الازمة، ووقاية منطقتنا من مخاطر تكرار العدوان عليها، ويكفل لشعوبها حياة حرة كريمة في ظل الاستقرار الضروري الذي يتيح لها توجيه ما تملكه من قدرات لاستكمال مقومات تنميتها الشاملة.

«يتبع»
[/frame]

Nathyaa 15-01-2006 10:22 AM

[frame="1 80"]بتاريخ 23 ديسمبر عام 1990م تابع الشيخ جابر الاحمد اتصالاته ولقاءاته مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي لبحث تطورات الازمة الراهنة، وسبل انهاء الاحتلال العراقي للكويت. هذا وقد خاطب عددا من زعماء العرب والاجانب من خلال رسائلهم منها: رسالتان من الرئيس الامريكي جورج بوش والرئيس السوفياتي ميخائيل جورباتشوف اكدتا على سياسة بلديهما تجاه ازمة الخليج، وضرورة انهاء الاحتلال العراقي لدولة الكويت، واعادة الشرعية اليها.
بتاريخ 22 يناير عام 1991م اعرب الشيخ جابر الاحمد عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على الدور الكبير الذي قامت به المملكة العربية السعودية تجاه الكويت والكويتيين منذ بداية ازمة الاحتلال العراقي للكويت وحتى عمليات التحرير. جاء ذلك في برقية وجهها الى خادم الحرمين الشريفين، مؤكدا ان ما قامت به المملكة العربية السعودية كان عملا بطوليا نادرا، مخاطبا خادم الحرمين الشريفين بان تحمل المسؤولية كاملة غير منقوصة.. وفيما يلي نص البرقية:
صاحب الجلالة الاخ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أما وقد بدأت عمليات تحرير بلدكم الكويت من رجس الطغاة فقد وجب ذكر الفضل لذويه. اما الشكر، فمهما كانت عباراته فهو لا يفي بما لكم شخصيا، وللشعب السعودي الكريم من ماّثر. لقد احتضنتمونا من اول يوم المأساة برحابة صدر لا نظير لها، ولم تدخروا وسعا في تخفيف حدة المصيبة، ثم تحملتم عبء المبادرة لتحرير بلدكم الكويت، ووضعتم كل امكاناتكم في المقدمة، وهو عمل بطولي نادر، حيث حملتم عبء المسؤولية كاملة غير منقوصة وبكل سخاء معرضين شخصكم الكريم وشعبكم النبيل لاعظم المخاطر.
لهذا احببنا ان نذكر بالخير ما غمرتمونا به سائلين المولى ـ جل وعلا ـ ان يجزيكم عنا وعن ابنائكم اهل الكويت خير الجزاء. فباسم ابنائكم أهل الكويت وباسمى اقدم لكم جزيل الشكر والعرفان بالجميل، مؤكدا لكم ان ابناء الكويت الذين احتضنتموهم يضعون انفسهم تحت تصرفكم للمشاركة في حماية أرض المملكة، ومقدساتها الاسلامية، داعين لكم بالتوفيق والسداد.

حفظ الله المملكة السعودية، وشعبها من كل مكروه
اخوكم
جابر الاحمد الجابر الصباح
امير دولة الكويت

وجاء رد خادم الحرمين الشريفين في اروع صورة من صور الشهامة العربية، وشفافية الروح، وسمو الوجدان في العلاقة بين بلدين وشعبين. لقد قدم خادم الحرمين الشريفين لدول العالم، وخاصة الدول العربية والاسلامية اروع نموذج للعلاقات الانسانية وحسن الجوار بين دولة واخرى نأمل ان يستوعبها البعض لانها باتت جزءا من مسيرة منطقتنا وتاريخها.. وفيما يلي نص البرقية:
صاحب السمو الاخ جابر الاحمد الصباح
أمير دولة الكويت، خفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلقد تلقيت ببالغ التقدير برقيتكم الاخوية التي عبرتم فيها عن مشاعركم النبيلة بصدق المؤمن الواثق من نصر الله منوهين بما مكن الله به البلد قيادة وشعبا من الوقوف الى جانب الحق وردع العدوان والتصدي للاحتلال الغاشم، وكلها قيم تنبع من عقيدتنا الاسلامية التي تحض على نصرة الحق ودحض الباطل. وان وقوف المملكة العربية السعودية الى جانب الكويت الشقيقة منذ بدء الاحتلال العراقي الاثيم لدولة الكويت، وحتى بدء العمليات الحربية لتحريرها ان شاء الله، انما يمثل الواجب الاخوي الذي تمليه علينا روابط العقيدة الاسلامية والدم واللغة، واواصر المودة، وواجب حسن الجوار.
وهو بعد ذلك وقوف الحق في وجه الباطل حتى يعود المعتدي الى طريق الصواب، وتعود الامور الى ما كانت عليه بمشيئة الله قبل الثاني من اغسطس (آب) لعام 1990م.
أقدر لأخي الكريم ما حملته برقيتكم من مضامين كريمة تنم عن نبل سجاياكم المعهودة، ونسأل الله العلي القدير ان ينصر كلمة الحق، وان يحمي الكويت الشقيقة قيادة وشعبا، ويرد عليها سيادتها وامنها واستقرارها تحت قيادتكم الحكيمة، انه سميع مجيب.

أخوكم
فهد بن عبدالعزيز

بتاريخ 25 يناير عام 1991م اشاد الشيخ جابر الاحمد بخطاب الرئيس حسني مبارك امام مجلس الشعب والشورى المصري، واكد ان الكويتيين لن ينسوا وقوف مصر مع الحق والعدل. ونوه في برقية شكر وجهها للرئيس مبارك حول ما تضمنه خطابه من كشف للحقائق. وفيما يلي نص البرقية:
سيادة الاخ الرئيس محمد حسني مبارك، حفظه الله
رئيس جمهورية مصر العربية ـ القاهرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،. وبعد:
فلقد تابعت الاستماع الى خطابكم التاريخي في مجلس الشعب والشورى يوم اول من امس الخميس، لقد كنتم كما عهدناكم دائما على سجيتكم الكريمة من حيث الوضوح، فكشفتم الحقائق بدون زيف، كعادتكم كنتم رجل المبادىء الذي يقف مع الحق والعدل. وهذا ليس مستغربا على ابن الكنانة البار الذي ينطق باسم الشعب العربي الشقيق في مصر العزيزة.
فباسم شعب الكويت وباسمي تقبلوا يا سيادة الاخ مجددا خالص الشكر وعميق التقدير على ما تضمنه خطابكم من عبارات اخوية سوف لن ينساهاالكويتيون، فجزاكم الله عنا خير الجزاء، وحفظ الله ارض الكنانة وشعبها من كل مكروه، وسدد على دروب الخير خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخوكم
جابر الاحمد الجابر الصباح
امير دولة الكويت

بتاريخ 3 فبراير عام 1991م غادر وزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح الى طهران حاملا رسالة خطية من الشيخ جابر الاحمد الى الرئيس الايراني علي اكبر هاشمي رفسنجاني تناولت آخر تطورات الوضع في الخليج.
كما سلم المبعوث رسالة مماثلة الى الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية وصرح عقب اللقاء الذي استغرق ثماني واربعين دقيقة بانه نقل رسالة من سمو امير دولة الكويت لاخيه الرئيس محمد حسني مبارك تتعلق باخر التطورات الراهنة في الخليج، والعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
بتاريخ 7 فبراير عام 1991م غادر وزير المالية الشيخ علي الخليفة الصباح الطائف متوجها الى البحرين، ومنها الى الجزائر في اطار جولة رسمية تشمل سبع دول افريقية، حاملا رسائل من الشيخ جابر الاحمد الى قادة هذه الدول تتعلق بتحرير الكويت والوضع الراهن في المنطقة.
وفي التاريخ ذاته استقبل الشيخ جابر الاحمد بالطائف الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور حامد الغابد الذي اطلعه ـ بصفته رئيس الدورة الخامسة للمنظمة ـ على النشاطات التي تقوم بها المنظمة في الوقت الراهن، وخلال حرب تحرير الكويت.
وقال الدكتور الغابد بعد هذا اللقاء: انه تلقى توجيهات وآراء سموه حول سير العمل في منظمة المؤتمر الاسلامي. واشار الى ان المنظمة تركز نشاطها حاليا على تنفيذ قرارات مؤتمر وزراء الخارجية المتعلقة بالانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات العراقية من الكويت، وعودة الحكومة الشرعية.
بتاريخ 21 فبراير عام 1991م اكد الشيخ جابر الاحمد رفض الكويت لكل المبادرات الهادفة الى وقف اطلاق النار دون التزام. ومباشرة النظام العراقي بالانسحاب من الكويت، وبتطبيق جميع قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة بالقضية الكويتية.
وشدد على ان الحرب الدائرة لتحرير الكويت تمثل جهدا دوليا مشروعا في مواجهة التعنت العراقي ضد النداءات الدولية كما انها تأتي بعد ان استنكر العالم بكل مؤسساته عدوانه على دولة الكويت، وسلك جميع السبل السليمة الكفيلة بحمل النظام العراقي على الانصياع للارادة الدولية... جاء ذلك في كلمة القاها نيابة عنه نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في الاجتماع المشترك للدول الاعضاء في هيئتي مكتبي مؤتمر القمة الاسلامي الخامس، والمؤتمر الاسلامي التاسع عشر لوزراء الخارجية الذي عقد في القاهرة... فقد اكدت الكلمة على: «... ان الحرب المشروعة والدائرة في منطقتنا، والتي تأتي تنفيذا لقرار مجلس الامن 678 لاجبار النظام العراقي على الامتثال للشرعية الدولية، انما تمثل بحق جهدا دوليا مشروعا في مواجهة التعنت والرفض العراقي المتواصل لكل النداءات الدولية، كما انها تأتي بعد ان استنفد العالم بكل مؤسساته ومسؤولياته كل السبل السليمة الكفيلة بحمل النظام العراقي على الانصياع للارادة الدولية.
ومن هنا، فان بلادي التي آلمها جرح الغدر ومرارة الاحتلال ترفض تلك المبادرات الهادفة الى وقف اطلاق النار دون التزام، ومباشرة من النظام العراقي بالانسحاب من الكويت، والالتزام بجميع قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة»...
وفي التاريخ ذاته، اي في 21 فبراير عام 1991م، تلقى الشيخ جابر الاحمد برقيات تهنئة بالعيد الوطني الثلاثين لدولة الكويت من اخوانه قادة الدول العربية الشقيقة، وقادة الدول الاسلامية والصديقة، عبروا فيها عن تهانيهم الحارة لشعب الكويت، كما اعربوا فيها عن تضامنهم ومساندتهم لكفاح الشعب الكويتي وصموده ضد الاحتلال العراقي.
مع خيوط فجر يوم الثلاثاء 26 فبراير 1991م انقشعت الغمة وولى المحتل هاربا يجر أذيال الخيبة والمهانة والفشل الذريع، تاركا وراءه ـ كأي مجرم حرب في تاريخ البشرية ـ الدمار والخراب وآلام الثكالى، لكن عزاء الكويت في كل كلمة هو سيل التهاني التي تلقاها الشيخ جابر الاحمد في اليوم التالي من قادة دول العالم الشقيقة والصديقة، ورؤساء حكوماتهم، يهنئونه بعودة الكويت حرة مستقلة، وعودة شعب الكويت وقيادته السياسية الى تراب وطنهم.

«يتبع»
[/frame]


الساعة الآن 09:02 PM

جميع الحقوق محفوظة لـ الشبكة الكويتية

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الشبكة الكويتية ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر