[frame="1 80"]سموه يدشن فترة حكمه باللقاءات مع الشعب وفعاليات المجتمع الأمير يعتمد الاتصال المباشر بالمواطنين أساساً لتلمس معاناتهم ومشكلاتهم
اللقاء بالشعب وفعاليات المجتمع
لقد وجد الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت ان الخطوة التالية لتحركاته لا بد ان تكون من خلال الاتصال المباشر بالمواطنين، سواء أكان على المستوى الرسمي ام الشعبي، ذلك لان معاناة الناس ومشاكلهم لا يمكن تلمسها والاحساس بها الا عن قرب، ومن خلال المعايشة الشخصية لها، وان الافكار والمبادىء والبرنامج المستقبلي الذي طرحه في كلمته السياسية، ووجهه للشعب الكويتي بمناسبة انتهاء فترة الحداد الرسمي على الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، لا بد ان تصل الى كل مواطن والى جميع شرائح المجتمع، وذلك في محاولة للوقوف على ردود الفعل لتلك الكلمة التي حاولت ان تحدد معالم المسيرة الكويتية المستقبلية.
نقول، من هذا المنطلق كان للشيخ جابر الاحمد زيارات ولقاءات مع المواطنين في مناطق سكنهم، اتيحت الفرصة فيها لكل مواطن ان يعبر عما يختلج في صدره، وان يسأل ما يريد في جو اسري، وعلاقات تسودها الديموقراطية والكلمة الصادقة، وكانت اجاباته وردوده على تلك التساؤلات بمثابة اشارة للمراقبين عما كان يريد ان يقوله لابنائه وشعبه، وماهي الرسالة التي كان يحملها لتصل اليهم نقية صافية في لقاء الوجه للوجه.
ففي 24 ابريل عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع الرعيل الاول، رجال البحر، جمعهم في مأدبة عشاء اقامها لهم في منزله بقصر دسمان، وكان له كلمة في هذا اللقاء، نذكر منها: «... يسعدني جدا ان اجتمع بالرعيل الاول، وفي الواقع انهم يمثلون آباء لي، وفيهم من يمثل اخوانا لي، واني اؤكد بأنني دائما لهم، ولا احب ان اسمع بان هناك مظلوما او محتاجا او عنده مشكلة، فبابي مفتوح لكم جميعا فاعتبروني ابنا لكم، وهذا في الواقع لا ينطبق فقط عليكم انتم بالذات، بل على كل كويتي، ارجو الله ـ سبحانه وتعالى ـ ان يوفقنا لما فيه خير هذا البلد وعزته»....
وبتاريخ 26 ابريل عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع الضباط في سلاح الطيران والدفاع الجوي الكويتي، حيث تفقد قاعدة احمد الجابر الجوية مستمعا الى شرح مفصل من كبار ضباط سلاح الطيران عن طبيعة وسير العمل. وقد القى في هذه الزيارة كلمة، جاء فيها: «... لقد أثلج صدري ما رأيته اليوم في سلاح الطيران والدفاع الجوي، حيث انه احد المرافق الاساسية لحماية بلادنا وامتنا العربية، وان ما رأيته اليوم ليدل على ايمان وتصميم شبابنا ورجالنا على الذود عن بلادهم وامتهم العربية»...
ويمضي مؤكدا: «... انني أحرص دائما على الاتصال بفئات الشعب كافة حتى نكون اقرب الى بعضنا، ونوثق روح الاسرة الواحدة التي بيننا، وانني على ثقة من ان شبابنا قادر على تحمّل مسؤولية الدفاع عن الوطن والامة، ولن تكون زيارتي هذه لكم الاخيرة، بل سأزوركم مرات عديدة، وأتمنى للجميع في القوات المسلحة كل توفيق في كل خطواتهم الهادفة الى حماية هذا الوطن، وهذا الشعب، وهذه الامة»...
وبتاريخ 2 مايو عام 1978م التقى الشيخ جابر الاحمد مع رئيس واعضاء مجلس الادارة الجديد لجمعية الصحفيين الكويتية، فتحدث اليهم بانفتاح وصراحة كاملة، قائلا: «... اننا نريد من الصحافة الكويتية ان تكون عامل بناء دائما، وهذا لا يعني اننا نصادر حق النقد، بل اننا نرى ضرورة قيام الصحافة بالنقد البناء»...
ويضيف قائلا: «... انني اتابع ما تكتبه الصحف الكويتية، وأبحث عن النقد، لانني كمسؤول لا يمكن ان ألم بكل شيء، ولهذا فانني اعتمد على ما تكتبه الصحف من نقد، ومن هنا، فانني ارجو ان تكون صحافتنا على مستوى المسؤولية، وان تناقش مشاكل الكويت بكل موضوعية، وتوجه المسؤولين الى ما فيه مصلحة الكويت، وهذا يستدعي ان تكون هناك علاقة بين الصحافة والمسؤولين»...
ويستطرد في الحديث فيقول: «... انني من جانبي على استعداد، وفي اي وقت، لاستقبالكم وسماع مشاكلكم، كما ارجو ان تكون لكم لقاءات مع المسؤولين، وتأكدوا انهم يرحبون بذلك، سواء سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء او الوزراء او اي مسؤول في الدولة، لان الصحافة لها دور كبير في رصد اتجاهات الرأي العام، وهذا يهمنا...».
وبتاريخ 8 يونيو عام 1978م قام الشيخ جابر الاحمد بزيارة محافظة الفروانية، حيث التقى هناك بابنائه ورجالات المنطقة، وذلك للوقوف والاطلاع عن كثب على اوضاع المنطقة ومشاكلها الحياتية، ففي حديثه مع المواطنين هناك، اشار: «... ان زيارتي لبعض المناطق التي تنقصها أمور كثيرة من الخدمات هي لتأكيد رعايتنا لهذه المناطق حتى تصل للمستوى المطلوب، كما هي الحال في المدينة....».
ويمضي قائلا: «... انه امر طبيعي في كل بلدان العالم ان تنمو العواصم قبل غيرها من المناطق الاخرى، لكن الواجب يحتم ان تنمو كل المناطق، وتنهض معا»...
ويحاول ان يلامس الواقع، فيقول: «... انني لم احضر هنا لألقي كلمات او خطب، بل جئت اليكم وانا مؤمن بالعمل الجاد والمثمر، ولا تفرقة عندي بين المدينة والقرية لان الجميع سواسية، وجميعكم اخوة اعزاء عندي...».
ويختتم حديثه بالقول: «... من الطبيعي ان ينظر الانسان للمفاهيم نظرة الحريص على تحقيقها، وهدفنا هو الصالح العام، وانني ادعوكم الآن لترك الرسميات واطلب منكم حوارا مفتوحا، فدعونا نتحدث في محبة وسعادة من اجل رفع مستوى الوطن والمواطن»...
وبتاريخ 10 يونيو عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع مواطني محافظة الاحمدي، حيث تحدث اليهم قائلا: «... الحقيقة انني سعيد بالاجتماع مع اخوة لي اليوم، كما استمعت لاخوة لهم في الاسبوع الماضي. وفي الواقع ـ كما ذكرت في لقائي السابق ـ انني لا اريد القاء الكلمات او الخطب، وانما نحن في ديوانية كبيرة نستمع ونبحث عن الحقيقة. فهناك امور عديدة يجب ان تتوفر لكم في المنطقة.. أمور تهم الجميع وللصالح العام. اما الامور الخاصة او التي تهم فرداً معيناً، فلا مجال هنا لطرحها . ان ما يجب الاستماع اليه هو امور المنطقة التي تهمنا بشكل عام... هذه الامور هي التي اريد بحثها هنا مع اخواني ابناء المنطقة...».
وحول ذكرياته في هذه المحافظة قال: «.... ان محافظة الاحمدي لها وقع عزيز على نفسي، لانها كانت اول عمل رسمي لي، حينما كانت مدينة الاحمدي مجرد بيوت متناثرة من الخيام والبيوت الخشبية. وان عملنا بهذه المدينة ـ آنذاك ـ لم يدفعنا للتأفف والاحتجاج، بل ان خدمة الوطن دفعتنا للعمل في اي مكان وفي اي موقع..».
وبتاريخ 18 يونيو عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع مواطني محافظة الجهراء اكد فيه على اهمية روح التعاون والاخوة المستمرة بين ابناء الشعب الكويتي. وقال في معرض حديثه لاهالي المنطقة«... الحقيقة كما سعدت بلقاء اخوان لكم في المناطق التي زرتها، يسعدني ان ازور اخواني في هذه المنطقة.
ان مثل هذه الزيارات في الواقع يجب ان تستمر لمعرفة ما يجري، ومعرفة المتطلبات التي تهم المناطق، والتي يجب علينا كمسؤولين ان نلبيها لهم، انطلاقاً من الثقة التي اولاني اياها الشعب الكويتي لاحتل هذا المركز، من ثم فإن الواجب يحتم عليّ ان اتفقد احوال هذا الشعب لاكون عند ثقته...».
ويمضي في حديثه ، فيقول: «... اليوم أزور هذه المنطقة، والجهراء بالذات ستكون آخر زيارة لي من هذه الزيارات في الوقت الحاضر، وآمل ان أتمكن من زيارة مناطق اخرى كلما دعت الحاجة الى ذلك. ان الجهراء لها شرف احتواء القصر الاحمر الذي يمثل ويرمز الى الشجاعة والى التضحية ويرمز الى التعاون الذي صمد امام من حاولوا المساس بتراب الكويت، والذي كان نقطة تغيير في تاريخ الكويت.
ولو حصل ـ لا سمح الله ـ أي تخاذل، او حصل اي تسليم من قبل من كان يحمي هذا القصر، لكان قد حدث مالا تحمد عقباه. ولكن بالصبر والشجاعة والتضحية والمساندة، عندما استنجدوا باخوانهم في الكويت، هبت الكويت عن بكرة ابيها لمساندتهم في الدفاع عن ارضهم. ان هذا المنطق يؤكد حقيقة واحدة، وهي انه بالتعاون المستمر بين ابناء الشعب الكويتي في سبيل وطنهم وفي سبيل ارضهم، نجح ابناء الكويت في صد الكثير ممن حاولوا ان يمسوا تراب هذا الوطن، او كانت لهم اطماع في هذا البلد...و.
وينتهي من حديثه مؤكداً لمحدثيه انه «... بالتعاون المستمر، وبالتآخي وبانكار الذات، سنصل دائماً الى هدفنا المنشود في الحفاظ على استقلال بلدنا، وارض بلدنا...».
وبتاريخ 28 يونيو عام 1978 كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع ضباط ومسؤولي القطاعات التابعة لوزارة الداخلية، بعد ان تفقد اهم ما حققته الوزارة من اعمال وانجازات. وكان له في هذا اللقاء كلمة، جاء فيها: «... قبل فترة زرت اخواناً لنا في الجيش وفي سلاح الطيران والحرس الوطني، واليوم ازور اخواناً لي في وزارة الداخلية. وقد استمعت الى شرح من مختلف الادارات التابعة للوزارة، ويمكن ان يكون هناك ملاحظات لا مجال هنا لشرحها، لكنني اقول ـ بشكل عام ـ اننا كمسؤولين، من اكبر واحد في هذه البلد الى اصغر واحد، علينا ان نجد، وعلينا ان نجتهد وان نخلص..».
مشدداً هنا على كلمة: (النزاهة... النزاهة.. ثم النزاهة في عملنا).
موجهاً حديثه لجميع العاملين بالاجهزة الرسمية في الدولة دون استثناء، حين قال: «... يجب الا تغرينا المسائل المادية، وان لا تؤثر على الوظيفة التي كلفنا بها، ونحن هنا كمسؤولين جئنا لخدمة شعبنا، ويجب ان نكون عند ثقة هذا الشعب فينا...».
ويمضي مؤكداً: «... وفي الواقع انا احب ان اوجه هذا الكلام بصفة عامة، وليس فقط للمسؤولين في الداخلية او في الادارات الاخرى، انما كمسؤولين.. مني شخصياً الى اصغر واحد فينا...»
وهنا استدرك ملاحظة على قدر من الاهمية، حين اشار: «... لكن هنا احب ان ابرز نقطة واحدة خاصة برجال الشرطة والامن، وهي ان المواطن ينظر الى الشرطي وكأنه عدو له، ومن المؤسف ان هذه النظرة ليست في الكويت وحدها وانما في مختلف البلدان. وهنا، يجب ـ كرجال شرطة ـ ان نشعر هذا المواطن بأن وجودنا هو لحماية حياته، ولحماية ارضه، ولحماية ماله ـ وعلينا بالصبر ازاء بعض التصرفات التي يقوم بها المواطن، فمن واجبنا ان نكون لطيفين معه. ومن واجبنا ايضاً ان نهديه الى الطريق القويم. لكن هذا لا يعني انه ليس هناك بعض المستهترين الذين يتحدون القوانين، او يتحدون كرامة رجل الشرطة، مثل هؤلاء يجب ان نقف منهم موقفاً صارماً، ولا نسمح لهم بذلك، لان رجل الشرطة او رجل الامن له كرامته مثل اي شخص آخر...».
ويضيف في هذا الاتجاه قائلاً: «..... في الواقع هناك اشياء وملاحظات كثيرة يمكن بحثها مع الوزير لامكانية تلافيها في المستقبل، ولا مجال الان لذكرها. وما احب ان اقوله لكم الان هو ان نعمل بجد واخلاص، مترفعين عن كل شيء يؤثر على عملنا ووظيفتنا، اذا اردنا ان نرضي الله ـ سبحانه وتعالى ـ اولاً، وان نرضي ضمائرنا ثانيا. لان العمل الذي نقوم به عمل جاد وهادف...».
وبتاريخ 10 يوليو عام 1978م اقام الشيخ جابر الاحمد في منزله بقصر دسمان مأدبة عشاء تكريما لرجال الدين، القى خلالها كلمة ترحيبية بالحضور، جاء فيها: «.... ان مهمتكم كبيرة ازاء مواطنيكم، وازاء المسلمين عامة، انكم تعملون ما في وسعكم لتنبيه المسلمين الى ما امر الله ـ سبحانه وتعالى ـ به وما نهى عنه، متبعين في ذلك سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم...».
«يتبع»[/frame]