الوقفة الســادسة : رمضان شهر الجود والإحسان :
* أختي المسامة : حث النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام : يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار , فإني رأيتكن أكثر أهل النار " [ رواه مسلم ] , وقال صلى الله عليه : " تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليِّكُن ..." [ رواه البخاري ]
* ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف , وكانت صائمة في ذلك اليوم , فقالت لها خادمتها : أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه ؟ لو ذكرتني لفعلت !!
* أما الجود في رمضان فإنه أفضل من الجود في غيره ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود من الريح المرسلة , وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملا جميع أنواع الجود , من بذل العلم والمال ، وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده , وإيصال النفع إليهم بكل الطرق , من إطعام جائعهم , ووعظ جاهلهم , وقضاء حوائجهم , وتحمُّل أثقالهم .
* ومن الجود في رمضان : إطعام الصائمين :
فاحرصي _ أختي المسلمة – على أن تفطري صائما ، فإن في ذلك الأجر العظيم , والخير العميم , قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا " [ رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح ]
* واحرصي كذلك على الصدقة الجارية , فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم : " اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدفة جارية أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعوا له " [ رواه مسلم ]
الوقفة السابعة : رمضان شهر القيام :
* أختي المسلمة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه , فقالوا له: يا رسول الله ! تفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : " أفلا أكون عبدا شكورا "! [ متفق عليه ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " [ متفق عليه ]
* وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي الصلوات ومنها صلاة التراويح و غير أن صلاتها في بيتها أفضل , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا نساءكم المساجد , وبيوتهن خير لهن "[ رواه أحمد وأبو داودوصححه الألباني ]
* وقال الحافظ الدمياطي : " كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية , لا يعرفن من الغَلَس - أي الظلمة – وكان إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم يقال للرجال : مكانكم حتى ينصرفن النساء , ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن ... فما ظنك فيمن تخرج متزينة , متبخرة , متبهرجة , لابسة أحسن ثيابها , وقد قالت عائشة رضي الله عنها : لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد, هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول , فما ظنك لو رأت نسـاء زماننا هـذا؟
* فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد .
* وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك ، وأنها ذاهبة لأداء الصلاة ، وسماع آيات الله عز وجل ، وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها .
* بعض النساء يذهبن إلى المسجد مع السائق بمفردهن فيكن بذلك مرتكبات لمحرمٍ سعياً في طلب نافلة ، وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق .
* ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهيَ خارجة من منزلها ، كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء " [ رواه مسلم ] .
* وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة ، فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ ، أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها .
الوقفة الثامنة : صيام الجوارح :
* أختي المسلمة : اعلمي أن الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ، فصامت عيناه عن النظر إلى المحرمات ، وصامت أذناه عن سماع المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل ، وصامت يداه عن البطش المحرم ، وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام ، وصام لسانه عن الكذب والفُحش وقول الزور ، وبطنه عن الطعام والشراب ، وفرجه عن الرفث ، فإن تكلم فبالكلام الطيب الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته ، فلا يتكلم بالكلام الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده . . ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذباً وغيبة ونميمة وحقداً وحسداً ؛ لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ؟ " رواه البخاري .
* وقال صلى الله عليه وسلم " وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤٌ صائم " متفق عليه
* وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط ، ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم ، فإنه المعنىُّ بقوله صلى الله عليه وسلم " رُب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش " رواه أحمد وابن ماجة بسند صحيح .
الوقفة التاسعة : خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان :
* ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذه الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز والسعادة يوم القيامة ، وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويُباعدها عن النار ، وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه ، وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي :
1 – عدم الخروج من البيت إلا لضرورة ، أو لطاعة لله مُحققة ، أو لحاجة لابد منها .
2 – تجنب ارتياد الأسواق وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان ، ويمكن شراء ملابس العيد قبل العشر الأواخر أو قبل رمضان .
3 – تجنب الزيارات التي ليس لها سبب ، وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة في الجلوس .
4 – تجنب مجالس السوء ، وهيَ مجالس الغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء والطعن في الآخرين .
5 – تجنب تضييع الأوقات في المسابقات وحل الفوازير ومشاهدة الأفلام والمسلسلات وتتبع القنوات الفضائية . فإذا انشغلت المسلمة بذلك فعلى رمضان السلام !
6 – تجنب السهر إلى الفجر ؛ لأنه يؤدي إلى تضييع الصلوات والنوم أغلب النهار .
7 – تجنب صحبة الأشرار وبطانة السوء .
8 – الحذر من تضييع أغلب ساعات النهار في النوم ، فإن بعض الناس ينامون بعد الفجر ، ولا يستيقظون إلا قُرب المغرب ، فأي صيام هذا ؟!
9 – الحذر من تضييع الأوقات في إعداد الطعام وتجهيزه ، وقد سبق التنبيه على ذلك .
10- الحذر من تضييع الأوقات في الزينة والانشغال بالملابس وكثرة الجلوس أمام المرآة .
11- الحذر من تضييع الأوقات في المكالمات الهاتفية ، فإنها وسيلة ضعفاء الإيمان في كسر حدة الجوع والعطش ، ولو أقبل هؤلاء على كتاب الله تلاوة ومدارسة لكان خيراً لهم .
12- الحذر من المشاحنات والخلافات التي لا طائل من ورائها إلا إهدار الأوقات والوقوع في المحرمات ، وإذا دعيت – أختي المسلمة – إلى شيء من ذلك فقولي : إني امرأة صائمة .
الوقفة العاشرة : العشر الأواخر :
* أيتها الأخت في الله ، مضى من الشهر عشرون يوماً ولم يبقى إلا هؤلاء العشر ، فالفرصة مازالت أمامك قائمة ، والأجور مازالت مُعدة ، فإذا كنت قد فرطت فيما مضى من الأيام ، فاحرصي على اغتنام هذه الليالي والأيام ، فإنما الأعمال بخواتيمها .
* وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله . ( متفق عليه ) . فهيَ والله أيام يسيرة ، وليالٍ معدودة ، يفوز فيها الفائزون ، ويخسر فيها الخاسرون .
* كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل : قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد ، وزادنا قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ، ونحن قد بقينا !!
* ومن فضل الله تعالى أن جعل ليلة القدر إحدى ليالي العشر الأواخر ، وهيَ في أوتار العشر الأواخر من رمضان ، فقد قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " ( متفق عليه ) . وليلة القدر ليلة عظيمة ، وفرصة جليلة ، العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم " ( رواه ابن ماجة وصححه الألباني ).
* فاجتهدي – أختي المسلمة – في تحري هذه الليلة العظيمة ، ولا تحرمي نفسكِ من هذا الأجر الكبير ، واعلمي أنك إذا قمت ليالي العشر كلها ، وعمّرتيها بالعبادة والطاعة ، فقد أدركت ليلة القدر لا محالة ، وفزتِ – إن شاء الله – بعظيم الأجر وجزيل المثوبة .
دعاء ليلة القدر :
* قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا " ( رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح ) .
والسلام ختام