يعتبر الرياضي سفير أمته للعالم، فهو من خلال البطولات التي يشارك بها يحتك بغيره من الرياضيين الذين يمثلون شعوبهم، لهذا يحرص المواطن الفلسطيني على ممارسة الرياضة بكافة أنواعها الفردية والجماعية، رغم الواقع المأساوي الذي مر ويمر به عبر السنين نتيجة الاحتلال الصهيوني لأرضه والتعرض للهجرة القسرية والوقوع في براثن التشرد واللجوء في بقاع الأرض قاطبة ومنها سوريا، حيث يتوزع اللاجئون على العديد من المخيمات.
رغم تحوله إلى لاجئ لم يستسلم ولم يستكين لواقعه المرير بل نهض من بين الركام وتابع تحصيله العلمي والثقافي والفكري وعمل على تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي حتى صار محط أنظار وإعجاب الشعوب خاصة وأنه أتبع هذه الأمور بفعله المقاوم فكان مناضلاً شرساً لا تمنعه الحدود ولا يردعه جبروت العدو ... حمل اسم "فلسطيني" عن جدارة واستحق الانتماء للوطن الأم :فلسطين، فحمل هويته وجاب بها أصقاع الأرض شارحاً قضيته العادلة كما أصر على إبراز وجهه الحضاري والإنساني السمح بممارسته لهواياته واهتماماته المختلفة من فنون ورياضة ... و صار سفيراً لشعبه متأبطاً جعبته أينما رحل وفيها ريشته ولوحاته وأغنياته وألعابه الرياضية، وجذوره راسخة بالأرض تقول إنه فلسطيني الآباء والأجداد .. وجوده بالمخيم مؤقت والعودة حتمية...
للإطلاع على الواقع الرياضي الفلسطيني في سوريا منذ النكبة حتى الآن كان لا بد من التوجه للرياضيين المتابعين، والبداية كانت مع عضو سابق في المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي الفلسطيني السيد موفق النقيب الذي قال: إن اللاعبين الفلسطينيين لعبوا في الأندية السورية المختلفة إلى أن تشكلت لجنة رياضية فلسطينية عام 1965 بإشراف مكتب المنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية بدمشق. ويتم التنسيق مع مجلس الرياضة والشباب الفلسطيني المركزي بغزة.
في العام 1974 عقد المؤتمر التأسيسي للرياضيين الفلسطينيين في سوريا وأسفر عنه نشوء الاتحاد الرياضي الفلسطيني العام في سوريا تحت شعار "الرياضة في خدمة الثورة"، وتم انتخاب المكتب التنفيذي للاتحاد الذي قام بدوره بالدعوة لمؤتمرات الأندية التي تم تشكيلها بالمخيمات والتجمعات الفلسطينية على النحو التالي: النادي العربي الفلسطيني في مخيم اليرموك، نادي القدس في حي الأمين، حطين في برزة، كفر قاسم في كفر سوسة، أريحا في حماه، الجرمق في حمص، فلسطين في حلب. وتشكلت اتحادات الألعاب لكرة السلة وكرة القدم وألعاب القوى، والجودو والكاراتيه والسباحة والملاكمة. واستمر التنسيق بين الاتحاد وبين المجلس برفد المنتخبات الوطنية للمشاركة بالدورات العربية والبطولات الدولية، كما تم التنسيق مع الاتحاد الرياضي العام في سوريا لدعم الحركة الرياضية الفلسطينية.
وفي العام 1985 تم تشكيل أندية أخرى مثل دير ياسين في درعا وعكا في حلب وصفد في مخيم اليرموك. أما أندية غسان كنفاني وعز الدين القسام والجليل التي يشرف عليها المجلس الأعلى للرياضة والشباب فقد انتقل إشرافها للاتحاد الذي أصبح يمثل كافة الرياضيين الفلسطينيين في سوريا، وتشكلت مراكز رياضية جديدة في خان دنون وخان الشيح وسبينة وجرمانا.
السيد عيد يونس ياسين (78سنة) من مواليد طبريا، عضو مكتب تنفيذي مدة 27 سنة، لاعب كرة قدم منذ كان في فلسطين وشارك في المنتخب الذي لعب مباراته الأولى في سوريا عام 1946. أما بعد النكبة واللجوء فقد شكّل مع أصدقائه نادي فلسطين في دمشق وقد شارك النادي في الدوري السوري الممتاز. ولظروف عديدة اضطر اللاعبون عام 1964 للتوزّع على الأندية السورية واللعب في صفوفها وكانوا يتجمعون كمنتخب للمشاركة في البطولات العربية المختلفة، يفخر بتمثيله لفلسطين من خلال الرياضة وسيتابع دوره بين الشباب للاستمرارية ..
أما الأستاذ إسماعيل تميم عضو اتحاد كرة القدم، مدرب منتخب فلسطين والذي شارك في أول منتخب فلسطيني فيؤكد أن المنتخب كان يتم تجميعه من مختلف الدول العربية بهدف المشاركة كفلسطينيين دون النظر للنتائج، وقد شاركت فلسطين في بطولة العرب في بغداد ودورة المحبة في سوريا وكأس فلسطين في كافة دوراته، بالإضافة لبطولات الأندية العربية المتعاقبة، كما تحدث باعتزاز عن الكثير من لاعبي كرة القدم الفلسطينيين الموزعين في الأندية السورية ويعتبرون العمود الفقري للعديد من الفرق في المحافظات السورية وهم يتحلون بالأخلاق الحميدة ويتميزون بالنواحي الفنية الراقية والروح الرياضية العالية. إلا أنه من جانب آخر ذكر مثالب عدم تطور اللعبة كفرق فلسطينية بسبب ارتجالية العمل وعدم وجود بنيان نظامي، فالمبادرات والجهود فردية لذلك من الضرورة بمكان الاعتماد على الناشئين والشباب والصغار بشكل جيد لرفد الرجال مع إعطاء المستلزمات الضرورية لاتحاد كرة القدم بما يساهم بتطوير اللعبة بعيداً عن المصالح الشخصية مع وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب، فالكوادر متوفرة والمواهب موجودة لكنها تحتاج لمختصين يستطيعون التقاط الخامات الجيدة متسلحين بتوجهات واضحة من أصحاب القرار، و ضرورة إرساء النهج العلمي لتطوير المواهب من خلال المعسكرات والأندية والدورات الصيفية وعدم النظر لها استثمارياً فقط لإرضاء المسؤولين مالياً وتعبئة الجيوب ولو أنها صارت أقل نسبياً عن السابق!!! والأهم إعطاء الحصة الرياضية حقها بالمدارس لإبراز مواهب الطفل...