فاجأ المهاجم الدولي الأرجنتيني ليونيل ميسي جميع المتتبعين للكرة العالمية في الآونة الأخيرة بتألقه مع فريقه برشلونة الاسباني رغم نعومة أظافره فاضطر الأخير إلى وضع مبلغ 192مليون دولار (150 مليون يورو) كسقف للتخلي عنه.
ويبدو أن الفريق الكاتالوني يغالي في ثمن التخلي عن ميسي بيد انه يشدد على ذلك إدراكا منه لقيمة هذه "الجوهرة الأميركية الجنوبية" وسعيا منه إلى الاحتفاظ به وسد الباب على جميع الأندية الراغبة في ضمه إلى صفوفها، وتأكيدا لأحقيته بهذا المبلغ كونه من اكتشف موهبته وصقلها ورصعها قبل أن يظهرها إلى العالم ويبهره بها.
ويتميز ميسي بموهبة كروية رائعة وعلى جميع الصعد، فتحكمه في الكرة ملفت للنظر, ومراوغاته تكتسي ذكاء كبيرا وسرعته خارقة تمكنه من تغيير اتجاهه في أي ثانية مذكرا العالم بمواطنه الأسطورة دييغو ارماندو مارادونا.
ولا يحبذ ميسي فكرة تشبيبه بمارادونا، ويقول في هذا الصدد "انه شرف لي بان يتم تشبيهي بمارادونا، لكنني لا أحب هذا التشبيه".
ولد ميسي بعد عام واحد من اليوم الذي سجل فيه مارادونا هدفه الشهير في مرمى انكلترا بيده في مونديال 1986 في المكسيك، وبدأ لعب كرة القدم وعمره 5 أعوام مع فريق غراندولي الذي كان يشرف عليه والده خورخي, انضم عام 1995 إلى فريق نيولز اولد بويز، أحد الأندية التي لعب معها مارادونا، بيد أن الأطباء اكتشفوا أن ميسي يعاني من مشكلة في النمو فبدأ يأخذ حقن هرمونات لمساعدته على النمو وكان عمره آنذاك 11 عاما.
ولم يتأخر ميسي في لفت أنظار كشافي برشلونة الاسباني فاستدعوه إلى الخضوع لاختبار وهو في الثالثة عشرة من عمره, ويتذكر ميسي جيدا يوم مغادرته بوينس ايرس في السادس عشر من أيلول/سبتمبر 2000 عندما ودع والدته والدموع تنهمر من عينيه. وصل إلى برشلونة في اليوم التالي بعد رحلة سفر طويلة وشاقة، خاض اختبارا في اليوم ذاته ولفترة قصيرة فنال اعجاب المسؤولين في برشلونة وتلك كانت انطلاقته نحو المجد.
وتعرض ميسي، الذي كان يبلغ طوله وقتها 1.43م، للاصابة في كاحله بيد أن ذلك لم يمنعه من مواصلة تألقه. وكان والده خورخي ووكيل أعماله فابيانو يشجعانه يوميا، ويقول في هذا الصدد "كانا يشجعاني كل يوم ويقولان لي إذا سجلت ثلاثة أهداف سنعطيك حقيبة رياضية، وإذا سجلت 5 أهداف سنعطيك تجهيزات رياضية كاملة".
وكان ميسي عند الموعد فأخذ يسجل الهدف تلو الآخر وعزز ذلك من حظوظه في الانتقال إلى برشلونة فتم ذلك في تشرين الأول/أكتوبر 2000.
وأصيب ميسي بكسر في قدمه في مباراته الثانية مع فريق الناشئين وغاب عن الملاعب لمدة 3 أشهر, وكانت بدايته مع الفريق الأول موسم 2004-2005 ضد الباسيتي وعمره 17 عاما وكان بالتالي أصغر لاعب في تاريخ النادي الكاتالوني يخوض مباراة في الليغا.
وتألق ميسي العام الماضي مع منتخب بلاده في بطولة العالم للشباب في هولندا عندما قاده إلى اللقب الخامس في تاريخه (رقم قياسي) وتوج هدافا للبطولة برصيد 6 أهداف في 7 مباريات، وكان صاحب الهدفين في المباراة النهائية ضد نيجيريا 2-1.
ولعب ميسي مباراته الدولية الأولى مع المنتخب الأول في 17 آب/أغسطس الماضي ضد المجر وديا.
ولا يحتفظ ميسي بذكرى جيدة من هذه المباراة لأنه طرد في الدقيقة 65 أي بعد دقيقة واحدة من دخوله مكان اليساندرو لوبيز وذلك لضربه احد المدافعين.
وتألق ميسي هذا الموسم مع برشلونة وفرض نفسه أساسيا عكس الموسم الماضي، وبات أحد الركائز الأساسية للمدرب الهولندي فرانك رايكارد فساهم بشكل كبير في احتفاظ النادي الكاتالوني بلقب الليغا وإحرازه مسابقة دوري أبطال أوروبا رغم انه غاب عن المباراة النهائية بسبب الإصابة التي تعرض لها في المباراة ضد تشيلسي في إياب الدور ربع النهائي.
ويعترف ميسي بأنه استفاد كثيرا من الحضور البرازيلي في الفريق الكاتالوني وخصوصا من صانع الألعاب الساحر رونالدينيو الذي لم يتوان عن مده بالنصائح والخبرة.
وقال "أنا منسجم كثيرا مع اللاعبين البرازيليين في برشلونة رونالدينيو ظاهرة غريبة ورائعة، انه ينصحني ويشيد بمؤهلاتي وإمكانياتي كثيرا، نمزح كثيرا في الحصص التدريبية وهو يقول لي دائما بأنه يعتبرني كشقيقه الأصغر, وتابع "رونالدينيو لاعب من الطراز العالمي، يملك قدرة هائلة على التحكم في الكرة وأنا أحسده على ذلك، ففي أي وقت يمكنه القيام بشيء خارق وهذا ما أتمنى فعله أيضا".
وبحسب مارادونا فإن "ميسي بإمكانه أيضا تحويل نتيجة المباراة في أي وقت بفضل ذكائه وموهبته"، مشيرا إلى أن التشابه بين مؤهلاته ومؤهلات ميسي, وتابع ما يفاجئني في ميسي هو انه ليس لديه أي مشاكل في التحكم في الكرة، فهي تلازمه وتبقى لصيقة بقدميه، انه يستمتع بالكرة وهذا ما يجعله مختلفا عن باقي اللاعبين".
وختم "لديه سرعة خارقة أيضا، والأفضل هو انه لا يزال صغير السن وبإمكانه التحسن أكثر في المستقبل".